أمينور رحمن: الشعر العربي لم يأخذ المكانة التي يستحقها عالميّاً

الشاعر البنغالي انفعل في طفولته بالطبيعة كقوة مخيفة ومدهشة أيضاً

الشاعر البنغالي أمينور رحمن
الشاعر البنغالي أمينور رحمن
TT

أمينور رحمن: الشعر العربي لم يأخذ المكانة التي يستحقها عالميّاً

الشاعر البنغالي أمينور رحمن
الشاعر البنغالي أمينور رحمن

يعد الشاعر أمينور رحمن أحد أبرز الشعراء المعاصرين في بنغلاديش، كما حقق حضوراً لافتاً على الساحتين الآسيوية والعالمية في السنوات الأخيرة فأصبح وجهاً مألوفاً في أبرز مهرجانات الشعر الدولية التي يحضرها بشكل منتظم، فضلاً عن ترجمة أعماله إلى 25 لغة منها الإسبانية والإنجليزية واليابانية والألمانية، وقد صدر له ديوان مترجم إلى العربية عن «دار الأدهم» بالقاهرة يحمل عنوان «يوميات خالدة».

ولد أمينور رحمن في عام 1966 وتخرج في كلية «الصيدلة» بجامعة دكا، وحصل على الماجستير في التخصص ذاته. بدأت رحلته مع الشعر منذ سنوات الطفولة الأولى، وصدرت له 6 دواوين شعرية. تتسم قصائده بالسلاسة والعذوبة والانفتاح على الطبيعة واستلهام تجارب السفر والترحال.

«الشرق الأوسط» التقته على هامش زيارة قام به أخيراً للقاهرة، وحاورته حول الشعر وهموم الكتابة والإبداع:

* تقول إن رحلتك مع الشعر بدأت مبكراً... كيف كان ذلك؟

- رحلتي مع الشعر كانت بدايتها غريبة ومدهشة وطريفة أيضاً، فقد كنت أبلغ الرابعة من العمر فقط وفي هذه السن المبكرة للغاية مسّني نداء غامض وألقى في روعي جمال وسحر القصيدة، فقررت أن أزور صديقاً لي آنذاك لا لألعب معه أو نتناول وجبة طعام أو قطعة حلوى أو غيرها مما يأسر لب الأطفال، بل لأستمع إلى قصائد والده الذي كان شاعراً معروفاً. استقبلني الأب بكل ترحاب وتعامل معي بغاية اللطف والتقدير وألقى على مسامعي الكثير من شعره. وعندما بلغت الخامسة عشرة من العمر أصبح هذا الشاعر صديقاً لي ويتعامل معي بمنتهى الندية والاحترام باعتباري زميلاً له، حيث كنت بدأت في نشر قصائدي في سن مبكرة جداً لدرجة أن صحيفة بنغالية مرموقة نشرت لي قصيدة وأنا في سن التاسعة.

* ما الذي كان يشغلك شعرياً، أو على الأقل يشكل لك ملمحاً خاصاً، وأنت في مرحلتي الطفولة والمراهقة؟

- كنت منفعلاً بالطبيعة على نحو قوي ليس باعتبارها فقط مسرحاً جمالياً مدهشاً بما تحتويه من غابات ومروج وأنهار وجبال، بل أيضاً كقوة مخيفة وغامضة يمكن أن تبعث إليك بنسمة رقيقة دافئة تداعب خدك، كما يمكنها أن تبتلعك عبر إعصار أو تقذف الرعب في قلبك من خلال عاصفة هوجاء. الحب أيضاً كان حاضراً بالطبع عبر أطياف وظلال غامضة وانفعالات مبهمة، لا سيما في بدايات المراهقة.

* هل لا تزال الطبيعة مصدر إلهام لقصائدك؟

- علاقتي بالطبيعة قوية ومستمرة، لكن مصادر الإلهام الشعري عندي تغيرت، حيث أصبح يتصدرها حالياً الشعر نفسه، بمعنى أنني أطالع بشكل شبه يومي بحكم اهتماماتي كشاعر، وأيضاً عملي كمترجم قصائد عديدة لشعراء زملاء عبر العالم كله، وأستلهم من أفكارهم وانفعالاتهم ورؤاهم الكثير. والفكرة هنا أنك مهما سافرت وارتحلت ورأيت وخبرت الدنيا، تظل حياة واحدة لا تكفي وعمر واحد لا يفي بالكثير. ومن هنا تأتي فرادة وعبقرية الشعر كونه قادراً على أن يختصر لك العديد من الحيوات والخبرات ويقدمها لك في كبسولة جمالية مكثفة.

