قصائد لـ20 شاعراً حصلوا على أرفع الجوائز الأدبية

مختارات من الشعر الأميركي عن الحب والفقدان والولع بالطبيعة

قصائد لـ20 شاعراً حصلوا على أرفع الجوائز الأدبية
TT

قصائد لـ20 شاعراً حصلوا على أرفع الجوائز الأدبية

قصائد لـ20 شاعراً حصلوا على أرفع الجوائز الأدبية

عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، صدر كتاب «ولاؤهم للروح» ترجمة د. سارة حامد حواس، الذي يضم مختارات لعشرين شاعراً أميركياً تركوا بصمة مؤثرة وحازوا جوائز رفيعة في القرن العشرين.

في تقديمه للكتاب يشير الشاعر المصري أحمد الشهاوي إلى أن ترجمة سارة حواس ليست ترجمة جامعية أكاديمية ذات طابع تقليدي وجافّ أنجزتها أستاذة جامعية متخصصة في الأدب الإنجليزي، موضحاً أنها تخلَّت عن النهج الذي يسير فيه الأكاديميون الذين تصدوا لترجمة الشعر وجاء منجزهم مشوهاً ناقصاً.

وتوضح حواس في مقدمتها أنها عاشت رحلة ممتعة وشائقة قطعتها في ترجمة ستين قصيدة لعشرين شاعراً أميركياً متحققين وحائزين أرفع الجوائز الأدبية الكبرى ومنها «بوليتزر»، فهي لم تترجم قصائدهم فقط بل «عاشت وتوحدت معهم من خلال قراءتها المستفيضة عن حيواتهم وأشعارهم ومراحل تطورهم خلال رحلاتهم الشعرية».

كما حاولت فهم أي صعوبات مر بها هؤلاء وأي انتقادات واجهوها؟ وكيف استمروا وكافحوا للوصول إلى القمة ؟ وكيف كانوا يواجهون نواقصهم؟ وكيف عالجوها؟ وتصدوا للانتقادات التي كان من الممكن أن تثبط عزيمتهم حين أصروا على النجاح والاستمرار والتكيف مع الظروف ليصلوا إلى مبتغاهم في رحلاتهم الشعرية الثرية الملأى بالنجاحات والجوائز وأيضاً بالكثير من الإخفاقات؟

«لماذا الشعر الأميركي؟»

تقول حواس إنه بعد صدور كتابها «ثقب المفتاح لا يرى - عشرون شاعرة أميركية حائزات جائزتَي نوبل وبوليتزر»، أرادت أن تقدم مشروعاً لترجمة الشعر الأميركي لِمَا وجدت فيه من تجديد وحداثة في الموضوع وبنية القصيدة والأسلوب، كما أن «الشعراء الأميركيين متمرسون على الكتابة الإبداعية الخلاقة وابتكار أشكال شعرية جديدة لم يذهب إليها أحد قبلهم، بلغة ومفردات عصرية ومشاعر لم تتأثر بمادية المجتمعات الحديثة، بل حافظت على حبها الفطري للطبيعة والجمال الإلهي والتأمل في كل ما يحيطنا والاهتمام بالتفاصيل العادية اليومية «غيمة تحمل كثيراً من الأسرار، وقطة تعبر طريقاً، وعنكبوت عالق في مبنى عتيق».

قصائد تحمل الكثير من الجمال والإبداع الذي لم يحظَ بالكثير من الاهتمام حتى في المراحل الدراسية الجامعية في عالمنا العربي، إذ إن التركيز يكون موجهاً دائماً إلى الشعر الإنجليزي، وذلك لا يعني التقليل من أهمية الأخير الثقافية والإبداعية والفكرية، بقدر ما يعني حب التنوع في المدارس الشعرية.

ومثلما فعلت في كتابها «ثقب المفتاح لا يرى» وقع اختيارها على عشرين شاعراً أمريكياً مكرساً هم: بول مولدون، وجون أشبري، وبيتر بلاكيان، وجريكو براون، وجون بيريمان، وجاري سنايدر، وتشارلز رايت، ويوسف كومنياكا، وأرشيبالد ماكليش، وويليام كارلوس، ويليامز، وتيد كوزر، وكونراد أيكن، ومارك ستراند، وويليام ستانلي مروين، وويليام موريس ميريث جونيور، وريتشارد ويلبر، وريتشارد إيبرهارت، وروبرت هاس، وأخيراً ولأول مرة في تاريخ الشعر في العالم يفوز أب وابنه، جيمس رايت الأب وفرانز رايت الابن، بنفس الجائزة الكبيرة «بوليتزر» وهما مَن يختتمان الكتاب الذي يتبع ترتيباً زمنياً من الأقدم إلى الأحدث.

