رحيل الرسام والنحات الكولومبي فرناندو بوتيرو

الفنان الكولومبي فرناندو بوتيرو يجري مقابلة في نيويورك بالولايات المتحدة في 30 أكتوبر 2013 (أ.ب)
الفنان الكولومبي فرناندو بوتيرو يجري مقابلة في نيويورك بالولايات المتحدة في 30 أكتوبر 2013 (أ.ب)
TT

رحيل الرسام والنحات الكولومبي فرناندو بوتيرو

الفنان الكولومبي فرناندو بوتيرو يجري مقابلة في نيويورك بالولايات المتحدة في 30 أكتوبر 2013 (أ.ب)
الفنان الكولومبي فرناندو بوتيرو يجري مقابلة في نيويورك بالولايات المتحدة في 30 أكتوبر 2013 (أ.ب)

توفي عن 91 عاماً، الرسام والنحات الكولومبي فرناندو بوتيرو، الشهير بالأحجام الكبيرة لشخصيات أعماله وأحد أهم فناني القرن العشرين، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، في منشور عبر منصة «إكس» (تويتر سابقاً) الجمعة: «لقد مات فرناندو بوتيرو، الرسام الذي جسّد تقاليدنا وأخطاءنا ورسم مزايانا».

وأضاف أنه «رسام عنفنا وسلامنا. رسام الحمامة التي أوقعت ألف مرة ووضعت ألف مرة على عرشها»، في إشارة إلى الحيوان الذي استخدمه الفنان إحدى رسوماته الرمزية.

ولم يذكر الرئيس أي تفاصيل عن مكان وفاته.

زوار مركز تايم وارنر يتجولون حول منحوتة فرناندو بوتيرو بعنوان حواء في نيويورك في 30 أكتوبر 2013 (أ.ب)

ويُعدّ بوتيرو المولود عام 1932 في ميديين بوسط كولومبيا، أحد أبرز فناني القرن العشرين.

وذكرت وسائل إعلام كولومبية التي وصفت بوتيرو بأنه «أعظم فنان كولومبي في كل الأزمنة»، أن وضعه الصحي تدهور في الأيام الأخيرة.

عمل فني للفنان الكولومبي فرناندو بوتيرو في متحف باورز في سانتا آنا بكاليفورنيا في الولايات المتحدة في 10 سبتمبر 2009 (أ.ب)

وفي حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، أُجري سنة 2012 لمناسبة عيد ميلاده الثمانين، قال بوتيرو: «أفكّر كثيراً بالموت وتحزنني فكرة ترك هذا العالم والتوقف عن العمل لأنني أستمتع كثيراً بعملي».

وقد انخرط بوتيرو بالفنّ في مرحلة مبكرة من حياته. فبدأ في سن الخامسة عشرة، يبيع رسومه التي تظهر مصارعة الثيران في بوغوتا.

تمثال للفنان الكولومبي فرناندو بوتيرو خارج قصر الفنون الجميلة خلال افتتاح معرض له بعنوان «فرناندو بوتيرو: مهرجان» في مكسيكو سيتي بالمكسيك في 29 مارس 2012 (أ.ب)

وبعد معرض فردي أول له في بوغوتا خلال خمسينات القرن العشرين، غادر إلى أوروبا وأقام في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، حيث تعرّف إلى الفن الكلاسيكي. واستلهم أعماله من الفن الخاص بالعصر قبل الكولومبي واللوحات الجدارية في المكسيك، حيث أقام لاحقاً.

وانطلقت مسيرته المهنية في سبعينات القرن العشرين، حين التقى مدير المتحف الألماني في نيويورك ديتريش مالوف، الذي نظم معه عدداً كبيراً من المعارض حظيت بنجاح.


مقالات ذات صلة

«فنون العُلا 2025» ينطلق بتجارب ملهمة

يوميات الشرق المهرجان يقود الزوّار في رحلة حسية شاملة لاكتشاف العُلا بمختلف تفاصيلها (الهيئة الملكية)

«فنون العُلا 2025» ينطلق بتجارب ملهمة

انطلقت فعاليات مهرجان «فنون العُلا 2025» في نسخته الرابعة، لتقديم تجربة فنية وثقافية مميزة وسط الطبيعة الخلابة لواحة العُلا، شمال غربي السعودية.

