«ميريت الثقافية»... ملف خاص عن المسرح العالمي

«ميريت الثقافية»... ملف خاص عن المسرح العالمي
TT

«ميريت الثقافية»... ملف خاص عن المسرح العالمي

«ميريت الثقافية»... ملف خاص عن المسرح العالمي

خصصت مجلة «ميريت الثقافية» في عددها لشهر سبتمبر (أيلول) الحالي ملفاً خاصاً بعنوان «عن المسرح العالمي: تطوره، ونظرياته، ورجاله»، تضمن خمسة مقالات لمجموعة من دارسي الدراسات العليا في المسرح بجامعة عين شمس، وهي: «الباتافيزيقا في (أوبو ملكاً)»... «المسرح كمرآة تعكس الصورة الوحشية للإنسان» لأسامة جاد، يوجين باربا و«المخرج كمتفرج والممثل الدراماتورج» لمحمد رفيع، و«المسرح في الصين... النشأة، والتطور، والتأثر بالغرب»، و«حسن مختار، أن تخلق من القهر مسرحاً ثوريّاً... أوجستو بوال يجعل من غير المرئي بطلًا» لنسمة عودة، و«المسرح الملحمي وتفاعل المتلقي مع العرض» لسارة الإسكافي.

وتضمن ملف «رؤى نقدية» ستة مقالات: «نقد البدائل الثقافية في شعر أدونيس» للدكتور أحمد إسماعيل، شعرية الكلمات، و«قراءة في ديوان (مسجد على القمر)» للدكتور أحمد كرماني عبد الحميد، و«نقد الترجمة... هذا هو السؤال أم تلك هي المسألة؟» لحسن ناصر (من العراق)، و«رواية (أقراط الحلفاوية)... المتخيل السردي والأفق اللغوي» لناصر السيد النور (من السودان)، و«مجلة (أبولو) وريادتها في الشعر العربي الحديث» لأمين المَيْسَري (من اليمن)، و«رهاب متعدد أم عقاب متعدد؟ دراسة سيميائية في سيرة (رهاب متعدد)» لعبد الوهاب يحيى (من المغرب).

وتضمن ملف «الشعر» تسع قصائد للشعراء: أمجد ريان، وعبد المقصود عبد الكريم (من مصر)، وموسى حوامدة (من الأردن)، وصلاح بوسريف (من المغرب)، وعبيد عباس، وعبد العظيم فنجان، وإبراهيم محمد إبراهيم، وعلي الشلال ومهنَّد يعقوب (من العراق).

وفي ملف «القصة» سبع قصص للكتاب: سمير فوزي (من مصر)، عبد القادر وساط (من المغرب)، سامية العطعوط (من الأردن)، محمد ذهني، (من الأهواز) رضا آنستة وسرور ناصر، وفريدة بالرقي (من الجزائر).

وتضمن باب «نون النسوة» خمس دراسات نقدية عن ديوان «نصف احتمال للفرح» للشاعرة عبير زكي. بالإضافة إلى قصائد لم يسبق نشرها للشاعرة.

ونشرت المجلة في باب «تجديد الخطاب» مقالين عن كتاب «نقد الفكر السلفي» للدكتور محمد السيد إسماعيل، و«تداعيات العقل عند السلفية الجديدة... قراءة في (نقد الفكر السلفي) للدكتور خالد عبد القادر رطيل.

وفي باب «حول العالم» ثلاث ترجمات، فقد ترجم الدكتور محمد عبد الحليم غنيم قصة «طوع أمرك» للكاتبة الأميركية شيريل ألو، وترجم الحسين خضيري تقريراً بعنوان «الشريف والرمز... ثمانية وعشرون عاماً على رحيل أفضل الثقات» عن وفاة والتر كرونكايت» أحد أبرز أعلام الصحافة التليفزيونية في أميركا، ونشر محسن عبد الرحمن لقصيدة من الأدب الكردي للشاعر بلند محمد بعنوان «حجرات الصمت».

