إيران تعلن عن إعدامات جديدة وسط قلق أممي

منظمات حقوقیة أكدت تنفيذ أحكام سبعة أشخاص

نساء محتجات ضد الإعدام بارتداء أزياء مسلسل «حكاية أمة» في لندن يناير الماضي (د.ب.أ)
نساء محتجات ضد الإعدام بارتداء أزياء مسلسل «حكاية أمة» في لندن يناير الماضي (د.ب.أ)
TT

إيران تعلن عن إعدامات جديدة وسط قلق أممي

نساء محتجات ضد الإعدام بارتداء أزياء مسلسل «حكاية أمة» في لندن يناير الماضي (د.ب.أ)
نساء محتجات ضد الإعدام بارتداء أزياء مسلسل «حكاية أمة» في لندن يناير الماضي (د.ب.أ)

أفادت منظمات حقوقية أن السلطات الإيرانية أعدمت 7 أشخاص على الأقل فجر اليوم، بتهم متعلقة بالمخدرات والاغتصاب، وذلك غداة تنديد الأمم المتحدة بفورة الإعدامات في غداة تنديد الأمم المتحدة بتزايد «مخيف» في عدد العقوبات القصوى المنفّذة في إيران خلال الشهور الخمسة الأولى من هذا العام.

وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من النرويج مقراً، إن السلطات نفّذت حكم الإعدام بحق ثلاثة رجال بتهم مرتبطة بالمخدرات في سجن قزل حصار في مدينة كرج خارج طهران. وتمّ إعدام أربعة آخرين بتهم الاغتصاب في سجن رجائي شهر في كرج أيضاً، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المنظمة ذاتها.

وقالت منظمة «هنغاو» الحقوقية الكردية إن الإعدامات قد تصل لعشرة أشخاص الأربعاء، في وقت أعلنت السلطات القضائية الإيرانية الأربعاء تنفيذ حكم الإعدام بحق ثلاثة أشخاص بتهمة ترويج المخدرات في سجن قلعة حصار.

وأوردت وكالة «ميزان»، التابعة للسلطة القضائية: «تم تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق ثلاثة أفراد من عصابة بنجك، أحد أبرز كارتيلات ترويج المخدرات في البلاد، هذا الصباح بعد الإجراءات القانونية». وأشارت إلى أن «ستة من أفراد هذه العصابة تم توقيفهم عام 2014»، موضحة، أنه «لدى التوقيف، تمت مصادرة كيلوغرام من الكوكايين والأفيون والميثامفيتامين من أفراد العصابة».

وبحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران، ترفع الأحكام المنفّذة اليوم إلى 64. عدد الإعدامات التي نفذتها إيران في الأيام الـ12 الأخيرة. وقال مدير المنظمة محمود أميري مقدم إن «آلة القتل التابعة للحكومة تتسارع، وهدفها ترهيب الناس، وضحاياها هم الناس الأكثر ضعفاً في المجتمع». ونشرت المنظمة مقاطع فيديو قالت إنها تظهر احتجاجات لعائلات الرجال الثلاثة الذين تم إعدامهم بتهم المخدرات خارج سجن قزل حصار في مسعى لوقف الإعدام. ويسمع في أشرطة الفيديو صوت إطلاق النار. وقالت المنظمة إن قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق الاحتجاج. وأضافت أنه تم نقل أحد أفراد الأسرة إلى المستشفى بعد تعرضه للضرب.

وأتى الإعلان عن تنفيذ هذه الإعدامات بعد يومين على تأكيد السلطات القضائية تنفيذ حكم مماثل صادر بحقّ شخصين على خلفية اتهامات بالتجديف.

والسبت، أعدمت إيران الناشط السياسي حبيب أسيود الكعبي، الذي يحمل الجنسيتين الإيرانية والسويدية، بتهمة «الإرهاب»، وذلك بعد عامين من اختطافه في إسطنبول، مما أثار تنديداً غربياً واسعاً.

