صدر للناقد السينمائي السعودي خالد ربيع السيد كتاب بعنوان «السينما المستقلة ـ نظرة على العالمية والعربية والسعودية» وذلك عن «دار رشم للنشر والتوزيع». والكتاب من القطع الكبير، ويقع في 330 صفحة، مزوداً بقراءات نقدية تحليلية عن الأفلام المستقلة وبقوائم معلوماتية، ويضم رسومات بيانية وصوراً وجداول وتصميمات غرافيكية.
وفي بداية الكتاب يوضح الكاتب، أن السينما المستقلة هي الأفلام التي تنتج في مختلف أنحاء العالم بمجهودات فردية أو مؤسسية صغيرة وفق ميزانيات منخفضة، وهي مستقلة عن شركات الإنتاج الكبيرة أو منظومات التسويق والتوزيع التجارية الضخمة، ولا تتعاون مع الفنيين التقنيين المحترفين، وكذلك لا تستعين بالممثلين والنجوم الكبار من الصفوف الأولى، حيث لا ميزانيات لأجورهم، فهي مستقلة في عملها من كل النواحي، وقد يكون الاستقلال كاملاً أو جزئياً.
وجاء في مقدمة الكتاب: «آثرت أن أصدر هذا الكتاب بالتزامن مع انعقاد الدورة العاشرة لمهرجان أفلام السعودية، لما للمهرجان من أثر حميم بداخلي، ولإحساسي بأن الأصدقاء السينمائيين السعوديين يمرون بمنعطف مشرق في قطاع السينما عموماً، لا سيما أن استراتيجية رؤية المملكة عشرين ثلاثين قد حملت هذا القطاع على كفوف الاهتمام والدعم والإنماء المستمر».
وأشار إلى أن ما ورد بالكتاب ما هو إلا نظرة عامة سريعة، فالسينما المستقلة في كل بلد أوروبي أو عربي أو خليجي تحتاج إلى كتب موسعة ودراسات مفصلة.
بينما كتب الناقد البحريني أمين صالح تقديماً للكتاب، قال فيه: «لقد وجدتني أمام كاتب واسع الاطلاع، ومتابع جيد للأفلام العالمية وللأفلام السعودية تحديداً، ومؤلفاته تكشف عن مدى اهتمامه بالتجربة السينمائية في السعودية».
في هذا الكتاب الغني بمادته ومحتواه الحافل بالمعلومات المهمة ينطلق خالد ربيع، بقلمه الرشيق وكتابته الشيقة، من الموجة الجديدة الفرنسية، مروراً بالسينما المباشرة وجماعة الدوجما والسينما الأميركية المستقلة، ويتطرق إلى السينما في الدول العربية والخليجية وفي المملكة العربية السعودية، وختم كلمته بالجملة التالية: «كان من الضروري كتابة هذا العمل، والآن من الضروري قراءته».
الكتاب مقسم إلى ثلاثة أبواب، أولها: السينما المستقلة بين الغرب والشرق، وضم عدة فصول عن التيارات السينمائية التجريبية في أوروبا والتي كانت تعمل وفق نهج مستقل، لا سيما عند ظهور حركة الموجة الجديدة بخصائصها التي أثرت في الأجيال الأوروبية، وكانت انطلقت على يد فرنسوا رولاند تروفو ورفاقه، وبعدها ظهور سينما المؤلف بزعامة ألكسندر أستروك وأندريه بازان وجاك دونيول.
وعرض الكتاب نبذة عن جماعة الدوجما وعن جماعة الواقعية الجديدة الإيطالية والسينما المباشرة، وتناول في هذا الفصل أعظم الأفلام المستقلة في القرن العشرين، ثم تطرق لإرهاصات السينما البديلة في الوطن العربي، حيث قصد بالبديلة الأفلام الفنية والمغايرة للسائد، فهي بديلة عن الأفلام التجارية.
كما أفرد فصلاً عن السينما الأميركية المستقلة، مشيراً إلى بدايتها وخصائصها وأهم مخرجيها، خصوصاً جون كاسافيتس الذي أصبح اسمه علماً في الأفلام الأميركية المستقلة، ذاكراً مفاصل من سيرته المهنية ومحطات إنتاجات أفلامه الـ12 التي حققها.
