مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا لن تصادق قريباً على انضمام السويد للناتو

برلمان المجر رفض مناقشة طلب ستوكهولم قبل العطلة الصيفية

إردوغان مخاطباً قمة «الناتو» بمدريد في يونيو 2022 (أ.ب)
إردوغان مخاطباً قمة «الناتو» بمدريد في يونيو 2022 (أ.ب)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا لن تصادق قريباً على انضمام السويد للناتو

إردوغان مخاطباً قمة «الناتو» بمدريد في يونيو 2022 (أ.ب)
إردوغان مخاطباً قمة «الناتو» بمدريد في يونيو 2022 (أ.ب)

بدت الموافقة على طلب انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) قبل قمته المقررة في العاصمة الليتوانية فيلينوس في 11 و12 يوليو (تموز) المقبل، أمراً بعيد المنال بعدما عاد التوتر مجدداً بين أنقرة وستوكهولم على خلفية حادثة إحراق نسخة من القرآن الكريم في أول أيام عيد الأضحى، ورفض البرلمان المجري المصادقة على الطلب قبل توجهه إلى العطلة الصيفية.

وبينما يتوقّع أن تشارك أنقرة في اجتماع سيجمع في بروكسل، الأسبوع المقبل، وزراء الخارجية ورؤساء المخابرات ومستشارين للأمن القومي لكل من تركيا وفنلندا والسويد، فإن مصادر دبلوماسية تركية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الوفد التركي لن يقدم خلال الاجتماع أي تعهد بمصادقة قريبة على طلب السويد الانضمام إلى الحلف.

إدانة تركية

وانتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السويد بشدة، الخميس، بسبب سماح سلطاتها للمتطرف من أصل عراقي «سلوان موميكا» بحرق نسخة من القرآن الكريم أمام المسجد الكبير في ستوكهولم أمام 200 مسلم، قائلاً إن «تركيا لن ترضخ أبداً لسياسة الاستفزاز أو التهديد».

وأضاف إردوغان، خلال اجتماع عبر الفيديو كونفرنس مع رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم في الولايات التركية، أن تركيا «ستعلم رموز الغطرسة الغربية أن إهانة المسلمين ليست حرية فكر، وستبدي ردة فعل بأقوى طريقة ممكنة حتى يتم محاربة التنظيمات الإرهابية وأعداء الإسلام بحزم».

وسبق أن أكّد إردوغان أنه يجب ألا يتوقع أحد موافقة تركيا على عضوية السويد في الناتو خلال قمة فيلينوس، طالما أنها لم تلتزم بالقضاء على الإرهاب، وطالما أن أعضاء «حزب العمال الكردستاني»، المصنف منظمة إرهابية، لا يزالون يتحركون فيها بكل حرية.

ورفعت سلسلة من الأعمال المناهضة للإسلام شملت حرق نسخ من القرآن الكريم، والإساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في السويد، إلى جانب تظاهرات مناهضة لإردوغان وتركيا من جانب أعضاء في «العمال الكردستاني»، من حدة التوتر مع تركيا التي تحتاج السويد موافقتها من أجل الانضمام إلى الناتو.

وندد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأربعاء، بإحراق نسخة القرآن الكريم في ستوكهولم. وقال إنه من غير المقبول السماح بمثل هذه الأعمال العدائية ضد الدين الإسلامي تحت مسمى حرية الرأي والتعبير.

لكن الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، قال إن إحراق القرآن الكريم ليس مخالفاً للقانون في السويد، وستستمر المفاوضات مع تركيا حول عضويتها في الناتو. وقال إن «هذه الأفعال المسيئة، التي تستحق الإدانة، ليست بالضرورة غير قانونية في نظام قانوني سيادي»، واصفاً إحراق القرآن الكريم بـ«حرية التعبير».

ولفت إلى أنه اتفق مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على أن يعقد ممثلو تركيا والسويد وفنلندا اجتماعاً في بروكسل في 6 يوليو (تموز)، ينتظر أن يشارك فيه وزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس المخابرات إبراهيم كالين وكبير مستشاري الرئيس التركي، عاكف نشاغطاي كيليتش.

تصاعد الضغوط

وتوقعت مصادر تركية ألا تقاطع أنقرة الاجتماع، لكنها ذكرت أن الوفد التركي لن يقدم التزاماً بموعد قريب للموافقة على طلب السويد، لا سيما بعد حادثة حرق نسخة القرآن الكريم الأخيرة. وأضافت المصادر أنه على الرغم من أن تركيا تعتقد أن السويد اتخذت في الفترة الأخيرة خطوات على صعيد مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمنها، على غرار وضع قانون جديد لمكافحة الإرهاب وتسليم أحد عناصر العمال الكردستاني، فإنه يتعين عليها أن تتخذ المزيد من الخطوات لإقناع أنقرة بالمصادقة على طلب انضمامها للناتو.

