«كتارا» تكرّم 3 مبدعين قطريين في مجالات اللغة والأدب والفن الأصيل

بينهم كلثم الكواري أولّ قطرية تكتب مجموعة من القصص القصيرة

دروع تكريم المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» (الشرق الأوسط)
دروع تكريم المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» (الشرق الأوسط)
TT

«كتارا» تكرّم 3 مبدعين قطريين في مجالات اللغة والأدب والفن الأصيل

دروع تكريم المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» (الشرق الأوسط)
دروع تكريم المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» (الشرق الأوسط)

تعد الأديبة والأكاديمية كلثم الكواري، التي كرّمتها المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) ضمن ثلاثة مبدعين قطريين في مجالات اللغة والأدب والفن الأصيل، أولّ قطرية تكتب مجموعة من القصص القصيرة وإحدى أهم الرائدات القطريات في مجال الكتابة الأدبية.

تكريم «كتارا» الذي جاء متزامناً مع احتفالية الحيّ الثقافي بالرواية العربية سلّط الضوء على تجارب المبدعين القطريين الثلاثة المؤثرة في المشهد الثقافي داخل قطر وخارجها.

وجرى تكريم الدكتورة فاطمة السويدي أستاذ الأدب والنقد بجامعة قطر ومدير دار نشر جامعة قطر، حيث حصلت على «درع الضاد» لعام 2023، والدكتورة كلثم جبر الكواري أستاذ مشارك بقسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر ونالت «درع الأديب» 2023، والفنان المهندس محمد عبدالله جولو أحد رواد الأغنية القطرية ونال درع «الفن الأصيل» 2023.

المكرمون الثلاثة في مجالات اللغة والأدب والفن الأصيل (الشرق الأوسط)

الدكتورة كلثم الكواري التي عملت بالتدريس في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر حاصلة على دكتوراه الفلسفة في الخدمة الاجتماعية من كلية الخدمة الاجتماعية جامعة القاهرة عام 1997، بدأت مسيرتها المهنية كاتبة في منتصف السبعينات مع مجلة «العروبة» القطرية (أنشئت في عام 1971)، وذلك بنشر قصص قصيرة، ومن أهم إصداراتها مجموعة قصصية بعنوان: «أنت وغابة الصمت»، و«وجع امرأة عربية»، و«إيقاعات للزمن الآتي»، وكتاب «أوراق ثقافية... دراسة أدبية»، وكتاب «دورة الحياة في تقاليد المجتمع القطري» ونشرته «هيئة متاحف قطر» عام 2015.

أما الدكتورة فاطمة السويدي، الأستاذ المشارك في قسم اللغة العربية في كلية الآداب والعلوم في جامعة قطر، فهي محكّم معتمد للنشر العلمي والترقيات في عدد من الجامعات العربية، كما أنها ممتحن خارجي في عدد من الجامعات لأطروحات الماجستير والدكتوراه، ومؤسس ورئيس مجلس إدارة مركز الإبداع الثقافي في وزارة الثقافة. لها العديد من الكتب مثل: «الاغتراب في الشعر الأموي»، و«البناء الفني في سيفيات المتنبي»، و«صبابة المُعاني»، كما لها عدد من البحوث المنشورة في المجلات العلمية وعدد من الأوراق العلمية في المؤتمرات.

كلثم الكواري (الشرق الأوسط)

وخلال التكريم، قال الدكتور خالد السليطي مدير عام مؤسسة «كتارا»: «نعمل على تعزيز مكانة المبدعين والتأكيد على دورهم في بناء المجتمع وإثراء المشهد الثقافي، باعتبار أن هذه الفئات الثلاث من الإبداع، تعكس عمق ثقافتنا القطرية وتنوعها»، مضيفاً: «الآداب والفنون تشكلان بكل أصنافهما وأشكالهما، جزءاً مهماً من تاريخ الشعوب وحضاراتها».

من جهتها، نوهت الدكتورة فاطمة السويدي في كلمتها بالدور المحوري لمؤسسة الحي الثقافي (كتارا) الذي تقوم به في خدمة المكون الثقافي لدولة قطر ومجتمعها وفي تعزيز حضور هذا المكون الحيوي وترسيخ مكانته واستدامة إشعاعه محلياً وإقليمياً وعالمياً، مشيرة إلى أن البعد الثقافي لدولة قطر شهد مع تطور الأدوار النوعية التي تقوم بها هذه المؤسسة نقلة نوعية جعلت الواجهة الثقافية لدولة قطر محط أنظار شعوب العالم.

