مجلة «المسرح»: جيل جديد من مخرجي المسرح الإماراتي

مجلة «المسرح»: جيل جديد من مخرجي المسرح الإماراتي
TT
20

مجلة «المسرح»: جيل جديد من مخرجي المسرح الإماراتي

مجلة «المسرح»: جيل جديد من مخرجي المسرح الإماراتي

صدر حديثاً العدد (66) من مجلة «المسرح» عن دائرة الثقافة في الشارقة لشهر مارس (آذار) 2025، ويضم مجموعة متنوعة من المقالات والحوارات والمتابعات والقراءات حول أبرز الأحداث المسرحية عربياً ودولياً. وتصدَّرت العدد شهادات تثمين وتقدير لعدد من الفنانين والأكاديميين المسرحيين الجزائريين لجهود حاكم الشارقة في دفع وتطوير مسيرة المسرح العربي.

في باب «مدخل» تم تسليط الضوء على أجواء الدورة الرابعة والثلاثين من «أيام الشارقة المسرحية»، التي نظَّمتها دائرة الثقافة في الشارقة خلال الفترة من 19 حتى 26 فبراير (شباط) 2025، وتضمَّن الباب ذاته إفادات حول الحضور المتميز للجيل الجديد من مخرجي المسرح الإماراتي.

في باب «قراءات» مراجعات لعدة عروض مسرحية عربية، حيث كتبت سعيدة شريف عن «أدناس»، أحدث أعمال المخرج المغربي أحمد أمين الساهل، وقرأ محمد ناصر المولهي مسرحية «اصطياد» للمخرج الإماراتي مهند كريم، وتناول عواد علي مسرحية «آخر البحر» للتونسي الفاضل الجعايبي، وكتب حسام محيي الدين عن «رسائل» للمخرجة اللبنانية لينا عسيران، وحلل كمال الشيحاوي «في بطن الحوت»، جديد المخرجة التونسية الشابة مروي المناعي.

في باب «رؤى» كتب علاء الدين العالم عن مستقبل المسرح السوري، بينما كتب فهد كغاط عن مفهومَي الزمان والمكان في «المسرح الكوانتي». وخُصص باب «أفق» لرصد ومحاورة التجارب الشبابية التي باتت تتصدَّر المشهد المسرحي التونسي اليوم.

باب «حوار» ضمَّ لقاءً مطوَّلاً أجراه عبد الكريم حجراوي مع المخرج والكاتب السوري عجاج سليم، تحدث فيه عن بداياته وتكوينه الدراسي وتأثير المدرسة الروسية في توجهاته المسرحية، وحكى باسم صادق في باب «أسفار» عن رحلته إلى سلطنة عمان في إطار الدورة الماضية من مهرجان المسرح العربي الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح في مسقط.

في باب «مطالعات» قرأ لحسن احسايني كتاب «مدخل إلى المسرح من النشأة الغربية إلى التبيئة العربية» للباحث المغربي سعيد كريمي، وقدم باب «متابعات» رسالة اليوم العالمي للمسرح التي كتبها اليوناني ثيودوروس تيرزوبولوس وترجمتها لمياء شمت، وتغطية للدورة العاشرة من مهرجان خورفكان المسرحي.

في «رسائل» كتب كريم رشيد عن الأصداء التي حققتها المسرحية الإنجليزية «المحيط في نهاية الدرب» في السويد، وكتب نور الدين بالطيب عن مشاركة مؤسَّسة «ربع قرن» في الدورة السادسة من مهرجان «قرطاج لفنون العرائس»، بينما كتب بلال الجمل عن أوبرا جاني سكيكي التي قدمتها أوبرا القاهرة أخيراً.


مقالات ذات صلة

الروائي الكويتي هيثم بودي: «الملاحم» الخليجية كنز لم يكتشف بعد

ثقافة وفنون هيثم بودي

الروائي الكويتي هيثم بودي: «الملاحم» الخليجية كنز لم يكتشف بعد

تختزن في ذاكرتنا بالخليج العديد من السنوات الصعبة، التي لم تجد تصويراً مناسباً لها في الأعمال الأدبية، سنوات عرفت باسم المرض؛ كسنوات الجدري والطاعون والكوليرا،…

ميرزا الخويلدي (الكويت)
ثقافة وفنون الفن روح لا تموت

الفن روح لا تموت

كتب ليوناردو دافنشي عبقري الفنون الكلاسيكية ذات مرة: «الجسد الجميل يفنى، لكن العمل الفني الجميل لا يموت».

