كواليس حياة اقتصادي أعاد الثقة لهيئة سوق المال السعودية بعد انهيار 2006

عبد الرحمن التويجري يرصد مشوار حياته في «مسرى العمر»

مذكرات التويجري وسيرته في دروب الاقتصاد صدرت في مطلع أغسطس الحالي عن دار «جداول»... (جداول)
مذكرات التويجري وسيرته في دروب الاقتصاد صدرت في مطلع أغسطس الحالي عن دار «جداول»... (جداول)
TT

كواليس حياة اقتصادي أعاد الثقة لهيئة سوق المال السعودية بعد انهيار 2006

مذكرات التويجري وسيرته في دروب الاقتصاد صدرت في مطلع أغسطس الحالي عن دار «جداول»... (جداول)
مذكرات التويجري وسيرته في دروب الاقتصاد صدرت في مطلع أغسطس الحالي عن دار «جداول»... (جداول)

في الشهر السابع من عام 2004 قررت السعودية إنشاء «هيئة السوق المالية»، واستمرت في عملها بشكل تقليدي حتى عام 2006 عندما عصفت بالسوق مرحلة غير عادية، مؤشر السوق والسيولة فيها يرتفعان بمعدلات عالية جداً، واندفع المستثمرون من مختلف طبقات المجتمع رجالاً ونساءً للاستثمار في السوق المالية، وكثير منهم اقترضوا ومنهم مَن رهنوا ممتلكاتهم من أجل توفير الأموال اللازمة، وانتشرت المضاربة على نطاق واسع، ومعها التجاوزات الكثيرة.

استمرت الارتفاعات المتسارعة خلال فترة قصيرة، ووصلت إلى ذروتها بوصول المؤشر إلى قمة تاريخية بلغت أكثر من 21000 نقطة بتاريخ 25 فبراير (شباط) 2006 ليحدث ما كان متوقعاً؛ وهو الهبوط المفاجئ والحاد للسوق، وكان ذلك يوم السادس والعشرين من شهر فبراير، أي اليوم الذي تلا وصوله إلى قمته التاريخية.

انهيار السوق أوجد حالة من الهلع بين المواطنين، وانتشرت أخبار عن الذين خسروا كل شيء بعد أن باعوا أو رهنوا ما يملكون من بيوت ومحلات تجارية وممتلكات أخرى مختلفة من أجل استثمارها في سوق الأسهم، وأخذت الصحف ومواقع الإنترنت خصوصاً ما كانت تسمى «الساحات» تضج بالشكوى وإلقاء المسؤولية على الحكومة، وبالذات على هيئة السوق المالية التي وجدت نفسها ملومة ومتهمة ومدانة على عدم التدخل وشرح ما يحدث. وسط هذه الغمامة الكبيرة من القلق والتوتر، صدر قرار تكليف الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز التويجري، رئيساً لمجلس هيئة السوق المالية، وبدأ مهمة جديدة لإعادة الثقة إلى السوق، وهي المهمة التي رصد تفاصيلها وكواليسها في سيرته الذاتية «مسرى العُمر» التي صدرت أغسطس (آب) الحالي عن دار «جداول»، وأورد فيها تفاصيل مثيرة عن الحياة الاجتماعية والتعليمية في مسقط رأسه بمدينة المجمعة، ثم الدراسة في جامعة الملك سعود وأميركا، وفصول ممتدة عن التجربة العملية في مجلس التعاون الخليجي وصندوق النقد الدولي ثم عمله في المجلس الاقتصادي الأعلى ورئيساً لهيئة سوق المال السعودية.

باشر التويجري أعماله لترتيب حالة السوق بعد الأزمة، وكانت من أهم التحديات التي واجهتها الهيئة، التعامل مع تفاقم وتنوع المخالفات التي حدثت في السوق المالية خلال الأزمة التي مرت بها، وأخذت الهيئة تعلن المخالفات ونوعها وعقوبتها دون ذكر اسم المخالف، قبل أن يقر مجلس الهيئة إعلان أسماء المخالفين بعد إصدار حكم إدانة نهائي من لجنة الاستئناف. واجه القرار شبهة التشهير في وجه الهيئة، ووجد التويجري من الضروري أخذ موافقة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان له ذلك عندما توجّه إلى مخيمه الملكي في روضة خريم، وقال له الملك عبد الله: «توكل على الله»، إذا كان الموضوع وفق النظام. توالت قرارات المعالجة لحالة السوق والخطوات التطويرية، ومع اقتراب نهاية عام 2006 بدأت السوق المالية تستعيد ثقة المتداولين تدريجياً، وبدأ نشاط التداول في الارتفاع.

