«الموساد» ينشر معلومات جديدة عن عمليته في طهران

إسرائيل تطلع تركيا واليونان على التحقيق للجم محاولات إيران استغلال أراضيهما

صورة وزعها الموساد لعميل «الحرس الثوري» يوسف شهبازي عباس عليلو (إسرائيل أوف تايمز)
صورة وزعها الموساد لعميل «الحرس الثوري» يوسف شهبازي عباس عليلو (إسرائيل أوف تايمز)
TT

«الموساد» ينشر معلومات جديدة عن عمليته في طهران

صورة وزعها الموساد لعميل «الحرس الثوري» يوسف شهبازي عباس عليلو (إسرائيل أوف تايمز)
صورة وزعها الموساد لعميل «الحرس الثوري» يوسف شهبازي عباس عليلو (إسرائيل أوف تايمز)

نشر جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) مزيداً من تفاصيل العملية التي نفذها رجاله في قلب طهران، وخلالها خطفوا رجلاً اعترف بأنه خطط لعمليات ضد أهداف إسرائيلية على أرض قبرص. واتضح منها أن «الخلية الإيرانية - الباكستانية» خططت لاغتيال عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين، وكذلك مقر المؤسسة الدينية «حباد» في مدينة ليماسول. وقالت مصادر أمنية في تل أبيب إن أجهزة الأمن الإسرائيلية أعدّت ملفاً كاملاً بالعملية، وسلمته إلى مخابرات كل من تركيا واليونان وغيرهما من دول المنطقة، حتى تلجم «مساعي إيران استغلال أراضيها للمساس بإسرائيليين وبمصالح إسرائيلية». وأكدت أن «الموساد، وعلى غير عادته، قرر نشر التفاصيل والكشف أن لديه خلايا تعمل في قلب إيران، وذلك حتى لا يحرج الحرس الثوري وقيادته في طهران وحسب، بل أيضاً حتى يظهر قدراته الاستخبارية، ويحذر الشخصيات الإيرانية التي تقود النشاط ضد إسرائيل، وتهدد حياتهم فرداً فرداً».

وحرص «الموساد» على نشر أسماء مجموعة من الشخصيات الإيرانية الأمنية، التي يدعي أنها مسؤولة عن عملية قبرص، وهم: يوسف شهبازي عباس عليلو، الذي كُلف تنفيذ العملية وهرب عندما اقتفت المخابرات القبرصية أثره، وعاد إلى طهران عن طريق قبرص التركية، وحسن شوشتري زادة، الذي كان مكلفاً تجنيد عباس عليلو وتفعيله، وجواد سراجي، أحد كبار موظفي المخابرات في الحرس الثوري، وراجا سراج، رئيس القسم 800 في هذه المخابرات، ومحمد كاظمي، رئيس جهاز المخابرات في الحرس الثوري الإيراني.

وحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن كاظمي، الذي كان قد اختير لمنصبه قبل عام بالضبط، بعد إقالة حسين طائب من هذا المنصب بشكل مفاجئ بسبب إخفاقاته في منع النشاطات الإسرائيلية، يثبت أنه ليس أفضل من سابقيه. وأضاف: «إيران، منذ عام 2011، عندما نجحت في تنفيذ عملية مسلحة ضد إسرائيليين في برجس البلغارية، لم تتمكن من تنفيذ أي عملية ضد إسرائيل. وذلك ليس لأنها لم تجرب، بل لأن كل محاولاتها فشلت».

إيرانيان يسيران قرب جدارية للعلم الإيراني في طهران (أرشيفية - إ.ب.أ)