* لكن ألا تخشى أن تأتي قصائدك بهذا الشكل تكراراً للآخرين وسيراً على نهجهم؟

- إطلاقاً، فأنا لا أقلد الآخرين أو أسطو على أفكارهم، كل ما هنالك أنني أتعرف على تجربة الشاعر ورؤيته للحياة، وأجعلها نافذةً أستكشف منها العالم وإضافة لما اختزنه من خبرات جمالية وروحية. أما ما يصدر عني في المنتج النهائي الشعري فهو أفكار وصياغة تخصني بمفردي.

* على ذكر ترجمة الشعر، كيف تنظر إليها من واقع ممارستك الشخصية، وهل مترجم الشعر خائن بالضرورة لأنه يشوه النص، كما يقال دائماً؟

- أمارس الترجمة بكل شغف وحب كهواية، حيث أنفعل بنص ما جمالياً وفكرياً وأفكر في نقله إلى لغة أخرى وقارئ آخر لكن يظل الإبداع الشعري هو هويتي الحقيقية وغرامي الأول والأخير الذي لا ينافسني فيه شيء آخر. وحسب رؤيتي المتواضعة، الترجمة هي أيضاً رسالة كونها تصنع جسراً بين الثقافات المختلفة، وبالتالي يصعب أن نفكر فيها كنوع من الخيانة. وعموماً عدم الكمال شيء إنساني تماماً ولا توجد ترجمة كاملة، المهم أن يوجد الشغف والدقة والاجتهاد في نقل روح النص.

* كيف ترى الشعر العربي في ضوء مطالعتك له؟

-أعرف كثيراً من الشعراء العرب عبر نصوصهم المترجمة، وبعضهم التقيته وجهاً لوجه، كما حدث مع الشاعر المصري الراحل محمد عفيفي مطر الذي أذهلتني موهبته وشخصيته الإنسانية الدافئة التي تفيض عذوبة وتواضعاً حين قابلته في عام 2002، وقدم نفسه بصفة فلاح بسيط. وأقولها بكل صدق وأمانة، الشعر العربي لم يأخذ المكانة التي يستحقها عالمياً، فكثير من الشعراء العرب أعمق موهبة وأجمل نصوصاً من آخرين، لكنهم لا يحظون بالترجمة أو الذيوع الكافيين على المستوى الدولي، ولست أعرف بصراحة السبب وراء ذلك.

* ما علاقتك دراستك للصيدلة بالشعر؟

- لا توجد علاقة مباشرة، لكن هناك فكرة أخرى في غاية الأهمية، وهي أنه لا يوجد شاعر ينفق على حياته من الشعر وكلنا كشعراء بحاجة إلى مصدر دخل ثابت يعيننا على متطلبات الحياة، وأنا شاعر كثير السفر والترحال أجد في مهنتي كصيدلي مصدراً للدخل يغطي تكلفة أسفاري العديدة.

* إذن... ما الذي يعنيه لك السفر؟

- يعني لي شغف الاكتشاف وجمال المعرفة وروعة النفاذ إلى أرواح البشر والمدن والاستماع إلى خليط مدهش من اللهجات واللغات. وإذا عدنا إلى ما سبق أن تناقشنا حوله فيما يتعلق بمصادر الإلهام الشعري، أقول إن السفر يمدني بخبرة جمالية ومعرفية تفيدني بشكل مباشر في كتابة الشعر.


مقالات ذات صلة

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

ثقافة وفنون أليخاندرا بيثارنيك

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

يُقال إن أكتافيو باث طلب ذات مرة من أليخاندرا بيثارنيك أن تنشر بين مواطنيها الأرجنتينيين قصيدة له، كان قد كتبها بدافع من المجزرة التي ارتكبتها السلطات المكسيكية

ماغنوس وليام أولسون باسم المرعبي (ترجمة)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
ثقافة وفنون مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية

«الشرق الأوسط» (الظهران)
ثقافة وفنون أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد.

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.