«حين تغيرنا عتبات البيوت»... جماليات المقالة القصصية

عبد الإله يقدم 3 أجزاء سردية موازية للمعلنة في الكتاب

«حين تغيرنا عتبات البيوت»... جماليات المقالة القصصية
TT

«حين تغيرنا عتبات البيوت»... جماليات المقالة القصصية

«حين تغيرنا عتبات البيوت»... جماليات المقالة القصصية

يفتتح الروائي والقاص «لؤي عبد الإله» المقالات الصحافية التي كتبها بين عامي 2020 بتقريض لغة الحوار بين عناصر الوجود «كم من الأشياء تدعونا للتحاور معها وكم سعيدة تلك المخلوقات التي تؤمن مثل الأطفال بوجود الحياة في كل الجمادات حولها» (ص10). وللحوار في الكتاب أبعاد خطابية تضاف للأبعاد الفكرية والثقافية، تلك هي حوارية الأجناس النثرية تحت مظلة السرد بوصفه نظاماً للحكي وأداة معرفية للتفكير في العلوم الإنسانية.

العنوان الذي اختاره المؤلف عتبة نصية «حين تغيرنا عتبات البيوت» ما هو إلا قصة قصيرة جداً تحكي أثر الزمكانية في تشكيل الهوية السردية، هي قصة الاغتراب المكاني والوجودي اللذين عاشهما عبد الإله، وتغييره للعتبات مرات عدة منذ مغادرته العراق منتصف السبعينات حتى استقراره في العاصمة لندن، منتصف الثمانينات.

قُسِّم الكتاب إلى 3 أجزاء أو فصول، الأول عنوانه «نصوص»، فيه اقتراب من فكرة حوارية الأجناس النثرية التي أشير اليها، والثاني بعنوان «مقاربات نقدية»، فيه عدد من المقالات، يبرز فيها التحليل والتفسير النقديين، والفصل الثالث «انطباعات بصرية»، فيه مقاربة لبعض الأعمال المسرحية والتشكيلية.

تبلغ «نصوص» ثلثي الكتاب، بينما يبقى الثلث الأخير للمقاربات النقدية، ما يبين احتفاء المقالات بالنسق السردي الذي يغني تلقي الآراء، وبإمكانه إنشاء حوارية بين الذاتية والموضوعية في كتابة المقال الصحافي. لا تنزاح المقالات بعضها عن بعض إلا بقدر محدود، فتتشاكل أسلوبية، أغلبها بين إشهارية العلامة المقالية، وفيها إبلاغ لمعلومة أو تثقيف لتوجه وسلوك أعينهما، أو إدلاء برأي في كتاب أو مسألة فلسفية ووجودية، وبين ضمنية العلامة السردية الإيحائية.

يؤكد المؤلف على حوارية «عتبات البيوت» المكانية مع نظرية «طقوس العبور» الزمانية للمفكر الأنثروبولوجي «أرنولد فان غنب». قارب الموضوعين، بدءاً من المقال الذي حمل عنوان الكتاب في فصل نصوص، وعاد لذكر طقوس العبور في آخر مقالة بعنوان «طقوس العبور حقيقتنا وحقيقة العالم تفلتان من أيدينا». في كلتا المقالتين تم تقليب فكرتي العتبة والعبور على وجهيهما بالسرد والوصف تارة، وبالشرح والتعليق والموازنة والتحليل والتأويل تارة أخرى، غير أنه في المقال الأول تكلم بشكل مجمل عن تصوراته للعتبات وطقوس العبور. أما المقال الأخير فقد خصص للكلام عن معرض طقوس العبور، الذي نظم بالعاصمة البريطانية عام 1998، وفيه قراءة نقدية لنصوص روائية في ضوء العتبات الزمكانية.

بإمكاني كقارئة تقسيم المقالات إلى 3 أجزاء سردية موازية لتلك المعلنة في الكتاب، وهي أولاً «سرديات المكان والزمان»، وثانياً «سرديات السيرة والسيرة الشخصية»، وثالثاً «سرديات تفاصيل الحياة اليومية». السرديات الزمكانية هي المهيمنة على فصول الكتاب، وتدخل ضمنها المقالات التي تصنف أنها تاريخية وسياسية، ففي كل منها يدخل المؤلف للموضوع الذي يريد أن يناقشه مدخلاً سردياً، مثل الكلام عن شخصية روائية أو حبكة قصصية أو أعمال روائية معينة، في مقال «حين تغيرنا عتبات البيوت» يسرد المدخل بما يعرف بضمير الشخص الثالث: «تقودني الذاكرة من وقت إلى آخر إلى تلك العتبة الملاصقة لباب خشبي سميك تعج فوقه حفريات الماضي العريق وعليها يجلس ذلك الطفل باطمئنان كامل. إنه هنا ضمن البيت وخارجه متمتعاً بشعور الحماية الناجم عن موقع العتبة نفسها» (ص19). يشكل الحنين إلى بيت الطفولة جزءاً حيوياً من صورة المكان في الذاكرة والوجدان، فالسارد يتمثل صورة عتبة بيته القديم في مستهل كلامه، وينتقل بعد المدخل لشرح فكرته وتبسيطها، ثم ما يلبث أن يأتي بالمثل بكلامه عن ملحمة «الكوميديا الإلهية». يفترض «دانتي» برزخاً فاصلاً بين الجحيم والفردوس، يلبث فيه المذنبون بعد أن يقضوا عقوبتهم في الجحيم إلى أن تشملهم الرحمة ويدخلوا النعيم، بعدها يرحل صوب الطقوس والقصص الديني، مثل حديثه عن سحور رمضان بوصفه عتبة فاصلة بين لحظات الشبع والتهيؤ للصيام، وقد مر مروراً سريعاً على قصة الإسراء والمعراج.

