«سكك حديد مصر»... قاطرة للنهضة والتحديث

«سكك حديد مصر»... قاطرة للنهضة والتحديث
TT

«سكك حديد مصر»... قاطرة للنهضة والتحديث

«سكك حديد مصر»... قاطرة للنهضة والتحديث

عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «مصر والطرق الحديدية» للكاتب محمد أمين حسونة، الذي يتناول دور هذا المرفق باعتباره مرآة لفهم مشروع التحديث والنهضة في مصر. وفي تقديمه للكتاب، يشير الباحث والمؤرخ د. خالد عزب إلى أن الطبعة الأولى منه صدرت في ثلاثينات القرن الماضي، وأن العمل يرصد بدقة تثير الإعجاب جذور وتطور هذا المرفق الفارق حضارياً رغم أن مؤلفه هو أديب وشاعر بالأساس، كما تقلد مناصب قيادية في هذا المجال.

ويشير المؤلف إلى أن السكة الحديد لم تكن نتاجاً منفصلاً لعملية تحديث مصر، بل جاءت في سياق أشمل إذ أدخلت إلى البلاد العديد من الصناعات بصورة جديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر «مسبك الحديد» في بولاق الذي شُيد على أحدث نظم عصره وتكلف آنذاك مليوناً ونصف المليون فرنك وصممه مستشار محمد علي باشا وهو مهندس الميكانيكا الإنجليزي توماس جالوي، فكان على غرار مسبك لندن وكان يعاونه 5 من الإنجليز و3 من مالطا كرؤساء للعمال والتحق به 40 مصرياً وزعوا على أقسامه المختلفة.

وكان يصّب في هذا المسبك يومياً 50 قنطاراً من الحديد المعد لصناعة الآلات والمراكب فصُنعت به آلات كبس القطن والآلات البخارية وآلات لعصر وتكرير السكر. وكان جالوي أقنع محمد علي، حاكم مصر، باستخدام الآلات البخارية في مضارب الأرز توفيراً للنفقات، فاقتنع الباشا وشُيدت حينئذ ثلاثة مضارب تعمل بالبخار بدأ أولها في مدينة رشيد. وتحول المسبك إلى أحد الركائز التي اعتُمد عليها في مشروع سكك حديد مصر، إذ أمدها بالعديد من مستلزمات المشروع، وهو ما أعطى العاملين به خبرات إضافية جعلت العديد منهم يتنقل لصيانة القاطرات والعربات، بل وتصنيع العربات لاحقاً.

وأدت السكك الحديدية لتوظيف مئات المصريين ممن عملوا في هذا المرفق نتيجة سياسات التعليم في عصر محمد علي وخلفائه، ومن المدارس التي التحق خريجوها بها «مدرسة الإدارة الملكية» 1834 و«مدرسة المعادن» 1834 و«الهندسة» 1835 و«الألسن» 1835 و«المحاسبة» و«الصنائع» 1839، وهكذا تكاملت الأدوات اللازمة لإدارة السكك الحديدية. تواكب مع هذا نمو حركة البريد البريطاني عبر مصر للهند ومستعمرات بريطانيا في شرق أفريقيا والخليج العربي واليمن، فضلاً عن نمو التجارة الداخلية وحركة التصدير من مصر.

وكان أول خط سكك حديدية أنشئ في مصر هو الخط بين القباري في الإسكندرية ومدينة كفر الزيات، وكان خطاً مفرداً تم الانتهاء منه في سنتين فافتتح في 1854، وفي السنة التالية افتتح الخط من كفر الزيات إلى طنطا بواسطة استعمال معدية على النيل بدلاً من الكوبري المعدني الذي شُيد لاحقاً. وفي سنة 1856 افتتح الخط بين طنطا وقليوب والقاهرة، أما ثاني الخطوط فكان خط طنطا المتفرع على مدن سمنود وطلخا ودمياط وافتتح القسم الأول منه 1857. كما بدأ خط الوجه القبلي (الصعيد) من بولاق الدكرور للأقصر وأسوان، حيث تم افتتاح القسم الأول منه 1867 والقسم الثاني من 1896.