وإيران هي الثانية في العالم من حيث عدد أحكام الإعدام المنفّذة بعد الصين، وفق أرقام منظمة العفو الدولية.

وتتحدث منظمات حقوقية خارج إيران في الآونة الأخيرة، عن تزايد ملحوظ في عدد أحكام الإعدام، التي تنفّذها السلطات. وبحسب أرقام نشرتها الأمم المتحدة الثلاثاء، نفّذت إيران حكم الإعدام بحقّ 209 أشخاص على الأقل منذ بداية يناير (كانون الثاني)، معظمهم بسبب جرائم متعلّقة بالمخدرات. ورجحت المنظمة أن يكون العدد الفعلي أعلى من ذلك.

وندّد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك بـ«العدد المرتفع بشكل مخيف» لعمليات الإعدام. وقال في بيان: «في المعدل، منذ بداية العام، يُعدم أكثر من عشرة أشخاص كل أسبوع في إيران، مما يجعلها واحدة من الدول التي سجّلت أعلى عدد إعدامات في العالم».

وأضاف: «من المثير للقلق أن نرى أنّ إيران تسلك المسار نفسه كما في العام الماضي، عندما أعدم نحو 580 شخصاً»، واصفاً هذه الحصيلة بـ«الشائنة».

وتتحدث منظمات حقوقية خارج إيران في الآونة الأخيرة، عن تزايد ملحوظ في عدد أحكام الإعدام، التي تنفّذها السلطات. ورأى ناشطون حقوقيون أن الارتفاع تزامن مع الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد بعد وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي عقب توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس.

وفي أبريل (نيسان)، أفادت «منظمة حقوق الإنسان في إيران»، ومقرها أوسلو، ومنظمة «معاً ضدّ عقوبة الإعدام» في باريس بأن عدد أحكام الإعدام المنفّذة في إيران خلال 2022 ازداد بنسبة 75 في المائة على العام السابق. وأشارتا إلى أن طهران أعدمت 582 شخصاً في الأقل عام 2022. في حصيلة هي الأعلى على هذا الصعيد منذ تنفيذ نحو ألف حالة إعدام في 2015 وهو أعلى رقم على مدى عقدين.

وأكدت المنظمتان أن إيران استخدمت عقوبة الإعدام لبث الخوف إثر الاحتجاجات التي هزت البلاد عقب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في سبتمبر الماضي.

وقال مركز حقوق الإنسان في إيران، ومقره نيويورك إن المحكمة العليا أيدت حكماً بالإعدام بحق ثلاثة رجال بسبب مزاعم قتل عنصر من قوات التعبئة «البسيج» خلال الاحتجاجات في أصفهان في نوفمبر (تشرين الثاني). ووصف المركز الإعدامات بأنها «موجة قتل» تأتي «لإسكات المعارضة». وحذرت منظمات حقوقية من أن الأقليات العرقية، خاصة البلوش وأفرادها من المسلمين السنة، كانوا الأكثر عرضة لسلسلة الإعدامات الأخيرة.



إيران توجه انتقادات حادة لترمب... وتنتظر الجولة الخامسة للمحادثات

إيران توجه انتقادات حادة لترمب... وتنتظر الجولة الخامسة للمحادثات
TT

إيران توجه انتقادات حادة لترمب... وتنتظر الجولة الخامسة للمحادثات

إيران توجه انتقادات حادة لترمب... وتنتظر الجولة الخامسة للمحادثات

انتقد مسؤولون إيرانيون كبار بشدة خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعدما حمّل طهران مسؤولية زعزعة الاستقرار الإقليمي، ووضع أمامها خيارين؛ قبول «غصن الزيتون» لإبرام اتفاق يضمن عدم تغيير مسار برنامجها النووي، أو تكثيف العقوبات.

