أدونيس يعلن هزيمة جيل الحداثة الأول... ويتوجّس من أدلجة القراءة

في جلسة حوارية مثيرة للجدل على مسرح «إثراء» بالظهران

أدونيس خلال كلمته على مسرح «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
أدونيس خلال كلمته على مسرح «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
TT

أدونيس يعلن هزيمة جيل الحداثة الأول... ويتوجّس من أدلجة القراءة

أدونيس خلال كلمته على مسرح «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
أدونيس خلال كلمته على مسرح «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)

أينما حل الشاعر السوري أدونيس فإنه قادر على الاستئثار بالاهتمام وإثارة التساؤلات، وفي زيارته الثانية إلى السعودية، أطل صاحب كتاب «الثابت والمتحوّل» هذه المرة من منبر قرائي مخاطباً الشباب العرب، في جلسة حوارية صباحية وكلمة احتفالية مسائية، ضمن فعاليات ختام برنامج إثراء القراءة (اقرأ)، الذي نظمه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) بالظهران، وسط حضور كثيف من مثقفين سعوديين وعرب.

وفي المرتين اللتين صعد بهما أدونيس على مسرح «إثراء»، كان يُظهر حنكته في نقد التراث الشعري، ودك عرش رموزه، حيث صرّح في الجلسة التي حاوره فيها الناقد السعودي محمد العباس، قائلاً: «لو أخذنا جيل الحداثة الأول، من بدر شاكر السياب مروراً بنزار قباني ومحمود درويش وأدونيس وغيرهم، ثم قارنا إنتاجه بما تكتبه المرأة العربية، فأنا أشهد بأن ما تكتبه المرأة العربية اليوم هو أكثر أهمية مما كتبناه».

الكينونة الإنسانية

وأرجع أدونيس ذلك إلى أن المرأة العربية بدأت تخرج من رأسها الثقافي وتكتب جسدها العميق الحقيقي، بما يراه يفتح طرقاً جديدة للتعبير الشعري، في حين أن الجيل الحداثي الذي أسمى رموزه؛ بقي متردداً من الاعتراف بذلك. جاء ذلك خلال سؤاله عن مدى رضاه عن الشعر العربي في الوقت الحالي، وأضاف: «نحن اليوم لا نزال نكتب برأسنا، فنحن نكتب الشعر ثقافياً، أما عوالم الجسد والمخيّلة والانفعالات والأحلام والغضب وغيره مما هو مرتبط بالكينونة الإنسانية العميقة، فإننا لم نكتب عنه بعد». وأردف: «لا نزال نكتب ما يكتبه الآخرون، والفرق بين شاعر وشاعر آخر يكمن في المعرفة اللغوية والثقافية، وليس في الشعرية ذاتها».

الحداثة الشعرية

كما فتح أدونيس النار على الشاعر الراحل أحمد شوقي، الملقب بأمير الشعراء، باعتباره كان من أعظم شعراء عصره، إلا أن أدونيس له رأي مخالف، حيث تساءل قائلاً: «في حال وضعنا أحمد شوقي مع الشعراء من أمثال البحتري وأبي تمام والمتنبي، وسألنا عما أضافه أمير الشعراء إلى هؤلاء الذين استعار منهم؟ فإن الجواب أنه لم يضِف شيئاً على الإطلاق».

تناول أدونيس الحداثة الشعرية في الجلسة الحوارية التي اكتظت بالحضور، ثم أردف: «السور القرآنية تبدو كتابياً كأنها حديقة مفتوحة على جميع الجهات»، وأضاف: «يمكن أن نعد السور القرآنية نموذجاً أساسياً لكتابة الشعر نثراً باللغة العربية». ثم اتجه ناحية الحضور قائلاً إن «أعظم ما يمكن أن يقوم به القارئ العربي أن ينقد نفسه، ماذا نقرأ وماذا نكتب».

اختزال القراءة

وفي كلمة «نوبليّة» مطوّلة ألقاها أدونيس قبيل دقائق من إعلان نتائج الفائزين بلقب قارئ العام، استشهد بالآيات القرآنية من سورة العلق (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإنسَان مَا لَم يَعلَم). وأردف بالقول: «هو كلام قرآني يؤكد أن القراءة أن يتعلم الإنسان ما لا يعلم، وهي اكتشاف لما يجهله».

وبعد ما وصفه بالتجربة الحيّة لرجل تجاوز عامه التسعين، يقول أدونيس: «لدى معظم القراء العرب ميل واضح إلى العزوف عن قراءة ما يخالف قناعاتهم، أو يظنون أنهم يخالفونه، وهذا الميل يدفعهم لاختزال القراءة فيما يثبّت ما في أنفسهم ويدفعهم إلى القراءة انطلاقاً من مُسبّقات متنوعة، آيديولوجية وسياسية».

أدونيس الذي قال: «كم هو خطير فعل القراءة، وكم هو خطير أيضاً فعل العزوف عن القراءة»، خاطب الشباب المكتظ في مسرح «إثراء» قائلاً: «أشير إلى أن القراءة هي - بطبيعتها - فعل خلّاق، وإلى أن الكون كتاب يُقرآ بلا نهاية، ويُكتب أيضاً بلا نهاية»، وتابع: «قل لي ماذا تقرأ، أقل لك من أنت».

