هل يملك الأطفال وعياً طبقياً؟

شهادات لأطفال من عمر 7 سنوات وصولاً إلى المراهقين حول رؤيتهم وتفاعلهم مع المجتمع

هل يملك الأطفال وعياً طبقياً؟
TT

هل يملك الأطفال وعياً طبقياً؟

هل يملك الأطفال وعياً طبقياً؟

أصدرت المجلة الفرنسية «Siences humaines» عدداً خاصاً في خريف عام 2023 تحت عنوان عريض «الملفات الكبرى»، وكان موضوعه الأساسي تحت عنوان «كيف ينظر الأطفال إلى العالم؟». ولقد تناول هذا الملف الموضوعات المتعلقة بحياة الأطفال في العالم منذ نشأتهم وصولاً إلى بلوغهم مرحلة المراهقة. وعرض الملف وجهات نظر علماء الاجتماع والتربية والنفس الذين عالجوا العناوين الآتية: بروز الوعي، علم نفس النمو والانفعالات أمام فجر الحياة، ومسألة الوعي الطبقي، ومسألة جنس الطفل، وإمكان عدم التكيف لدى بعض الأطفال مع هويتهم الجنسية. أما الموضوع الثاني فقد تناول مسألة وزن البعد الاجتماعي وتأثيره على حياة الأطفال والمراهقين منذ أن يصبح الطفل تلميذاً وعضواً في المجتمع، وكيف يكبر في زمن الثقافة التقنية. ومن جهة أخرى، بحث الملف في مسألة تكيف الأطفال المتحدرين من عائلات المهاجرين مع المجتمع المضيف، كما عالج موضوع سعادة الأطفال وأمنهم الاجتماعي، وطرح مشاكل المراهقين الذين يعانون من صعوبات التكيف مع المجتمع.

من رسومات المجلة

وفي نهاية هذا الملف، تم أخذ شهادات من الأطفال من عمر السبع سنوات وصولاً إلى المراهقين حول رؤيتهم وتفاعلهم مع العالم ومع المجتمع. وفي هذا المقال المحدود اخترنا الإضاءة على موضوع أساسي في علم الاجتماع، وهو موضوع الصراع والوعي الطبقي الذي كان ولا يزال يحرك تاريخ البشرية. ولكن السؤال المطروح هو: هل يظهر الوعي الطبقي منذ الطفولة؟ وكيف يمكن إثبات ذلك؟ ترى عالمة الاجتماع الفرنسية الأستاذة الجامعية (Martine Court) مارتين كور أن الأطفال، منذ المدرسة الابتدائية، يدركون حالات التفاوت وعدم المساواة الاجتماعية، وهم يستطيعون التموضع ضمن هذه التراتبية بدقة نسبية.

وهنا تستشهد مارتين كور بالفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر عندما يستحضر في سيرته الذاتية، مع بعض الفكاهة، الشعور بالتفوق الاجتماعي الذي كان يتمتع به عندما كان طفلاً، وبالمواقف المتسامحة التي كان يتبناها أحياناً تجاه الآخرين. ولكن هذا الإدراك المبكر للهرميات أو للتراتبيات الاجتماعية وللوضعية المسيطرة أو الخاضعة التي يتميز بها المرء، هو إدراك مشترك بين معظم الأطفال. وهم، قبل أن يحصلوا على مكانة في عالم العمل، يتمتعون بما يسميه عالم الاجتماع بيار بورديو (Bourdieu) «الحس العملي الخاص بالفضاء الاجتماعي»، ومن دون أن يكونوا بالضرورة واعين لذلك. إنهم يفهمون أن العالم الاجتماعي مبني من خلال هرميات أو تراتبيات اقتصادية، ثقافية ورمزية ويدركون بالحدس كيف أن عائلاتهم تتموضع داخل هذه التراتبيات الهرمية. ولكن كيف تم إثبات الإدراك المبكر للهرمية الاجتماعية؟ منذ عام 1970 تم تخصيص العديد من الأبحاث حول بناء هذا البعد الاجتماعي لدى الأطفال. وأحد أحدث الأعمال حصل في بلجيكا عام 2021 عندما عرضت هذه الدراسة على الأطفال لعبة متكونة من سبع عائلات، حيث تظهر أربع عائلات من أوساط اجتماعية مختلفة يمكن معرفتها من خلال مميزات تتعلق بالأناقة والثياب والأجسام على الطريقة النمطية (الطقم، ربطة العنق، الجواهر... إلخ). إذن، اللعبة تقضي بعرض سلسلة من الألعاب الصغيرة حول هذه العائلات، تهدف إلى اكتشاف إلى أي حد وكيف يدرك الأطفال الفروقات بين الأوساط الاجتماعية.