وقال ترمب (الثلاثاء) خلال قمة أعمال في الرياض: «أكبر هذه القوى وأكثرها تدميراً هو النظام الإيراني، الذي تسبب في معاناة لا تُصدق في سوريا ولبنان وغزة والعراق واليمن وغيرها»، مشدداً على أن إيران عليها أن تختار بين الاستمرار في «الفوضى والإرهاب» أو أن تبني مساراً نحو السلام، فيما وصفه بأنه تحذير أخير واستعداد محتمل للدبلوماسية.

وقال: «أريد إبرام اتفاق مع إيران... لكن إذا رفضت القيادة الإيرانية غصن الزيتون هذا... فلن يكون أمامنا إلا ممارسة أقصى الضغوط»، وقال إن عرضه للتوصل إلى اتفاق لن يدوم إلى الأبد.

وفي جزء من خطابه، ألقی ترمب باللوم على أداء المسؤولين الإيرانيين في ظهور أزمة الجفاف، والتصحر، وتجفيف الأنهار، فضلاً عن نقص الكهرباء، مشيراً إلى ما يطرح في إيران عن وجود «مافيا المياه».

وحض ترمب الأربعاء على تطبيق العقوبات على إيران بحزم، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي. وقال ترمب خلال قمة قادة دول الخليج في الرياض: «أريد إبرام اتفاق مع إيران. أريد أن أفعل شيئاً، إن أمكن». ولتحقيق ذلك، أوضح أن على طهران أن «تتوقف عن دعم الإرهاب، وتنهي الحروب الدموية التي تخوضها بالوكالة، وتوقف سعيها للحصول على أسلحة نووية». وحض ترمب كل الدول على الانضمام إلى واشنطن في تطبيق العقوبات على إيران «بشكل كامل وشامل».

رؤية مخادعة

في طهران، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي: «استمعت إلى تصريحاته وهي للأسف رؤية مخادعة جداً».

وصرح للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة: «ما تحدث عنه بشأن رغبة دول المنطقة في تحقيق التقدم والازدهار هو نفس المسار الذي اختاره الشعب الإيراني لبناء دولة حرة، مستقلة، ديمقراطية ومتقدمة، لكن الولايات المتحدة عرقلت تقدمنا عبر الضغوط والعقوبات والتهديدات العسكرية وغير العسكرية».

وأضاف: «السياسات الأميركية الاستعمارية هي سبب مشكلاتنا الاقتصادية (...) ترمب يتبع سياسة الضغط الأقصى. يتغاضى عن كل جرائم وتهديدات إسرائيل ويصور إيران كتهديد».

المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني على هامش اجتماع المجلس الوزاري اليوم (الرئاسة الإيرانية)

أما المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، فقد تجنبت التعليق المباشر على تصريحات ترمب وردت بشكل سريع، عبر اقتباس بيت شعر من الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي، قائلة: «أيتها الذبابة لا تحلقي في فضاء طائر العنقاء»، وكان الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي آخر من استخدم ذلك لوصف الولايات المتحدة وإسرائيل قبل عامين.

بدوره، قال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إن «تصريحات ترمب تظهر أنه يعيش في أوهام». وأضاف: «على الرئيس الأميركي بدلاً من أن يقلق بشأن الأوضاع الداخلية لإيران أن يفكر في أنه سجل رقماً قياسياً في أكبر تراجع لشعبية رئيس في تاريخ أميركا».

وقال: «كلمات ترمب كانت صدىً لسياسات ظلت لسنوات تدفع منطقة غرب آسيا نحو انعدام الأمن... إيران لا تحب إشعال الحروب لكنها أيضاً لا تستسلم».

وزاد: «نظام الحكم الأميركي يمارس أقصى درجات الضغط ضد إيران منذ سنوات، لكن ثورتنا تقف اليوم أقوى من أي وقت مضى في مواجهة الهيمنة، ورسالة (المقاومة) اخترقت حتى الجامعات الأميركية، لدرجة أنهم اضطروا إلى طرد الطلاب المحتجين وقطع التمويل عن بعض الجامعات».

