عودة الراحلين في معرض القاهرة الدولي للكتاب

بينهم يوسف وهبي وخيري شلبي ومصطفى ناصف وأسامة أنور عكاشة

عودة الراحلين في معرض القاهرة الدولي للكتاب
TT

عودة الراحلين في معرض القاهرة الدولي للكتاب

عودة الراحلين في معرض القاهرة الدولي للكتاب

في نهاية يناير (كانون الثاني) من كل عام ينتظر القراء والكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب؛ الحدث الثقافي الأبرز، بكل ما يحمله من زخم ثقافي، وفعاليات فنية، وكتب جديدة يسارع الناشرون لتجهيزها وطباعتها لطرحها بالمعرض، وفي المقابل تتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى معرض افتراضي، إذ ينشط المؤلفون ودور النشر المختلفة في الإعلان عن كتبهم الجديدة، بأغلفتها الزاهية، وتمتلئ أجنحة دور النشر بحفلات التوقيع، ليلتقي القراء بمؤلفيهم المفضلين، يتحلقون حولهم، ويلتقطون الصور معهم، حيث يلعب الحضور الجسدي دوراً مهماً في بلورة علاقة حية من التواصل المادي الملموس بين المؤلف والقارئ؛ هذا الطقس الذي يتكرر سنوياً ويظل مبهجاً للقراء والكتاب.

ومع بدء الدورة السادسة والخمسين التي تنطلق غداً (الخميس) وتستمر فعالياتها حتى 5 فبراير (شباط) المقبل، يعيش المعرض ظاهرة لافتة قلما تتوافر في دوراته السابقة، وهي وجود كتب جديدة لن يتمكن مؤلفوها من رؤية أغلفتها وملامسة أوراقها، ولن يقيموا لها حفلات توقيع، فلن يحضروا بأجسادهم بين القراء، وذلك عقب لجوء عدد من دور النشر، الحكومية والخاصة، لإصدار كتب جديدة لمؤلفين راحلين من كبار الكتاب والرموز الأدبية والفنية، بعض هذه الكتب ينشر للمرة الأولى، وبعضها يعاد طبعه بعد نفاد طبعاته السابقة، ومعظمها مرشح لخطف الأضواء، حتى من كتب المؤلفين الأحياء، نظراً لأهميتها الكبيرة، أو لأسماء المؤلفين الراحلين الراسخة في مجالاتها، والذين يشاركون بإبداعهم من موقعهم في العالم الآخر.

ناصف والعطار: في مرايا النقد والحداثة

من الأسماء المهمة التي سيكون لها حضور قوي في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، الناقد والمفكر والأكاديمي الراحل مصطفى ناصف (1921 - 2008)، وهو أحد أهم النقاد العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، إذ تعاقدت الهيئة المصرية العامة للكتاب على نشر أعماله، كواحد من أبرز الداعين إلى تجديد مناهج النقد العربي عبر عملية جدلية تضع في حسبانها علاقة الذات العربية بكل تراثها الثقافي والفكري المتراكم، مع الآخر الغربي بكل إنتاجه الفكري والفلسفي. فكان ينظر إلى مناهج الحداثة الغربية بعين عربية فاحصة، تلتقط الصالح منها وتتجنّب كل ما يتنافى مع الخصوصية الحضارية للثقافة العربية.

ووفقاً هذا التعاقد، نشرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن إصداراتها لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، عدة كتب للناقد الراحل، منها «الصورة الأدبية»، و«نظرية المعنى في النقد العربي»، و«مسؤولية التأويل»، و«لعبة الكتابة».