الإدراك المبكر للهرميات أو للتراتبيات الاجتماعية وللوضعية المسيطرة أو الخاضعة التي يتميز بها المرء هو إدراك مشترك بين معظم الأطفال

ولقد بينت النتائج أولاً أن الأطفال قادرون على وضع الأفراد في المكانة الاجتماعية المناسبة لهم انطلاقاً من المؤشرات الطبقية، وذلك منذ سن المدرسة الابتدائية. وتشير التجارب إلى أنه بين 50 و70 في المائة من الأطفال من سن 10 إلى 12 سنة يستطيعون أن يربطوا بين آباء وأمهات يتمتعون بالمستوى الاجتماعي نفسه؛ نظراً لمظهرهم ولطريقة لبسهم ولأناقتهم.

ولقد أثبتت التجربة أن أغلبية الأطفال من سن الثامنة وأكثر يستطيعون تحديد أغلب المهن التي يمارسها الأشخاص موضوع التجربة. ومع استكمال أعمال أخرى، بينت الدراسة أيضاً أن الأطفال منذ المدرسة الابتدائية يتمتعون بإدراك صحيح لحالات عدم المساواة الاجتماعية. وعندما تم الطلب من الأطفال أن يسموا من هم الأهل الأكثر والأقل ثراءً كانت إجاباتهم وهم في سن الثامنة قريبة من إجابات الراشدين. وعندما طُلب من الأطفال أن يعلنوا عن المهن التي يرغبون بممارستها في المستقبل، استبعدوا المهن التي تأتي في أسفل السلسلة الاجتماعية. ومنذ سن 4 - 5 سنوات 40 في المائة منهم استبعدوا وظيفة مدبرة المنزل. وهذه النسبة ارتفعت إلى 80 في المائة لدى الأطفال في سن 10 - 12 سنة.

ولكن كيف يعرف الأطفال التموضع في الفضاء الاجتماعي؟ إذا كان لدى الأطفال، منذ وجودهم في المدرسة الابتدائية، وعياً معيناً بالتراتبيات التي تحدد بنيات المجتمع، فإنهم يستطيعون أيضاً أن يتموضعوا في هذه التراتبيات بدقة نسبية. وفي تحقيق تم إعداده في الولايات المتحدة الأميركية حول إدماج الأطفال في المجتمع، وحضر عدد معين من الاستشارات الطبية فيه، بيّنت عالمة الاجتماع Annette Lareau أن الأطفال يتصرفون بشكل مختلف مع طبيب الأطفال تبعاً للمسافة الاجتماعية القائمة بينهم. فالطفل المتحدر من عائلة تحتل مرتبة عالية في السلم الاجتماعي يظهر سلوكاً طبيعياً مع الطبيب، ولا يتردد في طرح الأسئلة عليه وفي مقاطعته، وحتى في مخالفة أوامره، بينما نجد أن المولود في عائلة ذات منزلة أدنى، اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً يتصرف على النقيض من الطفل الأول، فيبدو مرعوباً، ويتحدث بصوت خافت مع الطبيب، ويجيب عن الأسئلة المطروحة عليه بكلمة محدودة ولا يطرح أي سؤال بالمقابل.


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

أسامة مسلم وسارة ريفنس وبيت الطاعة الأدبي!

توافد  العشرات في معرض الجزائر للحصول على  نسخة موقعة من رواية" خوف" لأسامة مسلم
توافد العشرات في معرض الجزائر للحصول على نسخة موقعة من رواية" خوف" لأسامة مسلم
TT

أسامة مسلم وسارة ريفنس وبيت الطاعة الأدبي!

توافد  العشرات في معرض الجزائر للحصول على  نسخة موقعة من رواية" خوف" لأسامة مسلم
توافد العشرات في معرض الجزائر للحصول على نسخة موقعة من رواية" خوف" لأسامة مسلم

أراقب باهتمام كبير عالمنا المتغير هذا. لعلك أنت أيضاً تفعل ذلك. تتمعن فيه وهو يعيد تشكيل ذاته مثل وحش أسطوري، في زمن إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ وما لهما وما عليهما... في زمن الروبوتات المؤنسنة والعقول الذكية الاصطناعية وما لها وما عليها، تحدُث من حين لآخر هزات عنيفة تحلج بعض العقول الهانئة، ذات القناعات القانعة، فتستيقظ بغتة على أسئلة طارئة. مدوِّخة بلْ مكهرِبة.

