الكاتب السعودي أسامة المسلم يصنع الحدث في معرض الرباط للكتاب

الكاتب السعودي أسامة مسلم خلال حواره مع التلفزيون المغربي (الشرق الأوسط)
الكاتب السعودي أسامة مسلم خلال حواره مع التلفزيون المغربي (الشرق الأوسط)
TT

الكاتب السعودي أسامة المسلم يصنع الحدث في معرض الرباط للكتاب

الكاتب السعودي أسامة مسلم خلال حواره مع التلفزيون المغربي (الشرق الأوسط)
الكاتب السعودي أسامة مسلم خلال حواره مع التلفزيون المغربي (الشرق الأوسط)

صنع الكاتب السعودي أسامة المسلم الحدث خلال فعاليات معرض الرباط الدولي في المغرب للكتاب، الذي يمتد إلى 19 من شهر مايو (أيار) الحالي بعد تسببه في حالة طوارئ ثقافية هذا الأسبوع.

وتسبب الإعلان عن حفل توقيع الكاتب السعودي الشاب نسخاً من رواياته في حالة من الازدحام الشديد، خصوصاً في أوساط الشباب والمراهقين، ما أدى لوقوع بعض حالات الإغماء، وفي الوقت ذاته فوجئ كثير من زوار المعرض من الفئات السنية الكبرى بالإقبال الكبير.

واضطرت إدارة معرض الرباط إلى اختصار حفل التوقيع والإعلان عن مغادرة المسلم للمعرض للتخفيف من حالة الازدحام، لينتقل الجدل إلى منصات التواصل الاجتماعي بسبب وجود صورة ذهنية مسبقة تروج لعزوف الشباب المغربي عن القراءة.

ويملك المسلم حضوراً قوياً على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة على منصة «إنستغرام» بما يقرب من 350 ألف متابع.

البداية من الأحساء

يبلغ أسامة المسلم من العمر 47 عاماً، وهو من مواليد مدينة الأحساء بالمملكة العربية السعودية، وعاش طفولته في الولايات المتحدة الأميركية ثم عاد إلى مدينته حيث أكمل دراسته، وتخرج في قسم الأدب الانجليزي بجامعة الملك فيصل في الأحساء.

استهل الكاتب الشاب مسيرته عام 2015، بإصدار رواية خوف التي صدرت عن دار مركز الأدب العربي، وحققت رواجاً في العالم العربي.

ذاع صيت المسلم روائياً فنتازياً، يطرق أبواب عوالم الخيال والتشويق في سياق غرائبي مثير لشهية الفئات العمرية الأصغر سناً.

أهم مؤلفات أسامة المسلم

وصدرت للمسلم 32 رواية من أشهرها «الدوائر الخمس» و«مخطوطات مدفونة» و«صخب الخسيف 3» و«صراع الملكات العرجاء» و«ثورة الحور» و«وهج البنفسج» و«عرين الأسد» و«بساتين عربستان» و«الساحرة الهجين» و«عصبة الشياطين» و«رياح وهجر»، وثلاثية بعنوان «خوف»، يجري تحويلها إلى مسلسل درامي.

ونشر المسلم في حسابه عبر منصة «إكس» صور لقاء جمعه بوزير الثقافة المغربي محمد مهدي بن سعيد، ما عكس إدراكاً حكومياً لشعبيته قبل انطلاق المعرض.


مقالات ذات صلة

ما سر الإقبال على روايات الطبيبة المتخفية وراء اسم مستعار؟

كتب أغلفة بعض روايات فريدا ماكفادن

ما سر الإقبال على روايات الطبيبة المتخفية وراء اسم مستعار؟

هل يعني تصدر قوائم «البيست سيلر» بالضرورة أننا أمام عمل أدبي يزخر بالعمق الفني، والجمال اللغوي، والأصالة الفكرية؟

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «ليس عزاءً بل ضوءاً»... استعادة فلسفة سيمون فاي

«ليس عزاءً بل ضوءاً»... استعادة فلسفة سيمون فاي

يطرح الكاتب المصري مينا ناجي سؤالاً مركزياً هو: «كيف نحب في حياة صعبة كهذه؟»، ليتأمل في ظواهر الحب والروحانيات والتاريخ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
كتب رحلة البحث عن أمل ضائع

رحلة البحث عن أمل ضائع

في وقت مضى، ليس بعيداً، كتبتُ مقالة بعنوان «زمن الرواية الليبية» نشرت في موقع صحيفة «بوابة الوسط».