يفضل الكاتب الإقامة في بيت المتخيل، يدخل عالم رواية «الحرب والسلام»، يحدثنا عن حكاية الأمير «أندريه» والكونت «بيير»، يسردها سرداً وصفياً مختصراً لشخصيتهما ما قبل التغيير وما اتسما به بعد التحبيك الذي ينقلهما نحو عتبة أخرى، ويقدم قراءته للفكرة الكامنة وراء المتخيل: «فجأة ينساق الفرد في طريق كان يعتبره قبل يوم واحد حماقة كبرى، كأن ما يحكم الفرد في نهاية المطاف قبضة اللاعقلانية، هنالك في تلك العتبة يحصل التحول» (ص22)، فالحكاية وليس منطق العلم من بإمكانه التعبير عن طقوس العبور في إيقاع تناوبي يزاول الترحال بين الملفوظات النصية من الإقناع إلى التمثيل، ومن الذاكرة إلى استكشاف المجهول، يتلون إيقاع المقالات بألوان الفكر من المنطق الاستدلالي إلى القياس الذهني إلى ملكة التصور الحسي حيث تستقر النصوص عند هذه الملكة التي تحيل فرضيات التاريخ والواقع إلى مسرح كبير للعب وتبادل الأقنعة.

ومن المقالات التي يبرز فيها السرد التاريخي للأحداث والشخصيات المقالة المعنونة «مكر التاريخ»، وفيها يستهل الحديث عن هزيمة «نابليون» في معركة واترلو، ثم يستقرئ نتائج تلك المحاولة الفاشلة لغزو أوروبا بعد قرنين من الزمن: «الحلم الذي أخذه نابليون إلى القبر بدأ بالتحقق على الأرض بعد مرور ما يقرب 130. هذا الحلم هو ظهور أوروبا المتحدة» (ص25)، ينتقل بعدها إلى قصة التجربة الاشتراكية، وقد بدأت من فرنسا وفشلت فيها واستقرت في روسيا، ومن ثم سقوط التجربة عالمياً وما نتج عنه من عواقب انفراد أميركا بالهيمنة على العالم.

مقالة أخرى يقترب موضوعها من السابقة هي «من يصوغ مسار التاريخ»، يتكلم فيها عن دور الطغاة في تحريك عجلة التاريخ بوتيرة متصاعدة ودفعها نحو عتبات فاصلة من أمثال «نابليون» و«هتلر» و«هنري الثامن». يقول: «لم تبن الجمهوريات الديمقراطية إرثاً كبيراً في بناء الأمم وبناء دولها، بل هم الطغاة من قاموا بهذه المهمة» (ص34). يبقى المؤلف على تواصل مع فكرة العتبة في أغلب المقالات التي تناول فيها سرديات الأزمنة والأمكنة، فالعتبة نسق يستجيب للتحولات في بنيته مع استبدال الفواعل والأحداث.

نقرأ في سرديات السيرة والسيرة الذاتية حديثاً عن سيرة الشخصيات الإبداعية التي ألهمت المؤلف وتأثر بما نسجته أناملها من طروحات فكرية وتقنيات شكلية، يأتي في مقدمة تلك الشخصيات الروائي والقاص العراقي «فؤاد التكرلي»، وقد ذكره في مقالتين؛ أولهما «الإصغاء إلى روح الجماعة»، والثانية بعنوان «ثيمة العنف في قصص فؤاد التكرلي». تطرق في المقال الأول لفهم التكرلي للرواية، بوصفها حوارية أصوات ولغات، وذلك قبل ترجمة أفكار «باختين» إلى العربية واطلاع المبدعين والنقاد عليها، يتواتر السرد في المقال عن روايات «فؤاد التكرلي»؛ أحداثها وشخصياتها تارة، وعن سيرته الشخصية تارة أخرى: «كان التكرلي يقيم في تونس حينما وصلته أخبار الأثر الصاخب على عدد كبير من المنفيين العراقيين في الجزائر» (ص47)، من هؤلاء المنفيين كان «لؤي عبد الإله» الذي تأثر بتجربة التكرلي إلى درجة التماهي، خاصة أن في سيرتهما كثيراً من عتبات اللقاء مع الفارق في السن والتجربة، مثل كونهما لم ينتميا لأي من الآيديولوجيات الرائجة في تلك الحقبة، وتصوفهما في محراب الإبداع، وبعدهما عن الأضواء، إضافة إلى تجربة الاغتراب، وهي العتبة الفاصلة في سيرة الرجلين الشخصية والإبداعية.