وكان من نتاج هذا الصعود المستمر في دور السكة الحديد مصرياً ودولياً أن شرعت بريطانيا في دراسة مد خطوط السكة الحديد من الإسكندرية إلى كيب تاون في جنوب أفريقيا بطول 5 آلاف ميل، منها ألفا ميل في مصر والسودان، كما أدت الحرب العالمية الأولى إلى اعتماد بريطانيا وحلفائها على خطوط السكة الحديد المصرية بصورة كبيرة. وتحولت السكة الحديد في الثلاثينات من القرن العشرين إلى «مصلحة حكومية» قائمة بذاتها على النمط التجاري، وقدر رأسمالها آنذاك بنحو 33 مليون جنيه، وهو رقم مذهل في ذلك التوقيت، ودفع المرفق في عام 1931 لخزانة الدولة المصرية أكثر من مليوني جنيه أرباحاً للحكومة، أي حوالي 6 في المائة من رأسمالها.

وتحولت السكة الحديد في مصر إلى قاطرة للاقتصاد والتنمية في هذه الفترة التاريخية، ومن اللافت للانتباه أنها كانت تساير التقدم في مجالها على الصعيد الدولي أولاً بأول حتى كان يشار إليها بالبنان في التقارير الدولية. ومن ذلك تغيير القضبان من الحديد إلى الصلب بدءاً من عام 1889 لصلابته. وامتلكت مصلحة السكة الحديد ورشاً ومصانع تم إنشاؤها بين عامي 1894 و1910 منها مصنعان في بولاق والثالث في القباري، حيث كانت تتم صيانة القاطرات والعربات، بل تصنيع عربات الركاب ونقل البضائع، وأول عربة قطار صنعت في مصر كانت في عام 1889.


مقالات ذات صلة

رومانتيكية فائضة في عالم سريع التغيّر

كتب شللي

رومانتيكية فائضة في عالم سريع التغيّر

لم تعُدْ مفردة «الرومانتيكية» تُذكَرُ إلّا قليلاً، وحتى عندما تذكّرُ فغالباً ما تكون في سياق استذكار تاريخ التيارات الأدبية التي سادت في بدايات القرن التاسع عشر

لطفية الدليمي
يوميات الشرق مجموعة من الكتب القديمة (أرشيفية - رويترز)

خبراء الكيمياء يحذّرون: الكتب العتيقة تحتوي على صبغات سامة

أطلقت الجمعية الكيميائية الأميركية تحذيراً بشأن المخاطر الصحية المحتملة التي قد تنطوي عليها الكتب القديمة، خصوصاً تلك التي تعود إلى العصر الفيكتوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون مختارات شعريّة لحسين درويش للكردية

مختارات شعريّة لحسين درويش للكردية

صدر حديثاً عن «منشورات رامينا» بلندن ديوان شعريّ باللغة الكردية يحمل عنوان «Toza Rojên Berê» للشاعر السوريّ حسين درويش، وهو من ترجمة الشاعر والمترجم ياسين حسين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون دانيال كلاين

«المعنى الحائر» في هوامش الفلسفة والحياة

يستعير الكاتب الأميركي دانيال كلاين مقولة الفيلسوف راينهولد نيبور: «كلما وجدت معنى الحياة يغيّرونه» ليكون عنوان كتابه الذي ينطلق فيه من تلك «الحيرة»

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق تتوافر لدى المكتبة صور لم تنشر من قبل للحرمين الشريفين (مكتبة الملك عبد العزيز)

كنوز من التراث العربي والإسلامي تتألق في مكتبة الملك عبد العزيز العامة

تضم مكتبة الملك عبد العزيز العامة آلاف المقتنيات من الكتب النادرة والمخطوطات والوثائق والصور والمسكوكات والمنمنمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ناشرة مغربية تترجم قصص مصورة عن الاحتباس الحراري للعربية

معاذ زيادي وناشرته (الشرق الأوسط)
معاذ زيادي وناشرته (الشرق الأوسط)
TT

ناشرة مغربية تترجم قصص مصورة عن الاحتباس الحراري للعربية

معاذ زيادي وناشرته (الشرق الأوسط)
معاذ زيادي وناشرته (الشرق الأوسط)

