«حشرات سوداء»... قصص ترصد هموم النساء

«حشرات سوداء»... قصص ترصد هموم النساء
TT

«حشرات سوداء»... قصص ترصد هموم النساء

«حشرات سوداء»... قصص ترصد هموم النساء

اختار الكاتب المصري علي حسن طريقاً غير تقليدية في مجموعته القصصية الجديدة «حشرات سوداء» الصادرة عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، حين جعل محور قصصها العشر يدور حول «ثيمة» واحدة؛ هي تجليات المرأة وهمومها ومشاعرها وأزماتها المختلفة، عبر أجواء قد تختلف في التفاصيل والأمكنة والمراحل العمرية، لكنها تتفق في شيء واحد هو تعاطف المؤلف مع حواء من منطلق إنساني جمالي بحت.

لم يقتصر تميز المجموعة على «وحدة الموضوع»، بل تمثل في براعة المؤلف/الرجل في تقديم سردية شعورية عميقة تنفذ إلى روح المرأة عبر عدد من الحكايات التي تصور قسوة الواقع الضاغط عليها ومعاناتها وهى تبحث عن لحظة بهجة وسط مرارة الأيام. هذه امرأة ينتهي زواجها «دون ضجيج» من طبيب فاشل، وتلك أرملة تستعيد ذكرياتها القديمة مع زوجها الراحل حيث مزهريات البيت تتحول إلى أشباح، وبينما تربط أخرى مصيرها بمصيرٍ مجهول لشجرة وحيدة في الخلاء، تعاني رابعة من آثار العنف الجسدي الذي التهم أنوثتها.

ولا يشير اسم المجموعة «حشرات سوداء» إلى كائنات مزعجة بمعناها المادي المباشر، بل يأتي تعبيراً مجازياً عن الخوف الذي يأكل الروح والرؤية السوداوية التي تجعل عديداً من الشخصيات تنسحب من المجتمع وتلوذ بمساحات داخلية كانت تتصور أنها آمنة. وتلعب الأمكنة دوراً في تكثيف شعور الشخصية بأنها محاصرة، كما في وصف البطل للمدينة والبحر بالقول: «بحر عميق، شاطئ ملعون، غيوم، أفواج من الصيادين، فضاء أسود».

إهداء المجموعة جاء لافتاً ومؤثراً؛ إذ يقول المؤلف: «ستة وثلاثون عاماً عمر الغياب، أصنع من الترقب ملحمة بائسة، أنتظر عودتك في المساء فلا تجيء. أبي، ما زال زئيرك على سريرك يضرب مسامعي. أسد نادر يرفض الرحيل وهو يصارع الموت ليدافع عن عرينه، عن شبابه الأربعينيّ، أشباله، أحلامه عن ضحكة يتيمة لم تحضر بعد».

من أجواء المجموعة نقرأ

«لم أستحمّ منذ أسبوع تقريباً، فالصقيع قبل أن يضرب كل شبر في البيت الذي أعيش فيه وحيدة، قد أطاح بزهرة الروح فأصابها بالذبول وألقى جديده ثوباً من زغب قطنيّ ليدثّر جسداً يحتاج إلى ألف عام لكي يرتق جروحه ويرمم صدوعه. جسدي لا يحتاج إلى استحمام، بل يحتاج إلى لملمة بقاياه من فوق الأرائك والسرير البارد والتقاط أشلائه من جوف المزهريات التي تنتشر في زوايا البيت كالأشباح وتجميع شتاته المختبئ تحت سجاد باهت الألوان».


مقالات ذات صلة

هل بات الكاتب مجرد «مفبرك بيانات»؟

كتب الذكاء الاصطناعي يقلب المقاييس

هل بات الكاتب مجرد «مفبرك بيانات»؟

كتب بعشرات الآلاف، باتت في متناول القراء، هي كلياً من إنتاج الذكاء الاصطناعي. عدد كبير آخر هجين، كتب بتعاون بشري وآلي، وما تبقى لا يزال بشرياً.