وكانت محاولة تنفيذ العملية في قبرص جرت منذ أسابيع عدة، لكنها بلغت الأوج في الأسبوع الماضي، عندما اعتقلت مخابرات ليماسول مجموعة من المواطنين الباكستانيين بتهمة التخطيط لاغتيال عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين العاملين في قبرص، وتنفيذ عملية تفجير في مقر منظمة «حباد» الدينية الإسرائيلية في المدينة. وبطلب من إسرائيل، امتنعت الشرطة القبرصية عن نشر معلومات عن هذا الاعتقال، ليتبين أن رجال «الموساد» وصلوا إلى طهران وخطفوا يوسف شهبازي عباس عليلو، وسجلوا بالصوت والصورة اعترافاته حول العملية وحول طريقة تجنيده لتنفيذها وتنفيذ عمليات أخرى غيرها. ونشر «الموساد» قسماً من اعترافات عباس عليلو، وفيها يشرح كيف تم تجنيده، «مستغلين وضعه المتأزم وواعدين بمكافأة عالية تحل مشكلاته» وإقناعه بأن «الباكستانيين الذين سيقودهم في العمليات ضد إسرائيل هم مقاتلون مجربون سبق لهم أن نفذوا عمليات اغتيال». وأرسلوا له مسدساً حديثاً، «سألتُ إن كان ممكناً تزويدي بكاتم صوت، لكنهم قالوا إن هذا غير ضروري لأنك ستطلق الرصاص على رجل الأعمال في الليل، وفي مكان بعيد عن الناس»، وفق ما قال. وأضاف أنه في مرحلة معينة أبلغه مشغله الإيراني أن الشرطة القبرصية اقتفت أثره، وأن عليه التخلص من المسدس والعودة إلى إيران على الفور. وحسب «الموساد»، فإن عباس عليلو هرب فوراً إلى قبرص التركية، ومن هناك استقل طائرة تابعة للخطوط التركية وعاد إلى طهران. ويقول الموساد إنه تمكّن من الوصول إلى «القاتل عباس عليلو في قلب إيران وقام بجبي شهادة مصورة منه حول كيفية قيام الحرس الثوري بتخطيط عملية اغتيال رجل أعمال إسرائيلي يسكن في ليماسول، وغيرها من العمليات العدائية ضد الإسرائيليين واليهود في أنحاء العالم». وأضاف أن «عباس عليلو عمل في قبرص مع مساعدين ومرشدين إيرانيين وعملاء باكستانيين ومحليين، خلال إقامته هناك، ساعدوه في الحصول على الأسلحة ووسائل الاتصال، ونقله إلى المنطقة التي يعيش فيها الرجل المستهدف».

واعترف عباس عليلو لخاطفيه من «الموساد»، برصد تحركات رجل الأعمال الإسرائيلي وهو يدخل أو يغادر منزله ليطلق عليه الرصاص في مكان منعزل ليلاً. وبناء على طلب مشغله الإيراني، وصل مرات عدة خارج منزل الشخص المعني، وقام بتصوير وجمع معلومات استخبارية عن الاحتياطات الأمنية في المنزل. ولم يسمح «الموساد» بنشر معلومات عن كيفية الوصول إلى عباس عليلو في قلب إيران، وخطفه، والتحقيق معه، وسحب اعترافات منه وروايتها بأريحية من دون ضغوط، كما يظهر في شريط الفيديو. ولم يوضح مصير عباس عليلو، وهل تمت تصفيته أو تم نقله إلى إسرائيل. واكتفى بالقول: «إن خلية للموساد تعمل في إيران تمكّنت من الوصول إليه. سوف نصل إلى كل مسؤول يسعى لممارسة الإرهاب ضد اليهود والإسرائيليين في أي مكان في العالم، بما في ذلك داخل الأراضي الإيرانية».



العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
TT

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

ولم تظهر أي مؤشرات بعد حول توقيت العملية أو مداها بعدما قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأسبوع الماضي، خلال الاحتفال بالذكرى 101 لتأسيس الجمهورية التركية، أن تركيا ستكمل في الفترة المقبلة الحلقات الناقصة من الحزام الأمني على حدودها الجنوبية مع سوريا.

وأكدت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أن الجيش التركي يمكن أن يقوم بأي عمليات في أي وقت انطلاقاً من القانون الدولي وحق الدفاع المشروع عن النفس.

إردوغان أعلن أكثر من مرة أنه قد تكون هناك عملية عسكرية تركية ضد «قسد» شمال سوريا (الرئاسة التركية)

وأثارت تصريحات إردوغان، التي كررها بعد ذلك في أكبر من مناسبة، تساؤلات حول إمكانية تنفيذ هذه العملية قبل أن تتضح سياسة الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، فضلاً عن التنسيق مع الأطراف الفاعلة على الأرض وفي مقدمتها روسيا.

اتهامات للحكومة

علقت المعارضة التركية التي تطالب بالانتهاء من مشكلة اللاجئين السوريين عبر الإسراع في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، على التصريحات بشأن العملية العسكرية، متهمة الحكومة بممارسة الألعاب على دماء الجنود الأتراك.

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزال استبعد تنفيذ العملية من جانب الجيش (من حسابه في إكس)

وقال زعيم المعارضة رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال: «نعلم أن العملية في شمال سوريا سيجري تنفيذها من جانب الجيش الوطني السوري، وليس القوات المسلحة التركية».

