5 سنوات على انسحاب ترمب من الاتفاق النووي... إيران قريبة من «العتبة النووية»

اجتماع مفصلي لحكام الوكالة الدولية بداية الشهر المقبل

مدير «الذرية» الإيرانية محمد إسلامي يتحدث خلال المؤتمر الفصلي لوكالة «الطاقة الذرية»... ويبدو غروسي إلى جانبه في فيينا سبتمبر الماضي (رويترز)
مدير «الذرية» الإيرانية محمد إسلامي يتحدث خلال المؤتمر الفصلي لوكالة «الطاقة الذرية»... ويبدو غروسي إلى جانبه في فيينا سبتمبر الماضي (رويترز)
TT

5 سنوات على انسحاب ترمب من الاتفاق النووي... إيران قريبة من «العتبة النووية»

مدير «الذرية» الإيرانية محمد إسلامي يتحدث خلال المؤتمر الفصلي لوكالة «الطاقة الذرية»... ويبدو غروسي إلى جانبه في فيينا سبتمبر الماضي (رويترز)
مدير «الذرية» الإيرانية محمد إسلامي يتحدث خلال المؤتمر الفصلي لوكالة «الطاقة الذرية»... ويبدو غروسي إلى جانبه في فيينا سبتمبر الماضي (رويترز)

قبل 5 سنوات، سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، توقيع بلاده من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في إطار مجموعة «5 + 1»، في يوليو (تموز) 2015، معتبراً أنه جاء «ضعيفاً» و«كارثيا»، ولا يمنع طهران من تطوير قدراتها النووية. وعمدت الإدارة الأميركية لاحقاً إلى فرض عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية على إيران بهدف عزلها من جهة، ومن جهة أخرى الضغط عليها لتأتي صاغرة إلى مفاوضات جديدة ولاتفاق جديد أكثر صرامة.

ومنطلق ترمب أنه يتعين العمل من أجل ألا تحصل إيران «أبداً» على السلاح النووي، معرباً، في الوقت عينه، مباشرة أو على لسان كبار وزرائه ومساعديه، عن الاستعداد للجوء لـ«كل الوسائل» من أجل ذلك. وبعد 5 سنوات، ما زال الهدف الأميركي هو نفسه.

ومنذ الانسحاب الأميركي في 8 مايو (أيار) 2018، ما زال الهدف هو عينه. فمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قال السبت الماضي، خلال مؤتمر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن بلاده «ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لضمان عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً»، مضيفاً أنه «في نهاية المطاف، هذا هو الاختبار الأساسي: عدم تمكن إيران من امتلاك سلاح نووي. ليس لديهم اليوم ولا يمكنهم امتلاك (سلاح) واحد».

بيد أن الأمور تغيرت كثيراً عما كانت عليه قبل 5 أعوام: إيران نجحت، رغم التهديدات والعقوبات، في الوصول إلى تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 83.7 بالمائة مقابل 3.67 بالمائة، قبل انسحاب واشنطن، أي أنها أثبتت قدرتها في الوصول إلى نسبة 90 في المائة الضرورية لإنتاج سلاح نووي. وحققت طهران 3 قفزات نوعية: الأولى حتى نسبة 20 في المائة والثانية حتى 60 في المائة، والأخيرة (أي قبل 3 أشهر) إلى ما فوق 80 في المائة. ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، إذ ضاعفت طهران مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، إلى درجة أنها وصلت اليوم إلى ما يسمى «العتبة النووية».

ووفق أرقام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران كانت تمتلك في فبراير (شباط) الماضي 87 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة. والحال، وفق خبراء الطاقة النووية، أن إنتاج قنبلة نووية واحدة يتطلب 27 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المائة. وهذه الكمية يمكن الحصول عليها من رفع درجة النقاء لـ42 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة في موقعي فوردو ونطنز.

سلسلة من أجهزة الطرد المركزي بمنشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم (أرشيفية - أ.ب)

وتبين عملية حسابية بسيطة أن طهران كان لديها، قبل نحو 3 أشهر، ما يكفي لتصنيع قنبلتين نوويتين على الأقل. ولا شيء يفيد بأنها توقفت عن التخصيب بهذه الدرجة منذ ذاك التاريخ.

ثمة استحقاق رئيسي مقبل مع انعقاد الاجتماع الفصلي لمجلس حكام الوكالة الذي يبدأ بفيينا في 5 يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون ملف التخصيب مطروحاً بقوة.

والسؤال الملح منذ اليوم يتناول ما إذا كان الغربيون سيواصلون سياسة «غض الطرف» عن «الأمر الواقع» الذي دأبت إيران على فرضه، أم لا. والدليل على ذلك أن التقارير التي صدرت منذ السبت الماضي، أفادت بأن الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) حذرت إيران في رسالة تعود للعام الماضي (وبقيت مكتومة)، من أنها ستثير مسألة إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران (آلية سناب باك) إذا خصبت اليورانيوم إلى المستوى المثالي لإنتاج سلاح نووي. ويعني هذا الكلام عملياً، أن إيران تستطيع تخصيب ما تريد من اليورانيوم شرط أن تبقى بعيدة عن نسبة الـ90 في المائة، علماً بأن العثور على كمية قليلة من اليورانيوم المخصب بنسبة عالية جداً يدل على أن طهران تمتلك التقنيات الضرورية لذلك.

لا تتوقف الأمور عند هذا الحد. فالوكالة الدولية تعترف على لسان مديرها رافاييل غروسي، بأنها «غير قادرة» على تأكيد سلمية البرنامج النووي الإيراني، إذ إنها «محرومة» من الاطلاع على شرائط كاميرات المراقبة المنشورة في المواقع النووية، بعد أن عمدت طهران إلى حجبها عن مفتشي الوكالة وربطت الإفراج عنها بالتوصل إلى اتفاق جديد.

بيد أن المفاوضات التي أفضت قبل الصيف الماضي، إلى مسودة اتفاق متكامل توقفت، ومع الحرب الروسية على أوكرانيا واصطفاف طهران إلى جانب موسكو ومدها بالمسيرات (وربما أيضاً بالصواريخ الباليستية) غاب الملف، واهتمام الوكالة والغربيين بمصير محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية، جعل الملف الإيراني يتراجع.

برنامج إيران للصواريخ الباليستية من بين أسباب انسحاب ترمب من الاتفاق النووي (أ.ف.ب)

ويبدو أن المقترح الأميركي القاضي بإبرام اتفاق مؤقت مع إيران يقضي بامتناعها عن الارتقاء بالتخصيب لما فوق 60 في المائة، مقابل رفع جزء من العقوبات عنها لا مستقبل له.

هكذا، فإن الأسابيع الفاصلة عن اجتماع محافظي الوكالة سيشهد عملية «شد حبال» بين الغربيين وإيران التي تهدد في حال تفعيل آلية «سناب باك» بإجراءات مضادة قد تصل إلى تسريع البرنامج النووي أو حتى الخروج من معاهدة حظر الانتشار، كما فعلت كوريا الشمالية سابقاً، ما يعني أن الملف مفتوح على كل الاحتمالات بما فيها العسكرية.



كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.