«توم بين» ونضال الأميركيين ضد الاحتلال

ألهب حسَّ المقاومة وتقلَّب من ثورة إلى أخرى

«توم بين» ونضال الأميركيين ضد الاحتلال
TT

«توم بين» ونضال الأميركيين ضد الاحتلال

«توم بين» ونضال الأميركيين ضد الاحتلال

من الصعب تخيل الأميركيين، بجبروت بلادهم وظلها المهيمن على العالم اليوم، رازحين تحت احتلال شرس ناضلوا للتخلص منه. لكن التاريخ الأميركي محتشد بحكايات النضال والمعارك وأشكال المقاومة. في أواسط القرن الثامن عشر كان ما يعرف الآن بالولايات المتحدة الأميركية مجموعة مستوطنات تحت سيطرة التاج البريطاني. كانت منتجات الأرض التي كانوا قد احتلوها بوصفهم مهاجرين من بريطانيا ودول أوروبية أخرى تذهب إلى الخزينة البريطانية، والذين ذهبوا ليحتلوا أراضي السكان الأصليين في القارة الأميركية المكتشفة، ويمارسوا ضدهم كل أنواع الطرد والاستيلاء الوحشيين لم يلبثوا أن صاروا مناضلين ضد البلاد التي هاجروا منها وهم يرون تلك البلاد تستغل بلادهم وتذلّهم. صار المحتلون محتلين. أو هكذا رأوا أنفسهم بعدما تنامت لديهم الرغبة في الاستقلال عن بريطانيا التي لم تجد بداً من قمع تلك الرغبة. وفي عام 1775 بدأت الثورة الأميركية ضد التاج البريطاني، وبعد ذلك بعام واحد أعلن استقلال المستوطنات بقيادة جورج واشنطن، لكن الإعلان لم يعن الانتصار وإنما بدء المقاومة التي تضمنت معارك نصر ومعارك هزيمة. إحدى الهزائم كانت ما لقيه واشنطن وجنوده في نيويورك في أواخر عام 1776، لكن في تلك اللحظة جاء من يبعث الأمل، ويشحن النفوس بالعزيمة لتنقلب المعادلة تدريجياً.

في ديسمبر 1776 بدأ إنجليزي هاجر إلى أميركا للتو اسمه توماس (توم) بين Paine سلسلة من المقالات في مجلة «بنسلفانيا» تحت عنوان «الأزمة الأميركية» بدأ أولها بالعبارة الشهيرة: «هذه هي الأوقات التي تختبر فيها الأرواح» والتي ألهب فيها حس المقاومة، وهاجم المتكاسلين أو القاعدين، من سماهم «جنود الصيف ووطنيي الشمس المشرقة». توم بين هو دون شك أحد أبطال الثورة الأميركية والفاعلين في تحقيق انتصار المستوطنين ضد التاج البريطاني. ذلك وهو مثل كثير من الأميركيين، قادة ومواطنين، مواطن بريطاني أصلاً. هاجر إلى ما عرف عندئذٍ بالعالم الجديد عام 1774، وكان على مشارف الأربعين من عمره. هاجر فقيراً معدماً وخارجاً من سلسلة من المحاولات الفاشلة لتحقيق النجاح في حياته العلمية والعملية، ولكن لم تمض سنتان حتى كان يتألق في أرض المستوطنات التي بناها من سبقه من المهاجرين، المهاجرين المحتلين لأرض غيرهم والذين أرادوا بعد قرن ونيف من بدء هجراتهم أن يستقلوا عن البلاد التي جاء منها أكثرهم.