وزاد الناتو، ودول الحلف ولا سيما الولايات المتحدة، من الضغوط على تركيا للموافقة على عضوية السويد، فيما رفض برلمان المجر، وهي الدولة الثانية المعترضة على انضمام السويد للحلف، إدراج قضية التصديق على طلب الانضمام على جدول أعماله قبل عطلته الصيفية. وأعرب حزب «فيدس» الحاكم في المجر، الذي يتمتع بأغلبية في البرلمان ويمثله زعيمه رئيس الوزراء فيكتور أوربان، عن معارضته لانضمام السويد إلى الناتو، مؤكداً أن الدافع وراء ذلك هو انتقاد الوضع السياسي في المجر، والذي يظهره أعلى مستويات السلطة في السويد.

وناقش رئيس الوزراء السويدي أولاف كريسترسون المسألة مع أوربان خلال قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل. كما بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في اتصال هاتفي الخميس مع نظيره المجري، بيتر زيجارتو، مسألة توسيع الناتو.


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك يسخر من مسؤول كبير في «الناتو» انتقد إدارته لـ«إكس»

الولايات المتحدة​ إيلون ماسك رئيس شركة «تسلا» ومنصة «إكس» (أ.ب)

إيلون ماسك يسخر من مسؤول كبير في «الناتو» انتقد إدارته لـ«إكس»

هاجم إيلون ماسك، بعد تعيينه مستشاراً للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مسؤولاً كبيراً في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة أرشيفية لاجتماع ترمب مع روته بالبيت الأبيض في يوليو 2019 (أ.ب)

عودة ترمب تضع «الأطلسي» أمام اختبار وجودي

منذ أن تأكد فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية، يجد الحلف الأطلسي نفسه أمام اختبار وجودي تحت تهديدات الدولة التي تملك قوة الردع الرئيسية في الهرم الدفاعي.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته يتصافحان في أثناء إلقائهما بياناتهما خلال اجتماعهما في قصر الإليزيه في باريس 12 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

ماكرون وروته يؤكدان ضرورة بقاء الدعم لأوكرانيا «أولوية مطلقة»

أكد كل من الرئيس الفرنسي والأمين العام لحلف الناتو، اليوم الثلاثاء، أهمية أن يبقى الدعم العسكري لأوكرانيا في مواجهة روسيا «أولوية مطلقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستقبلاً أمين عام الحلف الأطلسي مارك روته في زيارته الأولى لباريس منذ تسلمه منصبه الجديد (إ.ب.أ)

أوكرانيا والحلف الأطلسي محور الاتصالات الغربية استباقاً لخطط ترمب

المخاوف الغربية من خطط ترمب القادمة بالنسبة لأوكرانيا والحلف الأطلسي تهيمن على الاتصالات الراهنة.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا مصافحة بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي دونالد ترمب بعد قمة مجموعة السبع بفرنسا في 26 أغسطس 2019 (د.ب.أ)

ماكرون يعجّل بالتواصل مع ترمب طارحاً نفسه ناطقاً باسم الأوروبيين

ماكرون يعجّل بالتواصل مع ترمب طارحاً نفسه ناطقاً باسم الأوروبيين وداعية بناء الاستقلالية الاستراتيجية للقارة القديمة التي تواجه خطر تراجع الاهتمام الأميركي بها.

ميشال أبونجم (باريس)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
TT

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

ولم تظهر أي مؤشرات بعد حول توقيت العملية أو مداها بعدما قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأسبوع الماضي، خلال الاحتفال بالذكرى 101 لتأسيس الجمهورية التركية، أن تركيا ستكمل في الفترة المقبلة الحلقات الناقصة من الحزام الأمني على حدودها الجنوبية مع سوريا.

وأكدت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أن الجيش التركي يمكن أن يقوم بأي عمليات في أي وقت انطلاقاً من القانون الدولي وحق الدفاع المشروع عن النفس.

إردوغان أعلن أكثر من مرة أنه قد تكون هناك عملية عسكرية تركية ضد «قسد» شمال سوريا (الرئاسة التركية)

وأثارت تصريحات إردوغان، التي كررها بعد ذلك في أكبر من مناسبة، تساؤلات حول إمكانية تنفيذ هذه العملية قبل أن تتضح سياسة الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، فضلاً عن التنسيق مع الأطراف الفاعلة على الأرض وفي مقدمتها روسيا.

اتهامات للحكومة

علقت المعارضة التركية التي تطالب بالانتهاء من مشكلة اللاجئين السوريين عبر الإسراع في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، على التصريحات بشأن العملية العسكرية، متهمة الحكومة بممارسة الألعاب على دماء الجنود الأتراك.