لا يمكن وصف هذا العمل سوى بأنه مغامرة استدعت معجزة صغيرة لتتحقق. والمغامر هو معاذ زيادي وناشرته ليلى الشاوني. مهندس مغربي قرّر في لحظة حماسية أن يُترجم كتاباً فرنسياً ضخماً من نوع القصص المصورة، ومدافعة عن حقوق الإنسان تدير داراً للنشر في الدار البيضاء. ميزة الكتاب أنه للكبار واليافعين. يجمع بين العلم والأدب، ويشرح مشكلات الاحتباس الحراري بأسلوب المحاورات والقصص المصورة. وكانت الطبعة الفرنسية من كتاب «عالم غير منته» قد حققت رواجاً مدهشاً. وهو عمل مشترك بين مؤلفه جان مارك جانكوفيسي، المهندس والأستاذ الجامعي، وبين الرسام كريستوف بلان، «الشرق الأوسط» تواصلت مع معاذ زيادي فكان هذا الحوار:

* كيف تعرفت إلى عالم جانكوفيسي وبلان؟

- في بادئ الأمر كنت أعرف الكاتب جانكوفيسي من بعيد، ذلك أنني كنت أعمل مع مكتب استشاراته الهندسية في إطار مشاريع توكل إلى الشركات التي أعمل فيها. لكنني كنت أجهل الجانب الأدبي في شخصيته. وهو الجانب الذي أبرزه وبمهارة الرسام الفرنسي كريستوف بلان.

* لماذا أثار هذا الكتاب اهتمام آلاف القرّاء؟

- حال صدوره، أثارت هذه القصة المصورة ضجة كبيرة في فرنسا، ولقيت إقبالاً كبيراً من الشباب. بل إن بعض المعاهد والمؤسسات اقتنتها ووفّرتها لطلبتها وموظفيها لتحسيسهم بمشكلة موارد الطاقة والتقلبات المناخية. ومن جانبي، أعجبتني الطريقة التي اختارها الكاتب والرسام لإيصال الفكرة من خلال اعتمادهما على تقنية القصة المصورة (الكوميكس). لقد نجحا في تبسيط السيناريو عبر حوار بين شخصيتين: الكاتب الذي يلعب دور الخبير المتمكن، ثم الرسام الذي يلعب دور المتلقي الساذج، يأخذنا البطلان في رحلة معرفية متعددة المصادر، مليئة بروح الدعابة التي تخفي في طياتها موسوعة معرفية قيمة تفيد مختلف فئات القراء: القارئ الناشئ والشاب والكهل والمتقدم في السن، المتعلم والمثقف وقليل الحظ من الثقافة، كل واحد حسب حاجاته.

* كيف اهتديت للكتاب؟

- تعرفت عليه في إطار مناظرة نظمتها الشركة التي أعمل فيها. لقد أهدوا نسخاً منه لجميع رؤساء الأقسام. وقد أتممت قراءته في جلسة واحدة، فوجدت بين يدي عملاً علمياً جامعاً لكثير من المفاهيم المعرفية في مجلد واحد،وقد نجح بلان في وضع بصمة الرسم المناسب للمحتوى بمهارة عالية أعطت الكتاب نكهة خاصة.

* كيف جاءتك فكرة ترجمته إلى العربية؟

- قرأت في الصحف خبراً عن ترجمة الكتاب إلى الألمانية وترحيب الكاتب بتلك النسخة، ذلك أن الكتاب ينتقد السياسة الألمانية فيما يخص الطاقة. فكرت بنسخة عربية واتصلت بجانكوفيسي لأطرح عليه الفكرة، لا سيما أن معظم الطاقات الأحفورية المستغلة عالمياً تنتج في دول عربية، وقد بات من الضروري في ضوء موضوع الاحتباس الحراري وبدأ تلك الدول في تحويل اقتصادها إلى أفق جديدة أكثر استدامة،ومن جهة أخرى، فإن التركيبة السكانية للدول العربية تتشكل من نسبة عالية من الشباب. وتبعاً لذلك فإنها أكثر الديموغرافيات في العالم التي ينبغي أن تهتم بهذا الموضوع المستقبلي والمصيري بالنسبة لها. من جهته، رحب جانكوفيسي بالفكرة التي طرحتها عليه وقدمني إلى ناشره (دارجو) وشرعنا في العمل لإنجازه قبيل مؤتمر (الأطراف كوب 28) الذي نُظم في الإمارات العربية المتحدة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