التويجري مع عدد من زملائه في المرحلة المتوسطة عام 1968م ( x محمد الأحمد)

حدثٌ غيّر الحياة الهادئة

مع بداية عام 1990 كانت الحياة هادئة، ومدينة الرياض تزدهر يوماً بعد آخر، بعد أن تجاوزت السعودية الأزمة النفطية التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط بشكل حاد في منتصف الثمانينات الميلادية، لكن المنطقة على وشك أن تواجه زلزالاً هزّ استقرارها، وحوّل السكينة فيها إلى خوف وترقب لمجهول قادم.

في يوم الثاني من شهر أغسطس 1990 يدير التويجري مؤشر الراديو وهو يجوب شوارع الرياض، لتنطلق من أثير الإذاعة المفاجأة غير المتوقعة؛ الجيش العراقي يدخل الكويت! ليبيت السعوديون تلك الليلة في قلق وتساؤل، ويبدأ الكويتيون في الوصول إلى المدن السعودية للنجاة بأنفسهم من لأواء الحرب، فيما واصل التويجري من موقع عمله في مجلس التعاون الخليجي المساعدة على إنجاز مهام المجلس ودوره في التعامل مع تبعات هذه الفاجعة التي أصابت إحدى الدول المؤسسة للمجلس.

يصف التويجري تلك المرحلة: «كانت بالفعل أياماً عصيبة ومُجهدة، وكنت مثل الناس أعيش في دوامة، لكن القلق خف تدريجياً بعد الإعلان عن قيام التحالف الدولي لتحرير الكويت، وكانت تلك الأيام لا تُنسى، وأجواء الحرب تعبّر عن نفسها بصور مختلفة، بما فيها كثافة وجود القوات الأجنبية في المدن وعلى الطرقات، وأزيز الطائرات بأصواتها المرعبة، وكان الخوف من الصواريخ التي قد يطلقها العراق وقد تكون محملة بالغازات السامة يزيد الخوف لدى العائلات، واستمر القلق من المجهول عندما دوّت صفارات الإنذار ليل 21 يناير (كانون الثاني) في مدينة الرياض إيذاناً بوصول الصواريخ العراقية إليها».

كويتي في أثناء اتّجاهه إلى الحدود السعودية قبل أكثر من 30 عاماً (أ.ب)

مهمة جديدة في أرض الوطن

كانت أجواء الغزو العراقي للكويت تسيطر على المنطقة، وبينما كانت الأحداث تتفاقم في المنطقة، كان عبد الرحمن التويجري يتحضر للانتقال إلى واشنطن والعمل في صندوق النقد الدولي، ممثلاً للسعودية، وقد التحق بالعمل هناك مع فريق سعودي، واستمر لنحو عقد من العمل في دهاليز أهم المؤسسات الاقتصادية الدولية، قبل أن يعود مجدداً إلى السعودية ليتولى مهمته الجديدة كأول أمين عام للمجلس الاقتصادي الأعلى، المؤسسة الجديدة والحديثة التي أنشئت عام 1999 وبُنيت عليها آمال كبيرة في قيادة جهود الحكومة للإصلاح الاقتصادي.

واصل التويجري مهامه في الموقع الجديد، وكان يحرص على المشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يُعقد سنوياً في دافوس، ولكن بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، ولإبداء التضامن الدولي مع الولايات المتحدة الأميركية، تقرر عقد المنتدى بشكل استثنائي في مدينة نيويورك التي حدثت فيها المأساة. وشارك التويجري ضمن وفد المملكة الكبير مقارنةً بالأعوام السابقة، وكان الهدف من تكثيف الحضور في المنتدى استغلال الفرصة التي يتيحها المنتدى مع وجود الأعداد الكبيرة من المسؤولين ورجال الأعمال ووسائل الإعلام العالمية المختلفة لإيضاح موقف المملكة من العمل الإرهابي الذي حدث في نيويورك.

مذكرات التويجري وسيرته في دروب الاقتصاد صدرت في مطلع أغسطس الحالي عن دار «جداول»... (جداول)

وبعد مبايعة (الأمير) عبد الله بن عبد العزيز ملكاً على البلاد عام 2005، صدر مرسوم ملكي بتاريخ 17 أغسطس بإعادة تشكيل المجلس الاقتصادي الأعلى ليكون برئاسة الملك. وبدأت السعودية مساعيها لتحقيق إحدى أهم خطواتها، بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وأورد التويجري في مذكراته جهود العمل على الانضمام وما أولاه المجلس الاقتصادي من اهتمام كبير بهذا الموضوع على أمل الوصول إلى اتفاق يمكِّن المملكة من الاستفادة القصوى من فوائد الانضمام إلى المنظمة، وما يتيحه من إمكانية تسهيل وزيادة حركة التبادل التجاري بينها وبين دول العالم، ولا يؤدي في الوقت نفسه إلى إلحاق أضرار باقتصاد المملكة ومنتجاتها الوطنية.