من مصطفى ناصف، أحد أشهر أساتذة الأدب في جامعة عين شمس، إلى الأكاديمي البارز والمترجم الراحل سليمان العطار (1945 - 2020) الأستاذ في كلية الآداب جامعة القاهرة، استمر اهتمام الهيئة المصرية العامة للكتاب بإعادة نشر الفكر الأكاديمي والبحثي الرصين، وتعاقدت على إصدار الأعمال الكاملة له، كأحد أبرز المفكرين والمثقفين المصريين، بفكره المتميز العميق وأسلوبه النقدي، واهتمامه الخاص بقراءة التراث، وكان للخيال مكانة خاصة في فكره، واعتبره أداة للخلق المعرفي والابتكار، فدرس نظرية الخيال عند ابن عربي، في كتابيه «الخيال والشعر في تصوف الأندلس»، و«الخيال: النظرية والمجالات عند ابن عربي». كما ترجم العطار أعمالاً أدبية عالمية مثل «مائة عام من العزلة» لغابرييل غارسيا ماركيز، و«دون كيخوتي» لثرفانتس، فضلاً عن أن له كتابات إبداعية، مثل رواية «سبعة أيام»، ورواية «عصابة سرقة الآثار» ومجموعة قصصية «النساء لن تدخل الجحيم».

خيري شلبي... حكايات لا تموت

ومن الفكر النقدي والبحث الأكاديمي، إلى الخيال الأدبي، إذ يشارك في المعرض الروائي الكبير الراحل خيري شلبي (1938 - 2011)، أحد أهم روائيي جيل الستينات، الذي رحل عن عالمنا منذ 13 سنة تقريباً، لكن ما زالت في أدراجه أعمال لم تنشر، وعكفت أسرته على جمع مقالاته وكتاباته المتناثرة في عدد من الصحف والمجلات، ونشرها لأول مرة في عدة كتب هذا العام، وسينشر في المعرض، حسب نجله زين العابدين خيري شلبي، كتاب عن فؤاد حداد، وقد كتب عنه شلبي عشرات المقالات، تم جمع عدد منها في كتاب «القطب الأكبر»، ويصدر عن «دار غايا».

يضيف زين: «هناك كتب أخرى جديدة سوف تصدرها تباعاً (غايا)، ومنها كتاب (أساتذتي)، وهو تجميع لمقالات الراحل عن كبار الكتاب الذين كتب عنهم أكثر من مرة، مثل نجيب محفوظ وطه حسين وتوفيق الحكيم ويحيى حقي. أما الكتاب الثالث (منازل العاشقين)، فيجمع مقالاته في الثقافة الإسلامية والتصوف، بعضها سبق نشره في كتيبات صغيرة، وبعضها نشره في سلسلة مقالات بمجلة (الإذاعة والتليفزيون)، حيث كان يعمل صحافياً بها، ولم تنشر في كتب من قبل. في حين أن الكتاب الرابع (في وداع الأحباب) يصدر في جزأين، ويضم مقالات الرثاء التي كتبها شلبي في وداع الكتاب والفنانين والمثقفين وغيرهم ممن رحلوا وعاصر هو رحيلهم، أو ممن تذكرهم في ذكراهم، وهذه المقالات أيضاً كانت منشورة بشكل متفرق في مجلة (الإذاعة والتليفزيون)، ولم يسبق جمعها في كتاب».

ويضيف زين أن هناك أيضاً سبعة كتب، تصدر عن دار «بيت الحكمة»، تجمع أغلب بورتريهات شلبي التي كتبها في مجلة «الإذاعة والتليفزيون» وصحف أخرى، واخترنا البورتريهات المكتوبة عن المصريين، وجمعناها في كتاب «أعيان مصر»، وهو العنوان الذي وضعه الراحل لبعض مقالاته هذه، ولم يسبق من قبل نشر هذه البورتريهات مجمعةً في كتاب بعنوان واحد، وهو ما تصدت له «بيت الحكمة» لنشره في سبعة أجزاء.

