من «باربي» إلى «سان لوران»... العلامات التجارية تغزو الشاشة الكبيرة

امرأة ترتدي ملابس «باربي» خلال العرض الأول لفيلم «باربي» في لاباز ببوليفيا في 20 يوليو 2023 (إ.ب.أ)
امرأة ترتدي ملابس «باربي» خلال العرض الأول لفيلم «باربي» في لاباز ببوليفيا في 20 يوليو 2023 (إ.ب.أ)
TT

من «باربي» إلى «سان لوران»... العلامات التجارية تغزو الشاشة الكبيرة

امرأة ترتدي ملابس «باربي» خلال العرض الأول لفيلم «باربي» في لاباز ببوليفيا في 20 يوليو 2023 (إ.ب.أ)
امرأة ترتدي ملابس «باربي» خلال العرض الأول لفيلم «باربي» في لاباز ببوليفيا في 20 يوليو 2023 (إ.ب.أ)

على الشاشة الكبيرة، لم تعد العلامات التجارية تكتفي بالأدوار الثانوية... فمن فيلم «باربي» الذي طُرح في الصالات العالمية هذا الأسبوع، إلى «فيراري» لمايكل مان، مروراً بـ«هاوس أوف غوتشي» لريدلي سكوت، باتت الماركات تزوّد صنّاع السينما بمادة أولية جاذبة للجماهير، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

ولمناسبة طرح الفيلم الطويل الجديد من بطولة مارغو روبي وراين غوسلينغ، قامت العلامة التجارية الأنثوية وشركتها الأم «ماتيل» بحملة تسويقية ضخمة في جميع أنحاء العالم، لتحذو حذو أفلام «ليغو» التي غزت الشاشات.

وقال جان مارك ليو، المتخصص في الإدارة بجامعة بانتيون سوربون الفرنسية لوكالة الصحافة الفرنسية: «نتحدث دائماً عن التسويق المدمج، لكن لا علاقة لذلك بما كان يحصل قبل قرن. لدى الجمهور قرب من العلامات التجارية لدرجة أنه لم يعد يرى أي مشكلة» في تخصيص فيلم كامل لها.

وأوضحت جيرالدين ميشال، مديرة قسم دراسات العلامات التجارية في معهد إدارة الشركات التابع لجامعة السوربون في باريس، من جانبها، أن «الفكرة (من هذا النوع من الأفلام) هي تسليط الضوء على القيمة أو الشخصية أو الدور الذي تريد العلامة التجارية أن تمنحه لنفسها في المجتمع».

وأضافت: «هذه القصص تغري الناس. العلامات التجارية حلت محل السياسة والدين، هي تُنشئ مجتمعات، والأفلام جزء من ذلك. إنها دعاية على نطاق واسع».

من بين العلامات التجارية التي حجزت مكاناً لها على الشاشة الكبيرة للأشهر المقبلة، قد يكون فريق «فورمولا 1» الأكثر شهرة؛ الحدث في مهرجان البندقية السينمائي في نسخته المقبلة في سبتمبر (أيلول). فمن المتوقع أن يقدّم مؤلف «هيت» (Heat) مايكل مان في المهرجان الإيطالي العريق فيلمه «فيراري». ويؤدي في هذا الفيلم آدم درايفر دور مؤسس شركة السيارات الرياضية في أواخر خمسينات الفرن الماضي، عندما كانت شركته على وشك الإفلاس.

هذه العلامة التجارية ليست جديدة على عالم السينما، فقد سبق أن احتلت موقعاً مركزياً في فيلم «فورد فرسس فيراري»، مع مات دايمون وكريستيان بايل.

«سان لوران» في الإنتاج

في عالم الفخامة أيضاً، تتلاشى الحدود بين السينما والعلامات التجارية. فبعد مرور عقد على رؤية مصممها يتجسد مرتين في العام نفسه على الشاشة، من جانب بيار نيني وغاسبار أولييل، أصبحت دار «إيف سان لوران» في الربيع أول علامة تجارية فاخرة تؤسس شركة إنتاج خاصة بها.

وتسعى الدار من خلال هذه الخطوة إلى إنتاج أفلام تضمّ في عداد نجومها أسماء كبيرة في المجال السينمائي. وقد حاز أول عمل من إنتاجها، وهو فيلم «ستراينج واي أوف لايف» من توقيع بدرو ألمودوفار، تقديراً في مهرجان كان السينمائي.

وأيضاً ضمن العلامات التجارية التابعة لمجموعة «كيرينغ»، خُصص لدار «غوتشي» أخيراً فيلم «هاوس أوف غوتشي» من بطولة ليدي غاغا وآدم درايفر وآل باتشينو وجاريد ليتو.