ثيمات متنوعة

تنوعت الثيمات التي تناولها الشعراء في قصائدهم مثل الحب والفقدان والولع بالطبيعة والتأمل واليأس والإحساس بالظلم، ومنهم الشاعر والناقد وليام كارلوس ويليامز الذي وُلد في «رذرفورد» بولاية نيوجيرسي، عام 1883 والذي كان يكتب بأسلوب يُعرف باسم «الأسلوب التصويري» معتمداً على خلق صور ذهنية غير مباشرة. مُنح ويليامز جائزة بوليتزر 1963 عن ديوان «صور من بروجيل وقصائد أخرى» و«ميدالية الذهب في الشعر» من المعهد الوطني للفنون، كما تم إدراج منزله في السجل الوطني للأماكن التاريخية 1973.

ومن نماذج شعره، القصيدة التي تحمل عنوان «السلام على الأرض» ويقول فيها: «الرامي مستيقظ/ البجعة تطير/ الذهب ضد الأزرق/ السهم يرقد هناك/ صيد في السماء/ نم بأمان حتى الغد/ الدببة في الخارج/ النسر يصرخ/ الذهب ضد الأزرق/ أعينها تلمع/ نم نم بأمان حتى الغد».

أما الشاعر كونراد أيكن، فقد وُلد في سافانا بولاية جورجيا 1889، حيث تعرَّض لصدمة عنيفة في طفولته جراء مشاهدته حادثة إطلاق أبيه الرصاص على أمه. تلقى تعليمه في إحدى المدارس الخاصة قبل دخوله جامعة هارفارد العريقة، حيث زامل الشاعر الأميركي - البريطاني الشهير تي إس إليوت (1965 - 1888) وطوَّر صداقته به وعملا معاً في تحرير مجلة «أدفوكيت». وكان أيضاً محرراً مساهماً في مجلة «دايل». وفي هذه الفترة، ربطته صداقته مع الشاعر الأميركي الشهير إزرا باوند (1885 - 1972). أما عن مقالات أيكن التي جمعها في كتاب «شكوك»، 1919 و«أبجدية الناقد»، 1958، فقد تناولت الأسئلة التي أثارها التزامه بالأدب وسيلةً لفهم الذات.

ويمكن القول إننا أمام شاعر خاص يمتلك كثيراً من الموهبة والجمال، حيث اتسمت قصائده بالرومانسية والكلاسيكية معاً، كأننا «أمام شاعر كلاسيكي يُذكِّرنا برومانسية ويليام شكسبير في قصائده المليئة بالحب والهيام، وعذوبة توماس كامبيون في قصيدته الأشهر (كرز ناضج) والحب الأفلاطوني المتجلي في قصائد كريستوفر مارلو».

يقول كونراد أيكن تحت عنوان «كل الأشياء البهية»:

«ستنتهي/ ستأفل/ ستموت/ كل الأشياء الرائعة/ والشباب الذي ينفق بشجاعة الآن/ سيتوسل لأجل بنس واحد فيما بعد/ ستنسى النساء الجميلات سريعاً/ ستصير عصا الذهب رماداً/ عند موته سيتعفن أعذب اللحم والأزهار/ ستعشش أنسجة العنكبوت في أذكى الرؤوس/ عودي يا حبي الحقيقي/ عد أيها الشباب الجميل/ يمر الوقت ولا يبالي».


مقالات ذات صلة

10 آلاف ساعة صنعت من هيلين غارنر كاتبة

ثقافة وفنون دوايت غارنر

10 آلاف ساعة صنعت من هيلين غارنر كاتبة

لطالما حظيت روايات الكاتبة الأسترالية هيلين غارنر بتقدير كبير من الأشخاص الذين أثق بذوقهم. ومع ذلك، عندما كنت أبدأ بقراءة رواياتها كنت أرتد عنها

دوايت غارنر
ثقافة وفنون ديوان المتنبي... طبعة جديدة محققة

ديوان المتنبي... طبعة جديدة محققة

عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من «ديوان أبي الطيب المتنبي»، تحقيق وتعليق الأديب والدبلوماسي المصري د. عبد الوهاب عزام (1894-1956)

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
ثقافة وفنون سحر القارة السمراء بعيون صينية