مذكرات عميد المسرح العربي

ومن الأدب إلى الفن، فقد أصدرت «دار المعارف» طبعة جديدة من مذكرات أحد أهم رموز الفن، عميد المسرح العربي يوسف بك وهبي (17 يوليو/تموز 1898 - 17 أكتوبر 1982) بعنوان «عشت ألف عام»، بعد نفاد طبعاته السابقة. وكانت مؤسسة «دار المعارف»، حسب مدير النشر فيها إيهاب الملاح، هي التي نشرت الطبعات المتعددة والمتعاقبة من هذه «المذكرات»، وأعادت إصدارها أكثر من مرة، كانت آخر طبعة كاملة منها في عام 1976، في ثلاثة أجزاء؛ وأقبل عليها القراء، ما دفع «دار المعارف» آنذاك إلى إصدار طبعات جديدة منها في غضون فترات زمنية قليلة. وطوال ما يقرب من أربعة عقود كاملة، اختفت المذكرات تماماً، ولم تعد متاحة سوى بنسخ مفردة وقليلة جدّاً لدى باعة الكتب القديمة.

وفي سنة 2021 صدر الكتاب في طبعة كاملة بمجلد واحد يضم الأجزاء الثلاثة مجتمعة، منذ آخر طبعة صدرت عنها بين عامي 1976 و1982، وتضم ملحقاً وافراً بالصور النادرة والفريدة لعميد المسرح العربي يوسف وهبي في أعماله المسرحية والسينمائية، قبل أن تصدر هذه الطبعة الأحدث من الكتاب بالتزامن مع الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب.

أسامة أنور عكاشة... «ظل لا يغيب»

الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة (1941 - 2010)، المعروف بأيقونة الدراما التليفزيونية، سيكون حاضراً في دورة المعرض هذا العام، لكن بأعماله القصصية الأولى، إذ بدأ الراحل مسيرته كاتباً للقصة القصيرة، قبل أن يتجه للدراما التليفزيونية التي أصبح أحد أعلامها الكبار، وقد جمعت ابنته نسرين أعماله القصصية في كتاب بعنوان «ظل لا يغيب»، يصدر عن دار «بيت الحكمة»، ويضم الكتاب الأعمال القصصية الكاملة للراحل، وهي ما نشره في مجموعتي: «خارج الدنيا» (1967)، و«مقاطع من أغنية قديمة» (1985)، والقصص التي يتضمنها كتاب «على الجسر» (2005)، بالإضافة إلى قصة لم تُنشر من قبل، هي «ظلٌ لا يغيب»، التي تُعد من بواكير أعماله، وتبدو فيها البذرة التي ستنمو بعد ذلك في مسيرته الدرامية الطويلة، ويُعد عنوانها علامةً على حضوره الدائم في الساحة الإبداعية.

صحيح أن هؤلاء المؤلفين وغيرهم من الراحلين الذين صدرت طبعات جديدة من أعمالهم، غادروا عالمنا، لكن الأفكار الحقيقية والرصينة لا تموت، وقادرة على تجديد ذكرى أصحابها، ليظل دائماً حضورهم مشعاً في الوجدان والتاريخ.


مقالات ذات صلة

صيد الأسود على وعاء معدني من سلطنة عُمان

ثقافة وفنون وعاء جنائزي من محفوظات المتحف الوطني العُماني

صيد الأسود على وعاء معدني من سلطنة عُمان

كشفت أعمال التنقيب الأثرية في سلطنة عُمان عن مجموعة من الأوعية المعدنية تعود إلى المرحلة الممتدة من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث للميلاد

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون رواية أردنية عن صراع الإنسان مع الزمن

رواية أردنية عن صراع الإنسان مع الزمن

تقوم الفكرة الأساسية في رواية «لون آخر للغروب» للكاتبة الأردنية هيا صالح، حول صراع الإنسان مع الزمن، وهو الصراع الذي من أسبابه الأساسية مفهوم السّلطة

«الشرق الأوسط» (عمان)
ثقافة وفنون بيرسيفال إيفيريت

بيرسيفال إيفيريت يقلب رواية مارك توين

بيرسيفال إيفيريت لم يقلبْ مارك توين رأساً على عقب، كما يدَّعِي العنوان، الذي لعبت دوراً في صياغته الرغبة في أن يكون لافتاً وجاذباً،