«الشرق الأوسط» (العلا)
ثقافة وفنون راكان الطوق مترئساً أعمال «مؤتمر وزراء الثقافة العرب» في الرباط الأربعاء (واس)

السعودية تُقدِّر الجهود الجماعية لترسيخ الثقافة في التنمية المستدامة

قدّرت السعودية جميع الجهود الجماعية في مواصلة الزخم لترسيخ أدوار الثقافة بالتنمية المستدامة مع الحفاظ على القيم المشتركة والاعتزاز بالتراث الثقافي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة سعودية رسم صخري لرجل من المرجح أنه يعود للعصر الحجري الحديث على أقل تقدير شمال غربي الشملي في جبال عرنان (بطولة الأمير عبد العزيز بن سعد الدولية للبوميرنغ)

الرسوم الصخرية في حائل... الموطن الأصلي لـ«أداة البوميرنغ»

تظهر أداة البوميرنغ المكتشَفة في جبال المملكة العربية السعودية دليلاً على الحضارة القديمة لإنسان الجزيرة العربية.

«الشرق الأوسط» (حائل)
يوميات الشرق «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً».

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

يحتفل الأمازيغ حول العالم بعيد رأس السنة الأمازيغية المعروفة باسم «يناير» في 12 أو 13 من يناير التي توافق هذه السنة عام 2975 بالتقويم الأمازيغي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

القطاع الثقافي ضحية سياسات التقشف الأوروبية

المتحف الفني "تيت بريتن" بلندن
المتحف الفني "تيت بريتن" بلندن
TT

القطاع الثقافي ضحية سياسات التقشف الأوروبية

المتحف الفني "تيت بريتن" بلندن
المتحف الفني "تيت بريتن" بلندن

الأزمات الخانقة التي أصبحت تثقل كاهل الدول الغربية، وصعود الأنظمة اليمينية المتطرفة، لم تعد سراً على أحد، لكن اللافت للانتباه التداعيات الخطيرة لكل هذه التطورات على القطاع الثقافي، فزيادة على ضعف الاهتمام تخلّ كثير من الحكومات عن اتباع سياسات حماية لثقافتها. إنه وضع القارة العجوز الآن؛ حيث نجحت ديون الحكومات المتراكمة، ومشكلات البطالة، والتضخم، والتوقعات المتشائمة لمعدلات النمو، في تغييب الإشكاليات الثقافية، والدفع بها إلى الصفوف الخلفية. الوضع في تدهور مستمر، حتى أصبحنا لا نستطيع مواكبة الأخبار التي تُفيد بقصّ الدعم، وخفض الميزانيات الثقافية لكثرتها.

في فرنسا، دعم الحكومة للمؤسسات الثقافية الكبرى لا يزال قائماً باعتبارها تُسهم بقوة في إنعاش قطاع السياحة، خصوصاً المتاحف والمكتبات الوطنية والمسارح، لكن الميزانية في تراجع مستمر. فمع مطلع 2025 تفقد وزارة الثقافة أكثر من 200 مليون يورو، معظمها اقتطعت من التمويل الذي كان يخصص للتراث والإبداع، وبعضها يخص أعرق المؤسسات الفرنسية؛ كأوبرا باريس، التي خسرت 6 ملايين يورو، ومسرح كوميدي فرنسييز، الذي انخفض تمويله العام بنحو 5 ملايين، ومتحف اللوفر بـ3 ملايين يورو. إلا أن المشكلة ليست في الوزارة فقط، لأنها ليست الداعم الأهم للقطاع الثقافي في البلاد، فمن بين الـ13 ملياراً التي تُشكلها ميزانية القطاع الثقافي في فرنسا لا تمنح الوزارة سوى 4 مليارات، أما البقية، أي أكثر من 9 مليارات، فهي الحصّة التي تسهم بها السلطات المحلية، أي المحافظات «Collectivités locales»، التي تتمتع بميزانيات خاصة بها. والجديد هو أن بعضاً من مسؤولي هذه الهيئات الرسمية شرعوا في تطبيق سياسة التقشف إلى أقصى الحدود، بدءاً بالمؤسسات والمرافق الثقافية والمبدعين؛ حيث حرمتهم من الدعم المادي، عملاً بالمنطق الذي يقول تغذية البطن قبل تغذية العقل.