سينما سعودية مستقلة
أما الباب الثاني في الكتاب فخصصه المؤلف للسينما السعودية الشبابية المستقلة، والتي بدأت مع المخرج السعودي الرائد عبد الله المحيسن في السبعينات، ثم تزايدت الإنتاجات في بدايات الألفية مع المخرجة هيفاء المنصور ومجموعة «قطيف فريندز» فاضل الشعلة وموسى آل ثنيان ورفاقهم، ثم المخرجان عبد الله آل عياف وبدر الحمود، ثم مجموعة «تلاشي»، والمخرجون محمد الظاهري، حسام الحلوة، محمد سلمان، ومحمد الهليل، وممدوح سالم، وفيصل الحربي، وحمزة طرزان، وعبد المحسن الضبعان، وعبد المحسن المطيري وغيرهم الكثير من الأسماء مثل توفيق الزايدي، وعبد العزيز الشلحي، وعلي الكلثمي، وفيصل العتيبي، ثم الأفلام المستقلة الطويلة لمحمود صباغ، والتي بشرت بظهور الأفلام السعودية الواعدة. فيما أشار الكاتب إلى عدم وجود مصطلح «السينما المستقلة» حينذاك، بدايات الألفية، في الساحة الثقافية السينمائية السعودية، لكنه اعتبرها مستقلة حيث إنه تنطبق عليها مواصفات الأفلام المستقلة كما عرفت في دول أخرى، وأصبح المصطلح معروفٌ عالمياً. وفي فصل لاحق، خصص خالد ربيع قراءات لبعض الأفلام السعودية المستقلة، منها: فيلم «المرشحة المثالية» لهيفاء المنصور، فيلم «عايش» للمخرج عبد الله آل عياف، فيلم «البيانست» لحسن سعيد، «حد الطار» لعبد العزيز الشلاحي، «آخر زيارة» لعبد المحسن الضبعان، «أغنية البجعة» لهناء العمير. «مدينة الملاهي» لوائل أبو منصور، «رولم» لعبد الإله القرشي، «ذلك المكان المهجور» لجيجي حزيمة. «خمسون ألف صورة» لعبد الجليل الناصر، وغيرها عدة أفلام
كما خصص الكاتب فصلاً عن السينما النسوية المستقلة في السعودية، ضم تعريفات لأبرز المخرجات السعوديات ونظرة على أفلامهم وأهم القضايا التي تطرقن إليها، منهن: هيفاء المنصور، وعهد كامل، وهناء العمير، وهند الفهاد، وشهد أمين، وريم البيات، وهناء الفاسي، ومها ساعاتي، وهاجر النعيم، ورنا الجربوع، وهلا الحيد، ومرام طيبة، ودانية الحمراني، ودانية السليمان، وغيرهن الكثيرات ممن حققن أفلاماً مهمة.
السينما العربية المستقلة
الباب الثالث في الكتاب كرسه المؤلف لبعض التجارب المتفرقة في الدول العربية، وكما أوضح أن ما كتبه ليس شمولياً ولا حصراً كلياً للأفلام العربية المستقلة، إنما ما أتيحت له مشاهدتها من أفلام، وبدأها بلمحة تاريخية عن مخرجي الواقعية في مصر، المخرجون: محمد خان، ورأفت الميهي، وداود عبد السيد، وخيري بشارة، ورضوان الكاشف، ويسري نصر الله وغيرهم، واهتم مؤلف الكتاب بتجربة وأفلام المخرجين المصريين الجدد، منهم: إبراهيم البطوط، وأحمد عبد الله السيد، أحمد فوزي صالح، هالة لطفي، أحمد رشوان، شريف البنداري وتامر السعيد وغيرهم.
ثم انتقل إلى البحرين مشيراً لأفلام بسام الذوادي ومحمد راشد بوعلي والعديد من المخرجين البحرينيين القدامى والجدد.
كما تحدث عن تأريخ السينما في سوريا ولبنان، منوهاً بأهم المخرجين وأفلامهم، كالمخرج جورج ناصر وكذلك أعطى الكتاب نبذات مختصرة عن السينما في فلسطين (خصوصاً أفلام رشيد مشهراوي) والعراق (أفلام قاسم عبد) والسودان (محمد كردوفاني. أمجد أبو العلا) واليمن (خديجة السلامي. بدر بن حرسي. عمرو جمال).