كلثم الكواري: في التراث كنوز ثقافية وعوالم لم تُكتشف بعدُ

الكاتبة القطرية تؤكد أن النقد العربي مقصر بشأن الإبداعات الخليجية

كلثم الكواري: في التراث كنوز ثقافية وعوالم لم تُكتشف بعدُ
TT
20

كلثم الكواري: في التراث كنوز ثقافية وعوالم لم تُكتشف بعدُ

كلثم الكواري: في التراث كنوز ثقافية وعوالم لم تُكتشف بعدُ

تعد الدكتورة كلثم الكواري صوتاً أدبياً متميزاً في المشهد الثقافي في قطر والخليج، قدّمت عدداً من التجارب اللافتة في مجال القصة القصيرة، برزت في مجموعاتها القصصية الصادرة، ومنها «أنت وغابة الصمت والتردد»، و«وجع امرأة عربية»، و«إيقاعات للزمن الآتي»، كما صدر لها في مجال النقد الأدبي «أوراق ثقافية... دراسة أدبية»، و«بيارق على مرافئ الإبداع»، و«دورة الحياة في تقاليد المجتمع القطري»... حصلت مؤخراً على جائزة «كتارا» عن روايتها «فريج بن درهم».

هنا حوار معها حول روايتها الفائزة بالجائزة وهمومها الأدبية:

* حصلتِ مؤخراً على جائزة «كتارا» للرواية العربية فئة «الرواية القطرية» عن روايتك «فريج بن درهم»، كثيرون لاحظوا أن هذه الرواية تجسّد حياة القطريين في خمسينات وستينات القرن الماضي، مع أن الجيل الحالي لم يشهد تلك المرحلة... هل هي شكل من «النوستالجيا»، أو الحنين إلى ماضٍ مثالي؟

ــ يمكن القول إنه إلى جانب أن هذه الرواية تشكّل الحنين إلى الماضي، فإنها في الوقت نفسه تحاول ربط ذلك الماضي بكل معاناته، بالحاضر بكل مكتسباته، ومن حق الأجيال الجديدة أن تعرف كيف كنا وإلى أين أصبحنا، وهذا جزء يسير من المعاني التي تريد الرواية نقلها إلى المتلقي، ليفهمها وفق ثقافته ووعيه، وهو الشريك الذي لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة للكاتب والكتاب.

* برأيكِ، لماذا يلجأ الروائيون الخليجيون «تحديداً» للعودة للماضي لبناء نصوصهم الروائية؟ هل صحيح أن التراث يمثل حصناً للشعور بالأمان وسط قلق التحولات السريعة في الحاضر؟

ــ ما زلتُ أرى في التراث كنوزاً ثقافية وفيرة، وعوالم لم تُكتشف بعدُ في عالم الإبداع، ويمكن القول إن الشعر، بخاصة الشعبي منه، قد سبق كل الفنون الكتابية والبصرية في القرب من عوالم التراث، وهو لا يمثل فقط حصناً منيعاً للشعور بالأمان وسط قلق التحولات كما يقول السؤال، ولكنه أيضاً مصدر إلهام لا ينضب معينه لكل المبدعين وفي جميع الفنون.

* هل كانت بطلة الرواية «فرحة» تمثّل صوتك في وجه معاناة المرأة وسط مجتمع ذكوري؟

ــ لستُ «فرحة» بطلة الرواية، لكني لا أعلن غيابي الكلي عن مكونات شخصيتها، وفيها ملامح من تفكيري ومواقفي تجاه المجتمع والناس، لكني لا أزعم شرف تقمّص هذه الشخصية، والكاتب الروائي كما أظن يستطيع تطويع شخصياته الخيالية لتكون جزْءاً من الواقع، أو هي الواقع كما تبدو للقارئ.

* هل صحيح أن لديكِ تجربة روائية لم تُنشر؟ كتبتِ في الستينات بعنوان: «وداعاً أيها الحب»، ما هي ظروفها؟ ولماذا لم تُطبع؟

ــ رواية «وداعاً أيها الحب» كُتبت في وقت مبكر من تاريخ علاقتي بالكتابة، وقد نُشرت مسلسلة في مجلة «العروبة» في أواخر ستينات وأوائل سبعينات القرن الماضي، وقد فُقدت الأعداد التي نُشرت فيها هذه الرواية، وأنا بصدد البحث عنها وإعادة نشرها في كتاب، بعد إعادة النظر في بعض فصولها شكلاً ومضموناً.