توم بين هو الذي عُرف فيما بعد بمؤلف كتابين شهيرين هما «المنطق السليم (Common Sense)» (يناير 1776) و«حقوق الإنسان» (1791-1792)، ليتلو هذين كتابٌ ثالث ربما يكون أقل شهرة وإن كان قد تسبب في انحدار سمعته وتردي حياته وسيرته، كان ذلك كتاب «عصر العقل» ((1794 - 1796). كان السبب في ذلك المآل المظلم هو هجوم توم بين على الأديان بوصفها لا عقلانية، وسبباً في الشرور والمآسي التي ابتلي بها الإنسان. كان توم بين قد اعتنق المذهب الربوبي «دايزم (Deism)» الذي ينكر الوحي الإلهي، ويؤكد أهمية العقل البشري بوصفه الهادي إلى وجود الله بدلاً من الوحي. ذلك المذهب الذي تطور في عصر النهضة تحول إلى إلحاد ينكر وجود الإله، وصار علامة كبرى على التنوير الأوروبي خصوصاً في فرنسا.

أدى إعلان توم بين عن رؤيته الربوبية إلى رفض عام له ولأفكاره في البلاد التي شارك في النضال من أجل استقلالها، لكنه قبل نشر الكتاب كان قد واصل ذلك النضال بالرحيل إلى فرنسا بحثاً عن الدعم المالي للثوار الأميركيين. وصل فرنسا في أثناء تصاعد الهياج الاجتماعي والسياسي الذي وصل ذروته في الثورة الفرنسية عام 1789، فانتقل الإنجليزي «بين» من ثورة إلى أخرى، ومن نزعة استقلال إلى أخرى، وهو بين هذه وتلك مرحَّب به ومتوَّج بالإجلال. وكان من مظاهر إجلال الفرنسيين له أن عينوه عضواً في المجلس الوطني الفرنسي. ولكن بين لم يلبث أن «خربط» الدنيا باحتجاجه على إعدام الثوار الفرنسيين الملك لويس السادس عشر وأسرته، فخرج من فرنسا إلى بلاده بريطانيا ليُتهم هناك بإثارة الفتنة، ويعود مرة أخرى إلى أميركا.

قصة توم بين هي قصة الثورة الأميركية، قصة الاستقلال ضد محتل، وهي متداخلة وعجيبة كما هو واضح: إنجليزي يذهب إلى بلاد غير بلاده ليشارك في الثورة ضد بلاده، ثم يذهب ليشارك بلاداً أخرى ثورتها ضد نظامها ليطرد من هناك ومن بلاده، ثم يعود من حيث أتى ليواجه رفضاً لأفكاره وينكسر في أواخر حياته، ويموت معدماً كما بدأ، ويُدفن دون حتى أن يُعرف قبره.

لكن ما يسترعي الانتباه بذات القوة هي القدرة التي استطاع بها ذلك الإنجليزي الهارب من بلاده أن يلهب بها حماسة الثوار الأميركيين ويشاركهم النضال. لقد وجد أناساً مهزومين ومستضعفين فألهب حماسهم ضد حكومته نفسها، وحين شكره الأميركيون بتخصيص مرتب سنوي مجزٍ له واصل كتابة سلسلة مقالاته تحت عنوان «الأزمة الأميركية» ليواصل الدعم المعنوي، وإلهاب الحماسة.