سحر القارة السمراء بعيون صينية

عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، صدر كتاب «الناس في أفريقيا» الذي تعيد فيه الكاتبة الصينية جيا تشى هونغ اكتشاف سحر القارة السمراء وما تتميز به من طبيعة خلابة…

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
ثقافة وفنون رواية تونسية عن «الهرب المستمر من القدر»

رواية تونسية عن «الهرب المستمر من القدر»

صدر حديثاً عن «دار نوفل / هاشيت أنطوان» رواية «رأس أنجلة» للكاتبة التونسية إيناس العباسي، وفيها تروي حكاية شقيقتين تونسيتين تهاجران لأسباب مختلفة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون تأملات في العالم الأدبي لعبد الفتاح كيليطو

تأملات في العالم الأدبي لعبد الفتاح كيليطو

يتأمّل الكاتب والناقد المغربيّ صدّوق نور الدين العالَمَ الأدبيّ لعبد الفتاح كيليطو، الكاتب والروائيّ المغربيّ المعروف من خلال كتاب صدوق الجديد «القارئ والتأويل»

«الشرق الأوسط» (عمّان)

10 آلاف ساعة صنعت من هيلين غارنر كاتبة

دوايت غارنر
دوايت غارنر
TT

10 آلاف ساعة صنعت من هيلين غارنر كاتبة

دوايت غارنر
دوايت غارنر

لطالما حظيت روايات الكاتبة الأسترالية هيلين غارنر بتقدير كبير من الأشخاص الذين أثق بذوقهم. ومع ذلك، عندما كنت أبدأ بقراءة رواياتها كنت أرتد عنها مثل مركبة فضائية أخطأت في العودة إلى الغلاف الجوي للأرض. لا بد أن يكون لكل قارئ كاتب أو اثنان من هذا القبيل، كاتب أو اثنان يشعر بأنه يجب أن يُعجب بهما لكنهما لا يكونان كذلك أبداً. بدت أعمال غارنر، في قراءاتي الموجزة ركيكةً، ركيكة وتفتقر إلى الصقل.

والآن يأتي كتاب «كيف تُنهي قصة»، وهو كتاب بوزن ثقيل للغاية يجمع 3 مجلدات من مذكراتها اليومية من 1978 إلى 1998، بدءاً من منتصف الثلاثينات من عمرها. يقع هذا الكتاب في أكثر من 800 صفحة، وهو يضم كثيراً من مذكرات غارنر اليومية (دون صلة مباشرة). كدتُ أضع هذا الكتاب جانباً أيضاً لأنه يبدأ بداية مرتجلة ومترددة.

نقاد الكتب، مثل العاملين في مجال النشر، يبحثون دائماً عن عذر للتوقف عن القراءة. لكن بعد فترة من الوقت بدأتُ في الانسجام مع صوتها. وبحلول ربع الطريق، كنتُ غارقاً بين يديها تماماً. ويا لخطئي الفادح!

هذا الكتاب موجه إلى الانطوائيين، الحذرين والمتشائمين، غير المتيقنين من مظهرهم أو ذوقهم أو موهبتهم أو مكانتهم الطبقية. تمتلك غارنر صوتاً مثالياً للتعبير عن مخاضات القلق والضيق في وقت متأخر من الليل، بعضها أكثر هزلية من البعض الآخر. أسلوبها في النثر واضح وصادق ومقتصد؛ إما أن تقبله أو ترفضه، على الطريقة الأسترالية.

وهي في سردها من النوع الذي قد يُخطئ الناس في اعتبارها أحد العاملين في مهرجانات الكتاب. يتوجَّه الناس إليها على نحو مفاجئ ويسألونها: «ما الخطب؟» (وهذا أمر أكرهه بصورة خاصة أيضاً). وهي تخشى على آداب المائدة. يقول لها المصورون أشياء مثل: «إن هيئة وجهك ليست هي الأفضل».

إذا سبق لك أن نظرت إلى صورة فوتوغرافية لنفسك وشعرت بالذهول من قبح مظهرك، حسناً، إن غارنر هي صاحبة السبق في هذه التجربة:

* لقد عرضت عليّ بعض الصور التي التقطها لي العام الماضي وصُدمت من قبح مظهري: بشرة مرقطة، ووجه مجعد، وقَصة شعر قبيحة، وتعابير داكنة. أعني أنني صُدمت للغاية. وذعرت من احتمال أن أكون بمفردي الآن لبقية حياتي.

يمتد إحساسها بعدم الجدارة إلى كتاباتها الخاصة. تقول: «أنا مجرد حرفية ذات مستوى متوسط». و«الحزن ليست كلمة قوية للغاية لما يشعر به المرء أمام ضعفه وتواضعه». إنها تحارب مستويات من «متلازمة المحتال» من الدرجة الفائقة للغاية.