هويّة وجودية

وكعادته، هام أدونيس في وجدان الشعر العربي، قائلاً: «الشعر العربي في نشأته قبل الإسلام، هو كينونة أكثر منه ثقافة، إنه جسد آخر للشاعر وحياة ثانية داخل الحياة، هو هويّة وجودية قبل أن يكون هويّة ثقافية». وأردف: «لن نجد شاعراً في معظم اللغات الحيّة يخطئ في لغته التي هي جوهره، كما نجد في لغتنا العربية، وأما الكتب المترجمة، وبخاصة الفلسفية والشعرية، فإن من أكثر الضرورات إلحاحاً أن يُنظر في أمرها على نحوٍ شامل».

هذا الحضور الشعري رافقته نصوص أدبية عميقة ألقاها المتسابقون الخمسة الذين وصلوا إلى نهاية سباق القراءة بعد أشهر طويلة من التنافس والتحضير والإعداد، كما رافق الحفل عذوبة صوت المغنية السورية فايا يونان، التي شدت بأغاني القصائد العربية بطلة ملائكية لافتة، واختتم هذا الحفل المبهر بإعلان النتائج، حيث فاز العراقي زين العابدين المرشدي بجائزة لجنة التحكيم لقارئ العام، فيما فاز المشارك المغربي سفيان البراق بلقب قارئ العام بحسب تجربة الملتقى، واستحوذت السعودية بلقيس الصولان على جائزة الجمهور لاختيار قارئ العام.


مقالات ذات صلة

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

الاقتصاد واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من «ملتقى السياحة السعودي 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

انطلاق «ملتقى السياحة السعودي 2025» بمشاركة أكثر من 100 جهة

استضافت العاصمة الرياض النسخة الثالثة من «ملتقى السياحة السعودي 2025»، بمشاركة أكثر من 100 جهة؛ حيث يقدم منصة شاملة لاستعراض أحدث المستجدات في القطاع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سفر وسياحة كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

في خطوة لتنوع مسارات قطاع السياحة في السعودية جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية

سعيد الأبيض (جدة)
الخليج محمد بن سلمان يزور مشروع منتجع «شرعان» في العلا

محمد بن سلمان يزور مشروع منتجع «شرعان» في العلا

زار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الثلاثاء، مشروع منتجع «شرعان» في محافظة العلا (شمال غربي السعودية)، والتقى بالعاملين فيه.

«الشرق الأوسط» (العلا)
الاقتصاد جانب من فعاليات «موسم الرياض 2024» (واس)

قطاع الترفيه السعودي يواصل الصعود مع استقبال «موسم الرياض» لـ12 مليون زائر

استقبل «موسم الرياض 2024» منذ انطلاقه في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكثر من 12 مليون زائر، أي خلال 69 يوماً بمعدل يومي يصل إلى 174 ألف زائر تقريباً.

زينب علي (الرياض)

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

حصلت الممثلة ديمي مور على جائزة «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في فئة الأفلام الغنائية والكوميدية عن دورها في فيلم «ذا سابستانس» الذي يدور حول ممثلة يخفت نجمها تسعى إلى تجديد شبابها.

وقالت مور وهي تحمل الجائزة على المسرح: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا (ممارسة التمثيل) لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الممثلة ديمي مور في مشهد من فيلم «ذا سابستانس» (أ.ب)

تغلبت الممثلة البالغة من العمر 62 عاماً على إيمي آدمز، وسينثيا إيريفو، ومايكي ماديسون، وكارلا صوفيا جاسكون وزندايا لتفوز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي، وهي الفئة التي كانت تعدّ تنافسية للغاية.

وقالت مور في خطاب قبولها للجائزة: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة وأنا متواضعة للغاية وممتنة للغاية».

اشتهرت مور، التي بدأت مسيرتها المهنية في التمثيل في أوائل الثمانينات، بأفلام مثل «نار القديس إلمو»، و«الشبح»، و«عرض غير لائق» و«التعري».

وبدت مور مندهشة بشكل واضح من فوزها، وقالت إن أحد المنتجين أخبرها ذات مرة قبل 30 عاماً أنها «ممثلة فشار» أي «تسلية».

ديمي مور تحضر حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت مور: «في ذلك الوقت، كنت أقصد بذلك أن هذا ليس شيئاً مسموحاً لي به، وأنني أستطيع تقديم أفلام ناجحة، وتحقق الكثير من المال، لكن لا يمكن الاعتراف بي».

«لقد صدقت ذلك؛ وقد أدى ذلك إلى تآكلي بمرور الوقت إلى الحد الذي جعلني أعتقد قبل بضع سنوات أن هذا ربما كان هو الحال، أو ربما كنت مكتملة، أو ربما فعلت ما كان من المفترض أن أفعله».

وقالت مور، التي رُشّحت مرتين لجائزة «غولدن غلوب» في التسعينات، إنها تلقت سيناريو فيلم «المادة» عندما كانت في «نقطة منخفضة».

وأضافت: «لقد أخبرني الكون أنك لم تنته بعد»، موجهة شكرها إلى الكاتبة والمخرجة كورالي فارغيت والممثلة المشاركة مارغريت كوالي. وفي الفيلم، تلعب مور دور مدربة لياقة بدنية متقدمة في السن على شاشة التلفزيون تلتحق بنظام طبي غامض يعدها بخلق نسخة مثالية من نفسها.