«محادثة ليلية»... رواية إيطالية عن الحب الضائع

«محادثة ليلية»... رواية إيطالية عن الحب الضائع
TT

«محادثة ليلية»... رواية إيطالية عن الحب الضائع

«محادثة ليلية»... رواية إيطالية عن الحب الضائع

عن دار «الكرمة» بالقاهرة، صدرت رواية «محادثة ليلية» للكاتب الإيطالي ساشا ناسبيني، التي احتفت بها الصحافة الغربية ووصفتها بالقوية والساحرة والمؤثرة. كما عدّ أحد النقاد أنها «مثل سكين مدببة وحادة». تحكي الرواية، التي ترجمتها عن الإيطالية مباشرة المترجمة أماني فوزي حبشي، كيف أنه ذات مساء تتعرض الدجاجة المفضلة للسيدة «نيفيس» لوعكة صحية غريبة فتتصل بالطبيب البيطري للبلدة. والمفاجأة أن محادثتهما الهاتفية تكشف عن منعطفات كثيرة غير متوقعة يزاح فيها الستار عن علاقات قديمة متشعبة تحمل في طياتها كثيراً من الخبايا والأسرار، وتفتح من جديد دفاتر قديمة وحسابات لم تغلق آنذاك، فنجد أنفسنا أمام حوادث غامضة وقصص حب ضائعة وفرص مهدرة وجروح لم تلتئم قط.

بسرد دقيق، حاد وصدق لافت، يغوص ساشا ناسبيني في العمق الإنساني ليطرح سؤالاً مهماً: ممَّ تتكون حياتنا حقاً، من فرص ضاعت منا في الماضي، أم من أخرى منحتها لنا الحياة في الحاضر؟ يأتي ذلك على خلفية واقع السيدة نيفيس التي تعيش في الريف وترعى مزرعة حيوانات بمفردها، وتواجه مصير الوحدة بعد موت زوجها. إنها فلاحة عجوز في السابعة والسبعين من العمر، تعيش ابنتها الوحيدة في فرنسا ولا تستطيع الأم أن تنطق اسم زوج ابنتها أو حفيديها بسبب صعوبة الفرنسية بالنسبة إليها. تنفتح أشباح الماضي حين تغرق في بحر الذكريات، وتنكشف أسرار كثيرة تؤكد أن الهدوء الخارجي للبشر خادع إلى حد بعيد، وأن هشاشتنا أشدّ مما كنا نتصور.

ولد ساشا ناسبيني في جروستيو، وسط إيطاليا، عام 1976، وهو محرر ومدير فني وسيناريست. نُشر له كثير من القصص القصيرة والروايات، وتُرجمت أعماله إلى عدة لغات كالإنجليزية والفرنسية والألمانية. و«محادثة ليلية» هي أول رواية تترجم له إلى العربية. أما أماني فوزي حبشي فهي من مواليد القاهرة 1968، حصلت على ماجستير في الترجمة ودكتوراه في الأدب الإيطالي من كلية الألسن جامعة عين شمس. وحازت الجائزة الوطنية الإيطالية للترجمة عام 2004 لإسهاماتها في نشر الثقافة الإيطالية.

ومن الروايات الإيطالية التي سبق لأماني فوزي حبشي أن ترجمتها إلى العربية «بندول فوكو» لأمبروتو إيكو، و«ثلاثية أسلافنا» لإيتالو كالفينو، و«أصوات المساء» لنتاليا جينزبورغ، و«أربطة» لدمومينيكو ستارنونه، و«لن نقدم القهوة لسبينوزا» لآليتشه كابالي.

ممَّ تتكون حياتنا حقاً، من فرص ضاعت منا في الماضي، أم من أخرى يمنحها الحاضر؟

ومن أجواء الرواية نقرأ:

«وأنت يا لوريانو، أيها الطفل البائس المستهتر والجبان، فجأة أشعر نحوك بالشفقة الشديدة. لم أكن سوى تسلية لك بين الأحراش، ومن يستطيع أن يقاوم فتاة عاشقة حتى الثمالة إلى حد أنها تقدم نفسها بالكامل، ومستعدة لتحطم زواجها من أجل حبيبها. أنت لم تخترني ولو للحظة واحدة، إلا أنك واصلت الحضور في المواعيد مثل أي رجل خسيس تحب أن تعود إلى المنزل بتلك النتيجة. ولكي تتمكن من أن تضع يديك عليّ كنت مستعداً أن تقدم وعوداً لا حدود لها من دون أن تعبأ بثقل كلماتك. أوه لو كانت لديك أدنى فكرة عن كم الحب الذي كنت على استعداد أن أمنحك إياه، بل كم بدت تافهة تلك اللقاءات حيث أردتك كلك. كنت على استعداد أن أقطع شراييني في سبيل أن أجدك في الفراش في اليوم التالي، وأن أقول صباح الخير يا حبيبي إلا أنني بالنسبة إليك لم أكن إلا وسيلة لتمضية الوقت.

لعبة تحكي عنها بعض الشيء مع رفاق الشرب واصفاً إياي بالحمقاء. يا لك من مسكين يا لوريانو، ويا لي من حمقاء، أنا الغبية التي كرست تقريباً نصف قرن في ذكراك. الآن تقف هناك في الردهة مسمّراً أمام الهاتف من جهة المرأة التي خدعتها. ومن جهة أخرى، تلك التي خنتها. أكاد أراك الآن منكوش الشعر، مفزوعاً من الصورة التي تنظر إليك مثل مرآة تعكس الأشياء تماماً كما هي. لكن من ناحية أخرى، أنت من ضاع، وأنا من نجوت. قل لي إذا لم يكن هذا الخبر هو نعمة عظيمة، بالتأكيد لم أكن بطلة، سواء كزوجة، وبعد ذلك كأم، لكنني فجأة، الآن يمكنني الصياح بأنني لم أخدع نفسي قط».


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».