ونوهت الدكتورة كلثم الكواري بجهود «كتارا» في تقديم المبادرات الثقافية الرائعة، منها تكريم المبدعين القطريين ضمن أنشطتها المختلفة التي شملت مختلف المجالات الثقافية ذات العلاقة بدعم التنمية الثقافية، كما شملت الفنون الشعبية الخليجية، إضافة إلى احتضانها العديد من الفعاليات الثقافية العربية ما يمثل امتداداً طبيعياً لجهود الدولة في هذا المجال.

من جانبه، أكد الفنان محمد جولو، أن هذا التكريم هو دعم من مؤسسة الحي الثقافي لتثبيت الفن الأصيل في المجتمع، والاهتمام بالفنون التي تحافظ على هوية بلادنا ما يحمل الفنانين مسؤولية أكبر تجاه بلادهم.


مقالات ذات صلة

بن بخيت مستشاراً ثقافياً لرئيس هيئة الترفيه السعودية

ثقافة وفنون صورة للروائي عبد الله بن بخيت نشرها تركي آل الشيخ عبر حسابه في منصة «إكس»

بن بخيت مستشاراً ثقافياً لرئيس هيئة الترفيه السعودية

اختار المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، الروائي عبد الله بن بخيت مستشاراً ثقافياً له، ونائباً لرئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون الكاتب الألباني إسماعيل كاداريه خلال مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» 8 فبراير (شباط) 2015 (أ.ف.ب)

وفاة الكاتب الألباني إسماعيل كاداريه عن 88 عاماً

توفي الكاتب الألباني إسماعيل كاداريه عن 88 عاماً وهو مؤلف عمل ضخم في ظل الحكم الشيوعي لأنور خوجة على ما أفادت الدار الناشرة لأعماله.

«الشرق الأوسط» (تيرانا)
يوميات الشرق كما المشاهير نحت عملاً فنياً لوالده الراحل (إنستغرام)

نَدي حكيم جرّاح لبناني - بريطاني ينصح بعدم إضاعة الوقت

يزور لبنان باستمرار ويملك منزلاً في منطقة بكفيا. لا يعتقد أنه سيمضي فيه سنّ التقاعد. فالتوقُّف عن العمل فكرة لا تراوده أبداً.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق طه حسين (أرشيفية)

كيف أصبح انتقاد رموز ثقافية عربية عملاً محفوفاً بالمخاطر؟

من وقت لآخر تنفجر معارك أدبية وثقافية تطول شظاياها رموزاً في الماضي والحاضر. هذه المعارك تعكس مواقف متباينة ودرجات متفاوتة من تقديس هذه الرموز أو تعرّضها للنقد.

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق الشيخة هلا آل خليفة المديرة التنفيذية لمؤسّسة «نواة» (حسابها الرسمي)

هلا آل خليفة لـ«الشرق الأوسط»: العالم العربي عبارةٌ سحرية تُحرّك دواخلي

تبدو مشاريع مؤسسة «نواة» متشعّبة الاهتمامات، لكنها في النهاية، تصبّ في خدمة الإنسان، والاستثمار في الطاقات البشرية.

سوسن الأبطح (بيروت)

هل دليلة الفلسطينية خائنة أم بطلة قومية؟

هل دليلة الفلسطينية خائنة أم بطلة قومية؟
TT

هل دليلة الفلسطينية خائنة أم بطلة قومية؟

هل دليلة الفلسطينية خائنة أم بطلة قومية؟

قلّ أن حملت قصة من قصص الحب ذلك القدر من المفارقات والملابسات الملغزة، كما هي حال القصة التي ربطت بين شمشون اليهودي ودليلة الفلسطينية. ولعل رسوخ تلك القصة في المخيلة الإنسانية الجمعية لا يعود إلى عدِّها جزءاً لا يتجزأ من السردية التوراتية فحسب، خصوصاً أن قصص الحب المتصلة بالخيانة والعشق الشهواني والعلاقات الآثمة في «العهد القديم» أكثر من أن تُحصى، ولكن ما أكسبها طابَعها الشعبي الواسع هو وقوعها على خطوط التماس الفاصلة بين الدين والأسطورة من جهة، وبين الولاء للقلب والولاء للوطن من جهة أخرى.

