عمان تعرض وساطة لاستئناف العلاقات بين مصر وإيران

طهران ومسقط اتفقتا على إعداد وثيقة للتعاون الاستراتيجي

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني من استقباله سلطان عمان
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني من استقباله سلطان عمان
TT

عمان تعرض وساطة لاستئناف العلاقات بين مصر وإيران

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني من استقباله سلطان عمان
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني من استقباله سلطان عمان

قال المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، إن بلاده «ليست لديها مشكلة» باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع مصر، وذلك خلال لقاء مع سلطان عمان هيثم بن طارق الذي عرض وساطة بين طهران والقاهرة.

وذكر موقع خامنئي أن سلطان عمان أعرب عن ارتياحه لاستئناف العلاقات السعودية - الإيرانية. وقال خامنئي إن «هذه القضايا نتيجة السياسة الجيدة لحكومة رئيسي من أجل توسيع وتنمية العلاقات مع دول الجوار والمنطقة».

تأتي زيارة بن طارق لطهران بعدما أبرمت السعودية وإيران اتفاقاً برعاية الصين في مارس (آذار)، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.

وعززت طهران مؤخراً تواصلها مع عواصم خليجية، شهدت العلاقة معها فتوراً في الأعوام الماضية، مثل أبوظبي والكويت. وأكد خامنئي لسلطان عمان استعداده لاستئناف العلاقات. وقال، بحسب ما نقل عنه موقعه الرسمي: «نرحب ببيان سلطان عمان حول رغبة مصر استئناف العلاقات مع الجمهورية الإسلامية، وليست لدينا مشكلة في هذا الصدد».

وفي الوقت نفسه، حذّر خامنئي من «خطر الحضور الإسرائيلي في المنطقة». وقال: «سياسة الكيان الصهيوني ومن يدعمونه إثارة الخلافات وفقدان الهدوء في المنطقة، لذلك يجب على جميع دول المنطقة أن تنتبه إلى هذه القضية».

وكانت أنباء قد ذكرت أن سلطان عمان، الذي استبق زيارته لإيران، بزيارة إلى القاهرة، التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يسعى لتقريب وجهات النظر بين القاهرة وطهران، لرفع مستوى العلاقات بينهما.

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، عباس كلرو، إن التطور الشامل للتعاون بين إيران ومصر الدولتين الإسلاميتين المهمتين يصبّ في مصلحة المنطقة.

وجاءت تصريحات كلرو في لقاء جمعه برئيس مكتب رعاية مصالح مصر في طهران، هيثم جلال، بحسب ما ذكرته وكالة «مهر» الإيرانية، الإثنين.

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني لمسؤولين عمانيين وإيرانيين، اليوم

ودعا خامنئي أيضاً إلى تعميق العلاقات بين مسقط وطهران. وأشار إلى توقيع مسؤولي البلدين اتفاقيات لتنمية العلاقات. وقال: «ما هو مهم في هذه المفاوضات توصلها إلى نتائج ملموسة، تجب متابعتها بجدية». وأضاف: «زيادة التعاون بين عمان وإيران أمر مهم، لأن البلدين يشتركان في ممر مائي مهم للغاية، هو مضيق هرمز». وتم التوقيع على 4 وثائق للتعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمارات والتعاون في المناطق الحرة وقطاع الطاقة.

وقالت وزارة الخارجية العمانية، في بيان، إن الوزير بدر البوسعيدي عقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وصرح البوسعيدي أن سلطنة عمان وإيران ستتعاونان من أجل تفعيل الاتفاقيات الثنائية المبرمة بين الجانبين، مضيفاً أن الهدف الرئيسي هو تطوير التعاون في مجالات متنوعة، تشمل النفط والغاز والطاقة المتجددة والزراعة والصناعة والملاحة البحرية. وقال إن الهدف الرئيسي يشمل أيضاً تأسيس علاقات مباشرة بين الموانئ العمانية والإيرانية، حسبما أوردت «رويترز».

