الحكومة الإيرانية تواجه انتقادات لتعديل ساعات العمل في الصيف

رئيسي طالب بإقناع الرأي العام بأهداف القرار

إيرانيون يتسوقون في بازار طهران الكبير وسط النهار في 22 مايو الماضي (أ.ف.ب)
إيرانيون يتسوقون في بازار طهران الكبير وسط النهار في 22 مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإيرانية تواجه انتقادات لتعديل ساعات العمل في الصيف

إيرانيون يتسوقون في بازار طهران الكبير وسط النهار في 22 مايو الماضي (أ.ف.ب)
إيرانيون يتسوقون في بازار طهران الكبير وسط النهار في 22 مايو الماضي (أ.ف.ب)

تواجه الحكومة الإيرانية بعد تعديلها ساعات العمل في القطاع العام والقطاع شبه الحكومي في إيران، بحيث يبدأ دوام العمل عند السادسة صباحاً لا سيّما من أجل تقليص فاتورة الطاقة، انتقادات، في خطوة أثارت استياء الموظفين والعمال.

وبعد أيام من الانتقادات، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في اجتماع الحكومة اليوم إن «إقناع الرأي العام بأهداف ونتائج هذا القرار أمر مهم وفعال في مواكبة الشعب لتنفيذه».

منذ مطلع الأسبوع، بات يتوجب على موظفي هذين القطاعين العمل اعتباراً من السادسة صباحاً (03:30 بتوقيت غرينتش) حتى الساعة الواحدة ظهراً. قبل ذلك، كان يتوجب عليهم بدء العمل عند السابعة أو الثامنة صباحاً حسب الإدارات. وستعود ساعات العمل إلى طبيعتها في أغسطس (آب).

واتخذت الحكومة هذا القرار المثير للجدل لمواجهة مشاكل الطاقة خلال فترة الصيف.

وبلغ استهلاك الكهرباء في هذه الدوائر مستويات قياسية بسبب الاستخدام المكثف لمكيفات الهواء لتبريد المكاتب في بلد تتجاوز فيه درجات الحرارة صيفاً 30 درجة مئوية خلال النهار.

لكن أن يحدّد بدء موعد العمل عند السادسة صباحاً يعني أن بعض الموظفين سيضطرون إلى الاستيقاظ قرابة الرابعة أو الخامسة صباحاً للذهاب إلى مكان عملهم البعيد أحياناً عن منازلهم، خصوصاً في طهران التي تعدّ مدينة كبيرة.

ويقول الموظف الحكومي مرتضى (44 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: «يصعّب ذلك المهمة على الأهالي الذين يضطرون إلى اصطحاب أطفالهم إلى المدرسة الابتدائية أو إلى الروضة»، وهي مؤسسات تفتح في وقت متأخر أكثر. ويضيف: «منذ يومين، نعاني كثيراً لكي نتكيّف».

وتثير ساعات العمل الجديدة جدلاً أيضاً على مستويات أخرى. على مستوى النقل العام تبدأ حركة النقل عبر مترو أنفاق طهران في الساعة 4.30 صباحاً، أما حركة الحافلات المدنية تبدأ في الساعة 5:30 صباحاً.

ويقول الأمين العام لغرفة التجارة في طهران بهمان إشغي، لصحيفة «سازندكي» إن «المصارف باتت تغلق عند الواحدة ظهراً، وهذا التوقيت يشكّل عادة فترة ذروة عملي، ما قد يجبرني على تأجيل معاملة مالية حتى اليوم التالي»، مستنكراً «إجراءات مصطنعة (...) قد تؤثر على الكفاءة في العمل».

عمدت الحكومة الإيرانية إلى تعديل ساعات العمل بعدما قررت عدم التحول إلى التوقيت الصيفي، خلافاً للسنوات الماضية، على اعتبار أنه من الأفضل الاحتفاظ بالتوقيت نفسه على مدار السنة.

ويبزغ الفجر في إيران خلال شهر يونيو (حزيران) بين الرابعة والنصف صباحاً والخامسة.



تداعيات الضربات الإيرانية: كيف تغيرت مواقف تل أبيب حول الرد؟

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)
TT

تداعيات الضربات الإيرانية: كيف تغيرت مواقف تل أبيب حول الرد؟

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)

تسعى القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية إلى استغلال التلبك الظاهر في تصرفات القيادة الإيرانية وما تبقى من قيادات لـ«حزب الله»، وتوسيع حلقة المعارك إلى حرب شاملة حتى مع إيران. وتشير كل الدلائل إلى أنها لا تتورع عن الدخول في صدام مع الإدارة الأميركية، ووضعها أمام أحد خيارين: إما أن تنضم إليها في الهجوم على إيران، وإما تنجرّ وراءها وتُضطر اضطراراً لخوض هذه الحرب.

فمع أن الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أنها غير معنيّة بحرب مع إيران، لا منفردة ولا مشتركة، فإن الإنجازات الهائلة التي حققتها إسرائيل عسكرياً واستخباراتياً ضد «حزب الله» (اغتيال معظم قيادات الحزب، وفي مقدمتهم حسن نصر الله، وتفجير أجهزة الاتصال والتواصل في وجوه وأجساد أكثر من 4 آلاف عنصر وتدمير الضاحية الجنوبية)، وضد إيران (تصفية عدد من القيادات في لبنان واغتيال إسماعيل هنية)؛ أدخلت القيادات في تل أبيب في حالة من «نشوة النصر» التي تتحول إلى «سكرة نصر».