وفي باب «ثقافات وفنون» حوار أجرته الشاعرة سمر لاشين مع الكاتب والفنان التشكيلي العراقي «يحيى الشيخ» بعنوان «سيرتي الحقيقية»، وفي ملف «إعلام» مقال رشيد آيت الولي (من المغرب) بعنوان «تأثير الإشهار في سلوك المستهلك».

وتضمن ملف «تراث شعبي» مقالاً بعنوان «الموسم بالمغرب... تراث إنساني يرسخ قيماً ثقافية وروحية» كتبه عبد الرحيم رفيقي (من المغرب)، وفي ملف «سياحة» كتب الدكتور يحيى القزاز عن «السياحة الجيولوجية... متاحف مفتوحة»، وفي ملف «نقد النقد» كتب محمد الوسطاني (من المغرب) مقالاً بعنوان: قراءة استقرائية في مقال محمد بريني «النقد المغربي الحديث: الأنساق السوسيوثقافية الكبرى».

- لوحة الغلاف والرسوم المصاحبة لمواد باب «إبداع ومبدعون» للفنان البولندي جاك كوبيكي (1976)، الرسوم المصاحبة لمواد باب «نون النسوة» للفنانة السورية ريم يسُّوف (1979)، والصور الفوتوغرافية في مداخل الأبواب والغلاف الثاني للفوتوغرافي المصري الأميركي سهيل درويش (1998).

وتتكون هيئة تحرير مجلة «ميريت الثقافية» من: المدير العام الناشر محمد هاشم، وسمير درويش رئيس التحرير، وعادل سميح نائب رئيس التحرير، وسارة الإسكافي مدير التحرير، والماكيت الرئيسي إهداء من الفنان أحمد اللباد، والتنفيذ الفني إسلام يونس.



قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب
TT

قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب

(١)

حين تركنا الأوراق البيضاء

ورحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

لم يظهر ماذا يعني أن يرتبك الشاعر فوق الكلمات

أن يشطب مفردةً ويعيد صياغتها

ويعود إليها ثانيةً

ويحاول ثالثةً

ويخطَّ الخطَّ المائل فوق الكلمة

أو يرسم دائرة

ويشخبط فوق الأسطر ممتلئاً بالحزن وبالعبرات

مذ رحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

جفَّتْ أنهارٌ كثرٌ

وانسحبت من أقدام الشعراء الطرقات

الحاسوب صديق كهولتنا

جفف ما كنا نحمله من نزق العشاق المنسيين

على الشرفات

لا نعرف من أين نعود إلينا

نحن القديسين بلا صلوات

(٢)

قبل ثلاثين سنة

قالوا إن الحاسوب سيدخل قريتكم

وسيكفينا نزق الطباعين على الآلات

صفقنا للحاسوب القادم نحو منازلنا

وبدأنا نتحسسه

ونصادقه

ونبوح له بالأسرارْ

من يفتح هذا الغيب الغامض في شغفٍ

ويميط السر عن الأزرارْ؟

كيف سندخل هذا الصندوق الأسود؟

كيف نبوح له؟

وبماذا نكتب حيرتنا؟

ونشد العمر على الأسوارْ

يا حاسوب الدنيا حاول أن تأخذنا في رفقٍ

لتدلَّ عليك

حاول أن تفتح في هذي الظلمة عينيك

نحن البدو الرُحَّل منذ سنينَ عجافٍ

ننطر في هذا البرد القارس

دفء يديك

يا حاسوب الدنيا

ماذا يجري؟؟؟

بايعناك

ورافقناك

وضعنا فيك طويلاً

ضعنا فيك

لكنا حين أردنا أن نوقف حيرتنا المرة

ضعنا ثانيةً

وصرخنا خلفك

يا حاسوب الدنيا انتظر الناس قليلاً

فلقد جفَّ العمر على الشاشة

منكسراً وخجولا

ما عاد لنا في هذا العالم إلاك رسولا

لكنا يا حاسوب العمر

ذبلنا فوق الشاشات طويلا

وستأكلنا الوحشة

تأكلنا الوحشة

والتيه يمد يديه دليلا

ونعود من الحاسوب ضحايا منفردين

قتيلاً في الصحراء يدلُّ قتيلا

(٣)