خالد الغنامي
ثقافة وفنون أر.إس . توماس

وصايا الشعراء... خرائط لمجاهيل القصيدة

نصائح الأدباء الذين أمضوا زمناً طويلاً في ممارسة الكتابة الإبداعية إلى الأجيال الشابة السالكة دروبَ الأدب حديثاً، في مؤداها، حديث الذات المرتد إلى تجربة...

كاظم الخليفة
ثقافة وفنون «سيرة الفيض العبثية»... الرواية بوصفها تأريخاً اجتماعياً

«سيرة الفيض العبثية»... الرواية بوصفها تأريخاً اجتماعياً

في روايته الأحدث «سيرة الفيض العبثية»، الصادرة عن دار «الفرجاني» في القاهرة، يسعى الروائي الليبي صالح السنوسي لتأريخ مرحلة تاريخية ممتدة في سيرة منطقة «الفيض»

عمر شهريار
ثقافة وفنون رواية عن الزنازين السورية

رواية عن الزنازين السورية

في عمله الروائي الجديد «جدران تنزف ضوءاً»، ينقل الكاتب السوري الكردي ماهر حسن القارئ إلى قلب الزنازين السورية، حيث يتحول المكان الضيق إلى عالم متكامل

«الشرق الأوسط» (برلين)

الفن روح لا تموت

الفن روح لا تموت
TT
20

الفن روح لا تموت

الفن روح لا تموت

كتب ليوناردو دافنشي عبقري الفنون الكلاسيكية ذات مرة: «الجسد الجميل يفنى، لكن العمل الفني الجميل لا يموت». عندما تذهب إلى المتحف وتنظر إلى قطعة فنية وتسلم روحك لها، فقد تشعر وكأنك في عالم آخر. لا تعرف كيف، ولا أين، لكنك قد يلفت نظرك أن التحف الفنية ليست جزءاً من هذا العالم المادي. إنها جمال يتجاوز عوالمنا الحسية، ويتجاوز عالم التكنولوجيا الذي أصبحنا مستعبدين له، شعرنا بذلك أو لم نشعر. مؤخراً تصالحت التكنولوجيا مع الفن من خلال الفن الرقمي، غير أن هذا لا يبدو كافياً. إننا نعلم أن عالم التكنولوجيا سيزول معنا حين نزول، وسيزول معنا عالمنا المليء بالضجيج. لسنا هنا لنعيش إلى الأبد. البشر وآلاتهم سوف يموتون. لكن لا موت في الفن، ولا موت لروحه الخالدة.

عندما يتحدث الناس عن الفن، فإنهم يقفزون إلى التفاصيل، فيسألون عن أول من أنجز عملاً فنياً مميزاً، ومن هم المبدعون في كل فن، وكيف أتتهم هذه الموهبة، وهل يمكن تعلمها. إنها أسئلة صادرة عن طريق «التفكير الحسابي» على حد وصف هايدغر. هذا النوع من الأسئلة لا يفيد كثيراً؛ لأنها تبدو كنقاش يدور في عقل تكنولوجي. عالم يسعى إلى تحديد وتعريف وترسيم كل شيء، كأنما هو في درس جغرافيا، يرسم التخوم. والتكنولوجيا غير مفيدة هنا، بل تكرس أسرنا للعالم الاستهلاكي، عالم العمل واللذة الحسية سريعة الانقضاء، ثم ما يتلو ذلك من شعور بالبؤس والنقص، في حين ينشغل الفن بوصف مظهر من مظاهر الوجود الإنساني، ويقدم حالة وجودية لا فكراً تعقلياً.

الفن هو العكس تماماً. الفن لا حدود له، ومن دونه لن تكون صورة العالم كما هي اليوم. إنه التعبير الأقوى عن الروح غير المادية. لدينا ثلاث وسائل للمعرفة: عالم العقل الذي يبدو متناقضاً، وسرعان ما ينقلب على نفسه، وعالم الحواسّ التي قال فيها أفلاطون ما قال، وعالم الحدس، وهو ما نشعر به في قلوبنا، ومن هنا نصل إلى الفن والتصوف.