وثيقة التعاون الاستراتيجي

أعلنت مسقط وطهران، أمس، أنهما تعملان على التوصل لوثيقة للتعاون الاستراتيجي بين البلدين. وفي بيان مشترك صدر في ختام زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى إيران، أكدّ البلدان مواصلة مساعي الوساطة من أجل الاستقرار في المنطقة.

وقال البيان إن البلدين أكدا «على أهمية مواصلة الجهود والمساعي الحميدة في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية المختلفة لترسيخ قواعد السلام والاستقرار في المنطقة».

كما رحّب الطرفان بتواصل المحادثات والمشاورات السياسيّة بين البلدين، وتوطيد ثقافة الحوار في المنطقة لتسوية القضايا العالقة وتوطيد العلاقات بين دول الجوار «بما يحقّق السّلام والازدهار الذي تطمح إليه جميع شعوب المنطقة».

وقال بيان مشترك إن السلطان هيثم بن طارق، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، «وجّها حكومتيهما بالعمل على التوصل إلى وثيقة التعاون الاستراتيجي بينهما، والتوقيع عليها في مختلف المجالات التي تعزّز التعاون المشترك والمنافع المتبادلة، في إطار سبل تمتين العلاقات بين البلدين الصديقين، ووضع أسس للمحافظة على ديمومتها».

وأشار البيان إلى أن قائدي البلدين تباحثا «خلال هذه الزيارة حول العلاقات الثنائية المبنية على الأخوّة والمصالح المشتركة، وسبل تطويرها، خاصة في مجالات التجارة والطاقة والاستثمار والثقافة، بما يعود بالمنفعة المتبادلة، ويعزّز العلاقات والمصالح للشعبين الصديقين».

وأعرب الجانبان عن حرصهما على توسيع متزايد للعلاقات في المستقبل، ودعمهما اللجان المشتركة وفرق العمل وتبادل الزيارات في المجالات المتنوعة لمتابعة تنمية العلاقات.

كما أكد الجانبان على الدور الفعّال للقطاع الخاص في البلدين، لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي، وأعربا عن ارتياحهما للنموّ المتواصل للتبادل التجاري وزيادة الاستثمارات المشتركة، في ظل هذه العلاقات، ورحّبا بالتوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم في المجالات الاقتصادية والتجارية والنقل والاستثمار والطاقة والثقافة، ووجّها بضرورة تفعيل الاتفاقيات القائمة بين البلدين، والعمل على الدخول في أي اتفاقيات جديدة، تخدم توجهاتهما ومصالحهما المشتركة.

وأشار البيان إلى أن سلطان عمان تبادل مع الرئيس الإيراني «آراءهما بشأن عددٍ من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك»، حيث أعرب رئيسي «عن تقديره الكبير» لجهود السُّلطان هيثم «للنهج الحكيم والسياسات البنّاءة على الساحتين الإقليمية والدولية تعميقاً للعلاقات الثنائيّة الإيجابيّة والسّلام والاستقرار في المنطقة».

كما عبّر حضرةُ سُلطان عُمان «عن تقديره البالغ لسياسة حسن الجوار التي تنتهجها الحكومة الإيرانية، واعتبر التقارب والتعاون بين دول المنطقة عاملاً مهماً لتوطيد الاستقرار والسلام في المنطقة».

صفقة جديدة

وسبق لسلطنة عمان أن أدت دوراً وسيطاً بين طهران وواشنطن في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، عام 2015، بين طهران و6 قوى دولية كبيرة. وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران وأبدت استعدادها لإبرام اتفاق جديد يعالج الأنشطة الإقليمية الإيرانية، بالإضافة إلى تقييد برنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية.

وبدأت أطراف الاتفاق، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، مباحثات تهدف لإحيائه في أبريل (نيسان) 2021، تعثرت اعتباراً من سبتمبر (أيلول) الماضي. كذلك أدت مسقط أدواراً في تبادل سجناء بين طهران ودول غربية.

