الكورية الجنوبية هان كانغ تحصد جائزة «نوبل» في الأدب

الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ (أ.ف.ب)
الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ (أ.ف.ب)
TT

الكورية الجنوبية هان كانغ تحصد جائزة «نوبل» في الأدب

الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ (أ.ف.ب)
الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ (أ.ف.ب)

مُنحت جائزة «نوبل» في الأدب لسنة 2024، الخميس، للكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ البالغة 53 عاماً، التي أصبحت الأولى من بلدها تنال هذه المكافأة المرموقة.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، أوضحت لجنة التحكيم في بيان أن هان كانغ التي تكتب قصائد وروايات باللغة الكورية، نالت الجائزة «عن نثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية، ويكشف هشاشة الحياة البشرية».

وكرّست هان كانغ نفسها للفن والموسيقى أيضاً، إلى جانب الكتابة، وهو ما ينعكس في مجمل نتاجها الأدبي.

ولاحظت الأكاديمية السويدية أن «أعمال هان كانغ تتميز بهذا التعرُّض المزدوج للألم، والتوافق بين العذاب العقلي والعذاب الجسدي، في ارتباط وثيق بالفكر الشرقي».

وقال رئيس لجنة «نوبل»، أندرس أولسون، للصحافيين إن الكاتبة المولودة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 في غوانغجو بكوريا الجنوبية، تتمتع «بوعي فريد بالروابط بين الجسد والروح، وبين الأحياء والأموات، ومن خلال أسلوبها الشعري والتجريبي، تُعتبر مبتكرة في مجال النثر المعاصر».

وحققت هان كانغ نجاحاً عالمياً بروايتها «ذي فيدجيتيريان» (The Vegetarian - أي «النباتية») عام 2007. ويصوِّر الكتاب المؤلّف من ثلاثة أجزاء العواقب العنيفة لرفض بطلة الرواية يونغ هاي أكل اللحوم، مما جعل محيطها ينبذها بقسوة.

إلا أن الرئيس السابق كيم داي جونغ الذي تولَّى السلطة بين 1998 و2003 سبقها عام 2000 إلى نيل جائزة «نوبل»، ولكن تلك المخصصة للسلام، عن «جهوده من أجل السلام والمصالحة مع كوريا الشمالية».

في العام الماضي، نال «نوبل» في الأدب الكاتب المسرحي النرويجي يون فوسه.

وتبلغ قيمة الجائزة 11 مليون كرونة سويدية (1.1 مليون دولار).

-فيما يأتي لائحة بأسماء الفائزين بجائزة «نوبل» للأدب خلال الأعوام العشرة السابقة:

- 2024: هان كانغ (كوريا الجنوبية).

- 2023: يون فوسه (النرويج).

- 2022: أنّي إرنو (فرنسا).

- 2021: عبد الرزاق قرنح (مولود في تنزانيا ومقيم في بريطانيا).

- 2020: لويز غلوك (الولايات المتحدة).

- 2019: بيتر هاندكه (النمسا).

- 2018: أولغا توكارتشوك (بولندا).

- 2017: كازوو إيشيغورو (بريطانيا).

- 2016: بوب ديلان (الولايات المتحدة).

- 2015: سفيتلانا أليكسييفيتش (بيلاروسيا).

- 2014: باتريك موديانو (فرنسا).


مقالات ذات صلة

السويد تتهم إيران باختراق خدمة الرسائل النصية

شؤون إقليمية شاب سويدي من أصول عراقية يحرق نسخة من القرآن أمام مسجد في استوكهولم (أ.ف.ب)

السويد تتهم إيران باختراق خدمة الرسائل النصية

اتهمت السلطات السويدية جهاز «الحرس الثوري» الإيراني بالوقوف وراء اختراق خدمة الرسائل النصية، بهدف شنّ حملة تأثير تحض على «الانتقام» ممن حرقوا نسخاً من المصحف.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا مسافرون ينتظرون في طوابير بينما يبدأ طيارو شركة «الخطوط الجوية الاسكندنافية (SAS)» إضراباً بمطار «أرلاندا» بالقرب من استوكهولم بالسويد يوم 4 يوليو 2022 (رويترز)

طائرات مسيّرة تعطّل حركة مطار استوكهولم

توقفت حركة الطيران بمطار «أرلاندا» الدولي في استوكهولم لمدة ساعتين خلال ليل الأحد - الاثنين، بعدما دخلت 4 مسيّرات مجاله الجوي، وفق ما أعلنت الشرطة الاثنين.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم يتحدث لوسائل الإعلام خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي (أرشيفية – أ.ب)

وزير الخارجية السويدي يستقيل من منصبه ويعتزل السياسة

أعلن وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم، الأربعاء، أنّه قرّر الاستقالة من منصبه واعتزال العمل السياسي.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا اللاجئ العراقي سلوان موميكا يحمل نسخة من المصحف الشريف خلال احتجاج أمام السفارة العراقية في استوكهولم 20 يوليو 2023 (أ.ف.ب)