جمعة بوكليب
ثقافة وفنون مشهد من فيلم «الختم السابع»

«الحبكة المقدسة»... السينما والثقافة الأخلاقية

يناقش كتاب «الحبكة المقدسة»، الصادر عن دار «إيبيدي» بالقاهرة، للباحث أسعد سليم، تناول الشاشة الفضية للموضوعات ذات البعد الديني الأخلاقي

رشا أحمد (القاهرة)
ثقافة وفنون «مدائح تائهة»... نصّ يتمرد على التصنيفات الأدبية

«مدائح تائهة»... نصّ يتمرد على التصنيفات الأدبية

«الإنسان حيوان مدّاح»، يقول رائد العيد في كتابه الجديد «مدائح تائهة»، عادَّاً أن «تأمل الأشياء من حولنا نوع من ممارسة الخشوع»

سوسن الأبطح (بيروت)

ما سر الإقبال على روايات الطبيبة المتخفية وراء اسم مستعار؟

أغلفة بعض روايات فريدا ماكفادن
أغلفة بعض روايات فريدا ماكفادن
TT

ما سر الإقبال على روايات الطبيبة المتخفية وراء اسم مستعار؟

أغلفة بعض روايات فريدا ماكفادن
أغلفة بعض روايات فريدا ماكفادن

هل يعني تصدر قوائم «البيست سيلر» بالضرورة أننا أمام عمل أدبي يزخر بالعمق الفني، والجمال اللغوي، والأصالة الفكرية؟ قطعاً لا، فمفهوم «الرواج» قد انفصل في عصرنا هذا عن معيار «الجودة الأدبية»، وغالباً ما أصبح يعكس استجابة لمتطلبات السوق وتوقعات القارئ الباحث عن الترفيه السريع والتشويق العابر. في سياق هذا الجدل الدائر حول العلاقة بين الرواج التجاري والقيمة الأدبية، تبرز أسماء معينة لتُشكل حالة لافتة، من بينها حالة الكاتبة الأميركية فريدا ماكفادن التي استطاعت في سنوات قليلة أن تُحقق نجاحاً ساحقاً، وتُسيطر على قوائم الكتب الأكثر مبيعاً برواياتها التي تنتمي إلى أدب التشويق النفسي.

الأرقام التي تتداولها وسائل الإعلام تبدو خرافية: 40 مليون نسخة من روايتها بيعت في العالم منذ 2022، منها 7 ملايين باللغة الإنجليزية و3 ملايين باللغة الفرنسية. روايتها الشهيرة «الخادمة» (أو ثي هاوس مايد) احتلت صدارة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في موقع «أمازون» لمدة 83 أسبوعاً على التوالي و60 أسبوعاً في قائمة «النيويورك تايمز» المرموقة. في فرنسا وبلجيكا يبقى الإقبال قويّاً على أعمالها منذ صدور «الخادمة»: إحصاءات معهد «جي إف كا» مع صحيفة «ليفر إبدو» تتحدث عن 30 ألف نسخة تباع أسبوعياً. في 2024، كتاب من بين كل كتابين بيعا في فرنسا كانا من إمضاء فريدا ماكفادن، علماً بأن هذه الأرقام مرشّحة للارتفاع بعد صدور روايتها الأخيرة «الطبيبة النفسية» في أبريل (نيسان) الماضي.

الظاهرة أثارت اهتمام الصحافة الأدبية التي لم تستوعب سرّ هذا النجاح، فعلى الرغم من النجاح الجماهيري اللافت الذي حققته فريدا ماكفادن، لم تَسلم أعمالها من النقد الذي طال جوانب بنيوية وفنية في رواياتها. فقد رأى بعض النقاد أنها تميل إلى التكرار في البناء السّردي مما يجعل نهايات قصّصها متوقعة لدى القارئ المتمرّس، في حين تبدو بعض الحبكات قائمة على عنصر المفاجأة المجردة من العمق الدرامي. كما وُجهت لها ملحوظات بشأن سطحية رسم الشخصيات، إذ تفتقر في بعض الأحيان إلى تقديم دوافع نفسية متينة، مما يُضعف من واقعية أبطالها ويُقلل من قدرة القارئ على التماهي معهم.

أما على مستوى اللغة، فقد اعتُبر أسلوبها مباشراً إلى حدّ التبسيط، يفتقر إلى المجاز والرمزية التي تُثري الأدب النفسي، وهو ما يجعل بعض رواياتها تبدو أقرب إلى القراءة السريعة منها إلى التأمل الأدبي العميق.