احتفظ الكُتّاب بمذكرات لأسباب لا تُعد ولا تُحصى. تمنت آناييس نين أن تتذوق الحياة مرتين. وكانت باتريشيا هايسميث تتوق إلى توضيح «الأمور التي قد تهاجم ذهني وتحتل مُخيلتي». كما أرادت آن فرنك أن تستمر في الحياة بعد موتها. وشعرت شيلا هيتي بأنها إذا لم تنظر إلى حياتها من كثب فإنها تتخلى عن مهمة بالغة الأهمية.

تلك هي غرائز غارنر أيضاً. لكنها تقول أيضاً وبكل افتتان: «لماذا أكتب هذه الأشياء؟ جزئياً من أجل متعة رؤية القلم الذهبي يتدحرج على الورق كما كان يفعل عندما كنت في العاشرة من عمري». كانت هذه الكتابة تخدم غرضاً أكثر جدية. إذ قالت غارنر ذات مرة لمجلة «باريس ريفيو»: «المذكرات اليومية هي الطريقة التي حوَّلتُ بها نفسي إلى كاتبة - تلك هي الـ10 آلاف ساعة خاصتي».

تتألق تفاصيل حياتها اليومية دوماً في هذا الكتاب - النباتات المزروعة في الأصص التي تنمو إلى جانبها، ورحلات التسوق («كيمارت، ومنبع كل الخير»)، وحفلات العشاء، وغسل ملابسها الخاصة في دلو، وإزالة فضلات الكلب، وإصلاح التنورة، والذهاب إلى السينما، والاحتفاظ بنسخة من كتاب «الفردوس المفقود» في الحمام الخارجي. تعيش أحياناً في شقق صغيرة في المدينة، وأحياناً أخرى في منزل ريفي حيث ترى الكوالا، والكنغر، والنسور، والكوكابورا.

هذا هو تقريرها عن إحدى وجبات تناول العشاء في الخارج: «في منزل الهيبيز لتناول العشاء، وجدت في شريحة الكيشي التي أتناولها عنصرين غريبين: عود ثقاب مستعمل وشعر. أخفيتهما تحت ورقة الخس وواصلنا الحديث».

حديثها الأدبي يتسم بالحماسة والبراعة: «تظل العاطفية تتطلع من فوق كتفها لترى كيف تتقبل الأمر. لكن (الانفعال)، على الرغم من ذلك، لا يهتم سواء كان أحد ينظر إليه أم لا».

إنها تقيّم منطقة الانفجار حول بعض الأمور المملة. عن عشاء مع أكاديميين، تكتب قائلة: «أعفوني من افتراض كبار السن الهادئ بأن أي شيء يقولونه مهما كان مملاً أو بطيئاً أو رتيباً يستحق أن يُقرأ وسوف يحظى بجمهور».

لا يحتاج هذا الكتاب إلى جرعة من الدراما، ولكن الجرعة تأتي لا محالة. بعد زيجتين فاشلتين، تدخل غارنر في علاقة مع كاتب صعب المراس ومتزوج، تدعوه باسم «ڨي». (إنه الروائي موراي بايل). وفي نهاية الأمر يتزوجان، وتزاحم احتياجاته احتياجاتها فتغلبها. ثم تشرع في الشعور وكأنها دخيلة في شقتها الخاصة. فهو الذي تحق له الكتابة هناك، بينما يجب عليها الذهاب إلى مكان آخر للعمل. إنه يغار من أي نجاح تحرزه بنفسها. فأيهما هو المضيف وأيهما الطفيلي؟

يبدأ الزوج علاقة غرامية مع امرأة أخرى، وهي رسامة، ويراوغ ويكذب. تتظاهر غارنر، لأشهُر، بأنها لا تلاحظ ذلك. وتتشبث به لفترة أطول مما تتصور. ويصبح الأمر مروعاً. فعلاقتهما صارت الوعاء الذي تتكسر فيه عظامها حتى تستحيل إلى عجينة. وتكتب فتقول: «للمرة الأولى، بدأت أفهم نفسية النساء اللاتي يبقين مع رجال يضربونهن باستمرار».

العمل هو خلاصها وجسرها إلى العالم. خطتي هي أن أعود إلى كتبها الأخرى، وأن أخوض فيها هذه المرة لما هو أبعد من حجم كاحلي.

*خدمة «نيويورك تايمز»