بعد ثلاثين مضت

شاخ الحاسوب

وأنجب أطفالاً في حجم الكف

الحاسوب الآن يشيخ ويترك للناس صغاره

الحاسوب انتصر اليوم علينا

وقريباً جداً سوف يزفُّ لكل العالم

أجراس بشاره

الكل سيترك مخدعه ودياره

لا عائلةٌ تبقى

لا أطفال

الكل يقول ابتعد الآن

فقط الوحشة تطبق فكيها

وتصيح

تعالْ

المنزل ممتلئٌ بالأطفالْ

لكنَّ الأدغالْ

تمتد على الشرفات وفوق الأسطح

بين السكَّر في أقداح الشاي

وحدي أشربه ممتلئاً بالغربة

حتى حوَّلني الحاسوب

لبحِّة ناي

(٤)

لستُ وحيداً

لكني ممتلئٌ بالغربة يا الله

البيت الدافئ ممتلئٌ بالأولاد

صبيانٌ وبناتْ

ومعي امرأتي أيضاً

لكنا منفيون بهذا البيت الدافئ

* النص الكامل على الانترنتمنفيون

الكلمات تشحُّ علينا

اصرخ يومياً

يا أولاد تعالوا

لكنَّ الأولاد بعيدون

بعيدون

البيتُ الضيِّقُ يجمعنا

لكنَّا منفيِّون

ومنعزلون

جزرٌ تتباعد عن أخرى

وقلوبٌ ليس لهنَّ عيون

(٥)

ما أسعدني

يوم ذهبتُ إلى السوق وحيداً

أبتاع الحاسوب

وأرقص في فرحٍ

منتشياً بشراء صديقٍ

يتقاسم أفكاري وحياتي

هيأتُ له منضدةً في زاوية البيت

وبقيتُ أداريه مساءً وصباحا

حتى صار فتىً من فتيان البيت

أخاف عليه من الحمى

وأجسُّ حرارته

وأعدُّ له أكواب القهوة والشاي إذا صاحا

ماذا يحتاج الحاسوب صديقي أو ولدي؟

الشحن بطيء...؟

غيّرتُ الشاحن في غمضة عين

الحاسوب مريض...؟

رحتُ سريعاً أركض فيه إلى الجيران أو المستشفى

حيث الخبراء

يتلمس كلٌّ منهم زراً من أزرار الحاسوب المتعبْ

قالوا يا مجنون

خففْ عن كاهله الكلمات

أثقلتَ الحائط بالصرخات

وملأتَ السطح الأزرق

دمعاً ودماً وعويلَ محطات

(٦)

ماذا نصنع؟

هذا الحاسوب مريضٌ جداً

لا بدَّ له من وقتٍ كي يرتاح

لا بدَّ لهذي الجُملِ الملغومةِ أنْ تنزاح

عن صدر الحاسوب

لكي يغفو مبتهحاً

بفراغ الحائط

مكتفياً بالغابات المحروقة

في صدر الشاعر

أو بالحزن النابت في الأرواح

الحاسوب مريضٌ هذي الليلة يا أشباح

ماذا نفعل والروح معلقةٌ

بالشاحن والمفتاح

ولهذا رحنا نمسحُ آلاف الكلمات

ونزيح برفقٍ عن كاهله

ما تركته الروح من الكدمات

كي يرتاح الحاسوب

مسحنا ذاكرة كاملة

وغناءً عذباً

وبكاء أميرات

كي يرتاح الكلب ابن الكلب

ويضحك منتصراً

رحنا نصرخ مهزومين ومندحرين

الحاسوب سيعلن دولته الكبرى

وسنأتيه سبايا منكسرين

(٧)

مسح الحاسوب بضغطة زر واحدة

آلاف الكلمات

الذاكرة انطفأت هذي الليلة

كي يغفو الحاسوب بلا صرخات

ماذا يعني

أن تشطب أياماً

وتحيل قصائد للنسيان

هذا العالم محكومٌ في ضغط زرٍ

والإنسان بلا إنسان

(٨)

