رئيسي يختار مقرباً من سليماني لرئاسة مجلس الأمن القومي

علي أكبر أحمديان منظّر من «الحرس الثوري» يخلف علي شمخاني بعد عقد في المنصب

أحمديان وسليماني خلال لقاء سابق لقادة «الحرس الثوري» مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
أحمديان وسليماني خلال لقاء سابق لقادة «الحرس الثوري» مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
TT

رئيسي يختار مقرباً من سليماني لرئاسة مجلس الأمن القومي

أحمديان وسليماني خلال لقاء سابق لقادة «الحرس الثوري» مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
أحمديان وسليماني خلال لقاء سابق لقادة «الحرس الثوري» مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية، اليوم الاثنين، بأن الرئيس إبراهيم رئيسي، قرر إقالة الأمين العام لمجلس الأمن القومي علي شمخاني، وإصدار مرسوم بتعيين رئيس المركز الاستراتيجي في «الحرس الثوري» الجنرال علي أكبر أحمديان، في أعلى منصب أمني بالبلاد.

وأورد موقع الرئاسة الإيرانية أن «رئیس الجمهوریة بعث أمراً رئاسياً منوهاً بجهود الأدميرال علي شمخاني، وعين علي أكبر أحمدان أميناً لمجلس الأمن القومي الإيراني».

وفي وقت لاحق، أصدر المرشد الإيراني مرسوماً بتعيين شمخاني عضواً في «مجلس تشخيص مصلحة النظام»، ومستشاراً سياسياً خاصاً به، وذلك بعدما نفت وكالات أنباء رسمية إشاعات عن تعيينه في منصب السفير الإيراني لدى السعودية.

يخضع المجلس، الذي يعدّ أعلى هيئة أمنية في البلاد، لصلاحيات المرشد علي خامنئي، الذي يصادق على قرارات المجلس في السياسة الخارجية والشؤون الداخلية والعسكرية.

ويعد الرئيس الإيراني رئيس مجلس الأمن القومي، في إجراء رمزي، لكنه يعين أميناً عاماً للمجلس، شرط أن ينال موافقة مسبقة من المرشد الإيراني، الذي يمنح الأمين العام صلاحية تمثيله في المجلس.

وذكرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن أحمديان (62 عاماً) يحمل رتبة أدميرال، وهو ينحدر من مدينة كرمان، مسقط رأس قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، الذي قضى بضربة أميركية مطلع 2020.

وتظهر صور سابقة منشورة على موقع المرشد الإيراني علي خامنئي، لسليماني، علاقة وثيقة بينه وبين أحمديان.

وانضم أحمديان مؤخراً إلى تركيبة مجلس تشخيص مصلحة النظام، ضمن 5 وجوه جديدة، أصدر خامنئي مرسوماً بتعيينهم في سبتمبر (أيلول).

وقبل تعيينه في المنصب الجديد، كان أحمديان يشغل منصب رئيس المركز الاستراتيجي لـ«الحرس الثوري» منذ عام 2005.

أحمديان يتوسط قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني ورحيم صفوي مستشار المرشد خلال لقاء خامنئي

انضم أحمديان إلى «الحرس الثوري» في بداية الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات، وشغل منصب رئيس هيئة القوات البحرية في «الحرس» في 1985 بمرسوم أصدره المرشد الإيراني الأول (الخميني)، وأصبح قائداً للوحدة البحرية في «الحرس الثوري»، رئيساً لهيئة أركان «الحرس الثوري».

وحسب وكالة «فارس»، درس أحمديان طب الأسنان أثناء انضمامه لـ«الحرس الثوري»، ويحمل شهادة دكتوراه في طب الأسنان. كما أنه يحمل دكتوراه في الإدارة الاستراتيجية من جامعة الدفاع الوطني، المخصصة لقادة الأجهزة العسكرية.

وأضافت الوكالة أن «أحمديان كان أحد مهندسي التغيير في القوات البحرية للحرس»، وأشارت إلى دوره في تكوين قوة بحرية جديدة في «الحرس الثوري»، وهي تعد قوة موازية لبحرية «الجيش الإيراني».

كما وصفته الوكالة بأنه «من المنظرين الأوائل لفكرة الدفاع غير المتكافئ». وأوضحت: «خلال وجود أحمديان أصبحت فكرة الدفاع غير المتكافئ في البحرية جاهزة للعمل بشكل كامل».

وانتقل أحمديان لرئاسة المركز الاستراتيجي في «الحرس الثوري» بمرسوم أصدره المرشد علي خامنئي، خلفاً للقيادي في «فيلق القدس»، محمد حجازي الذي توفي قبل عامين.

وقبل مهامه في المركز الاستراتيجي، تنقل أحمديان في مختلف المناصب بـ«الحرس الثوري»، وتشير المعلومات المتوفرة في سيرته المهنية إلى توليه منصب قائد هيئة مقر نوح، أحد المقرات الخمسة لبحرية «الحرس الثوري»، التي تتخذ من بوشهر مقراً لها ورئيس هيئة القوات البحرية ونائب قائد القوة البحرية قبل أن يصبح قائداً لتلك القوات.

يحل أحمديان محل علي شمخاني، الذي تداول على مناصب في بحرية «الحرس الثوري» ووزارة الدفاع، قبل أن يشغل منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي لمدة 10 سنوات بعد تعيينه في سبتمبر 2013، وهي ثاني أطول فترة بعد الرئيس السابق حسن روحاني الذي تولى المنصب لمدة 16 عاماً.

ويعد أحمديان خامس مسؤول يتولى منصب المجلس الأعلى للأمن القومي منذ تأسيسه في 1986.

ولا تعرف الكثير عن مواقف أحمديان السياسية، لكن وكالة «أرنا» ذكرت أنه ندّد في فبراير (شباط) بالدول الغربية لانتقادها «تصدير (إيران) أسلحة إلى روسيا»، حسب التعبير الذي أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقبل الإعلان الرسمي عن تعيين أحمديان، نشر شمخاني تغريدة تضمنت بيت شعر، زادت من قوة التكهنات التي نشرتها قنوات تابعة لـ«الحرس الثوري» على شبكة «تلغرام»، مساء الأحد، حول إقالته من منصبه.

وأكدت في وقت لاحق وكالة «نور نيوز»، المنبر الإعلامي للمجلس الأعلى للأمن القومي، خبر إقالته.

وجاء تغيير شمخاني بينما يقترب إبراهيم رئيسي من نهاية العام الثاني من الرئاسة. وفي بداية تشكيل حكومة رئيسي، زادت التكهنات بشأن مستقبل شمخاني، الذي يعد من قادة «الحرس الثوري» المقربين من التيار المعتدل والإصلاحي في إيران، إذ شغل منصب وزير الدفاع لمدة ثماني سنوات (1997 - 2005) خلال فترة الرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي، وتولي منصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي في بداية الرئيس السابق حسن روحاني.

تأتي هذه الخطوة بعد يومين من تأكيد علي خامنئي على التحلي بالمرونة في السياسة الخارجية كلما لزم الأمر لتجاوز أي عقبات.

وكان لشمخاني حضور نشط على الساحة السياسية في البلاد على مدى عقود، كان آخرها توقيع اتفاق بوساطة الصين مع السعودية في أبريل (نيسان) لاستئناف العلاقات بين البلدين.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».