«شَعري المجعّد»... رواية أنغولية عن النساء والهوية والوطن

عن دار «العربي» بالقاهرة، صدرت رواية «شعري المجعّد» للكاتبة الأنغولية، جاميليا بيريرا دي ألميدا، ترجمة فاطمة محمد. تدور الأحداث بضمير المتكلم، وتتنقل ما بين أنغولا والبرتغال التي هاجرت إليها الراوية بصحبة أبيها عندما كانت سنها 14 عاماً.

والرواية هي نص قصير «نوفيلا» تقع في 138 صفحة من القطع المتوسط، ويتحرك إيقاعها السردي فيما يشبه كتابة اليوميات؛ بلغة بسيطة وحس تهكمي ساخر، على لسان شابة سمراء أفريقية تجعل من شكل شعرها وطرق تصفيفه مدخلاً لمناقشة قضايا أكثر عمقاً، مثل الهوية ومعنى الوطن وغربة إنسان العصر، فضلاً عن الصور النمطية لدى الأوروبيين عن سكان أفريقيا.

وتركز الكاتبة على مناقشة الأجواء الحميمة لجلسات النساء ونقاشاتهن داخل صالونات تصفيف الشعر، أو محال «الكوافير» بشكل يميل للمرح وخفة الظل.

تهدي المؤلفة الرواية إلى شخص يدعى «أومبرتو» قائلة فيما يشبه مقدمة عامة: «يشبه شعورنا بالامتنان لوجود الوطن الامتنان لأن لدينا ذراعاً، فكيف نكتب إذا فقدنا ذراعنا؟ إن الكتابة بقلم رصاص عالق بين أسناننا هي إحدى وسائلنا للهروب من تبعات الكتابة». وتضيف: «الواقع إن البحث عن إجابة للسؤال: مَن يهتم بما نكتبه؟ من شأنها أن تربت على قلوبنا قليلاً، وتدفعنا إلى تصور أن ما نقوله رغم كل شيء مهم. ومع ذلك، فإن التسويف فيما نريد قوله هو أحد أشكال العمى والصمت اللذين سوف يجتاحان حياتنا، تماماً كما كانت مارغريت ثاتشر تخشى أن يجتاح المهاجرون الثقافة الإنجليزية».

ولدت جاميليا بيريرا دي ألميدا عام 1982، وحصلت على شهادة في الدراسات البرتغالية من كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة «نوفا دي لشبونة» بالبرتغال، ودرجة الماجستير في نظرية الأدب 2006، ودكتوراه في الدراسات الأدبية من كلية الآداب جامعة لشبونة.

ومن أجواء الرواية نقرأ:

«من أسوأ مصففات الشعر اللاتي قابلتهن على الإطلاق امرأتان كونغوليتان في سوق (موراريا) التجاري، أحقاً كانتا قبيحتين للغاية أم أن المسافة هي ما غيرت شكلهما؟ وجهاهما مقشر من صابون (ميكاكو) وهو صابون مطهر يستخدم لتفتيح البشرة. جدلتا شعري بسرعة خلال أربع ساعات، وأخذتا مني ثروة من المال، ونظرتا باحتقار إلى صديقي الأبيض الذي ذهبت معه إلى هناك. سوف تتساقط الضفائر الأولى والثانية بعد ساعات بمجرد أن تصفف. كانت الكونغوليتان من أسرة الرجل الذي أهانني في الشارع، قائلاً إنه تعلم حب البيض من والدتي، وهذا ما سيدمر لشبونة إلى الأبد. لقد تعلمت في الصغر قول (تاتا نزامبي) التي تعني (يا إلهي) بلغة (اللينغالا) وهي عبارة كررتها أمي كتعبير لما يحدث لي في هذه اللحظات.

تعلمت معها أيضاً ربط أوشحة الرأس كما فعلت في سن الثامنة من الذاكرة، ودون أن أجربها من قبل قط. في اليوم الذي ارتديت فيه زياً أفريقياً لحضور حفلة مدرسية، حملت دمية على ظهري، وارتديت سترة بنية، يا لها من معجزة أن يتنكر شخص في زي هويته نائياً بذاته عنها، أو يصبح شخصية أخرى. هل أنا من قلت إن الكرنفال انتهى ذات يوم في حياتي؟ لقد كانت فكرة ميمونة أنه ربما هذا هو القناع الوحيد الذي أستطيع الكشف عنه، من مسافة تفصلني عما أنا عليه الآن. لم أصبح السيدة الأفريقية التي تنكرت في زيها ذلك اليوم؛ لكنني سأصير يوماً ما بالتأكيد تلك السيدة. أتذكر اللحظات العابرة التي علمتني أشياء مهمة، وأنا أشاهد النساء اللاتي مررن في حياتي يرتدين الملابس ويضعن المساحيق أو يبحثن عن أغراضهن الشخصية».