لوحة دعائية على طريق سريع في طهران تظهر الجنرال قاسم سليماني يقبل جبين أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في طهران (أ.ب)

ففي اليومين الأخيرين، حصل انعطاف مريب في الموقف الإسرائيلي تجاه الضربات الإيرانية. فكما هو معروف، أطلقت إيران 181 صاروخاً باليستياً على إسرائيل، وتمكنت المضادات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية من تدمير أكثر من 85 في المائة منها قبل دخولها الأجواء الإسرائيلية. لكن 15 في المائة منها دخلت هذه الأجواء، بعضها سقط في مناطق مفتوحة وبعضها سقط في مواقع حساسة مثل 3 قواعد لسلاح الجو وبعض المصانع العسكرية. وأحدثت أضراراً في المباني والشوارع، ولكنها لم تُصِب مدنيين أو عسكريين. والوحيد الذي قتل فيها هو شاب فلسطيني من قطاع غزة يشتغل بورشة في أريحا.

وقد عدّت القيادة الإسرائيلية هذه الضربات خطيرة؛ لأنها تنطوي على القصف المباشر من إيران لإسرائيل. وفي البداية قررت الرد عليها، بتوجيه ضربة مؤلمة لموقع استراتيجي. لكنّها الآن تغيّر رأيها وتنوي توجيه عدة ضربات قاصمة في عدة مواقع استراتيجية. ووفقاً للتسريبات، تنوي توجيه ضربة شديدة للمشروع النووي الإيراني، وتقول إن هذه «فرصة تاريخية» لن تأتي أفضل منها. فإيران متلبكة إزاء ما يحدث لـ«حزب الله» وللقادة الميدانيين الإيرانيين الذين يديرون المعارك إلى جانبه في لبنان.

وهناك إشاعات عن فوضى عارمة في القيادة الإيرانية وخلافات بين التيارات والقادة، وعن اتهامات مسؤولين كبار بالتخابر مع العدو الإسرائيلي أو خدمة هذا العدو من دون قصد. وهذا هو الوقت لضربهم، قبل أن يتمكنوا من ترتيب أوراقهم والخروج من الأزمة.

صور الأقمار الاصطناعية تظهر أضراراً في قاعدة «نيفاتيم» الجوية بجنوب إسرائيل قبل وبعد الهجوم الصاروخي الإيراني (أ.ف.ب)

إلا أن إسرائيل ليست قادرة وحدها على توجيه ضربات كهذه. وهي بحاجة لا استغناء عنها لشراكة أميركية فاعلة. فالمنشآت الإيرانية النووية موزّعة على عدة مواقع وقائمة في قلب جبال، ولا مجال لضربها إلا بصواريخ أميركية تنطلق من طائرات وغواصات معدّة لهذا الغرض. هذه ليست متوفرة لإسرائيل. والولايات المتحدة تتحدث علناً عن معارضتها لهذه الشراكة. وتشعر بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يريد تحقيق حلمه القديم (منذ سنة 2010) لجرّ قدم الولايات المتحدة إلى هذه الحرب وهي ترفض. لكن نتنياهو لا ييأس، ويعمل كل ما في وسعه لإقحامها، بإرادتها أو رغماً عنها. فإذا ضربت المنشآت، وقامت طهران بتنفيذ تهديداتها وردت بمزيد من الصواريخ على إسرائيل، فإن أميركا ستتدخل.

وكما يقول البروفيسور أيال زيسر، أحد أهم مرجعيات اليمين الآيديولوجي: «الولايات المتحدة هي صديقة حقيقية لإسرائيل، أثبتت التزامها بأمننا في كل ساعة اختبار وضائقة شهدناها على مدى العقود الأخيرة».

وأوضح زيسر أن الموقف الأميركي بعد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، يشبه «القطار الجوي» الذي أطلقه الأميركيون في حرب «يوم الغفران» في أكتوبر 1973. وقال إن بين الأصدقاء الحقيقيين، أيضاً تظهر أحياناً خلافات. ورأى أن «من الواجب على إسرائيل أن تصر على موقفها»، وقال: «في الماضي أيضاً عارض الأميركيون تدمير المفاعل العراقي في 1981، بل وفرضوا علينا عقوبات بسبب هذا الفعل، ولكنهم بعد حين، تراجعوا واعترفوا لنا، حين وجدوا أنفسهم في حرب مع حاكم العراق. هكذا أيضاً في كل ما يتعلق بتدمير المفاعل النووي السوري في 2007، الخطوة التي تحفّظ عليها الأميركيون، وفقط بعد أن نشبت الحرب الأهلية في سوريا، اعترفوا بالخطأ الذي ارتكبوه».

ولفت زيسر إلى أن «التوقعات والمشورات الأميركية يجب أن نأخذها بشكل محدود الضمان. من الواجب العمل وفقاً لتفكيرنا وحكمنا، حتى وإن لم يكن الأمر يرضيهم. في نهاية الأمر، سيعترفون بالخطأ وسيفهمون المنطق والحق الذي في خطوات إسرائيل، وسيتجندون لدعمها».

لكن هناك آراء مخالفة في تل أبيب، تحذّر من المغامرة وتقول إن من يجد في ضرب إيران فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها، قد يورّط إسرائيل في حرب شاملة تدفع خلالها ثمناً باهظاً، ليس فقط من ناحية الخسائر البشرية والمادية، بل أيضاً استراتيجياً. وربما تؤدي هذه المغامرة إلى إضاعة فرصة تاريخية لمشروع السلام في المنطقة. وتدعو هذه القوى القيادة الإسرائيلية إلى أن تحسن الاستفادة من مكاسبها في لبنان، ولا تلجأ إلى المغامرات والمقامرات الحربية.