ويستعيد ريدلي سكوت في هذا الفيلم قصة اغتيال وريث الدار الإيطالية، في جريمة دبّرتها زوجته السابقة باتريسيا ريجياني.

وتظهر حقائب وإكسسوارات العلامة التجارية مرات لا تحصى على الشاشة، وتلعب الممثلة سلمى حايك، زوجة رئيس شركة «كيرينغ» فرنسوا هنري بينو، دوراً في ذلك.

كما أن الكثير من الأفلام التي تدور حول العلامات التجارية تعتمد أسلوباً أقل إبهاراً للجمهور، وغالباً ما تُبنى على نمط مشابه يتركز على سرد قصة أصحاب هذه الماركات، وأحياناً قصة سقوطها.

وألهم ستيف جوبز (مؤسس شركة «آبل») فيلمين، فيما شكلت شخصية مارك زوكربرغ (مؤسس «فيسبوك») محور فيلم «ذي سوشل نتوورك» من بطولة جيسي أيزنبرغ بدور مؤسس الشبكة الاجتماعية الرائدة عالمياً.

لكنّ شخصيات أقل شهرة كانت مصدر إلهام أيضاً، مثل مؤسس سلسلة «ماكدونالدز» (في «ذي فاوندر»)، أو أيضاً مؤسسا شركة «بلاكبيري» اللذان تمحور حولهما فيلم عُرض في مهرجان برلين السينمائي.

وأصبح هذا النوع أيضاً رائجاً على منصات البث التدفقي: إذ يروي فيلم «إير» بتوقيع بن أفليك ومن بطولة مات ديمون، قصة سوني فاكارو، مدير التسويق الرياضي في «نايكي»، فيما يتيح «تتريس» على «آبل تي في بلاس» اكتشاف «القصة المذهلة لأكثر ألعاب الفيديو شعبية».

تعد المنصة نفسها جمهورها بمسلسل جديد نهاية يوليو (تموز) الحالي بعنوان «ذي بيني بابل»، وهو عمل يروي «واحدة من أكثر قصص النجاح الأميركية غرابة»، عن شركة «تي» المصنّعة لحيوانات «بيني بايبيز» القماشية الرائجة لدى الأطفال.


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة

رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة
TT

رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة

رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة

ليس أكثر من قصائد الشعر بمختلف اللغات وفي شتى العصور، ولكن ما عسى الشعر أن يكون؟ يقول جون كاري (John Carey) أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة أوكسفورد في كتابه «الشعر: تاريخ وجيز» (A Little History of Poetry)، (مطبعة جامعة ييل، نيوهفن ولندن، 2020) إن «صلة الشعر باللغة كصلة الموسيقى بالضوضاء. فالشعر لغة مستخدمة على نحوٍ خاص، يجعلنا نتذكر كلماته ونثمنها». وكتاب كاري الذي نعرضه هنا موضوعه أشعار عاشت على الزمن منذ ملحمة جلجامش البابلية في الألفية الثالثة ق.م وملحمتي هوميروس «الإلياذة» و«الأوديسة» في القرن الثامن ق.م حتى شعراء عصرنا مثل الشاعر الآيرلندي شيمس هيني (تُوفي في 2013) والشاعرة الأفرو - أميركية مايا أنجيلو (توفيت في 2014) والشاعر الأسترالي لس مري (توفي في 2019).

ليس الشعر كما يظن كثيرون خيالاً منقطع الصلة بالواقع أو تهويماً في عالم أثيري عديم الجذور. إنه كما يوضح كاري مشتبك بالأسطورة والحرب والحب والعلم والدين والثورة والسياسة والأسفار. فالشعر ساحة لقاء بين الشرق والغرب، ومجال للبوح الاعترافي، ومراوحة بين قطبي الكلاسية والرومانسية، وأداة للنقد الاجتماعي، ومعالجة لقضايا الجنس والعرق والطبقة. إنه كلمات يختارها الشاعر من محيط اللغة الواسع ويرتبها في نسق معين يخاطب العقل والوجدان والحواس. فالشعراء كما تقول الشاعرة الأميركية ميريان مور يقدمون «حدائق خيالية بها ضفادع حقيقية».

وتعتبر الشاعرة اليونانية سافو (630 ق.م-570 ق.م) من جزيرة لسبوس أول شاعرة امرأة وصلت إلينا أشعارها في هيئة شذرات (القصيدة الوحيدة التي وصلت إلينا منها كاملة عنوانها «أنشودة إلى أفروديتي» ربة الحب). المحبوبة في قصائدها تفاحة حمراء ناضجة في شجرة عالية بعيدة المنال. أو هي زهرة جبلية يطأها الرعاة الأجلاف بأقدامهم فتترك أثراً أرجوانياً على الأرض. وفى قصيدتها المعروفة باسم «الشذرة 31» ترى صديقة لها تتحدث مع رجل وتضاحكه فتتولاها الغيرة ويثب قلبها في صدرها وتشعر كأن ناراً ترعى في بدنها فتعجز عن الكلام وتغيم عيناها وترتعد فرائصها (للدكتور عبد الغفار مكاوي كتاب صغير جميل عن «سافو شاعرة الحب والجمال عند اليونان»، دار المعارف، القاهرة).