غلاف كتاب «عالم غير منتهٍ» (الشرق الأوسط)

* هل أنت من متابعي كتب القصص المصورة بشكل خاص؟

- اكتشفت هذا الفن الأدبي منذ الصغر، بل كانت تلك أولى قراءاتي. كانت مكتبة الطفولة تحتوي على كتب جاءتنا من القاهرة وبيروت وبغداد، مثل قصص الشاطر حسن، وسلسلة «رائد» بساط الريح وغير ذلك. وقد يرجع الفضل في ذلك إلى والدتي التي كانت تقرأ لي القصص المصورة قبل منامي، وإلى والدي الكاتب والقاص المغربي أحمد زيادي الذي كان يشتري لي خلال أسفاره إلى المشرق العربي الكتب والمجلات العربية للأطفال. أذكر منها «المزمار»، و«مجلتي»، و«العربي الصغير» و«ماجد» و«سمير» وغيرها.

* لا شك أن قراءاتك منحتك لغة عربية سليمة؟

- كنت آنذاك تلميذاً في مدرسة ابتدائية فرنسية في الدار البيضاء تابعة للتعليم الخاص الكاثوليكي، وكان جلّ زملائي فيها يقرأون القصص المصورة بالفرنسية ويجهلون عالم القراءة الذي كنت أنتمي إليه جهلاً باتاً. كنت أعيش غريباً في ذلك الوسط، وقراءاتي هي همزة وصل لي مع أطفال افتراضيين من سني، في العراق ولبنان ومصر والأردن. كنا نتراسل ونتبادل المعلومات الجغرافية والطوابع البريدية. وقد أسهمت تلك الكتب والمجلات في تمتين معرفتي للغة العربية وآدابها. ولما كبرت قرأت المنفلوطي، والحكيم، ومحفوظ، وتعرّفت على الأدب الفرنسي في المدرسة الثانوية، ومن ثَمّ الأدب الإسباني. أما القصص المصورة فقد اكتشفتها في المرحلة الجامعية ولم تكن للصغار بل للبالغين. وفي تلك الفترة كانت العربية غائبة عن هذا الصنف الأدبي، لأن الفكرة الشائعة أنه صنف للصغار. هذا مع العلم أن كثيراً من موضوعات القصص المصورة الصادرة بالفرنسية أو الإنجليزية تهمّ العالم العربي، وقد أنجز قسماً منها كتّابٌ ورسامون عرب، أذكر مثلاً «البيانو الشرقي» للبنانية زينة أبي راشد، أو «عربي المستقبل» الذي صدر في ستة أسفار للسوري رياض سطوف، أو «حشومة» للمغربية زينب فاسيكي.

* أليس من الغريب أن يخوض مهندس تجربة الترجمة؟

- بالتأكيد نظرة المهندس هي التي جلبت الاهتمام إلى الموضوع، وأيضاً لأنني كنت في الآونة الأخيرة، في إطار عملي الوظيفي، بصدد إنجاز مخطّط التنمية المستدامة في مجال تصميم وإنشاء المراكز التجارية في أوروبا. وعندما بدأت في النظر إلى ما كانت تتسبب فيه تلك المشروعات في الزيادة من حدة انبعاثات الغازات الدفيئة، شعرت بالمسؤولية التي يجب أن يتحلّى بها المهندس الذي لا تقتصر مهمته على إيجاد حلول علمية للمشاريع التي يُنجزها، بل عليها أن تكون أيضاً صديقة للبيئة. ومن هنا فإن ترجمة هذا الكتاب لتوفيره في لغة يتكلم بها عشرات الملايين من القراء تدخل أيضاً في إطار هذه المسؤولية المهنية للمهندس.

