اختار الشاعر ناجي حرابة، في ديوانه الأخير «غرقٌ في نغمةٍ عالية» الصادر حديثاً، عن نادي الجوف الأدبي الثقافي، أن يضمّ في هذا الديوان مختارات من 8 مجموعات شعرية. يقول في تقديمه: «الشعر تأرجح بين الغوص في الذات، والعروج في الملكوت، الشعر غرق للأعلى، والقصيدة عصيّة إلا على من خلعوا الألقاب والأسماء، وجاءوها عرايا، لا تبيح وجهها إلا لمن غضّ قلبه عمن سواها، وأولئك الذين انشغلوا بالإطار وفاتتهم اللوحة، عليهم أن يحكوا رؤاهم ليزيلوا عنها الصدأ، وكلما اتسعت ثقوب الفكر ارتفع منسوب الجنون في القصيدة. الشعر حكومة ظلِّ مجازية، الشعرُ ضَلال جميل، الشعر انسفاح الهواجس على قماشة الوقت، تبلل فيها أرواحنا باعتصار قافية أو بتقطير بيت، تجذبنا به اللغة إلى أعشاش أنياطها في القصيدة».
أما الشاعر جاسم الصحيّح، فكتب عن ناجي حرابة «الذي ابتسم الوجع على شفتيه في ديوانه (عندما يبتسم الوجع)، هو ذاته الشاعر الذي صبغ أرواحنا بالحمرة ونحن نقبل ديوانه (شفة التوت)، وصعد بنا سلالم العرفان في ديوانه (فمي والعنقود الأحمر)، وملأ الفراغات بين نبضات قلوبنا وهو يرمم عثرات الموسيقى في ديوانه (عثرات الكمان)، وطاف بنا عوالم المتنبي في ديوانه (من رآه الأعمى)، وأخذنا معه في رحلة عبر أعماق الأشياء والشخصيات من خلال ديوانه (سفر في الذوات)، وأطلق سرباً من البلابل في فضاء (تويتر) الأزرق عبر ديوانه (لم أغرد بعد)، وقام بتشذيب حديقة الكلمات وبستان اللغة في ديوانه (يخصف أضواءه)».
من أجواء الديوان:
«كَلِمَةٌ بَيْنَ خِنْجَرَيْن»
سَلامٌ
وَيَنْثَالُ مِنْ شَفَتَيْكِ رَفِيْفُ الحمامْ
سَلامٌ
وَتَصْحُو وُرُودٌ عَلَى مُقْلَةِ الْأَرْضِ
مِلءَ لَيَالِيكِ كَانَتْ تَنَامْ
سَلامٌ
وَيَشْهَقُ صَدْرُ الْحُرُوفِ
وَيَلْهُو خَيَالٌ
وَتَهْدِي مَعَانٍ تَجَرَّعُ نَزْفَ الْمُنَى مِنْ كُؤُوسِ الكِلامُ
سَلامٌ
وَيُغِرِزُ وَعْلُ القَصِيدَةِ قَرْنَيْهِ فِي الرُّوحِ
حَدَّ انْكِسَارِ الكَلامُ
سَلامٌ
وَلَكِنَّهَا
حِيْنَ أَشْرَعَ دَهْرٌ لَهَا قَوْسَهُ
ثُمَّ شَدَّ ظُهُورَ السِّهَامُ
كَانَتِ الْأَرْضُ تَشْحَذُ لَحْدَ الحَقِيقَةِ
مَا بَيْنَ حَدَّيْنِ مِنْ خِنْجَرَيْنِ
دُجَى وَاضْطِرَامْ
سَلامٌ سَلامْ.