غير أن الأمور أتت فيما بعد بما لم يتوقعه توم بين حين انتصر الأميركيون، وأداروا ظهورهم لأفكاره التي لم تعد تلقى قبولاً، أفكاره المتعارضة مع الثقافة الأميركية العامة ذات الجذور الدينية العميقة؛ فالمستوطنات التي نشأت على ساحل المتوسط في ماساتشوستس وما حولها من ولايات إنما نشأت على أسس دينية متشددة لا نزال نرى أثرها إلى اليوم في الشعبية الجارفة للوعاظ الذين يلقون خطبهم في ملاعب كرة القدم الضخمة والممتلئة بالحضور، كما في من يُعرفون بالصهاينة المسيحيين. الأميركيون الأوائل، المستوطنون والثوار، كانوا أبعد من أن يتخيلوا ما آلت إليه بلادهم من قوة وجبروت، ومن تطور في مختلف المجالات، فقد كانوا من المستضعفين في الأرض وبحاجة لمن يشد أزرهم معنوياً ومادياً. وقف ذلك الإنجليزي المستضعف هو نفسه معهم ليكتشف من خلالهم مواهبه، وتتحسن أحواله قبل أن تسوء مرة أخرى، ليدعمهم الفرنسيون بقيادة بالجنرال دي لافاييت الذي كان قد استقبل توم بين في باريس في فترة الثورة الفرنسية. جاء دو لافاييت بقوات شدت من أزر المقاومين الأميركيين ضد البريطانيين أعداء فرنسا التقليديين فانقلبت الموازين، وانتصر المقاومون الضعفاء. ومن اللافت أن توم بين في بثه الحماسة بين المقاومين الأميركيين يذكّر بأن الإنجليز سبق أن هُزموا على يد الفرنسيين بقيادة امرأة هي جان دارك في القرن الخامس عشر.

إن تاريخ الثورة الأميركية ثم الاستقلال الذي أدت إليه هو تاريخ مقاومة لمحتل، تاريخ ينساه الأميركيون فيما يبدو وهم يدعمون محتلاً آخر أقام المستوطنات التي أقاموا مثلها من قبل. لكن هل نسوا فعلاً؟ لا أظن وإنما هي المصالح التي توصف عادة بالعليا، وهي مصالح فئات معينة لا مصالح بقية أفراد المجتمع؛ فالعدالة والحرية والاستقلال شعارات رفعها المقاومون الأميركيون، مثلما رفعها أو رفع ما يشبهها الفرنسيون بعد ذلك بقليل، ثم كتبوا بمقتضاها وثيقة استقلالهم، وأقاموا دولتهم، لكنها كانت لتحقيق مصلحة وطنية وقومية، وبمجرد أن انتهت جاءت شعارات أخرى ومصالح أخرى تحوَّل نتيجتها المقاومون المستضعفون في السابق إلى مهيمنين مستقوين على غيرهم، و«تلك الأيام نداولها بين الناس».



البحث عن بطل

البحث عن بطل
TT

البحث عن بطل

البحث عن بطل

في كتاب «البحث عن منقذ» للباحث فالح مهدي شرح مفصّل عن الشعوب التي ترزح تحت نير الظلم والإذلال، وكيف تعلّق أمرُ خلاصها برقبة منقذ تستعير اسمه من أساطين الدّين، تنتظر عودته إلى الحياة عن طريق البعث أو النشور، كي يحقّق العدل الغائب عن وجه الأرض، ويعوّض ناسها ما فاتهم من عيشة هانئة مستقرّة. اكتسى هذا المخلّص عبر مراحل التاريخ بجلابيب أسماء عديدة، منها «كريشنا» المنتظر في الديانة الهندوسيّة، و«بوذيستاوا» أي «بوذا» المنتظر، و«ماهافيرا» المنتظر في الديانة الجاينيّة، و«زرادشت» المنتظر في المجوسيّة، وفي اليهوديّة والمسيحيّة والإسلاميّة لدينا المسيح المنتظر والمهدي المنتظر وإسماعيل المنتظر والسفياني المنتظر واليمانيّ المنتظر والقحطانيّ المنتظر.

تعود هذه الفكرة في الأصل إلى اعتقاد دينيّ قديم مفاده أن الشرّ لا يمكن مواجهته من خلال البشر الفانين؛ لأن كلّ ما يأتي به الشّيطان لا يُهزم بالفعل البدنيّ، ويحتاج الإنسان إلى الاستعانة بالقوى الإلهيّة. وعلى الجميع لهذا السبب المحافظة على تقاليد دينهم وتعاليمه؛ لكي يستعجلوا هذه القوى، وإلّا فهم يقضون حياتهم في حالة انتظار دائم.