وربطت صحيفة إيرانية بين زيارة السلطان هيثم بن طارق، والتقارير عن احتمال الإفراج عن مليارات الدولارات من أموال إيران المجمدة في العراق وكوريا الجنوبية.

وتحدثت صحيفة «دنياي اقتصاد» عن «مؤشرات» على صفقة إيرانية - أميركية «أوسع من سابقاتها» بوساطة عمانية هذا الشهر.

ورجّحت الصحيفة أن تشمل الصفقة إطلاق سراح محتجزين أميركيين من أصل إيراني، مقابل إطلاق 7 مليارات دولار من أموال إيران المجمدة في كوريا الجنوبية. وتشمل أيضاً احتمال حصول العراق على إعفاء أميركي بإطلاق 11 مليار دولار من الأصول الإيرانية المجمدة.


مقالات ذات صلة

إيران تكشف عن «باليستي» ومسيّرة انتحارية مع تصاعد التوترات الإقليمية

شؤون إقليمية قائد الوحدة الصاروخية أمير علي حاجي زاده يتحدث إلى بزشكيان خلال مرور شاحنة تحمل صاروخ «عماد» الباليستي خلال عرض عسكري في طهران (أ.ف.ب)

إيران تكشف عن «باليستي» ومسيّرة انتحارية مع تصاعد التوترات الإقليمية

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن بلاده ستمضي قدماً في توسع «قوة الردع»، وذلك خلال عرض عسكري سنوي بطهران شمل طائرة انتحارية، وصاروخاً باليستياً جديدين.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرها إعلام «الحرس الثوري» من جولة تنغسيري بجزيرة أبو موسى اليوم

«الحرس الثوري»: قواتنا في أفضل حالاتها العملياتية بمضيق هرمز

قال قائد «الوحدة البحرية» في «الحرس الثوري»، علي رضا تنغسيري، إن قواته بمضيق هرمز «في أفضل حالاتها العملياتية» في خضم تصاعد التوترات مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وسائل إعلام إيرانية لفرقاطة «سهند» الأحد الماضي قبل أن تغرق بالكامل قبالة ميناء بندر عباس

الفرقاطة الإيرانية «سهند» تغرق بالكامل رغم جهود إعادة توازنها

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الفرقاطة «سهند» غرقت بالكامل في مياه ضحلة، اليوم الثلاثاء، قبالة مضيق هرمز، بميناء بندر عباس جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الاقتصاد سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس (الموقع الإلكتروني لقناة السويس المصرية)

الاضطرابات في الممرات البحرية تُلقي بظلالها على أمن الطاقة العالمي

بينما تتجه الأنظار إلى البحر الأحمر للوقوف على حركة التجارة بعد ازدياد الهجمات على السفن العابرة، حذَّر متخصصون من التحديات التي تحيط بالممرات المائية بالمنطقة.

صبري ناجح (القاهرة)
شؤون إقليمية قوارب سريعة تابعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات في جزيرة أبو موسى أغسطس الماضي (تسنيم)

«الحرس الثوري» يعلن استعراضا لـ«الباسيج البحري في محور المقاومة»

أعلن قائد بحرية «الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري عن استعراض لـ«الباسيج البحري» في «دول محور المقاومة» الجمعة المقبل، لافتاً إلى أن قواته ستشارك بـ3 آلاف سفينة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن تخصيص مبالغ مالية مرتفعة ستعطى منحاً لمن يوافق على العودة من النازحين من البلدات الواقعة على الحدود الشمالية مع لبنان. ولكن ممثلي هؤلاء السكان من رؤساء بلديات وقادة ميدانيين يرفضون العودة، ويقولون إنهم لا يثقون بوعود الحكومة، ويعتقدون أن الاتفاق سيئ، ولا يوجد فيه ضمان حقيقي لوقف العمليات الحربية.

