هل يحمل سلطان عمان رسائل جديدة إلى طهران؟

الخارجية الإيرانية قالت إن الزيارة تأتي في سياق العلاقات بين البلدين

السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان لدى لقائه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في قصر العلم في مسقط العام الماضي (العمانية)
السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان لدى لقائه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في قصر العلم في مسقط العام الماضي (العمانية)
TT

هل يحمل سلطان عمان رسائل جديدة إلى طهران؟

السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان لدى لقائه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في قصر العلم في مسقط العام الماضي (العمانية)
السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان لدى لقائه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في قصر العلم في مسقط العام الماضي (العمانية)

قال مدير دائرة الخليج في وزارة الخارجية الإيرانية، علي رضا عنايتي إن زيارة سلطان عمان ستكون في سياق العلاقات الثنائية بين الطرفين، وتوقيع اتفاقات جديدة لتوسيع نطاق التعاون.

وصرح عنايتي لوكالة «إيسنا» أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، سيستقبل السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان في مراسم رسمية بمجموعة قصر سعد آباد في شمال طهران صباح الأحد.

ومن جانبها، أعلنت مجموعة قصر سعد آباد إغلاق أبوابه لمدة يومين أمام الزوار تمهيداً لزيارة سلطان عمان التي تستغرق يومين.

وقال عنايتي إن الزيارة تتماشى مع نهج سياسة الحكومة الحالية وفق مبدأ سياسة الجوار وتطوير العلاقات في مجالات عدة. وأضاف: «مؤشرها الواضح هو الزيارات المتبادلة بين قادة الدول».

تأتي زيارة سلطان عمان بعد عام على زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي إلى مسقط حيث وقع الجانبان، مذكرات تفاهم لتوسيع التعاون التجاري والاقتصادي. وكانت مسقط ثاني وجهة خليجية للرئيس الإيراني بعد زيارة الدوحة في فبراير (شباط) العام الماضي.

وفي إشارة إلى زيارة الرئيس الإيراني إلى مسقط، قال عنايتي إن رئيسي وضيفه السلطان هيثم بن طارق سيبحثان تنفيذ الاتفاقيات بين البلدين. وقال: "نأمل توقيع وثائق جديدة بين البلدين».

وأكد عنايتي أن العلاقات بين طهران ومسقط «تتقدم وتتطور»، قائلاً إن «حجم التجارة بين البلدين شهد مساراً تصاعدياً ـ حيث يقدر حجم التبادل التجاري بين البلدين بنحو ميلياريْ دولار».

تأتي الزيارة بعد يومين من وساطة عمانية بين إيران وبلجيكا لتبادل السجناء أطلق بموجبها الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي الذي كان يقضي عقوبة بالسجن 20 عاماً بتهم إرهابية، وعامل الإغاثة البلجيكي أوليفييه فانديكاستيل.

ولم تتضح ملابسات الوساطة بعد وما إذا كانت تأتي ضمن وساطة على نطاق أوسع أو تقتصر على التبادل بين طهران وبروكسل اللتين تربطهما علاقات دبلوماسية، واعتمدت حكومتا البلدين مؤخراً اتفاقية بينهما لتبادل السجناء.

وکان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قد أجرى مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دي كرو قبل 35 يوماً من إطلاق سراح فانديكاستيل لبحث مسار تسريع صفقة التبادل.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان سلطان عمان يحمل رسالة خاصة إلى طهران، قال عنايتي: «لست على دراية بهذا الموضوع، مثلما أشرت سابقاً إن الزيارة تأتي في إطار العلاقات الثنائية، ومن المؤكد أن المسؤولين الكبار يجرون مشاورات حول القضايا الإقليمية، وفقاً لما هو سائد في زيارات من هذا النوع».

ويتولى عنايتي منصب مساعد وزير الخارجية في شؤون دول مجلس التعاون، وذكرت وسائل إعلام إيرانية الأسبوع الماضي أن عنايتي في طريقه لتولي منصب السفير الإيراني لدى السعودية. ولم يصدر تعليق رسمي من الخارجية الإيرانية في هذا الصدد.

فرضيات الصحف الإيرانية

وعلقت بعض الصحف الإيرانية السبت على الزيارة. وكتبت صحيفة «طهران تايمز» المملوكة من مركز الدعاية الإسلامي الخاضع لمكتب المرشد علي خامنئي، في عنوان صفحتها الأولى تحت صورة سلطان عمان أن «صانع السلام يلتقي حافظ السلام».

أما صحيفة «فرهيختغان» التي يرأس مجلس إدارتها مستشار خامئني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، فاختارت التركيز على تبادل السجناء بين طهران وبروكسل، وكتبت: «عودة الأوروبيين إلى قناة السلطان».