محاكمة رجلين في السويد بتهمة حرق نسخ من المصحف

قال ممثلو الادعاء في السويد، الأربعاء، إنه ستجري محاكمة رجلين أشعلا النار بنسخ من المصحف في سلسلة من الوقائع حدثت العام الماضي وأثارت غضب العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا طفل يعاني من جدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية (رويترز)

أول إصابة بـ«جدري القردة» خارج أفريقيا في السويد

في حين صنَّفت «منظمة الصحة العالمية» جدري القردة حالة «طوارئ صحية عالمية»، أعلنت السويد رصد أول إصابة خارج أفريقيا بالسلالة الجديدة من فيروس جدري القردة.

«الشرق الأوسط» (لندن - استوكهولم)

الجهل... أخطر وأكثر من مجرّد نقص في المعرفة

الجهل... أخطر وأكثر من مجرّد نقص في المعرفة
TT

الجهل... أخطر وأكثر من مجرّد نقص في المعرفة

الجهل... أخطر وأكثر من مجرّد نقص في المعرفة

سرد الفيلسوف اليوناني أفلاطون في كتابه «الجمهوريّة» حكاية الكهف الرمزيّة، التي ما لبثت أن أصبحت الصورة الأكثر شهرة عن «الجهل» في مجمل تاريخ الفلسفة.

وفي الحكاية، فإن الجهل مثل مجموعة من البشر تقطن في ظلام كهف تحت الأرض، مقيدة من الساقين والرقبة حتى تتعذر عليهم الحركة حتى لإدارة رؤوسهم، ولا تتوفر لديهم ذاكرة أخرى للحياة؛ لأنهم سُجنوا بهذه الطريقة منذ الطفولة. أمامهم، لا يرون سوى الظلال المتحركة التي تُلقيها أشياء غير معروفة لهم، مضاءة بنار متراقصة يخبرنا أفلاطون أنها تقع في مكانٍ ما خلفهم لا يمكنهم رؤيته.

هذه المجموعة من البشر التعساء لا تعرف شيئاً عن هذا العالم سوى تلك الظلال، ولا تسمع سوى أصداء من أصوات الحراس، الذين لم يسبق لهم أن رأوهم قط. وعلى هذه الحال يقضون أيامهم.

«الجهل» في هذا التمثيل المروّع ليس مجرد كهف مظلم فحسب، بل مأزق شديد ومحنة تامة عدّها أفلاطون أسوأ من السجن، وأبشع من العبودية، وأقرب إلى الموت، فيقول، مستعيراً من «الأوديسة» لهوميروس عند إشارته إلى الموتى الذين يقطنون في جحيم الآخرة، حيث يظلّ «من الأفضل أن تكون خادماً متواضعاً لسيد فقير، وأن تتحمل أي شيء في هذه الدنيا، بدلاً من أن تعيش وترى ما يرون». وبينما نتأمل هذا المأزق الأفلاطونيّ المحكم، ندرك أن غياب الحريّة - وفي الصورة هنا حجز الحركة الجسديّة - يحصر عالم تجربة البشر في لُجة الجهل العميق، ويمنع عنهم خوض تجارب جديدة تتيح لهم التعلم وتفتح أمامهم آفاقاً مغايرة لما عهدوه، فيعجزون عن فهم الأشياء، أو الانشغال بأمور ذات قيمة، أو تذوق أي قيمة من قيم الجمال.

إن الجهل يبدو، وفق أفلاطون، وكأنه نتاج العجز، على أن الجهلة، في حكايته، لا يدركون ولا يمكنهم أن يستوعبوا طبيعة محنتهم التي فيها يرزحون، إذ سيؤمنون في كل وقت بأن الحقيقة ليست سوى تلك الظلال المتراقصة أمامهم على جدار الكهف، وستكون تجارب حياتهم مزيجاً من خيالات مختلطة برجع صدى أصوات حرّاسهم.

كهف أفلاطون بالطبع محض خيال، وسرعان ما يشعر قارئ «الجمهوريّة» بالامتنان، لبُعدنا عن ذلك المكان القاسي والخانق بسجنائه المساكين، لكن بعد ذلك، وبشكل مرتجل تقريباً، يأتي بيان أفلاطون الصارخ والمخيف: «إنهم مثلنا، وتلك صورتنا». ومن هذه النقطة تحديداً ينطلق دانيال دينيكولا، أستاذ الفلسفة في كلية جيتيسبيرغ بولاية بنسلفانيا، في كتابه الصادر عن مطبعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؛ «فهم للجهل: التأثير الصادم لما قد لا نعرفه»، في رحلة لاكتشاف أبعاد بحر الجهل، والتدليل على أنّه أبعد ما يكون عن مجرّد نقص في المعرفة.