ولفت إلى أن الانتخابات المحلية في مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا ألغيت بسبب اعتراضات تركيا رغم دعم الولايات المتحدة، لكن الحكومة «تحالف الشعب» (حزبا العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية) يمارسان لعبة أخرى الآن، عبر دعوة زعيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان للحديث في البرلمان، وإعلان حل المنظمة وانتهاء الإرهاب في تركيا.

وقال أوزال: «إذا جاء أوجلان إلى البرلمان، فسوف يوزعون بطاقات الانتخابات في شمال سوريا، وستطلب الحكومة التركية من الجيش الوطني السوري أن ينفذ العملية العسكرية وليس القوات التركية... لا تلعبوا (الحكومة) لعبة الروليت الروسية أو البوكر الأميركي على دماء جنودنا».

رفض روسي وترقب لموقف ترمب

وعبَّرت روسيا صراحة عن رفضها لقيام تركيا بعملية عسكرية جديدة، وقال المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إنه من غير المقبول أن تقوم تركيا بعملية في سوريا.

وأضاف لافرنتييف، بحسب ما نقلت عنه وكالة «سبوتنيك»: «مثل هذه العملية قد تكون لها عواقب سلبية في سوريا، ولن تكون حلاً، وستؤدي إلى تفاقم المشكلة، وربما تستفيد منها أطراف مثل (هيئة تحرير الشام)».

المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أعلن رفض موسكو قيام تركيا بعمليات عسكرية جديدة (إعلام تركي)

وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القوات الأميركية الداعمة لقوات «قسد» و«وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تشكل غالبية قوامها، ستنسحب من شمال شرقي سوريا بعد إعادة انتخاب ترمب رئيساً لأميركا.

وتعد أميركا وروسيا دولتين ضامنتين للوضع في شمال شرقي سوريا، من خلال تفاهمين وقَّعتهما مع تركيا لإنهاء عملية «نبع السلام» العسكرية في شرق الفرات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والتي توقفت بعد أيام قليلة من انطلاقها بعد تعهد واشنطن وموسكو بإبعاد «وحدات حماية الشعب الكردية» عن الحدود التركية لمسافة 30 كيلومتراً، وتسيير دوريات تركية روسية على خطوط التماس شمال وجنوب المنطقة لضمان التفاهم التركي الروسي.

غضب تركي

وتتهم أنقرة كلاً من واشنطن وموسكو بعد تنفيذ تعهداهما بموجب التفاهمين، كما تشكو دائماً من الدعم الأميركي للوحدات الكردية بدعوى التحالف معها في الحرب على «داعش»، بينما تعدها تركيا امتداداً في سوريا لـ«حزب العمال الكردستاني»، الذي تصنفه وحلفاؤها الغربيون «تنظيماً إرهابياً».

وقال إردوغان إنه طلب من ترمب، خلال اتصال هاتفي لتهيئته بالفوز في الانتخابات وقف الدعم الأميركي المقدم للقوات الكردية في شرق سوريا، وأكد أن تركيا لن تتوانى في اتخاذ أي خطوات، والقيام بأي عمليات لحماية أمن حدودها وشعبها.

وأضاف أنه إذا قررت أميركا الانسحاب من المنطقة، فإنه سيناقش ذلك مع ترمب من خلال «دبلوماسية الهاتف».

قوات «قسد» إلى جانب القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا (إعلام تركي)

وعبَّر وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في تصريحات منذ أيام، عن اعتقاده أن ترمب، الذي سبق أن وعد 3 مرات في ولايته السابقة بالانسحاب من سوريا، سيركز على المسألة في ولايته الجديدة.

لكن المحلل السياسي التركي، نامق دوروكان، لفت إلى أنه بينما قيَّمت روسيا العملية التركية المحتملة بأنها «غير مقبولة»، يخطط ترمب لتعيين مايك والتز مستشاراً للأمن القومي، ومايك روبيو وزيراً للخارجية، وكلا الاسمين من «الصقور» المدافعين عن بقاء القوات الأميركية في سوريا.

وأضاف أن إسرائيل تزيد من عملياتها الجوية في سوريا، في الوقت الذي تواصل فيه الحرب على «حزب الله» في لبنان، وتعمل على نقل العملية إلى الأراضي السورية، وقد نبَّه البيان الصادر عن الاجتماع 22 لمسار أستانة للحل السياسي في سوريا، الثلاثاء الماضي، ضرورة إنهاء الحرب الأهلية السورية، وتم التأكيد على القلق المشترك بشأن محاولة إسرائيل توسيع الحرب، والعزم على العمل معاً للوقوف ضد الأجندات الانفصالية.