وعن أسباب الوساطة العمانية المفاجئة، كتبت الصحيفة: «كلما كان هناك حديث عن تبادل سجناء بين إيران والدول الغربية، يجب أن نتوقع سماع اسم عمان كوسيط في المفاوضات»، مشيرة إلى أن مسقط «مهدت الأرضية» لصفقة التبادل. وأشارت الصحيفة إلى ما قاله وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عن إحراز تقدم في المفاوضات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي، على الرغم من تهديد الإدارة الأميركية بجميع الأوراق المطروحة على الطاولة».

وقالت الصحيفة: «ليس اعتباطياً، إذا رأينا أن سبب هذه الأحداث تقدم محتمل وبطبيعة الحال خفي لمسار المفاوضات مع الغرب، وإذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فهي ليست إلا مؤشراً على تراجع الجانب الغربي من المسار المعادي ضد إيران».

كما أشارت الصحيفة إلى زيارة سلطان عمان إلى القاهرة، وكتبت: «من المقرر أن يأتي هذا الأسبوع حاملاً رسائل من القاهرة». وأضافت: «توجه الحكومات العربية لإقامة علاقات مع طهران التي تخطت فترة من الضغوط ضدها تظهر أن دول المنطقة، قبلت بإيران كواقع لا يمكن إنكاره...».

ونقلت صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية عن خبير الشؤون الإقليمية حسن لاسجردي قوله إن «قضية زيارة المسؤولين العمانيين، كانت تقترن بأحداث دائماً، على ما يبدو أن سلطان عمان يسعى لحمل رسالة؛ لهذا قام بزيارات إلى المنطقة خلال الأيام الأخيرة». وقال: «نرى زيارة سلطان عمان لإيران، لذلك من المؤكد أنه يمكن أن تكون هذه القضية في سياق المفاوضات الثنائية لتنمية العلاقات، وكذلك، تحمل رسائل جديدة مثل رسائل بعض الدول أو حل القضايا العالقة بين إيران وأوروبا لتبادل السجناء».

وبدوره، استبعد المحلل حسن بهشتي بور أن يكون سلطان عمان يسعى وراء وساطة بين طهران وواشنطن. وقال لصحيفة »هم ميهن» إن مسقط تسعى لتحسين علاقاتها في المجالات المختلفة مع إيران، صحيح أنها بذلت جهوداً كثيرة لتطبيع العلاقات بين مصر وإيران، بما يشمل لقاء رئيسي البلدين وتبادل السفراء، لكن يجب عدم اقتصار الزيارة على الوساطة بين إيران وأميركا».



لقاء جنيف... الخلاف يتسع بين أوروبا وإيران

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
TT

لقاء جنيف... الخلاف يتسع بين أوروبا وإيران

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

رغم الصخب الذي سبق المحادثات الأوروبية - الإيرانية في جنيف، فإنها لم تحمل مبادرات جديدة أو تحدد «خريطة طريق» للمفاوضات النووية، كما روج إعلام مقرب من النظام الإيراني قبيل اللقاء. كما لم تكن محصورة فقط بالملف النووي الإيراني بل تناولت علاقة إيران العسكرية بروسيا، بحسب ما قال دبلوماسيان أوروبيان رفيعا المستوى لـ«الشرق الأوسط».

واعترف دبلوماسي أوروبي بأن اللقاءات التي جمعت بين مسؤولين إيرانيين وأوروبيين في جنيف، أثبتت أن «حجم الخلافات» يتسع بين الطرفين على أكثر من صعيد.

وكان دبلوماسي أوروبي رفيع ثان قال لـ«الشرق الأوسط» قبل أيام، إن اللقاءات في جنيف «جزء من إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع الإيرانيين»، وإنها «ستكون شاملة، وإنه لا قرارات ستتخذ حول كيفية التعاطي مع الملف النووي الإيراني قبل اتضاح الرؤية الأميركية مع تسلم ترمب مهامه مطلع العام المقبل».

غروسي ونائبه يتوسطان المتحدث باسم «الذرية الإيرانية» بهروز كمالوندي ونائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي أمام مدخل منشأة نطنز في أصفهان (إرنا)

جنيف استكمال لنيويورك

وعلمت «الشرق الأوسط» أن اللقاءات كانت مُعدّة مسبقاً، وجاءت استكمالاً لما جرى في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تم التركيز بشكل أساسي على التصعيد النووي الإيراني، والتعاون العسكري الإيراني مع روسيا.

والتقى مديرو الأقسام السياسية في وزارات خارجية الدول الأوروبية الثلاث: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الجمعة، بكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين مجيد تخت روانجي، ونائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي، غداة لقاء المسؤولين الإيرانيين بأنريكي مورا، الوسيط الأوروبي في المفاوضات النووية.

نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي (حسابه على منصة «إكس»)

وكتب مورا في تغريدة على منصة «إكس» أن اللقاء كان «صريحاً»، وأنه نقل للمسؤولين الإيرانيين ضرورة أن توقف طهران «تعاونها العسكري مع روسيا»، إضافة إلى الحاجة للتوصل «لحل دبلوماسي للمسألة النووية، ووقف تدخلات إيران الإقليمية».

ورد غريب آبادي بتغريدة أخرى، ينتقد فيها الاتحاد الأوروبي، وقال إن «أوروبا فشلت بأن تكون لاعباً جدياً بسبب غياب الثقة والمسؤولية». وكتب أيضاً أنه وجّه انتقادات لمورا تتعلق بالسياسات العامة للاتحاد الأوروبي تجاه المسائل الإقليمية والدولية، واصفاً تصرف التكتل «بغير المسؤول».

وبعد لقائه بالمسؤولين من الترويكا الأوروبية، كتب غريب آبادي على منصة «إكس» أن المحادثات «ركزت على الملف النووي ورفع العقوبات». وأضاف: «نحن ملتزمون بمصلحة شعبنا وتفضيلنا هو للطريق الدبلوماسي والحوار». وأشار إلى أنه تم الاتفاق على إبقاء الحوار الدبلوماسي مفتوحاً في المستقبل القريب.

ما فرصة «سناب باك»؟

جاءت لقاءات جنيف بعد أيام على تقديم الدول الأوروبية الثلاث: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، مشروع قرار ضد إيران في مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تم تبنيه من قبل المجلس.

وأدان القرار عدم تعاون إيران مع الوكالة، وتصعيدها تخصيب اليورانيوم. وردت طهران بعد أيام بإبلاغ الوكالة الدولية بأنها تنوي تركيب الآلاف من أجهزة الطرد المركزي الجديدة.

ومع ذلك، قال الدبلوماسي الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»، إن الحديث عن إعادة تفعيل آلية الزناد أو «سناب باك» ما «زال مبكراً».

وكانت بريطانيا قد لمحت قبل أيام إلى إمكانية تفعيل الآلية، وقالت الخارجية في بيان قبل أيام على لقاء جنيف: «ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك عبر آلية (سناب باك) إذا لزم الأمر».

وتسمح هذه الآلية بإعادة فرض كامل العقوبات الدولية على إيران لخرقها لالتزاماتها النووية ضمن الاتفاق الذي عقد عام 2015 مع دول 5 زائد واحد، وانسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018 في الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتخشى إيران من أن يعود ترمب إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»، بما في ذلك السعي لتفعيل آلية «سناب باك». وفضلاً عن ترمب، يسود القلق في إيران أيضاً من تفعيل آلية «سناب باك» من قبل قوى أوروبية.

ويمر تفعيل آلية «سناب باك» عبر تفعيل بند يعرف بـ«فض النزاع». وكانت إدارة ترمب الأولى أقدمت على تفعيلها، لكنها واجهت معارضة أوروبية حالت دونها، رغم أن وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، أعلن تفعيل بلاده للآلية.

ضجيج مبالغ فيه

مع ذلك، لم تكن لقاءات جنيف محصورة فقط بالمفاوضات النووية، كما ألمحت وسائل إعلام إيرانية. ورغم تغريدة غريب آبادي التي لم تحمل الكثير من الدبلوماسية، قال الدبلوماسي الأوروبي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع حصل «كما كان متوقعاً»، مضيفاً أنه لا يفهم «الضجيج الإعلامي المبالغ به الذي سبق اللقاءات» التي أُعدّ لها مسبقاً.

وكانت وكالة أنباء «رويترز» قد نقلت عن مسؤول إيراني قبيل اجتماع جنيف قوله إنه إذا «اتفقت إيران مع الترويكا الأوروبية على الانتهاء من وضع خريطة طريق» حول الاتفاق النووي، فإن «الولايات المتحدة ستقرر إما إحياء اتفاق عام 2015 وإما إنهاءه».

وينتهي العمل بالاتفاق النووي أصلاً في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل، وسيتعين على المجتمع الدولي بدء مفاوضات حول اتفاق جديد مع إيران، بسبب قرب انتهاء الاتفاق الحالي الذي تخرقه إيران باستمرار منذ انسحاب واشنطن منه.

وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية كانت على صلة بالمفاوضات، إن الاتفاق الحالي «لم يعد بالإمكان إحياؤه، ولكنه سيشكل أرضية لأية مفاوضات جديدة» يمكن أن تبدأها دول 5 زائد واحد مع إيران، بهدف التوصل لاتفاق ثانٍ يقيد نشاطات إيران النووية.