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزال استبعد تنفيذ العملية من جانب الجيش (من حسابه في إكس)

وقال زعيم المعارضة رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال: «نعلم أن العملية في شمال سوريا سيجري تنفيذها من جانب الجيش الوطني السوري، وليس القوات المسلحة التركية».

ولفت إلى أن الانتخابات المحلية في مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا ألغيت بسبب اعتراضات تركيا رغم دعم الولايات المتحدة، لكن الحكومة «تحالف الشعب» (حزبا العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية) يمارسان لعبة أخرى الآن، عبر دعوة زعيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان للحديث في البرلمان، وإعلان حل المنظمة وانتهاء الإرهاب في تركيا.

وقال أوزال: «إذا جاء أوجلان إلى البرلمان، فسوف يوزعون بطاقات الانتخابات في شمال سوريا، وستطلب الحكومة التركية من الجيش الوطني السوري أن ينفذ العملية العسكرية وليس القوات التركية... لا تلعبوا (الحكومة) لعبة الروليت الروسية أو البوكر الأميركي على دماء جنودنا».

رفض روسي وترقب لموقف ترمب

وعبَّرت روسيا صراحة عن رفضها لقيام تركيا بعملية عسكرية جديدة، وقال المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إنه من غير المقبول أن تقوم تركيا بعملية في سوريا.

وأضاف لافرنتييف، بحسب ما نقلت عنه وكالة «سبوتنيك»: «مثل هذه العملية قد تكون لها عواقب سلبية في سوريا، ولن تكون حلاً، وستؤدي إلى تفاقم المشكلة، وربما تستفيد منها أطراف مثل (هيئة تحرير الشام)».

المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أعلن رفض موسكو قيام تركيا بعمليات عسكرية جديدة (إعلام تركي)

وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القوات الأميركية الداعمة لقوات «قسد» و«وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تشكل غالبية قوامها، ستنسحب من شمال شرقي سوريا بعد إعادة انتخاب ترمب رئيساً لأميركا.

وتعد أميركا وروسيا دولتين ضامنتين للوضع في شمال شرقي سوريا، من خلال تفاهمين وقَّعتهما مع تركيا لإنهاء عملية «نبع السلام» العسكرية في شرق الفرات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والتي توقفت بعد أيام قليلة من انطلاقها بعد تعهد واشنطن وموسكو بإبعاد «وحدات حماية الشعب الكردية» عن الحدود التركية لمسافة 30 كيلومتراً، وتسيير دوريات تركية روسية على خطوط التماس شمال وجنوب المنطقة لضمان التفاهم التركي الروسي.

غضب تركي

وتتهم أنقرة كلاً من واشنطن وموسكو بعد تنفيذ تعهداهما بموجب التفاهمين، كما تشكو دائماً من الدعم الأميركي للوحدات الكردية بدعوى التحالف معها في الحرب على «داعش»، بينما تعدها تركيا امتداداً في سوريا لـ«حزب العمال الكردستاني»، الذي تصنفه وحلفاؤها الغربيون «تنظيماً إرهابياً».

وقال إردوغان إنه طلب من ترمب، خلال اتصال هاتفي لتهيئته بالفوز في الانتخابات وقف الدعم الأميركي المقدم للقوات الكردية في شرق سوريا، وأكد أن تركيا لن تتوانى في اتخاذ أي خطوات، والقيام بأي عمليات لحماية أمن حدودها وشعبها.

وأضاف أنه إذا قررت أميركا الانسحاب من المنطقة، فإنه سيناقش ذلك مع ترمب من خلال «دبلوماسية الهاتف».

قوات «قسد» إلى جانب القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا (إعلام تركي)

وعبَّر وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في تصريحات منذ أيام، عن اعتقاده أن ترمب، الذي سبق أن وعد 3 مرات في ولايته السابقة بالانسحاب من سوريا، سيركز على المسألة في ولايته الجديدة.

لكن المحلل السياسي التركي، نامق دوروكان، لفت إلى أنه بينما قيَّمت روسيا العملية التركية المحتملة بأنها «غير مقبولة»، يخطط ترمب لتعيين مايك والتز مستشاراً للأمن القومي، ومايك روبيو وزيراً للخارجية، وكلا الاسمين من «الصقور» المدافعين عن بقاء القوات الأميركية في سوريا.

وأضاف أن إسرائيل تزيد من عملياتها الجوية في سوريا، في الوقت الذي تواصل فيه الحرب على «حزب الله» في لبنان، وتعمل على نقل العملية إلى الأراضي السورية، وقد نبَّه البيان الصادر عن الاجتماع 22 لمسار أستانة للحل السياسي في سوريا، الثلاثاء الماضي، ضرورة إنهاء الحرب الأهلية السورية، وتم التأكيد على القلق المشترك بشأن محاولة إسرائيل توسيع الحرب، والعزم على العمل معاً للوقوف ضد الأجندات الانفصالية.