والواقع أن أي قراءة متأنية لعلاقة شمشون بدليلة لا يمكن أن تتم على أرض العاطفة والحب اللذين تحرص التوراة على استبعادهما عن سياق الأحداث، بل يتضح للقارئ أن الخلفية التي تُروى من خلالها الوقائع هي خلفية المواجهة الضدية بين الخير العبري والشر الفلسطيني. ويكفي أن نعود إلى الجملة التي يستهل بها «سفر القضاة» القصة بقوله: «ثم عاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب فدفعهم الرب ليد الفلسطينيين أربعين سنة»، لكي نقرأ المكتوب من عنوانه، إذ ستكون علاقتا الزواج اللتان ربطتا شمشون بامرأتين فلسطينيتين متتاليتين ترجمة بالغة الدلالة لامتداح الذات الجمعية الفحولية، مقابل تأنيث العدو وتشويه صورته، ولو أن العقاب الإلهي قد توزع مناصفةً بين طرفَي الصراع.

ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن شمشون قد ولد، وفق الرواية التوراتية، بتدخل مباشر من الرب الذي استجاب لرغبة أبيه منوح وأمه العاقر في الحصول على طفل يوفر لهما أسباب السعادة والاستمرار. وبعد تجاوز الفتى سن البلوغ، التقى صدفة بفتاة فلسطينية حازت على إعجابه، فسارع بالطلب من أبيه وأمه أن يأخذاها زوجة له. وعلى الرغم من أن أبويه واجها طلبه باستنكار بالغ، لأن الفلسطينيين في تلك الفترة كانوا «متسلطين على إسرائيل»، فإنهما أذعنا لطلبه في نهاية الأمر. وبينما كان ذاهباً للزواج التقى شمشون بشبلٍ مفترس فشقّه باليد المجردة كما يُشقّ الجدي. على أن عروسه الفلسطينية ما لبثت أن خانته مرتين؛ الأولى حين أطلعت الفلسطينيين على حل الأُحجية التي طرحها عليهم، والثانية حين تركته بغتةً لترقد في أحضان أحد أصدقائه المقربين.

ومع انتقاله إلى غزة تُنبئنا السردية التوراتية بأن شمشون لم يكد يقع في حب امرأة أخرى اسمها دليلة، حتى «صعد إليها أقطاب الفلسطينيين وقالوا لها تملّقيه وانظري بماذا قوته عظيمة»، عارضين عليها مبلغاً مغرياً من المال. على أن شمشون المتوجس من السؤال أعطى دليلة ثلاث إجابات كاذبة حول سر قوته، حتى إذا بالغت في إلحاحها «وضاقت نفسه إلى الموت» أخبرها بأن قوته كامنة في خصل شعره الطويلة، فإن تمّ قصُّها فارقته هذه القوة بالكامل.

وإذ نجحت دليلة في الوقوف على سر بطلها العاشق، أنامته على ركبتيها وطلبت من أحد الرجال قص جدائله السبع، حتى إذا أيقظته وأراد الانقضاض على الفلسطينيين، اكتشف أنه بلا حوْل، وأنه وقع ضحية المرأة المخاتلة التي أسلم لها قلبه. بعد ذلك اقتلع الفلسطينيون عينيه وأوثقوه بالسلاسل وسجنوه، آمرين إياه أن يدير في سجنه حجر رحىً ثقيلاً. وبعد انتشاء الفلسطينيين بالنصر جاءوا بشمشون ليبهجهم بعروضه المسلية في أحد أعيادهم الوثنية، فدعا الأخير الرب ليساعده على الانتقام، وكان شعره قد نما على غفلة من أعدائه، حتى إذا أعاد الرب له قوته هتف من أعماقه «لتمتْ نفسي مع الفلسطينيين» ثم هدم الهيكل على نفسه، وعلى الآلاف الثلاثة من الفلسطينيين الذين لم ينجُ منهم أحد.

ولم تكن مثل هذه القصة الحافلة بالرموز لتسهوَ عن بال الشعراء والكتاب والفنانين، الذين تناولوها عبر التاريخ من زواياهم المختلفة، وأفردوا لها قصائد ولوحات وأعمالاً إبداعية كثيرة. ولم يَفُت منتجي هوليوود ومخرجيها الكبار استثمار هذه القصة المثيرة في المجال السينمائي، فتم استلهامها مرات ثلاثاً بين مطلع القرن الفائت ومنتصفه، إضافة إلى عشرات العروض المسرحية والموسيقية والأوبرالية.