د. مبارك الخالدي
ثقافة وفنون صافي ناز كاظم تمزج السيرة الذاتية بالنقد

صافي ناز كاظم تمزج السيرة الذاتية بالنقد

تتميز نصوص الكاتبة المصرية صافي ناز كاظم بمذاق خاص من الحيوية والصدق والحرارة ينبع من مزجها الدائم بين السيرة الذاتية والرؤى النقدية

رشا أحمد (القاهرة)
ثقافة وفنون المترجم... شريك في الإبداع أم ظلّ مغيّب؟

المترجم... شريك في الإبداع أم ظلّ مغيّب؟

لماذا تتكرّر ظاهرة تغييب أسماء المترجمين عن أغلفة الكتب وصفحاتها الداخلية، وهل يعكس هذا تجاهلاً لدور المترجم في إعادة صياغة النصوص؟

هيثم حسين

صيد الأسود على وعاء معدني من سلطنة عُمان

وعاء جنائزي من محفوظات المتحف الوطني العُماني
وعاء جنائزي من محفوظات المتحف الوطني العُماني
TT

صيد الأسود على وعاء معدني من سلطنة عُمان

وعاء جنائزي من محفوظات المتحف الوطني العُماني
وعاء جنائزي من محفوظات المتحف الوطني العُماني

كشفت أعمال التنقيب الأثرية في سلطنة عُمان عن مجموعة من الأوعية المعدنية المزينة بنقوش تصويرية تعود إلى المرحلة الممتدة من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث للميلاد، منها وعاء عُرض ضمن معرض أقيم في ربيع 2023 بمتحف الفنون الجميلة في مدينة ليون الفرنسية، وحمل عنوان «رحلة إلى أرض اللبان». خرج هذا الوعاء المميز من مقبرة في ناحية من ولاية سمائل في محافظة الداخلية، تُعرف بناحية الباروني، وهو من القطع التي وصلت بشكل شبه كامل، وتزينه حلقة دائرية تصوّر فارساً يحمل رمحاً وسط ثلاثة أسود.

دخل هذا الوعاء المتحف الوطني العُماني في مسقط، وهو مصنوع من البرونز، على شكل زُبْدِيَّة يبلغ قطرها 16 سنتمتراً وعمقها 4.6 سنتمتر. يُزين وسط قاع هذه الزُبْدِيَّة نجم وردي يتكون من أربع شتلات بيضاوية مروّسة، تفصل بينها أربع شتلات دائرية. يستقر هذا النجم وسط إطار دائري تلتفّ من حوله أربعة حيوانات رباعية القوائم صُوّرت بشكل جانبي. يظهر صياد يعتلي دابة ضاع الجزء الأكبر من بدنها، غير أنها حافظت على رأسها، وهو على شكل حصان ظهرت ملامحه في وضعية جانبية بشكل كامل. يظهر هذا الصياد في وضعية مشابهة، ويبدو حليق الرأس، عاري الصدر، مرتدياً مئزراً بسيطاً يلتف حول حوضه وأعلى ساقيه.

نراه يمد ذراعه اليمنى إلى الأمام، ممسكاً بزمام حصانه، ويرفع يده اليسرى في حركة موازية، شاهراً رمحاً مسنوناً في اتجاه أسد ضخم يفتح شدقيه على اتساعهما، في مواجهة مباشرة مع الحصان. حدّد تكوين هذا الأسد بدقة تشهد لرهافة كبيرة في التنفيذ الحرفي. الجسم طويل، ومفاصله مجرّدة من التفاصيل، وأعضاؤه أربع قوائم مستقيمة، وذيل طويل وملتو، تعلو طرفه جمة بيضاوية.

تتكرّر صورة هذا الليث بشكل متطابق في الطرف المواجه، حيث تحضر بشكل معاكس، وبين الأسدين المتماثلين، يظهر حيوان ضاعت ملامحه بشكل شبه مبكر، وما تبقّى منها يُظهر أنّها تمثّل أسداً ثالثاً مشابهاً على الأرجح.

