بعد جدل امتد طوال الليل بين المعارضة التركية وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم حول نتائج الانتخابات الرئاسية، أكد المجلس الأعلى للانتخابات تأجل حسم السباق إلى جولة ثانية، للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
وقال رئيس المجلس أحمد ينار، اليوم (الاثنين)، إن مرشح «تحالف الشعب» الحاكم الرئيس رجب طيب إردوغان حصل على نسبة 49.40 في المائة، فيما حصل مرشح «تحالف الأمة» المعارض كمال كليتشدارأوغلو على 44.96 في المائة، ومرشح «تحالف أتا» اليميني القومي سنان أوغان على 5.20 في المائة من الأصوات.
ولم يتمكن أي من المرشحين الثلاثة من حسم الانتخابات من جولتها الأولى، علماً بأن المرشح الرابع رئيس حزب «البلد» محرم إينجه، انسحب قبل 3 أيام من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت الأحد.
وكان يتعين حصول أحدهم على نسبة 50 في المائة+1 من أصوات الناخبين الذين يفوق عددهم 64 مليوناً، منهم 5.2 مليون ناخب صوتوا للمرة الأولى.
وستجرى جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية بين إردوغان وكليتشدارأوغلو في 28 مايو (أيار) الجاري. ولم يعلن المجلس الأعلى للانتخابات عن نسبة المشاركة من جانب الناخبين، لكن تقديرات غير رسمية أشارت إلى أعلى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات في تركيا بلغت 93.6 في المائة.
إردوغان يتوقع تصويتاً «لصالح الاستقرار»
وقال إردوغان، متحدثاً أمام جمع من أنصاره أمام المقر الرئيس لحزب «العدالة والتنمية» في أنقرة التي وصل إليها قادماً من إسطنبول في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، إن «تركيا أتمت عرساً ديمقراطياً جديداً في انتخابات 14 مايو... نحن متقدمون بفارق كبير في الانتخابات رغم أن النتائج ليست نهائية بعد. تحالف الشعب أيضاً فاز بأغلبية مقاعد البرلمان وفق نتائج الانتخابات».
وأضاف: «نحن نؤمن بصدق أننا سنستمر في خدمة أمتنا على مدى السنوات الخمس المقبلة... شعبنا الذي منح تحالف الشعب الأغلبية في البرلمان، سيصوت لصالح الاستقرار في الانتخابات الرئاسية».
كليتشدار أوغلو واثق من الفوز
بدوره، قال كليتشدار أوغلو للصحافيين في مقر حزب الشعب الجمهوري الانتخابي في أنقرة: «إذا كان قرار أمتنا إجراء جولة ثانية لانتخابات الرئاسة، سوف نفوز بها حتماً وسنعمل على ترسيخ دولة الحق والقانون والعدالة»، مضيفاً: «إرادة التغيير في المجتمع أعلى من 50 في المائة».
لمن تذهب أصوات إينجه وأوغان؟
وبعدما بات التوجه إلى جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية واقعاً، بدأت التساؤلات حول أصوات المرشحين الآخرين محرم إينجه وسنان أوغان، ولمن تذهب.
لم يتخذ إينجه الذي انسحب من السباق الرئاسي، الخميس، إثر مزاعم تورطه في فضيحة أخلاقية، قراراً نهائياً بشأن من سيدعم في جولة الإعادة.
وبسبب انسحابه بعد الموعد القانوني، واصل المجلس الأعلى للانتخابات احتساب أصوات إينجه في الجولة الأولى، وحصل على 0.4 في المائة (نحو 234 ألف صوت)، بينما كانت استطلاعات الرأي السابقة ترجح حصوله على نسبة 1.7 في المائة حال استمراره في السباق.
وسيبقى أوغان هو الرقم الصعب الذي بإمكانه ترجيح كفة إردوغان أو كليتشدارأوغلو في جولة الإعادة، لكنه لا يرغب في ذلك بلا ثمن.
أوغان قال عشية انتخابات الأحد: «في حال انتقلت الانتخابات إلى جولة الإعادة... سنناقش مطالبنا مع الأطراف التي نجلس على الطاولة معها. البداية ستكون النأي بنفسها عن الإرهاب»، في إشارة إلى دعم «حزب الشعوب الديمقراطية» الكردي لكليتشدارأوغلو ودعم «هدى بار»، ذراع «حزب الله» التركي، لإردوغان. وأضاف: «لن نكون شركاء بالمجان، وستكون لدينا مطالب مثل الوزارات ونائب الرئيس».