كتب الأجداد على الطين حكايتهم

وكتبنا نحن على الحاسوب حكايتنا

ومضوا

ومضينا

واختلف الدرب علينا

لا نحن حفظنا

ما كتب الأجداد

ولا الحاسوب الأخرس

ردَّ العمر إلينا

يا ضيعتنا

يوم نسينا

في عمق البحر يدينا

(٩)

أعلنا نحن المسبيين هزيمتنا

وكسرنا آخر أقلام الليل

والمسودَّات انهزمت

ومزاج الأوراق تغير

من يقنع هذي الشاشة

أني أكتب شعراً

وبأني أبكي فوق الأوراق طويلاً

كي يخرج سطرٌ

ممتلئٌ بالأطفال

والآن كما تبصر

آلاف الكلمات تجيء وتذهب

فوق الشاشة

والأطفال الموتى

يختبئون وراء الشاشة

أيقوناتٍ

وينامون على الأدغال

هذا عصرك يا ابن رغال

فاستعجل

من أبطأ خطوك؟

والكل يصيح عليك

تعال

(١٠)

كنا حين يموت لنا رجلٌ

نتوشح بالأسود أعواماً أعواما

لا نفتح مذياعاً

أو نسمع أغنيةً

أو حتى نعلك في السرِّ

فقد صرنا نحن الفتيان

فتيان القرية

أشباحاً ويتامى

نبكي ونصيح ونحزن

نقطع آلاف الأمتار

لنبكي هذا الرجل الراحل عنا

أما اليوم

والفضل يعود إلى الحاسوب

فقد حولهم أرقاماً أرقاما

لن نبكي

فهنالك وجه في الشاشة يبكي بدلاً عني

لن أحزن

الشاشة فيها وجه مرسوم للحزن

سيحزن قبلي في ضغطة زر واحدة

وسيكتب تعزيةً قبلي

وسيرسلها بدلاً عني

وأنا متكئٌ منسيٌّ

كنكاتٍ مرَّ عليها زمنٌ

فاهترأتْ

وبقيت أعاتب أياماً هرمت

وأشيل على ظهريَ أياما

(١١)

ما الذي يصنعه الحاسوب فينا يا إلهي

نحن أولادك ساعدنا

فقد بعثرنا ليل المتاه

ونسينا العمر مشحوناً ومربوطاً مع النقال

فيما نحن منفيون بين الأهل

ملقاةٌ أغانينا القديمات على الدرب

وهذا العمر مشرورٌ على حبل الغوايات

وساهِ

دلنا يا رب

نحن أبناؤك تهنا

والعلامات التي توصلنا للبيت ضاعت

واختفت كل المواعيد الأغاني

الضحك الحلو النكات السير في الليل

ولم يبق سوى

حسرةٍ تنسل من فوق الشفاه

(١٢)

كل شيءٍ قد تغير

كل شي

صالة البيت التي نأوي إليها

ذبلت فينا ونامت دون ضي

جرس البيت اختفى أيضاً

وباب البيت ملقى في يدي

لم يعد يطرقه جارٌ

ولا صحبٌ

وحتى لم يعد يعبث في لحيته

أطفالنا في الحي

بدأت تذبل فينا الكلمات

مثلاً جار لنا قد مات

جارٌ طيبٌ كانت تناغيه المنازل

ما الذي نفعله

والجار هذا الجار راحل

غير أن نبعث وجهاً باكياً

نرسله بين الرسائل

كيف يا رب اختصرنا ذلك الحزن

ومن أطفأ بركان المشاعل

(١٣)

لم يعد للحب معنى

لم يعد كانوا وكنا

هبط الليل علينا ثم لم ترجع

إلى القلب المنازل

لم يعد يبكي المحبون

ولم يطرق جدار القلب سائل

كل ما يفعله الآن المحبون القلائل

صورة جاهزة يرسلها النقال صمتاً

ثم تنسى بين آلاف الرسائل

صورة كررها قبلك آلاف وآلاف

إلى أن بهت اللون

وتاه الحب منسياً

على الشاشات

منسياً وذابلْ.