استغرقت المفاوضات عدة سنوات، وكانت صعبة وشاقة، وتضمنت أخذاً ورداً مع الدول التي تفاوض المملكة وفق إجراءات المنظمة، وبذل الفريق التفاوضي السعودي جهوداً كبيرة للحفاظ على مصالح المملكة والوصول إلى اتفاق متوازن يُعظم المنافع ويُقلل الأضرار، قبل أن تنجح السعودية في توقيع اتفاق العضوية بعد ذلك في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2005.



دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق
TT

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

صدر حديثاَ للباحث د. هاشم نعمة فياض، كتاب بعنوان «موضوعات اجتماعية - اقتصادية معاصرة مع التركيز على حالة العراق»، عن دار أهوار للنشر والتوزيع في بغداد، وهو يقع في 224 صفحة.

ويضم الكتاب مجموعة من البحوث والدراسات الأكاديمية وموضوعات وقراءات تتعلق بالجانب الاجتماعي - الاقتصادي مع التركيز على حالة العراق. ويعالج الكتاب قضايا مثل نمو سكان المناطق الحضرية في العراق وآثاره الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك يتناول الكتابات الماركسية الجديدة والنمو الحضري في البلدان النامية، اللاجئون العراقيون في أوروبا: تحليل مقارن، اتجاهات الهجرة الطلابية من البلدان العربية وتحولاتها، تزايد حاجة أوروبا للعمالة المهاجرة، العلاقة بين الخصوبة السكانية ومكانة المرأة في المجتمع، العراق مثالاً، وجفاف الدلتا في العراق وآثاره.

ومن المواضيع الأخرى صعود الليبرالية الجديدة وسقوطها، والعلاقة بين الديمقراطية والتنمية، والتعافي الاقتصادي بعد الجائحة، وعصر التنوير والجغرافيا، والجغرافيا والثقافة، وغيرها.

ويقول المؤلف إن هذه الموضوعات كُتبت أو تُرجمت في أوقات مختلفة، وارتأى جمعها في كتاب واحد لتكون في متناول الباحثين والقراء عموماً.

يركز الباحث على تحليل تطور نمو سكان الحضر في العراق زمانياً ومكانياً، ويمهد لذلك بخلفية نظرية تخص التحضر الهامشي وعلاقته بتوسع النظام الرأسمالي، ويتناول توزيع سكان الحضر على مستوى المحافظات، ويحلل مكونات النمو الحضري خصوصاً الهجرة الريفية - الحضرية إلى المدن الكبيرة مثل بغداد، ومدى مساهمتها في تضخم عدد سكانها، ويدرس الهجرة القسرية، ويتوقف عند التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية التي نتجت عن نمو سكان الحضر وما أفرزته من مشكلات كبيرة على مستوى أزمة السكن، خصوصاً السكن العشوائي والفقر والبطالة، ومساهمة ذلك بعد عام 2003 في تغذية الموقف السلبي من قبل الشباب تجاه الأحزاب الدينية والسياسية الحاكمة، وعلاقة ذلك باندلاع «انتفاضة تشرين 2019»، كما يعالج إشكالية هيمنة المدن الكبيرة على الشبكة الحضرية ونتائجها.

وبالنسبة إلى هجرة العراقيين يذكر الباحث أن هناك كثيراً من الأسباب المتشابكة التي تقف وراء موجات هجرة العراقيين القسرية في مراحل مختلفة من تاريخ العراق. ولعل أبرز الأسباب يكمن في فشل الدولة العراقية الحديثة والخلل في بناء الدولة - الأمة، وعدم الاستقرار السياسي نتيجة تعاقب الأنظمة المستبدة الفاقدة للشرعية التي وصلت إلى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية، وإقامة نظام الحزب الواحد المتمثل في حزب البعث وانتهاجه سياسات القمع السياسي والفكري والتبعيث القسري والتمييز القومي والديني والمذهبي والمناطقي، والحروب الداخلية والخارجية التي ساهم هذا النظام في اندلاعها، وكذلك احتلال العراق في عام 2003 وما تبعه من تفكك مؤسسات الدولة وإقامة نظام يتبنى المحاصصة الطائفية والإثنية، وشيوع ظاهرة الإرهاب والفساد وارتفاع معدلات البطالة وتدني الخدمات الأساسية، مما دفع آلاف العراقيين وخصوصاً الشباب، إلى طلب اللجوء لأوروبا خاصة.