الفن هو الأهم؛ لأنه يدوم لفترة أطول من كل القشور التي تحيط بنا، ومن كل نقاشاتنا البالية، وهو شيء حقيقي. في الفن نرى الموضوعات والأفكار تتكرر على مدار العديد من الأعمار. هذه الأفكار لا تنتمي إلى شخص واحد، ومع تطورها واختفائها وظهورها مرة أخرى، فإنها تذكرنا أنه بغض النظر عما يحدث في هذه اللحظة، فإن حياتنا على هذه الأرض ستكون دائماً جزءاً من شيء أكبر، شيء خالد. ما انكشف لنا قليل، ويمكن لأي عالم فلك أن يخبرك أن ما نعرفه عن الكون يُعتبر جزءاً ضئيلاً مما لم يُكتشف بعدُ. لذلك نجد الفن وهو يحاول أن يلهمنا الرغبة في الخروج، والعثور على شيء جديد، ويسلط الضوء على ما لا نعرفه.

الموسيقى بعيدة بعض الشيء عن هذا. لكن هناك قاعدة تقول إنه لا وجود لموسيقى «أصيلة». كل الموسيقيين يستعيرون أشياء ممن كانوا قبلهم. يعلم المهتمون بتاريخ الفن أن بيتهوفن استعار أفكاراً من موزارت. وحتى بعد وفاته، ظل تأثير موزارت واضحاً في أعمال بيتهوفن، وقد نسخ بيتهوفن مقطعاً من سيمفونية موزارت الأربعين في دفتر الرسم الذي كان يستخدمه عند تأليف سيمفونيته الخامسة؛ إذ تبدأ حركته الثالثة بلحن مشابه للحن موزارت. وموزارت بدوره - بحسب بعض خبراء الموسيقى - استعار، وكذا باخ.

مع ترددٍ في إطلاق ذات الحكم على الجاز، فالجاز موسيقى تفسيرية عظيمة، وفيها لا يستعير الموسيقي بوعي كما يفعل الموسيقيون الآخرون. إنها تقوم بصورة جوهرية على الارتجال. ويكمن جمال الارتجال في أنه يتيح للفنان أن يقوم بأي شيء. لا يعرف ماذا سيعزف، وهنا يأتي دور الحدس، ويترك له الدور للقيام بالعمل، في حالة استسلام ليست كاملة. يمكن أن يقال إن العمل يصبح مشتركاً بين الإنسان والآلة، والإنسان لا يفكّر بتاتاً فيما سيصنع في اللحظة المقبلة. فِعل ولا فِعل في نفس الوقت. تماماً مثل من يُمسك بالقوس ويشدّ الوتر ويترك السهم يخرج في لحظة من غياب الإرادة الإنسانية الواعية، فيصيب الهدف.

عندما يعزف الفنان على المسرح، فإنه يرغب في أن يترك عقله حراً تماماً. الإبداع الجديد للفنان أعظم من كل المهارات التقنية والنوتات والمواضيع. هذا لا يعني أن النوتة أو الأغنية ليست مهمة، فهو يحتفظ بها في مؤخرة ذهنه حيث تُخزّن أشياء أخرى كثيرة. النوتة مفيدة للعمل، لكنها مجرد عنصر آخر يمكن استدعاؤه أثناء العزف.

هكذا تتجلى روح الفن في الأداء عندما يتوقف العازف عن التفكير فيصبح مجرد أداة أخرى، عندما يترك الموسيقى تعزف نفسها بنفسها. ليست مجرد الأغنية التي حفظها، بل كل الأغاني والتجارب التي خاضها في حياته وتخطر بباله. وهكذا عندما تأتي الأشياء من دون تخطيط، يفاجئ الفنان كل الحضور، بل يفاجئ نفسه، فلا يكاد يصدّق أن هذا الإبداع قد خرج منه.

ليس في الأمر سرقة، بل ثمة تناسخ بين الفنانين؛ أي إن عازف الموسيقى يحمل في ذهنه الكثير مما سمعه سابقاً. يجمعها معاً، فتظهر في أسلوبه. أي تجارب مرّ بها، أو أشياء عزفها، يأخذها ويعجنها في ذاته، فتصبح شيئاً جديداً. وأساليب الفنانين في النهاية تتكون من حيوات متعددة، وهذه المادة المجموعة منها متاحة لجميع الموسيقيين والفنانين، إنها تراكم الحكمة. إنه السياق الذي يمنحنا إياه الفن، والذي يضع الحياة في منظورها الملائم.

* كاتب سعودي