متحف برلين

من الشخصيات التي واجهت انتقاد الدوائر الثقافية بهذا الخصوص كريستال مورونسي، رئيسة منطقة بايي دو لا روار (pays de la Loire) الواقعة غرب فرنسا، وهذا بعد أن أقرّت خفض ميزانية الثقافة بنسبة 73 في المائة، أي أكثر من 200 مليون يورو، وهي سابقة خطيرة في فرنسا علّقت عليها وسائل الإعلام الفرنسية بكثرة تحت شعار «الثقافة من الضعيف إلى الأضعف». فإجراء مثل هذا يعني توجيه ضربة قاضية لكثير من المؤسسات والمرافق الصغيرة التي تُعوّل في استمرار نشاطها على الأموال العامة، ومنها المهرجانات المحلية والمسارح، والمتاحف، وفرق الرقص والجمعيات. النقابات الثقافية وصفت هذا الإجراء بـ«العنيف». أما رئيسة المنطقة كريستال مورونسي فقد بررته بالديون المتراكمة التي تملي على ضمير أي مسؤول اعتماد التقشف لإنقاذ الوضع.

الوضع ليس أحسن حالاً في ألمانيا؛ حيث قررت حكومة ولاية برلين خفض التمويل المخصص للفنون والثقافة بنسبة 12 في المائة، وهو ما يعادل 130 مليون يورو. القرار أدّى إلى مخاوف من أن تفقد المدينة مكانتها، كونها واحدة من العواصم الثقافية الرائدة في أوروبا، حتى إن بعض المؤسسات أصبحت تواجه خطر الإغلاق، أهمها متحف برلين للفنون التشكيلية، ودار أوبرا كوميش. أما البقية فهي في حالة يُرثى لها، فمتحف برغام الشهير اضطر للغلق بسبب ترميمات طويلة الأمد (14 سنة)، علماً بأنه لم ينفذ فيه أي إصلاحات منذ 1930. عمدة برلين كاي فيغنر برّر تخفيضات الميزانية بوصفها ضرورية لضمان استمرارية برلين المالية بعد عام صعب اتسّم بانخفاض الإيرادات. ونصح المؤسسات الثقافية بالتفكير في إيجاد وسائل تمويل خاصة، على غرار النموذج الأميركي الذي يعتمد على الرعاية، مضيفاً أن «العقليات يجب أن تتغير؛ لأن خزائن الدولة أصبحت فارغة حتى بالنسبة للثقافة»، علماً بأن هذا التخفيض في ميزانية الثقافة يتعارض بشكل حاد مع نهج برلين السابق، المتمثل في تعزيز الاستثمار في فضاءاتها الثقافية. ففي عام 2021، وافقت ألمانيا على مبلغ قياسي قدره 2.1 مليار يورو تمويلاً فيدرالياً للثقافة، بزيادة قدرها 155 مليون يورو على العام السابق. شخصيات من الوسط الثقافي والفني انتقدت بشدة هذه التخفيضات، منها المخرج الألماني المعروف وين واندرز، الذي صرح لقناة «أورو نيوز» بأن «سحب التمويل العام قرار سيئ، أعتقد أن عليهم الاستثمار في الثقافة بدلاً من القيام بالعكس؛ لأنهم على المدى الطويل رابحون».

القطاع الثقافي في بريطانيا يعيش هو الآخر أزمة حادة؛ حيث نقل كثير من التقارير الإعلامية الانخفاض الشديد الذي سجلته الميزانيات المخصصة للثقافة منذ 2017 ولعدة سنوات على التوالي حتى وصلت نسبة الانخفاض إلى 48 في المائة، حسب موقع «أرت نيوز» البريطاني، الذي نشر مقالاً بعنوان: «لماذا تُموّل الحكومة البريطانية تمثالاً للملكة إليزابيث بـ46 مليون جنيه إسترليني، في حين القطاع الثقافي على ركبتيه». وجاء فيه: «عدد من المؤسسات الفنية والثقافية في جميع أنحاء المملكة المتحدة يُكافح من أجل البقاء، بسبب توقف التمويلات، كشبكة متاحف (التيت) التي تسهم فيها الحكومة بنسبة 35 في المائة، التي أصبحت تعاني من عجز في الميزانية للعام الثاني على التوالي، بسبب انخفاض الدعم، وإن كانت شبكة متاحف (التيت) ما زالت تنشط ولو بصعوبة فإن مؤسسات أخرى لم يحالفها الحظ؛ حيث تم إغلاق أكثر من 500 متحف بريطاني منذ سنة 2000، منها متحف إيستلي (Eastleigh) في هامبشاير، ومتحف كرانوك تشيس (Crannock Chase) في ويست ميدلاندز، بالرغم من الحملات الكثيرة التي نظمت لإنقاذ هذه المؤسسات».