«أنا طاير مش قادر أستنى لقاء الجمهور اللبناني». بهذه الكلمات يعبر الفنان الفلسطيني فرج سليمان عن فرحته بإحيائه أول حفل غنائي له في بيروت. وفي لقاء أجرته معه «الشرق الأوسط» رأى أن هذه المحطة له في العاصمة اللبنانية هي بمثابة حلم وتحقق. ويتابع: «إنها واحدة من أهم المراحل في حياتي خصوصاً بعد اكتشافي جمهوراً عريضاً يتابعني في لبنان. ما زلت حتى الساعة لا أستوعب هذا الحلم».
ويحيي فرج سليمان حفله مساء الجمعة 25 أغسطس (آب) في «بي أو» في أنطلياس. ويؤكد أنه تفاجأ بنفاد بطاقات حفله بسرعة، إذ لم يكن يتوقع ذلك. وعما إذا سيخص الجمهور اللبناني بأغنية معينة يرد: «مروري في بيروت يأتي من ضمن جولة فنية أقوم بها هذه السنة ستطال دولاً عربية وأجنبية. ويكفيني الالتقاء بهذا الجمهور من خلال باقة أغان منوعة. فقد اخترت لحفلي هنا بهذه المناسبة مجموعة أغنيات من ألبومات سابقة وحديثة. فعدّلت على برنامجي الغنائي المتبع في الجولة ككل ومن بينها طبعاً أغانٍ من ألبوم (أحلى من برلين). كما سأقدم مجموعة مقطوعات موسيقية منوعة تشمل الجاز والـ(Instrumental) وغيرها. فهي من دون شك ستكون أمسية جميلة وليلة من العمر».
تشغل أغاني فرج سليمان سامعها بحيث تدخل قلبه بسرعة بألحانها. وتجيب بكلامها على أسئلة كثيرة يطرحها على نفسه. فهي بمثابة قصص من حياة مجتمعاتنا العربية تترك بأثرها الإيجابي عند الناس. فكيف يصنع هذه الثنائية الناجحة بينه وبين كاتب أغنياته؟ «في البدايات وأعني مع ألبوم (البيت التاني) اشتغلت مع مجموعة كتاب. ولكني في الفترة الأخيرة شكلت مع الكاتب مجد كيال ثنائية جديدة. فصداقتنا قديمة وتعود إلى سنوات خلت. كما أن هناك تشابهاً بنظرتنا لأمور سياسية وفنية واجتماعية وغيرها. وهو ما شجعني للتعاون معه بشكل كبير. ومجد بالأساس كاتب روائي وهو أيضاً ما حفزني للتعاون معه وتركيب المواد الفنية معاً».
وهل تلقنه الموضوعات التي ترغب في تناولها؟ يرد: «لا أبداً بل يعرض علي النصوص وأقوم بترجمتها بألحاني. أحياناً نقوم بتعديلات صغيرة تتعلق باللحن أو الكلام، فنتشاور ونتناقش إلى حين الوصول إلى قناعات تجمعنا. وفي ألبوم (أحلى من برلين) قدمت لي مجموعة نصوص. وبمرحلة ما فهمت أنها مجتمعة تشكل مادة تحكي عن مدينة من بلدنا. ولم يكن لدينا الاتجاه للكتابة عن حيفا أو عن بلدنا فلسطين بالتحديد. فهذا الموضوع ولد عندنا مع الوقت، وبعدما نفذنا نحو 4 أو 5 أغنيات. فهو يكتب براحته وأنا ألحن، وأفهم مرات أن الكلام يذهب إلى أماكن معينة. وهو ما يدفعني إلى التعديل مرات بالموسيقى. ولكننا سوا نبني العمل الفني الذي أرغب في إصداره».
المعروف أن فرج تتلمذ على يد خاله الفنان يوسف باسيلا. فكان أستاذه الأول الذي أمسك بيده وعلمه حب الموسيقى منذ كان في الثالثة من عمره. ويعلق فرج سليمان: «أفرح لذكره فهو من طبع عندي حب الموسيقى. كان يعطيني دروساً في العزف على آلة الأورغ. ومعه وصلت إلى دروس متقدمة في هذا المجال». وعن أول لحن عزفه معه يتذكر: «أول الألحان التي علمني إياها هي (النهر الخالد) للراحل محمد عبد الوهاب. لم يدم هذا الأمر طويلاً، حتى أني لم أكن أستوعب ما أقوم به. وكنت أغار من باقي الأولاد الذين يمضون وقتهم باللعب فيما أنا أدرس الموسيقى مع خالي. ولكن عندما كبرت أدركت أنه كان أستاذ عزف محترفاً ويتمتع بصبر طويل. والمواد التي علمني إياها سمحت لي بإكمال مشواري براحة كبيرة، لأنها تشكل ركيزة مهمة في عالم الموسيقى».
ومن ناحية ثانية، يعترف فرج سليمان بأنه تأثر كثيراً بموسيقى زياد الرحباني. «طبعاً تأثرت به وهو من الأشخاص الذين درست موسيقاهم وغصت بأسلوبه في العزف على البيانو. وبرأيي من يرغب في التعرف على كيفية استخدام عزف البيانو في الموسيقى الشرقية فزياد الرحباني يشكل المرجع الأوحد بين الموسيقيين اليوم. لقد كان أكثر الموسيقيين الذين تعاملوا مع البيانو في الموسيقى العربية بجدية».
ويعرب سليمان عن تمنيه لقاء زياد الرحباني يوماً ما خصوصاً أنه تأثر بتنوع موسيقاه «إنها لا تشبه موسيقى أحد غيره، إن بالمقطوعات أو بالأغاني والموسيقى التصويرية، فاتبعت طريقه كي لا أبقى واقفاً في مكان واحد، وهذا الأمر على فكرة ممتع جداً ومسل».
ويذكر أن فرج سليمان وضع الموسيقى التصويرية لأفلام سينمائية قصيرة وأخرى روائية. ومن بينها «علم» لفراس خوري و«200 متر» لأمين نايفة.
استغل فرج سليمان فرصة وجوده في لبنان وصور كليباً لأغنية يتضمنه ألبومه الأخير. «لن أفصح عن اسم الأغنية ولكني كنت سعيداً بتصويره في بيروت بإدارة المخرج فايز بو خاطر. وقد مثلت دور سائق تاكسي فاستمتعت بالتصوير. كما أحضر لألبوم يتألف من موسيقى الجاز. ومن المتوقع أن يرى النور في شهر سبتمبر المقبل».