تركيبة البرلمان التركي الجديد
بحسب النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، لم يطرأ تغيير كبير على شكل البرلمان الجديد، وحافظ «تحالف الشعب» على الأغلبية بنسبة 49.4 في المائة وحصل على 321 من مقاعد البرلمان وعددها 600 مقعد، بينما حصل «تحالف الأمة» على نسبة 35.1 في المائة محققاً 231 مقعداً، و«تحالف العمل والحرية» على 10.5 في المائة ضمنت له 66 مقعداً.
وبلغت نسبة «العدالة والتنمية» 35.5 في المائة و«الشعب الجمهوري» 25.4 في المائة و«الحركة القومية» 10.1 في المائة و«الجيد» 9.7 في المائة و«اليسار الأخضر» 8.8 في المائة.
وتشير هذه النتائج إلى تراجع في نسبة تأييد «العدالة والتنمية» بنحو 4 نقاط مئوية عن انتخابات 2018، وتمكن الحزب من رفع نسبته في 8 ولايات بينما تراجع تأييده في 73 ولاية من ولايات البلاد، ورفع «الشعب الجمهوري» تأييده في 65 ولاية بينما تراجع في 16 ولاية.
وكانت المفاجأة في رفع «الحركة القومية» نسبة تأييده إلى أكثر من 10 في المائة بينما كانت جميع استطلاعات الرأي قبل الانتخابات تشير إلى عدم قدرته على تجاوز العتبة الانتخابية (7 في المائة).
في المقابل، جاءت نسبة حزب «الجيد» بزعامة ميرال أكشنار أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى أن الحزب يمكن أن يحصل على 13 في المائة من الأصوات.
وشكّل تراجع «الشعوب الديمقراطية» أيضاً إحدى مفاجآت الانتخابات، إذ كانت غالبية الاستطلاعات ترجح حصوله على ما يتراوح بين 10 و14 في المائة من الأصوات. وخاض الحزب الانتخابات تحت مظلة حزب اليسار الأخضر تحسباً لإغلاقه بقرار من المحكمة الدستورية في الدعوى المقدمة ضده لاتهامه بدعم الإرهاب.
ورأى محللون أن هذا التراجع يرجع إلى الضغوطات التي يتعرض لها «الشعوب الديمقراطية» على مدى 5 سنوات من جانب إردوغان وتقديمه على أنه ذراع سياسي لحزب «العمال الكردستاني»، المصنف كمنظمة إرهابية.
فوز جميع الوزراء
وكشفت نتائج الانتخابات البرلمانية عن فوز جميع وزراء حكومة إردوغان الذين ترشحوا في الانتخابات وعددهم 16 وزيراً، حيث ترشح جميع الوزراء باستثناء وزيري الصحة فخر الدين كوجا، والثقافة والسياحة محمد نوري أرصوي، اللذين طلبا عدم خوض الانتخابات.
وتم وضع الوزراء على رأس قوائم «العدالة والتنمية» في 16 منطقة انتخابية و15 مدينة كبيرة. ودخل البرلمان كلا من نائب رئيس الجمهورية فؤاد أوكطاي ووزير العمل والضمان الاجتماعي وداد بيلغين في أنقرة كنائبين عن العاصمة، ووزير العدل بكير بوزداغ عن شانلي أورفا، ووزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية دريا يانيك عن عثمانية.
وانتخب وزيرا الداخلية سليمان صويلو، والبيئة والتخطيط العمراني والتغير المناخي مراد كوروم في إسطنبول، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في أنطاليا، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز كعضو في إسكي شهير، ووزير الدفاع خلوصي أكار في قيصري.
وفاز وزير الشباب والرياضة محمد محرم قصاب أوغلو في إزمير، ووزير الخزانة والمالية نور الدين نباتي في مرسين، ووزير التربية والتعليم محمود أوزر في أوردو.
وحصل وزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى فارانك على مقعد في بورصة، ووزير الزراعة والغابات وحيد كيريتشجي على مقعد في كهرمان ماراش، ووزير التجارة محمد موش في سامسون، ووزير النقل والبنية التحتية عادل كارا إسماعيل أوغلو في طرابزون.
واختير وزير العدل السابق عبد الحميد غل عضواً في البرلمان عن غازي عنتاب، ووزير العمل والضمان الاجتماعي السابق فاروق تشيليك عن ولاية أرتفين.