هو ليس انتظار اللاشيء، حتماً، لكنّه انتظار من أجل حبّ الانتظار، يعيش المؤمن في ظلّه في حالة وجْد لا يفتُر، يكون الزمن فيه مجمّداً عند المستقبل الأزليّ واللانهائيّ. هل جرّبتم العيش دون حاضر أو ماضٍ؟ عندما تغيب الحيوات والانفعالات والمشاعر «الصعبة» أي الحقيقيّة من المرء، يحلّ اليأس التامّ والمُطلق، وهو أحد شروط تحقيق ما يُدعى بالنيرفانا لدى البوذيّين، الخطوة الأولى في سبيل عودة «بوذا» المنتظر إلى الظهور، ويختلف الأمر كثيراً أو قليلاً بالنسبة إلى بقيّة المخلّصين. ثم يغيب الماضي كذلك، وتختفي معه أحداثه، ويبقى الوقع الأهمّ هو ظهور المُنقذ في القادم من الأيّام والشهور والسنين، وربما حلّ الموعد والمرء نائم في قبره، ويستيقظ عندها ليجد العدل والإنصاف يعمّان الأرض، ويتمّ القصاص من الأشرار والمجرمين والمفسدين.

عندما يتوقّف الدماغ تنشط آلة الخيال، ردّ فعل طبيعيّ لحالة الفقد والحرمان والإذلال، لكنّه خاصّ ببني الإنسان، وهو بالأحرى عقل مرَضيّ مُشِلّ للنّفس والبدن يؤدّي بنا إلى الجنون وخراب الدّيار. الانتظار يولّد انتظاراً آخر، ولا يوجد شيء اسمه فوات الأوان. كما أنّ الخضوع يتبعه انحناءٌ تحت نير جديد. يقول ألبير كامو: «الأمل، عكس ما نظنّ، يُعادل الرُّضوخ. والحياة هي في عدم الرُّضوخ». من فكرة المُنقذ المنتظر جاء حُلم الشعوب المقهورة والضعيفة بالبطل المُرتجى، تبحث عنه كي تؤلّهه، ولن تُرفع إليه الأبصار إن كان حيّاً، وإذا كان ميّتاً تُعينهم ذكراه على تحمُّل الضَّيم الذي يكابدونه. في كلّ بلد ضعيف لا بدّ أن يكون هناك بطلٌ يلجأ إليه الفقراء والبُؤساء، يرسمون له الأساطير التي لا تحكي الواقع بطبيعة الحال، لكنّها تعكس حالة الضعف والخَوَر اللّذيْن يستلبان نفوس المؤمنين بمنقذهم، الذين يُغالون في تبجيله إلى درجة أنهم ربما راحوا يتطلّعون إلى صورته منقوشة على صفحة القمر، وهذا ما جرى حقّاً وفعلاً للعراقيين إِثْرَ مقتل عبد الكريم قاسم على أيدي انقلابيّي «8 شباط»، ثم قام هؤلاء برمي جثمانه في النهر، كي يتخلّصوا من حُبّ النّاس وتقديسهم، فانتقل هذان الفعلان إلى السماء، بعد أن لم يعثر مُريدوه على أثر له على الأرض، وصاروا يتطلّعون إلى صورته في اللّيالي القمراء، والبعض منهم تفيض عيونه بالدُّموع.

لا يُشترط في البطل أن يكون غائباً، أو لديه صفات هذه المرتبة الخارقة من القدسيّة والبطولة، بل يمكن أن يكون أحد الذين يعيشون بيننا، أو شخصاً غريباً وقَدَرِيّاً يُرفع إلى هذه المكانة عنوة، ولا يستطيع التراجع عنها لأنّ في ذلك خطراً يتهدّد حياته، فهي صارت أوّلاً وأخيراً بأيدي مريديه. هناك نوع من اشتباك مصائر يعيشه الطرفان: الجماهير تنظر إلى البطل على أنّه حامي ديارها وأرواحها من الخراب والفناء، والمنقذ يتطلّع بدوره إلى هؤلاء، في سبيل بقاء الصفات المبجّلة التي أسبغوها على شخصه.