المؤلف دانيال دينيكولا

يأتي هذا الكتاب في وقت من تاريخ العالم يُعرَف بعصر المعلومات، حيث لم تعد المعارف نخبوية الطابع بعيدة عن متناول الأكثرية، كما ظلّت عبر آلاف السنين، ومع ذلك يرى دينيكولا أننا قد لا نكون في كثير من الأحايين على دراية كافية، ناهيك عن تفشي المعارف الخاطئة، والاعتقادات الباطلة، والتعامي الاختياريّ، والأخبار المزيفة.

يبدو هدف دينيكولا هنا أبعد من تقديم مطارحة فلسفيّة في الأبستمولوجيا (علم المعرفة)، إذ يصرّ، في غالب الوقت على الأقل، أن يُبقي الجدل قريباً من خبرة القارئ غير المتخصص، فيبدّد من أمامه المفاهيم الخاطئة الشائعة فيما يتعلق بظاهرة الجهل بوصفه أكثر من مجرد نقص أو غياب للمعلومات، بل نتاج تفاعلات ديناميكية ومعقدة مع المعرفة، مستعيداً التمييز - الشهير الآن بفضل خطاب لدونالد رامسفيلد (وزير دفاع الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش) - بين معلوم معلوم، ومجهول معلوم، ومجهول مجهول وكذلك معلوم مجهول، مستعيناً باستعارات مجازية لمقاربة الجهل: بصفته مكاناً، وحدوداً، وسدّاً، وتوجهاً.

يمكن للجهل أن يصوّر أقرب ما يكون إلى مكان/ زمان نسكن فيه: كهف أفلاطون - حيث الجهلة لا يدركون جهلهم ويركنون إلى اعتيادهم إياه ويعادون مَن قد يحاول لفت انتباههم إلى ما سواه فيحسبونه مُهَرطِقاً أو ضحية نظرية مؤامرة عليهم، مقابل فردوس «دانتي» مثلاً، نقيض الجحيم، حيث الجهل حالة سعادة يكتنفها انعدام للوعي.

الجهل ليس مجرد كهف مظلم فحسب، بل مأزق شديد ومحنة تامة عدّها أفلاطون أسوأ من السجن

أيضاً يمكن تصوّر الجهل بوصفه حدوداً فاصلة تُوقف تمدد معرفتنا، سواء الفرديّة أم الجماعيّة، لكن المساحة خارج تلك الحدود هائلة ومليئة بالوعود، والحدود نفسها ليست نهائيّة، ويمكن دائماً تحريكها من خلال التعلّم، لكن المسافة التي يمكن لبشريٍّ قطعها يومياً في استكشاف المعرفة؛ دونها سقوف، إذ لو قرأ المرء كتاباً في كل يوم من حياته فإن ذلك يبقى أقل من مجموع الكتب التي تُنشر سنوياً في الولايات المتحدة وحدها.

يمكن فهم الجهل كذلك بوصفه سداً نُشيّده باختيارنا عندما ننتخب ألا نعرف شيئاً، لاعتقادنا أنّه لا يستحق تكلفة المعرفة، أو لأنه لا يتناسب مع يقينياتنا الأيديولوجيّة، أو دوافعنا السيكولوجيّة العميقة.

وأخيراً، تخلق هذه الأماكن/ الحالات التي نخلد إليها، والحدود التي نقف أمامها، والسدود التي نختار تعليتها ما يمكن عدُّه أفقاً وتوجهاً لمقاربة الإنسان - والمجتمع - أيضاً علاقته بالعالم.

ومع توضيحه أشكال الجهل، يستعرض دينيكولا عدداً من مظاهره في مجتمعاتنا المعاصرة، ويطرح أيضاً تناقضات أخلاقية تتعلق به، إذ بينما يجري التعامل مع تجريد الجهل على أنه شيء مريع ينبغي القضاء عليه، يرى أيضاً أن بناء الثقة يتطلب أحياناً تقبُّل درجة معينة من الجهل، ثم يقترح منهجيات ممكنة لإدارة جهلنا من خلال الفضول، والسعي للمعرفة، وإلزامية التعليم، وتوظيف علوم الإحصاء والاحتمالات، وكذلك تنظيم العلاقات الاجتماعيّة من خلال الوعود، والعقود، والاتفاقيات، والالتزامات المتبادلة.

ولعلَّ أثمن ما ينتهي إليه دينيكولا في محاولته هذه القبض على الجهل هو تحذيره من الهدر على المستويين الفردي والجماعيّ الملازم للثقافة المجتمعية التي يصبح فيها الجهل مكوناً من التوجه الأيديولوجيّ، ومن ثمّ زعمه أن «الاعتراف بإمكانية جهلنا - حيث قد لا ندرك حدود فهمنا - هو باب الحكمة الذي وحده يفضي إلى مجال معرفي يسمح لنا بأن ندَع عنّا المعارف الخاطئة، ونقلل مساحة جهلنا العنيد بطلب المعارف؛ ولو بتعب وألم يرافق عملية التعلم».