وتابع قاليباف: «إيران لا تمتلك أسلحة نووية ولن تسعى لامتلاكها». وأضاف: «الأمن المستدام في المنطقة لن يتحقق إلا عبر تعاون دول المنطقة بعيداً عن تدخلات القوى الخارجية»، وأضاف: «تربطنا بجيراننا علاقات أخوية».

وعقدت الإدارة الأميركية أربع جولات من المحادثات مع إيران، في إطار سعي ترمب لتجنب أي عمل عسكري إسرائيلي يستهدف برنامج طهران النووي.

جولة مرتقبة

وأكدت كل من واشنطن وطهران أن المحادثات جرت في أجواء إيجابية، دون التعمق في الجوانب الفنية للاتفاق.

وقال عراقجي إن الجولة الرابعة من المحادثات الإيرانية الأميركية التي عُقدت في 11 مايو (أيار) كانت «صعبة للغاية» لأنها ركزت على قضية تخصيب اليورانيوم المثيرة للخلاف، مضيفاً أنه يأمل في أن يبدي الطرف الآخر «مواقف أكثر واقعية» بعد أن اكتسب فهماً أفضل لمواقف إيران الأساسية.

عراقجي يتحدث للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)

ومن المنتظر أن تعلن وزارة الخارجية العمانية، التي اضطلعت بدور الوساطة منذ انطلاق المحادثات في أبريل (نيسان)، عن جولة خامسة من المحادثات.

وقال عراقجي: «ننتظر من عمان الإعلان عن موعد ومكان الجولة المقبلة من المفاوضات. نهجنا هو مواصلة المفاوضات. مررنا بجولة مفاوضات صعبة للغاية في الفترة الماضية، ومسألة التخصيب تمثّل أحد المبادئ الأساسية لنا في المفاوضات».

التريث أو الانسحاب

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، النائب أبو الفضل ظهره وند إن زيارة ترمب إلى المنطقة، «ستؤثر بلا شك على المفاوضات غير المباشرة».

وصرح النائب لوكالة «إيلنا» الإصلاحية إن «ترمب يسعى من خلال التهديدات الفارغة والتصريحات المتناقضة إلى إبقاء إيران في موقف دفاعي، وإضعاف موقف الفريق الإيراني في التمسك بمطالبه الأولية. كما يهدف من خلال هذا الضغط إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب من خلال التصعيد».

إيراني يقرأ عناوين الصحف الصادرة في طهران غداة الجولة الرابعة من المحادثات الإيرانية - الأميركية الاثنين الماضي (إ.ب.أ)

بدورها كتبت صحيفة «كيهان» التابعة لمكتب المرشد الإيراني أن «تهديدات ترمب ضد طهران تشبه أغاني كان المارة يرددونها في شوارع طهران القديمة ليلاً، لتجاوز خوفهم من الظلام، والسؤال هنا هل يمكن أن تبقى تهديدات دون رد؟».

وأضاف حسين شريعتمداري في المقال الافتتاحي: «هل يمكن لاستمرار المفاوضات مع أميركا أن يحمل أي معنى آخر غير تجاهل قوة الجمهورية الإسلامية وإهمال الأمن الوطني وسيادة إيران؟ أقل ما يتوقع من مسؤولينا المحترمين هو الإعلان رسمياً بأنه ما لم يعتذر ترمب لنظام إيران وشعبها، فلن تستمر المفاوضات. بأي لغة يجب أن يعلن ترمب أنه يسخر من المفاوضات حتى نصدقه؟».

على خلاف ذلك، دعا ظهره وند إلى التريث في الوقت الراهن، «لمعرفة ما إذا كانت تحركات ترمب الإقليمية ستثمر عن إنجازات فعلية، وإلى أي مدى سيتمكن من بلوغ أهدافه».

أما فيما يخص موقف إيران، فقد قال النائب: «من الواضح أنهم يسعون لتحقيق نتائج معينة. علينا الانتظار لمعرفة جدول أعمال الجولة الخامسة مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، وما إذا كانت ستشهد تطورات ملموسة».