فكرة البحث عن قائد مظفّر تتوّجه أكاليلُ المجد والغار قديمة لدى الإنسان، وجديدة أيضاً. الأرض تدور كلّ يوم، وفي كلّ سنة من أعمارنا، في شرقنا (السعيد) ثمّة بطل دَوْماً. عندما يغيب العدل في المجتمع يحتاج كلّ جيل إلى ابتكار مُنقذ جديد، من مزاياه أنّه ليس مخلّداً مثل رموز الأساطير الدينيّة، بل هو كائن حيّ له عمرٌ لا يتجاوز عمر البشر، يتمّ دفنه بعد فنائه ليولد بطلٌ جديد يعيش مع الأبناء إلى المحطّة الأخيرة، يترجّل بعدها تاركاً مقعده إلى مُنقذ أكثر جِدّة يواكب الرحلة مع الأحفاد؛ لأنّه لا طاقة لنا على العيش دون هؤلاء الفاتحين.

البطل في الحُلم يُقابله إنسان مهزوم ومأزوم في الواقع، هكذا هي القاعدة في علوم الاجتماع والطبّ والنفس، والفارق بين الاثنين كبير إلى درجة أن الناس يعيشون في ظلّ منقذهم في حال من الرِّقّ الجماعيّ، بكلّ ما في قوّة أنظمة الاسترقاق القديمة من سلطة القانون، وما كانت تحمل من أغلال اجتماعيّة وأخلاقيّة. وإن كان الأمر يحصل بصورة غير ظاهرة للعِيان، لكنّ شكل الحياة الأخير مطابق لذلك الناتج من حالة الاستعباد الجماعي الذي ودّعته البشريّة منذ قرون.

بالإضافة إلى العبوديّة، لا يمثّل البطل في هذا الزمان رمزاً قوميّاً يشدّ من أزر الجميع؛ لأننا نعيش في بلدان متعدّدة الأعراق والمعتقدات والأرومات، ولهذا السبب رحنا نبتكر أكثر من بطلٍ واحد: اثنين أو ثلاثة أو أكثر، يتحوّلون بمرور الوقت إلى أداة للفُرقة، تصيرُ بسبب التشاحن الدائم جزءاً من دمائنا، لتدور عجلة الحرب الأهليّة (الباردة) في البلاد، تدوم طويلاً لأن أسبابها باقية وتتقوّى مع السنين، ويوماً ما سوف تسخن حتماً وتتفجّر إلى هستيريا جماعيّة تستيقظ فيها نوازع الشرّ والتوحّش القديمة النائمة، ويتقاتل عندها الجميع ضدّ الجميع، ليصير الحلّ بتدخّل قوى أجنبيّة (استعماريّة) تُنقذ بقيّة الحياة والعِباد.

عندما تكون حياة الإنسان زهيدة - لأن الشعب عبارة عن مجموعة من الرّقيق - تُرتكبُ أقسى الجرائم بشاعةً. وعندما تكون الحريّة مبذولة، وتسود العدالة الجميع، عندها فقط يختلف وعي الأمة وسوف تجد مُنقذَها من داخلها لا من الغيب. يحتاج الجمهور آنذاك إلى بطل قدوة من نوعٍ ما يتطلّع إلى بلوغ مكانته الجميع، ويحقّق لهم هذه الفكرة الرسّام والموسيقيّ والشاعر والمهندس... مثلما يجري الآن في الأمم المتحضّرة. من هنا جاءت فكرة النجم في المجتمع المستقرّ الهانئ بعيشته، وليس للأمر علاقة بالمال ورأس المال، وغير ذلك من كلام يُضيّق على النفس ويصدّع القلب والرأس.