يشهد الائتلاف الحكومي الذي يقوده رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تصدعا جديا، على خلفية مطالب الأحزاب الدينية والصهيونية الدينية زيادة الميزانيات الخاصة بها، لدرجة تمرد حزب «عوتسماه يهوديت»، برئاسة وزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، وغيابه عن التصويت في الكنيست، مما أدى إلى تمرير عدة قرارات للمعارضة. وهددت الأحزاب الدينية بالامتناع عن التصويت على الموازنة العامة، الأمر الذي يهدد بسقوط الحكومة.
ومع أن مصادر مقربة من نتنياهو حاولت التخفيف من حدة الأزمة، وقالت إن رئيس الوزراء يعالجها وسيتغلب عليها، إلا أن الأزمة تحدث تصدعا لن يكون سهلا إنهاؤها بسلام.
وحسب متابعين، فإن نتنياهو، الذي خصص حتى الآن، مبلغ 13.7 مليار شيقل (3.45 مليار دولار) لهذه الأحزاب في الموازنة العامة، فإن الأحزاب تطالبه بالمزيد، وتهدده بالامتناع عن التصويت، علما بأنه حسب القانون ستسقط الحكومة في حال عدم تمرير الموازنة في الكنيست (البرلمان)، حتى الموعد النهائي المقرر للمصادقة عليها، وهو 29 مايو (أيار) الجاري.
وكانت هذه الأزمة عنواناً مهماً لحركة الاحتجاج على خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف الجهاز القضائي، فبعد أن اضطرت إلى إلغاء مظاهرتها الأسبوعية السبت الماضي، بسبب العملية الحربية على قطاع غزة، خرجت إلى الشارع من جديد تحت عنوان «نتنياهو يرشو أحزاب الائتلاف بالمليارات»، بمشاركة الألوف، في مدينة بني براك ذات الأغلبية الدينية.
وقرر المحتجون العودة إلى الشارع، السبت القادم، بمئات الألوف، مطالبين باستقالة الحكومة.
وقال أحد قادة الاحتجاج إن الهدف من المظاهرة، نشر الوعي بشأن العلاقة غير المنصفة بين المجتمعات المختلفة في إسرائيل. وأضاف: «التظاهرة ليست ضد الجمهور الحريدي، بل ضد قيادته التي تكرس الظلم الذي لا يصلح للبلد على المدى الطويل».
وجاء في بيان صادر عن المنظمين للمظاهرة: «نحن نسير إلى بني براك لنوضح للحكومة أنها تدمر البيت، سوية مع القادة الأرثوذكس المتشددين، الذين يتعاونون بيد مع الديكتاتورية وبالأخرى ينهبون الخزائن». وأكد البيان، أن «الحمير التي تحمل أعباء الخدمة والاقتصاد، انتهى بها الأمر إلى أن تكون الحمام الذي يملأ الخزائن العامة التي أصبحت صندوقًا للفساد السياسي».
وكانت الصراعات قد انفجرت ليس فقط بين نتنياهو وحلفائه، بل أيضا داخل كتلة الصهيونية الدينية، بين رئيسها، وزير المالية بتسليل سموتريتش، وبين بن غفير. وقالت مصادر في محيط بن غفير، إن مقاطعة أعضائها للتصويت في الكنيست، ليست حالة خاصة، وإنما يدور الحديث عن أزمة عميقة بين الاثنين.
وعقد نتنياهو، اجتماعا طارئا مع أعضاء «عوتسما يهوديت»، وقال إنه سيجد حلا لمطالبهم المالية. وهاجم أعضاء كنيست من الائتلاف، بن غفير، وقالوا إنه «يهتم بالتغطية الإعلامية أكثر من الحفاظ على حكومة اليمين». وقال بن غفير خلال اجتماع لكتلة حزبه، (مساء الأربعاء)، إن «سموتريتش يصر على أن يكون وزير مالية فئويا ومسؤولا عن مناطق معينة فقط». وفسرت مصادر في حزبه أقواله، بأن سكان النقب الذين صوتت نسبة مرتفعة منهم لبن غفير لم يحصلوا على ميزانيات.
يشار إلى أن العلاقات بين بن غفير وسموتريتش كانت متوترة أثناء الحملة الانتخابية أيضا، لكن مصادر أفادت بأن هذا التوتر تصاعد مؤخرا، خاصة خلال وقبل العملية الحربية على غزة. وحسب هذه المصادر، فإنه «عندما طالب بن غفير برد فعل شديد للجيش الإسرائيلي، ظهر سموتريتش في الاستوديوهات ووعظ بتصرف لائق وعاقل ومسؤول». وهذا أثار غضب بن غفير الذي شعر بأن سموتريتش، يساعد نتنياهو على تقليص حجمه ونفوذه في الحكومة.
ومن الجهة الثانية، تدخل «يهدوت هتوراة» لليهود الغربيين المتدينين، في صراع مع نتنياهو ومع سموتريتش، لأنها تطالب بإضافة 600 مليون شيكل (حوالي 1.7 مليون دولار)، إضافة لما حصلت عليه من ميزانيات خاصة، وذلك لتمويل المؤسسات التعليمية التابعة لها.
ومع أن غالبية الخبراء والسياسيين يؤكدون أن هذه الصراعات في الائتلاف الحكومي، لن تؤدي إلى سقوط حكومة نتنياهو في الوقت الحاضر، حيث إن جميع أحزاب الائتلاف تعرف أنها ستخسر الحكم في حال التوجه إلى انتخابات، إلا أنها أحدثت صدعا كبيرا يزعزع الثقة بين أطراف الائتلاف وسيكون له أثره في المستقبل.