* أرى أنك تعدّ هذا الكتاب من النوع الأدبي رغم أنه يتناول قضية علمية؟

- أعتقد أن الأدب يلعب دوراً كبيراً في إيصال الأفكار العلمية. وأكبر دليل على ذلك كتابات جانكوفيسي نفسه. لقد نشر كتباً علمية تقليدية عدّة، لكن القصة المصورة هي التي تصدّرت مبيعات كتبه ومبيعات الكتب في فرنسا. فالأدب يمتاز بخاصية الخيال والتصور والإبداع، ويُساعد العلم لاكتشاف مشروعات يحقّقها في المستقبل. ومن الأمثلة على ذلك رواية توفيق الحكيم «رحلة إلى الغد» التي أصدرها عام 1957 مستبقاً فيها وصول الإنسان إلى القمر عام 1969، فلولا الأدب ما وصل العلم.

* ألم تكن ضخامة الكتاب عقبة في وجه الترجمة؟

- كان التحدي الأكبر هو إيجاد ناشر في الوطن العربي يقبل المجازفة بشراء الحقوق من الناشر الفرنسي، وتحمّل تكلفة الترجمة والرسم. فكثير من الرسومات والأشكال الموجودة في الكتاب قد عُرّبت. وهناك مشكلات الطبع والتوزيع لكتاب من 200 صفحة من القطع الكبير وبالألوان. لكل تلك الأسباب كادت المغامرة أن تنتهي بالإحباط. ثم حدثت المعجزة الصغيرة عندما التقيت بالسيدة ليلى الشاوني، مديرة دار «الفنك» المغربية، وهي مناضلة وناشطة حقوقية داعمة لحقوق المرأة والحرية. فقد رحبت بالفكرة، ورأت أن تغيرات المناخ من القضايا التي ينبغي النضال من أجلها، وأن نشر النسخة العربية يدخل في إطار الالتزام الذي لا بدّ أن يتحلّى به الناشر المسؤول.

* هل كان من اليسير ترجمة لغة الحوارات العلمية؟

- أسهمت قراءاتي الطفولية للقصص المصورة في منحي حيوية مكّنتني من إنجاز حوارات بسيطة في متناول شريحة واسعة من القراء على اختلاف أعمارهم. ذلك أن المعلومات المتوفرة مفيدة للقارئ العربي البالغ بصرف النظر عن توجهاته المهنية وميوله. ثم إن الأسلوب البسيط والدّعابات والرسومات تجعله يسافر بحنين إلى مرحلة طفولته. وبالنسبة للناشئة فإنهم سيجدون في الكتاب تبسيطاً يسمح لهم بفهم المحتوى والمشاركة أيضاً في صياغة آرائهم في موضوع مؤثر على السياسة والاقتصاد، ويرقى بهم سريعاً إلى سن المسؤولية. لقد حاولت تجنّب استعمال الهوامش، وحاولت جاهداً ألا أُترجم المعنى بتغيير القالب، على عكس النسخة الأميركية التي غُيّرت فيها النصوص والطرائف والمعطيات التاريخية لتقريبها من واقع القارئ الأميركي.

* هل أنت متفائل بوصول هذا الجهد إلى فئة واسعة من القراء؟

- الكتاب موجّه للجميع. وكما تقول العبارة الفرنسية الشهيرة: «من عمر سبع سنوات إلى سبع وسبعين سنة». وهو يشكّل قراءة عائلية ويصلح مرجعاً في المدارس والجامعات وأيضاً في الإدارات والشركات. لقد سهّلت النُّسخة الفرنسية الحديث عن موضوعات موارد الطاقة والتقلبات المناخية، وكانت محفزاً على طرحها للنقاش، وتبادل الآراء، واتخاذ المواقف التي من شأنها الحد من ويلات انبعاثات الغازات الدفيئة والاحتباس الحراري. فالمواطن هو أولاً مستهلك، وفي يديه حل لمشكلة عالمية. وهذا الكتاب يبيّن كيف يسهم الفرد في إيجاد حلّ يساعد البشرية على أن تنعم بغدٍ أفضل.