أما في مجال الشعر فقد استند الشاعر الإنجليزي جون ميلتون إلى قصة شمشون ودليلة في عمله الدرامي «سامسون أغونيستس» الذي استلهم من خلاله التراجيديا الملحمية الإغريقية، مبتعداً عن قواعد المسرح الإليزابيثي وأعرافه. ومع أن ميلتون قد آثر الالتزام بالنص التوراتي، فإنه وهو المصاب بالعمى تماهى من نواحٍ عدة مع البطل العبري الذي سمل الفلسطينيون عينيه. على أن أكثر ما يستوقفنا كقراء هو قول دليلة لشمشون الغاضب والرافض للصفح بأن الفلسطينيين «سيمتدحونها عبر الأجيال»، كما لو أن ميلتون كان يستطلع، بحدسه الشعري الثاقب، مآلات الصراع الوجودي الذي لا نهاية له بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وإذا كانت ثنائية الجمال والموت هي التي حكمت قصائد الشاعر اللبناني إلياس أبو شبكة في ديوانه «أفاعي الفردوس»، فقد بدت قصيدته «شمشون» ذروة الديوان وواسطة عقده الأهم. وإذا كان أبو شبكة قد اكتفى بإعادة تظهير الواقعة كما وردت في التوراة، نائياً بنفسه عن أي بعد قومي أو آيديولوجي، فلأن معاناته القاسية مع المرأة لم تمكنه من أن يرى في دليلة سوى واحدة من الرموز الأنثوية الأكثر دلالة على الخيانة والغدر. وهو إذ يتقمص شخصية شمشون المخدوع، يخاطب دليلة قائلاً:

ملّقيهِ بحسنكِ المأجورِ

وادفعيه للانتقام الكبيرِ

إنما الحسْن يا دليلةُ أفعى

كم سمعنا فحيحها في سرير

ملّقيهِ ففي ملاغمك الحمرِ

مساحيقُ معدنٍ مصهورِ

وارقصي إنما البراكين تغلي

تحت رجليكِ كالجحيم النذيرِ

وبينما يرى الباحث العراقي فاضل الربيعي، الذي يعمل على تفكيك البنية التاريخية للسرديات الدينية والميثولوجية، أن الحادثة برمتها ذات جذور يمنية سبئية، إذ إن اسم شمشون مشتق من الشمس، واسم دليلة مشتق من الليل، وأن الصراع في عمقه الرمزي هو صراع بين التقويمَين الشمسي والقمري، يرى الشاعر الفلسطيني معين بسيسو القصة القديمة من منظور معاصر، محولاً عمله المسرحي «شمشون ودليلة» إلى مناسبة لوضع التاريخ على سكته الصحيحة. اللافت في عمل بسيسو أن عنوان المسرحية قد ظل غريباً عن سياقاتها حتى فصلها الأخير، حيث تتم على نحو مفاجئ إماطة اللثام عن الحقيقة المُرة. فالفلسطينيون المحشورون في عربة معطلة لم يعودوا يملكون، وقد أسفرت كل إشارات المرور عن لونها الأحمر، سوى قرارهم بإعلان الثورة دفاعاً عن هُويَّتهم المهددة بالامّحاء. أما سكان العربة الذين يتحكم بهم جبروت سائق حاقد ومبهم الملامح، فبينهم الأم والأب وابناهما عاصم مازن وريم، التي لم تستطع أثناء إجبارها على النزوح أن تميز بين طفلها يونس وصرة ثيابها، فتركت الأول وحملت الثانية، لتربي في داخلها مرارة الفقد وشهوة الانتصار على الجلاد.

وسرعان ما نكتشف أن من يمسك بزمام العربة هو شمشون الإسرائيلي الذي لا يكف عن تجديد وجهه الكالح من عصر إلى عصر، والذي يهتف بالفلسطينيين بنبرة هازئة:

هل تنتظرون دليلة؟

تكشف سرّي وتجزُّ ضفائر شَعري

تفقأ عينيَّ وتربطني كالثور أجرُّ الطاحون

عبثاً تنتظرون دليلة

أنتم في راحة كفّي

كلُّ قنابلكم تتفجر في داخل هذي الخوذة

كصواريخ الأطفال

وإذ يتابع النص المسرحي مفاجآته، تتقمص ريم شخصية دليلة الفلسطينية محذرة شمشون من التمادي في بطشه المتغطرس، ومبلغة إياه بأن دليلة الجديدة ستكون أكثر دهاءً من الأولى وأكثر شراسةً في الدفاع عن حقوق شعبها المهدورة. وفيما يُسمع من وراء العربة دوي الانفجارات وأزيز الرصاص، تتماهى ريم مع صورة الأرض نفسها، هاتفة بشمشون:

صار لنا دفتر يومياتٍ آخرُ يا شمشونْ

صرنا يا شمشونُ نوقّع فوق الأربطة البيضاء على الجرحِ،

الأربطةُ البيضاءُ تغطّي الأرض

فوق جبين الزيتونة صار رباطٌ أبيضُ،

والشمس ممرّضةٌ تسعى بين الجرحى