* لديكِ سجل من الكتابات السردية، ماذا وفّر لك السرد في مجال اللغة وتقنيات الكتابة؟ وهل كتابة القصة مقدمة لكتابة الرواية؟

ــ سأبدأ الإجابة عن السؤال من آخره... شخصياً لا أظن أن كتابة القصة كانت مقدمة لكتابة الرواية، صحيح أن كثيرين كتبوا القصة القصيرة قبل البدء في كتابة الرواية، لكن هناك أيضاً من كتبوا الرواية أولاً ثم القصة ثانياً، وهناك من كتبوا الرواية فقط دون أن يكتبوا القصة، أو كتبوا القصة دون أن يكتبوا الرواية. وبالنسبة لما وفّره السرد، فقد وفّر لي بالفعل رصيداً وافراً من مفردات اللغة التي ساعدتني بالتالي في التعرف على تقنيات الكتابة الروائية التي تعتمد أساساً على قوة اللغة باعتبارها حاضنة للنص، وبالتالي فإن جمال اللغة المكتسب يفضي إلى جمال النص الروائي وفق شروطه المتعارف عليها.

* لماذا تأخر ظهور الرواية في قطر؛ إذ يعود صدور الرواية القطرية الأولى «العبور إلى الحقيقة» للكاتبة شعاع خليفة إلى عام 1993؟

ــ من الناحية الفنية نعم، لكن من الناحية الشكلية هناك محاولات مبكرة لم يُكتب لأصحابها الاستمرار، وربما لو استمروا لوصلوا إلى درجة من النضج الفني تسبق هذا التاريخ، ومع ذلك فإن البداية الجادة كما ذكرت، كانت مع ظهور أعمال شعاع خليفة وأختها دلال خليفة.

* كيف تفسرين حضور المرأة في كتابة الرواية في قطر، حيث أصبحت شعاع خليفة وأختها دلال خليفة رائدتَي العمل الروائي في قطر، تلتهما الكاتبة مريم آل سعد، والدكتورة هدى النعيمي، والدكتورة كلثم جبر، وشمة الكواري، وأمل السويدي، وغيرهن؟

ــ هناك أيضاً أسماء كثيرة أكدت حضور المرأة في كتابة الرواية في قطر، لكن هذا لا ينفي وجود الرجل على الساحة الروائية، ولا توجد أسباب جوهرية تفسر هذه الظاهرة سوى أن الرجل كان مشغولاً بالتحولات الاقتصادية والتحديات التنموية، وهي أمور في رأيي لا تأخذ حيزاً كبيراً من تفكير المرأة التي انصرفت لبناء الذات دون أن تتخلى عن دورها في بناء المجتمع، فنالت الكتابة الإبداعية اهتماماً أكثر من المرأة، أما الكتابة الفكرية والمساهمة في تقويم مسار التنمية فكانت من نصيب الرجل أكثر.

* هل هناك سمات مشتركة للرواية القطرية؟ وما الذي يمكن أن يجعل منها رواية عربية أكثر من كونها محلية؟

ــ الرواية القطرية جزء من الرواية العربية، وُلدت في ظلها وتحت هيمنتها، لكنها سرعان ما وصلت إلى مستوى المنافسة مع الرواية في بقية الدول العربية، فهي عربية في الأصل، وإن انشغلت بالشأن المحلي في بداياتها، لتنطلق بعد ذلك إلى الشأن الإنساني العام.

* كيف توظفين الثقافة القطرية الخليجية في أعمالك؟

ــ كتبت ولا أزال أكتب عن الثقافة القطرية والخليجية من خلال مقالاتي الصحافية، لكن لستُ معنية بتوظيف الثقافة القطرية والخليجية في أعمالي الإبداعية، نعم قد تظهر هذه الثقافة في أعمالي الإبداعية، ولكن بشكل عفوي وغير مقصود، وبإمكان القارئ أن يكتشف هذه المؤشرات من خلال وعيه الذاتي بالنص.

* هل ترين أن هناك تحديات في التعبير عن هوية خليجية متميزة في الأدب؟

ــ التحديات موجودة أمام كل عمل إبداعي سواء ما يتعلق بالهوية أو غيرها، وذكاء المبدع وقدرته على تطويع أدواته الفنية... كل ذلك كفيل بتجاوز تلك التحديات.

* ما رأيكِ في الآراء التي تنتقد الأدب النسائي في الخليج على أساس أنه أدب يعبر عن قضايا خاصة؟ وهل ترين أن الأدب النسائي قادر على التأثير في المجتمع؟

ــ مع الأسف، النقد العربي مقصر حيال الأعمال الإبداعية الخليجية سواء على مستوى الأدب النسائي - إن صح التعبير - أو الأدب بصورة عامة، وفي رأيي أن الأدب الجيد هو المطلوب سواء كتبته امرأة أو رجل، وهو جدير بالنقد الموضوعي المنصف، والأدب لا يتجزأ، وهو قادر على التأثير في المجتمع إذا توفرت له حرية الرأي، ومناخ التفاعل مع الحراك التنموي العام على المستوى الوطني.