يُضاف إلى ذلك، اعتمادها المتكرر على قوالب نمطية مألوفة في أدب التشويق، مثل «الزوجة الغامضة» و«المنزل المريب»، ما أثار تساؤلات حول مدى التجديد والابتكار في أعمالها... صحيفة «نوفيل أبسورفاتور» تساءلت بمرارة: «فريدا ماكفادن تكتسح سوق الكتب، لكن ما الذي يجده القرّاء فيها؟»، وبعد حوارات مع العديد من قرّائها وصل كاتب المقال إلى النتيجة التالية: من أسرار رواج ماكفادن قدرتها على الوصول إلى جمهور واسع، بدءاً من الشباب ووصولاً إلى كبار السّن بقصّص تلامس الهموم الإنسانية المشتركة كالوحدة والتوتر النفسي والانفصال والفقر. لكن الصحيفة الفرنسية ركزّت على عنصر مهم هو إتقان الكاتبة لفن التلاعب بالقارئ وبراعتها في فن الحبكة الدرامية القائمة على التشويق التدريجي، فهي لا تكتفي ببناء قصّة مشوقة فحسب، بل تُتقن فن قلب التوقعات، حيث تأتي النهاية محمّلة بانعطافات درامية غير متوقعة تغيّر فهم القارئ لما قرأه من قبل. هذا الأسلوب يجعل القارئ يعيد التفكير في الأحداث السابقة من منظور جديد، مما يمنح الرواية عمقاً إضافياً ويزيد من تأثيرها العاطفي والنفسي.

أما صحيفة «ليبراسيون»، فقد وصفت أعمالها بأنها «روايات تُلتهم مثل الوجبات السريعة»، بينما شبّهتها «لو فيغارو» بـ«أدب المحطة» في إشارة إلى أسلوبها البسيط، فخلافاً لكثير من الكتّاب الذين يستخدمون وصفاً مطوّلاً، تعتمد ماكفادن على سرّد مباشر وسهل الفهم. جملها قصيرة، وأسلوبها خالٍ من الزخرفة أو التعقيد، مما يجعل القارئ يدخل في قلب القصة بسرعة، ويشعر وكأنه يقرأ تفاصيل حياة حقيقية وليست مجرد رواية خيالية. هذا الأسلوب البسيط هو ما يمنح أعمالها قوةً وتأثيراً نفسياً كبيراً، لأن القارئ لا ينشغل باللغة أو الأسلوب، بل يركّز على القصة والأحداث. كثير من التقارير أشارت إلى الدور المحوري الذي تلعبه مجتمعات القراءة الرقمية ومنصّات التواصل الاجتماعي في انتشار أعمالها، كمراجعات القرّاء التي تُترك على منصّة «غود ريدس» و«أمازون»، التي لا تقّل أهمية عن المراجعات النقدية الأكاديمية، حيث تساهم بشكل كبير في بناء سمعة الكاتب، إضافة إلى التفاعل الجماهيري المستمر مع القرّاء عبر منصّات مثل «إنستغرام» و«فيسبوك» وخصوصاً «تيك توك» من خلال ما يُعرف بـ«البوك توك» (BookTok)، وهي مجتمعات رقمية يتداول فيها القراء ترشيحات الكتب بطريقة جذابة، مما ساهم في تضاعف مبيعاتها وانتشار اسمها عالمياً.

40 مليون نسخة من روايات ماكفادن بيعت في العالم منذ 2022 منها 7 ملايين باللغة الإنجليزية و3 ملايين بالفرنسية

البعض عدَّ أن التسويق الذكي الذي حظيت به أعمال ماكفادن كان فعالاً وهو يبدأ من الغموض الذي يكتنف شخصية الكاتبة نفسها، الذي أصبح بمثابة «علامتها التجارية». فخلف الاسم المستعار (والشعر المستعار) تُخبئ الكاتبة هويتها الحقيقية كطبيبة متخصّصة في إصابات الدماغ، وكل ما يعرف عنها أنها تسكن مدينة بوسطن مع زوجها وولديها، فهي ترفض باستمرار دعوات الظهور في المعارض الأدبية الكبرى، وتتجنب المقابلات الصحافية حتى شكّكك البعض في وجودها ولمحوا إلى احتمال أن تكون من ابتكار الذكاء الاصطناعي.

في حوار نادر عبر الهاتف لصحيفة «لوبرزيان»، قالت الكاتبة الأميركية إنها تتفادى صخب الصحافة وأضواء الشهرة لأنها تعاني من الفوبيا الاجتماعية، وتُفضل أن تكون «الكاتبة» التي تُقرأ أعمالها، لا «الشخصية العامة» التي تُلاحقها الكاميرات وتُحلل حياتها الشخصية.

كانت الكاتبة الأميركية قد بدأت مسيرتها الأدبية عام 2013 بكتابة مدونات شخصية، وفي عام 2013، نشرت روايتها الأولى «الشيطان يرتدي ملابس العمل» مستلهمةً إياها من عملها طبيبةً، ثم واصلت نشر أعمالها في منصات التواصل و«أمازون»، حتى جاءت نقطة التحول الكبرى في عام 2019 مع رواية «الخادمة» التي حققت نجاحاً هائلاً غير مسبوق عند نشرها ورقياً في عام 2022. هذا النجاح دفع دور النشر الكبرى للاهتمام بأعمالها السابقة واللاحقة.