بين ظهر الفرس وظهر الأسد الذي يقف من خلفه، نرى ثعباناَ يلتوي عمودياً في الأفق. وفي الطرف المقابل، نرى ثعباناً مماثلاً يفصل بين الأسد المواجه للحصان والأسد الذي ضاعت صورته. يتبنّى هذان الثعبانان في تكوينهما طرازاً شاع خلال العصر الحديدي في نواحٍ عدة من شبه جزيرة عُمان، على مدى أكثر من ألف عام. وتشهد لهذا الشيوع عشرات الأفاعي المعدنية التي عُثر عليها في مقابر أثرية تتوزّع على مواقع تتبع في زمننا سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية.

في المقابل، يشكّل صيد الأسود الذي يزيّن هذا الوعاء مشهداً من المشاهد الحيوانية المتعدّدة التي تزيّن مجموعة من الأوعية المعدنية الجنائزية، كشفت عنها عمليات المسح والتنقيب المتواصلة في الكثير من المقابر الأثرية الخاصة بهذا الإقليم العُماني. تعود هذه الأوعية إلى المرحلة الممتدة من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث للميلاد، كما تشير اللقى المختلفة التي عُثر عليها في هذه المقابر، وتتميّز بنقوشها التصويرية التي يغلب عليها الطابع الحيواني بشكل شبه دائم. تحضر هذه النقوش في سلسلة من المشاهد تتغيّر ملامحها بين وعاء وآخر، غير أنها تتبع قالباً جامعاً يشكّل أساساً لها. ويتمثّل هذا القالب الواحد في نجم وردي مجرّد، تحيط به حلقة دائرية تصويرية تتغيّر عناصرها الحيوانية وتتبدّل.

يشابه مشهد صيد الأسود على وعاء سمائل مشهداً آخر على كسور من وعاء برونزي من موقع مليحة في الشارقة

خرج وعاء سمائل من محافظة الداخلية، حيث يقع الوادي المعروف بوادي سمائل بين سلسلتين من جبال الحجر، أولاهما سلسلة جبال الحجر الغربي، وقمتها الجبل الأخضر، وثانيتهما سلسلة جبال الحجر الشرقي، وقمتها جبل سمان. ونقع على أربعة أوعية عُمانية مزينة بنقوش حيوان تختلف مكوناتها بشكل كلّي عن مكونات نقش وعاء سمائل، ومصدر هذه الأوعية موقع عملا في ولاية عبري التابعة لمحافظة الظاهرة، وتبدو هذه المحافظة أشبه بسهل ينحدر من السفوح الجنوبية لسلسلة جبال الحجر الغربي، في اتجاه صحراء الربع الخالي.

يشابه مشهد صيد الأسود الذي يزيّن وعاء سمائل مشهداً يحضر بشكل مجتزأ على كسور من وعاء برونزي مصدره موقع مليحة في إمارة الشارقة، وفيه يظهر أسد في وضعية جانبية بين صيادَين ينقضان عليه. يرفع أحد هذين الصيادَين درعه في وجه الطريدة الوحشية، بينما يغرز رفيقه خنجره في مؤخرتها. كذلك نجد على طبق آخر مصدره موقع الدور في أم القيوين مشهداً من هذا الصنف، وفيه يظهر فارس يُطلق سهماً في اتجاه أسد ينتصب من أمامه، وفارس آخر يرفع رمحه في اتجاه أسد آخر يقف في مواجهة حصانه.تشهد هذه القطع الفنية لتقليد فني خاص بهذا الإقليم العُماني، ظهرت شواهده في العقود الثلاثة الأخيرة، وينقسم هذا التقليد كما يبدو فروعاً عدّة يجمع بينها أساس واحد. يمثّل نقش زُبْدِيَّة سمائل فرعاً من هذه الفروع، ويختزل جماليته بشكل بديع، تشهد له حرفية عالية في النقش المتقن والمرهف.