وقالت وزارة المالية الإسرائيلية إنها ستدفع مبلغ يتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف شيقل (27 إلى 54 ألف دولار)، تشجيعاً له على العودة، وهذا إضافة إلى التعويضات التي ستعطى لكل متضرر.

وقالت الوزارة إنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تدمير 8834 بيتاً في البلدات الإسرائيلية من جراء هجوم «حماس» و«حزب الله»، وتدمير 7029 سيرة و343 منشأة زراعية و1070 منشأة أخرى أي ما مجموعه 17276 منشأة أو عقاراً. وتقع هذه الإصابات بالأساس في البلدات الشمالية، حتى طبريا شرقاً وحيفا غرباً.

وقد خصص مبلغ 140 مليون شيقل لغرض المنح، التي تخصص لإغراء المواطنين بالعودة.

ولكن رؤساء البلدات في الشمال، لا يتحمسون لإعادة السكان.

ويقولون إنهم يرون أن الاتفاق سيقلب ساعة الرمل تمهيداً لحرب لبنان الرابعة. وبحسب رئيس بلدية كريات شمونة، أفيحاي شتيرن، فإن بوليصة تأمين إسرائيل تعتمد على حرية العمل تجاه «التهديد الفوري» الذي هو تعريف قابل لكثير جداً من التفسيرات؛ فمنذ نهاية حرب لبنان الثانية، في صيف 2006، بنى «حزب الله» معظم بناه التحتية بشكل يزعم أنه لا يخلق «تهديداً فورياً».

كما أن نقل وسائل القتال من إيران، تدريب وحدات الرضوان وحفر الخنادق لم تعد «تهديداً فورياً». وعندها ننهض في الصباح، ونكتشف أنه على مسافة 300 متر من المطلة تمترست قوة عسكرية خبيرة، مدرَّبة ومسلحة حتى الرقبة، وأمر واحد فقط يفصل بينها وبين ذبح الإسرائيليين.

وتساؤل: ماذا سيحدث إذا كان أحد سكان لبنان يريد أن يعود ويعيد بناء بيته؟ ولنفترض أنه جاء بملابس مدنية، فمن يضمن لنا ألا يكون شيعياً ينتمي لـ«حزب الله»، بل ربما يكون مقاتلاً أيضاً؟ جنوب لبنان هو مملكة الشيعة. لا توجد عائلة شيعية لا تنتمي لـ«حزب الله» بشكل من الأشكال: هذه هي الحقيقة المريرة التي تعلمناها من انتشار السلاح في كل بيت ثانٍ. ومن المهم الإيضاح: «حزب الله» ليس «حماس»: هذا الواقع لم يفرض بقوة الذراع على السكان. فما العمل مع ذاك المواطن؟ هل مسموح بتعريفه «تهديداً فورياً»؟

وقال رئيس مجلس محلي قرية المطلة، دافيد أزولاي: «في هذه اللحظة يخيل أن رئيس الوزراء، ذاك الذي عدَّ اتفاق الغاز الذي أبرمته الحكومة السابقة، استسلاماً، وحرص على القول إنه الوحيد الذي يصمد أمام الضغوط الدولية. إنه اليوم مصمم على إغلاق وقف النار بشروط دونية، بل إنه يفعل هذا من فوق رأس زعماء الجمهور، بينما يتذكر مؤيدوه في الإعلام فجأة أن يذكروا أن الجيش «بحاجة إلى الإنعاش» وغيرها من الحجج. في هذه الأثناء في قيادة الجبهة الداخلية يشددون التعليمات، والجمهور في الشمال يستعد منذ الآن لأيام صعبة يحاول فيها «حزب الله» أن يرى أنه لم يستسلم. من ينتصر بشكل واضح لا يصل إلى مثل هذه الوضعية، بل يملي قواعد وقف النار، وإذا لم يقبل بها الطرف الآخر، فإنه يواصل ضربه. وإلا فإن هذا ليس نصراً، وبالتأكيد ليس نصراً مطلقاً».