والشعر مشتبك بالدين كما هو الحال في غزليات الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي (من القرن الرابع عشر الميلادي) الذي لا نعرف الكثير عن حياته. نعرف فقط أنه حفظ القرآن الكريم في طفولته واشتغل خبازاً قبل أن يغدو من شعراء البلاط ودرس الصوفية على يدي أحد أقطابها. وهو يستخدم صور الحب والخمر كما يفعل المتصوفة رمزاً إلى الحب الإلهي والوجد الصوفي والنشوة الروحية المجاوزة للحواس. وقد غدت قصائده من كنوز اللغة الفارسية، ودخلت بعض أبياته الأمثال الشعبية والأقوال الحكمية، ولا يكاد بيت إيراني يخلو من ديوانه.

كذلك نجد أن الشعر يشتبك بكيمياء اللغة وقدرتها على الإيحاء ومجاوزة الواقع دون فقدان للصلة به. يتجلى هذا على أوضح الأنحاء في عمل الشاعر الرمزي الفرنسي أرتور رامبو من القرن التاسع عشر. فعن طريق تشويش الحواس والخلط بين معطياتها يغدو الشاعر رائياً يرى ما لا يراه غيره وسيتكشف آفاق المجهول. فعل رامبو هذا قبل أن يبلغ التاسعة عشرة من العمر، وذلك في قصائده «السفينة النشوى» (بترجمة ماهر البطوطي) و«فصل في الجحيم» (ترجمها الفنان التشكيلي رمسيس يونان) و«اللوحات الملونة» أو «الإشراقات» (ترجمها رفعت سلام). وبهذه القصائد غدا رامبو - ومعه لوتريامون صاحب ديوان «أغاني مالدورور» - أباً للسريالية في العقود الأولى من القرن العشرين.

والشعر مشتبك بالسياسة خاصة في عصرنا الذي شهد حربين عالميتين وحروباً محلية وصراعات آيديولوجية ما بين نازية وفاشية وشيوعية وليبرالية وديمقراطية وأصولية دينية، كما شهد المحرقة النازية وإلقاء أول قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي. وممن عاشوا أزمات هذا العصر الشاعر التشيكي ياروسلاف سيفرت (1986-1901) الحائز جائزة نوبل للأدب في 1984. إنه في ديوانه المسمى «إكليل من السوناتات» (1956) يخاطب مدينته براغ التي أحالتها الحرب العالمية الثانية إلى ركام معبراً عن حبه لها وولائه لوطنه. وشعر سيفرت يقوم على استخدام المجاز. وقد جاء في حيثيات منحه جائزة نوبل أن شعره الذي يمتاز بالوضوح والموسيقية والصور الحسية يجسد تماهيه العميق مع بلده وشعبه.

ومن خلال الترجمة يتمكن الشعر من عبور المسافات وإقامة الجسور وإلغاء البعد الزمني، وذلك متى توافر له المترجم الموهوب القادر على نقل روح القصيدة ونصها. هذا ما فعله المترجم الإنجليزي آرثر ويلي (توفي في 1966) الذي نقل إلى الإنجليزية كثيراً من الآثار الشعرية والروائية والمسرحية الصينية واليابانية.

ومن أمثلة ترجماته هذه القصيدة القصيرة من تأليف الإمبراطور الصيني وو-تي (القرن الأول ق.م) وفيها يرثي حبيبته الراحلة:

لقد توقف حفيف تنورتها الحريرية.

وعلى الرصيف الرخامي ينمو التراب.

غرفتها الخالية باردة ساكنة.

وأوراق الشجر الساقطة قد تكوّمت عند الأبواب.

وإذ أتوق إلى تلك السيدة الحلوة

كيف يتسنى لي أن أحمل قلبي المتوجع على السكينة؟

ويختم جون كاري هذه السياحة في آفاق الشعر العالمي، قديماً وحديثاً، شرقاً وغرباً، بقوله إن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على طرح الأسئلة على الكون، بغية إدراك معنى الوجود، أسئلة لا تجد إجابة في الغالب، ولكن هذا التساؤل - من جانب الفيلسوف والعالم والشاعر - يمثل مجد الإنسان ومأساته معاً.