تبلغ «نصوص» ثلثي الكتاب بينما يبقى الثلث الأخير للمقاربات النقدية ما يبين احتفاء المقالات بالنسق السردي

وقد أشاد بدور كل من «غائب طعمة فرمان» و« نجيب المانع» في كتابة الرواية الفنية في العراق، وخصّ الكلام عن أبناء ذلك الجيل من روائيين وشعراء مثل «بدر شاكر السياب» و«عبد الوهاب البياتي»، الذين ولدوا في عشرينات القرن الفائت وتمكنوا من تشييد نهضة أدبية وثقافية عند عتبة منتصف القرن وما تلاه: «إنه أول جيل يدخل مدارس الدولة العراقية الناشئة بمدارسها ومناهجها، وتتفتح عيناه على الغرب عبر الاحتلال البريطاني أولاً، ثم الانتداب فالاستقلال المقنن» (ص158)، وقد بلغ إعجاب عبد الإله بجيل التأسيس أنه لم يذكر مبدعاً روائياً أو شاعراً من المعاصرين سوى الشاعر «فاضل السلطاني»، وحلل بعضاً من قصائده في مقالة عنوانها «المرأة الطريق إلى السماء»، ويلاحظ أنه لم يأتِ على ذكر المرأة إلا في المقال المشار إليه. ومن المفكرين والأدباء الغرب الذين مرّ على سيرتهم؛ دستويفسكي وباختين وماركس ونيتشه.

سرديات «الحياة اليومية» هي الأقل سطوعاً على لوحة النص، تأمل فيها الكاتب في تفاصيل الأشياء وهوامش الحياة، وهو يحاول تلمس دلالة تلك التفاصيل وتأثيرها على العتبات الفاصلة في حياة البشر. ومنها مقال بعنوان «العصر الرقمي يقتل المراسلة الشخصية»، وهو نوستالجيا وصفية لعصر ساعي البريد والرسائل الورقية المعطرة، ومقال «الأعشاب الضارة مجازاً» وفيه كلام عن المهمل المفيد في حياة البشر.

في مقالة عنوانها «البناء الموسيقي للرواية... ميلان كونديرا مثالاً» يقتبس عبد الإله عبارة لكونديرا جاءت في كتابه «صنعة الرواية»، وقد ذكرها في تحليله رواية «السائرون نياماً» لهرمان بروخ: «يتكون الجزء الثالث من الرواية من 5 خطوط موضوعة في شكل متناوب، هي الرواية والقصة القصيرة والقصيدة والمقالة والتقرير» (ص95)، هذا التناغم البوليفوني في الكتابة النثرية يراه القارئ لوحة نصية، ويلمسه إيقاعاً بنائياً في «حين تغيرنا عتبات البيوت».


مقالات ذات صلة

«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

يوميات الشرق ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)

«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

لعلّه المتحف الوحيد الذي تُعرض فيه عيدان كبريت، وبطاقات يانصيب، وأعقاب سجائر... لكن، على غرابتها وبساطتها، تروي تفاصيل "متحف البراءة" إحدى أجمل حكايات إسطنبول.

كريستين حبيب (إسطنبول)
كتب فرويد

كبار العلماء في رسائلهم الشخصية

ما أول شيء يتبادر إلى ذهنك إذا ذكر اسم عالم الطبيعة والرياضيات الألماني ألبرت آينشتاين؟ نظرية النسبية، بلا شك، ومعادلته التي كانت أساساً لصنع القنبلة الذرية

د. ماهر شفيق فريد
كتب ناثان هيل

«الرفاهية»... تشريح للمجتمع الأميركي في زمن الرقميات

فلنفرض أن روميو وجولييت تزوَّجا، بعد مرور عشرين سنة سنكتشف أن روميو ليس أباً مثالياً لأبنائه، وأن جولييت تشعر بالملل في حياتها وفي عملها.

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

صدر حديثاً عن دار نوفل - هاشيت أنطوان كتاب «دليل الإنسايية» للكاتبة والمخرجة الآيسلندية رند غنستاينردوتر، وذلك ضمن سلسلة «إشراقات».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون «شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

عن دار «بيت الياسمين» للنشر بالقاهرة، صدرتْ المجموعة القصصية «شجرة الصفصاف» للكاتب محمد المليجي، التي تتناول عدداً من الموضوعات المتنوعة مثل علاقة الأب بأبنائه

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.