يسجل الكاتب الصحافي المصري أيمن عبد العزيز في كتابه «المغرب من قريب» انطباعاته حول الحياة في المغرب بشكل عام، وفي مدينتي الرباط وكازابلانكا من واقع تجربته بصفته مراسلاً لصحيفة «الأهرام» المصرية في المغرب.
ويبدأ المؤلف، في كتابه الصادر بالقاهرة في طبعة خاصة، بإبداء إعجابه بمقاهي الرباط الشهيرة، التي تقع بشارع «محمد الخامس»، الذي تطل من أعلاه صومعة «مئذنة» مسجد السنة نزولاً إلى محطة القطار (الرباط المدينة)، ومبنى البرلمان المغربي، وحتى نهاية الشارع أمام المدينة القديمة، وأيضاً في شارع «علال بن عبد الله» الموازي له. وفي هذه المنطقة الصغيرة وعلى مقاهيها الكثيرة لا بد أن تلتقي مثقفاً مغربيّاً شاعراً أو أديباً، أو صحافيّاً أو موسيقيّاً معروفاً.
هنا يصبح «محج الرباط» محطة أساسية لتناول القهوة والحلوى، وهو مكان جميل وراقٍ للغاية، به العديد من المقاهي والمطاعم الفاخرة، ويبعد عدة دقائق بالتاكسي عن قلب مدينة الرباط. ثم نتعرف من خلال وصفه على «بلاس بيتري»، الذي يقع في مكان منخفض تحيط به من كل الجهات عدة درجات من سلالم رخامية فسيحة وممتدة تؤدي إليه، وهو ما يشبه المسرح الروماني القديم بالإسكندرية. كما اعتاد المؤلف الجلوس إلى أحد المقاهي بمنطقة «القنيطرة»، وهو المنطقة التي كان الرئيس الجزائري الأسبق محمد بوضياف يجلس فيها دائماً في أثناء الفترة التي قضاها في المغرب قبل أن يعود للجزائر ويتم اغتياله.
تتميز المقاهي المغربية عموماً بالأناقة والجمال، كما يقول المؤلف، وبعضها ينظم أنشطة وفعاليات ثقافية متنوعة، كجلسات قراءة الكتب وتوقيعها، والأمسيات الشعرية، والمعارض الفنية.
كما تُمارَس أمام تلك المقاهي أو بالقرب منها، بعض الألعاب والحركات البهلوانية أو ما يطلق عليها «فنون الشارع»، فتجد بعض الشباب أو المراهقين يتخذون موقعهم في ركن بالشارع يمارسون فيه ألعابهم وحركاتهم الراقصة أو البهلوانية، أو تجد أحدهم أو بعضهم وقد وضعوا مكبرات صوت مختلفة الأحجام وأخذوا يعزفون ألواناً من الموسيقى، على أن يجود عليهم المارة ببعض الدراهم مقابل الفُرجة أو الاستمتاع بتلك العروض أو سماع تلك المعزوفات.
ولا تكتمل السياحة في الرباط دون زيارة «قصبة الأوداية»، أحد أهم وأشهر المزارات بالمدينة، والتجول بداخلها ومشاهدة مبانيها والتقاط الصور بين أشجار حدائقها الجميلة. وهي عبارة عن جزء من قلعة عسكرية محصنة قديمة تطل على المحيط الأطلنطي عند مصب نهر «أبي رقراق»، شيّدها الموحدون في القرن الثاني عشر باسم «رباط الفتح» (بفتح الراء والباء) لحماية المدينة، ومنها جاءت تسمية العاصمة، وأطلق عليها أمراء الموحدين تلك التسمية لأنها كانت مركزاً لتجميع جيوش المجاهدين المتجهة للأندلس وإلى الشمال الشرقي لأفريقيا.
ومن الموضوعات الصحافية الشيقة التي يرويها المؤلف في «كازا» إجراؤه حواراً مع قائدة القطار المغربي الآنسة فوزية أفيراو، وكيف رافقها في رحلة داخل كابينة القيادة من محطة «كازا بور» إلى محطة القطار، التي تقع أسفل مطار محمد الخامس. يكشف الحوار عن ملمح مهم من ملامح تميز المرأة المغربية وتمكنها من قيادة القطارات، حيث أن «أفيراو» هي أول امرأة عربية تتصدى لهذه المهمة.