سوسن الأبطح (بيروت)
كتب عمر خالد... وكتابه

عمر العقاد: ما جدوى فن لا يدين الإبادة الجماعية؟

فيما يشيح العالم بوجهه عن المذبحة الرهيبة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وتجاهد حكومات الغرب لقمع الأصوات المؤيدة لفلسطين

ندى حطيط
ثقافة وفنون شاكر الناصري

«مجرد وقت وسيمضي»... سردية السرطان و«سرد الذاكرة»

كيف لنا أن نكتب عن أمراضنا؟ المتنبي المتفرد، دائماً، ترك لنا ما لم يتركه غيره في هذا المقام؛ فكانت قصيدته في وصف الحمى درساً مختلفاً

حمزة عليوي
ثقافة وفنون الإريتري أبو بكر كهال يسرد وجع الهجرة والشتات

الإريتري أبو بكر كهال يسرد وجع الهجرة والشتات

تسرد رواية «مراكب الكريستال» للكاتب الإرتيري أبو بكر حامد كهال، الصادرة حديثاً عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن في 66 صفحة من القطع المتوسط

«الشرق الأوسط» (عمَّان)
ثقافة وفنون ست قطع زخرفية من محفوظات المتحف الوطني السعودي مصدرها موقع الصناعية في تيماء

خزف من موقع «الصناعية» في واحة تيماء بالسعودية

تمتدّ واحة تيماء بين جبال الحجاز وصحراء النفود الكبيرة، وتُعرف بمعالمها الأثرية العديدة، وأشهرها موقع سُمّي «قصر الحمراء»، يطلّ على بحيرة منطقة «الصبخة»

محمود الزيباوي

رابطة الكُتّاب السوريين: لا للحرب الأهلية... لا لثنائية «نحن» و«هم»

رابطة الكُتّاب السوريين: لا للحرب الأهلية... لا لثنائية «نحن» و«هم»
TT

رابطة الكُتّاب السوريين: لا للحرب الأهلية... لا لثنائية «نحن» و«هم»

رابطة الكُتّاب السوريين: لا للحرب الأهلية... لا لثنائية «نحن» و«هم»

بمناسبة الأحداث الدامية الجارية في السويداء، أصدرت رابطة الكتاب السوريين بياناً دعت فيه إلى عدم الاحتكام إلى السلاح بين أبناء البلد الواحد، والذهاب نحو «حوار وطني جاد ومسؤول، لا يقوم على الإملاءات والانتقام، بل على الاعتراف المتبادل بحق الجميع في الكرامة والحياة السياسية الحرة».

وجاء في البيان: «في هذه اللحظة المصيرية من تاريخ سوريا، ومع ازدياد المؤشرات على انزلاق البلاد نحو أتون حرب أهلية، نرفع نحن، في رابطة الكُتّاب السوريين، صوتنا عالياً لنُعلن موقفاً لا لبس فيه: لا للحرب الأهلية. لا لمزيد من الدماء، لا لمزيد من الكراهية، لا لتمزيق ما تبقّى من النسيج السوري».

ودعا البيان، الذي صدر مساء أمس، إلى الابتعاد عن الخطاب التعبوي، والتسعير للنعرات، وتسويق ثنائية «نحن» و«هم»، فهو ليس إلا طريقاً معبّداً نحو هاوية لا عودة منه، و«إن الحرب الأهلية ليست قدَراً مكتوباً، بل خيار سياسي ومصلحي لقوى لا ترى في سوريا وطناً، بل ساحة صراع ونفوذ. وهي، كما علمتنا تجارب الشعوب، لا تُنهي الاستبداد، بل تستبدله بفوضى مسلّحة، تُجهز على ما تبقّى من مجتمع وروح وذاكرة».

كما استنكر بيان الكتاب السوريين بشدة القصف الإسرائيلي المتكرر على دمشق ومدن سورية أخرى، فهو «عدوان، مهما كانت ذرائعه، لا يمكن تبريره، ولا يجب القبول به أمراً واقعاً، بل يُضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تطال شعبنا منذ عقود، من الخارج كما من الداخل».

إن الخروج من هذا الوضع يتطلب، كما جاء في البيان، «الذهاب نحو حوار وطني جاد ومسؤول، لا يقوم على الإملاءات والانتقام، بل على الاعتراف المتبادل بحق الجميع في الكرامة والحياة السياسية الحرة. كما نؤكد أن الخروج من هذا النفق يبدأ من مسار العدالة الانتقالية، الذي يُنصف الضحايا، ويكشف الحقيقة، ويضع أسس المصالحة المجتمعية، لا التعايش القسري تحت فوهات البنادق».

وأكد البيان على أن معركة المثقفين السوريين ليست مع طائفة، ولا مع جماعة، بل «مع الظلم، أياً تكن يدُه. وإنّ من يُشعل نار الحرب الأهلية، تحت أي شعار، لا ينتمي إلى المستقبل، بل إلى كهوف الحقد والتدمير الذاتي».