دراسة تبحث في «الشعر العُماني في العصر البوسعيدي»

غلاف كتاب (الشعر العُماني في العصر البوسعيدي)
غلاف كتاب (الشعر العُماني في العصر البوسعيدي)
TT
20

دراسة تبحث في «الشعر العُماني في العصر البوسعيدي»

غلاف كتاب (الشعر العُماني في العصر البوسعيدي)
غلاف كتاب (الشعر العُماني في العصر البوسعيدي)

يقدّم كتاب «الشعر العُماني في العصر البوسعيدي»، الذي صدر حديثاً، ويعرض حالياً في معرض مسقط الدولي للكتاب، من تأليف الباحث العماني الدكتور محمد بن سعيد بن عامر الحجري، دراسة لمرحلة مهمة من مراحل الشعر العربي في سلطنة عمان، وهي مرحلة الدولة البوسعيدية التي بدأت في عمان فعلياً عام (1162هـ/1748م)، متوقفاً في دراسته عند منتصف القرن 13 الهجري، منتصف القرن 19 الميلادي (1266هـ/1850م).

ومع أن هذه الدراسة تركز على الشعر العماني في العصر البوسعيدي، فإن نطاقها يتسع ليشمل ضمنياً حقولاً من التاريخ العام، وتاريخ الثقافة العمانية، وتاريخ الأدب عامة وليس تاريخ الشعر فحسب، وهو أمر توجبه حقيقة اتصال الشعر بمسارات الحياة السياسية والثقافية بطبيعة الأحوال.

أصل هذه الدراسة أطروحة علمية لنيل درجة الدكتوراه في قسم اللغة العربية بكلية معارف الوحي في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا. وصدر الكتاب عن النادي الثقافي في عُمان، ويقع في 550 صفحة من الحجم المتوسط؛ وفيه يصف الحالة الشعرية العامة وعلاقتها بالحالتين السياسية والثقافية، ويرصد إنتاج الأسماء الشعرية الأكثر تأثيراً ودواوينهم ومجاميعهم الشعرية، معتنياً بدراسة الظواهر الموضوعية والفنية التي تمثل خصائص الشعر، مركزاً تحليلاته على ثلاثة شعراء هم: سالم بن محمد الدرمكي، وهلال بن سعيد بن عرابة، وحميد بن محمد بن رزيق.

وتقع الدراسة في مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، فاتجهت بعض فصولها إلى البحث النظري بينما ركز الفصلان الثالث والرابع على تحليل النماذج الشعرية، لتخلص إلى نتائجها في الخاتمة التي تضمنت خلاصات الدراسة وتوصياتها، وكشفاً عن بعض الأسماء والنصوص الشعرية الجديدة، ونبهت إلى أهمية أسماء شعرية أخرى لم تُدرس من قبل، كما أضافت عدة ملاحق لتعزيز مادة البحث وتوضيحها.

الدكتور محمد بن سعيد الحجري خلال توقيع كتابه في معرض مسقط الدولي للكتاب (النادي الثقافي العماني)
الدكتور محمد بن سعيد الحجري خلال توقيع كتابه في معرض مسقط الدولي للكتاب (النادي الثقافي العماني)

الشعر العماني في العصر النبهاني

سبق للباحث الدكتور محمد بن سعيد الحجري أن أصدر دراسة في 535 صفحة من الحجم الكبير تحمل عنوان «الشعر العماني في العصر النبهاني»، وهي دراسة تركز على الشعر العماني في العصرين النبهاني واليعربي، ويتسع نطاقها ليشمل ضمنياً حقولاً من التاريخ العام، وتاريخ الثقافة العمانية، وتاريخ الشعر والأدب.

وبرأي المؤلف، فإن الدراسة تسعى إلى رصد حالة الشعر العماني في عصرين من أهم عصوره، العصر النبهاني والعصر اليعربي، وهما العصران الموازيان في الدائرة العربية العامة للعصرين المملوكي والعثماني، معتنيةً على وجه الخصوص بالظواهر التي وسم بها شعر هذين العصرين اللذين صنفا عند كثير من الباحثين على أنهما عصرا ضعف وجمود من الناحية الأدبية، فكانت الحالة الأدبية، انعكاساً لمجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية والفكرية في تلك المرحلة خصوصاً بعد سقوط بغداد عام 656هـ - 1258م.

ولم يكتفِ الباحث في هذه الدراسة برصد خاصيات كل شاعر على حدة بل عمد إلى إجراء مقارنات عدة بين النصوص ولميزاتها مركزاً على ظاهرتي الإبداع والاتباع، مما يعزز مكانة الدراسة مدونةً شعريةً للعصرين النبهاني واليعربي.