- ما هذا الذي يحدث؟

تماماً كما حدث في المعرض الدولي للكتاب في الجزائر، حدث ذلك منذ طبعتين في الصالون الدولي للكتاب في باريس، إذ حضر كتاب كبار ذوو شهرة عالمية، كل واحد منهم يركب أعلى ما في خيله، وحطّت رحالَها دورُ نشرٍ لا يشقّ لها غبار. لكن المنظمين والمشاركين والملاحظين والمراقبين والذين يعجبهم العجب، والذين لا يعجبهم العجب، على حين غرة وفي غفلة من أمرهم، فوجئوا بآلاف القادمين من الزوار شباباً وبالغين، كلهم يتجهون صوب طاولة، تجلس خلفها كاتبة في العشرينات، لا تعرفها السجلات العتيقة للجوائز، ولا مصاطب نقاش المؤلفين في الجامعات، أو في القنوات الشهيرة المرئية منها والمسموعة. الكاتبة تلك شابة جزائرية تفضّل أن تظلَّ حياتها الخاصة في الظِّل، اسمها سارة ريفنس، وتُعد مبيعات نسخ رواياتها بعشرات الملايين، أما عدد قرائها فبعدد كتّاب العالم أجمعين.

وكالعادة، وكما حدث منذ سنوات مع الروائية الجزائرية الشابة سارة ريفنس، أثار القدوم الضاج للكاتب السعودي أسامة مسلم ذهول جل المهتمين بالشأن الثقافي والأدبي، حين حضر إلى المعرض الدولي للكتاب في الجزائر 2024. وقبله معرض الكتاب بالمغرب ومعارض كتب عربية أخرى، وفاجأ المنظمين والزوار والكتاب فيضانُ نهر هادر من الجموع الغفيرة الشابة من «قرائه وقارئاته». اكتظ بهم المكان. جاءوا من العاصمة ومن مدن أخرى أبعد. أتوا خصيصاً للقائه هو... هو وحده من بين الكتاب الآخرين الكثر المدعوين للمعرض، الذين يجلسون خلف طاولاتهم أمام مؤلفاتهم، في انتظار أصدقاء ومعارف وربما قراء، للتوقيع لهم بقلم سائل براق حبرُه، بسعادة وتأنٍّ وتؤدة. بخط جميل مستقيم، وجمل مجنّحة منتقاة من تلافيف الذاكرة، ومما تحفظه من شذرات ذهبية لجبران خليل جبران، أو المنفلوطي أو بودلير، أو كلمة مستقاة من بيت جميل من المعلقات السبع، ظلّ عالقاً تحت اللسان منذ قرون.

لا لا... إنهم جاءوا من أجله هو... لم تأتِ تلك الجموع الغفيرة من أجل أحد منهم، بل ربما لم ترَ أحداً منهم، وأكاد أجزم أنها لم تتعرف على أحد منهم... تلك الجموع الشابة التي ملأت على حين غرة أجنحة المعرض، ومسالكَه، وسلالمَه، وبواباتِه، ومدارجَه، واكتظت بهم مساحاته الخارجية، وامتدت حتى مداخله البعيدة الشاسعة. يتدافعون ويهتفون باسم كاتبهم ومعشوقهم، هتافات مضفورة بصرخات الفرح:

- أووو... أووو... أووو أسامة...!!

يحلمون بالظفر برؤيته أخيراً عن قرب، وبلقائه هذه المرة بلحمه وعظمه، وليس شبحاً وصورة وصوتاً وإشارات خلف الشاشات الباردة لأجهزتهم الإلكترونية. يأملون بتوقيعه على الصفحة الأولى من إحدى رواياته، ولتكن روايته «خوف» مثلاً.

هكذا إذن... الأدبُ بدوْره، أضحى يرفض بيت الطاعة، بل يهدمه ويِؤسس قلعته الخاصة، التي تتماهى مع هندسة ذائقة العصر الجديدة، القابلة للنقاش. إنها الإشارة مرة أخرى ومنذ ظهور الكائن البشري من نحو ثلاثة مليارات سنة، على أن الزمن يعدو بالبشر بسرعة مدوخة، بينما هم يشاهدون - بأسف غالباً - حتف الأشياء التي تعوّدوا عليها، وهي تتلاشى نحو الخلف.

من البديهي أن الكتابة على الصخور لم تعد تستهوي أحداً منذ أمد بعيد، سوى علماء الأركيولوجيا الذين لهم الصبر والأناة، وقدرة السِّحر على إنطاقها، وقد أثبتوا ذلك بمنحنا نص جلجامش، أول نص بشري كتب على الأرض، وأما نظام الكتابة فقد تجاوز معطى الشفهية إلى الطباعة، ثم إلى الرقمية، وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي و...!

على ذِكر الذكاء، فليس من الذكاء ولا الفطنة التغاضي عن الواقع المستجد، أو التعنت أمام فكرة أن العالم في تغير مدوّ وسريع، وقد مسّ سحره كل جوانبه ومنها سوق الأدب، ولا بد من الاعتراف أن المنتِج للأدب كما المستهلك له، لم يعودا خاضعين في العرض والطلب لشروط أسواقه القديمة، وإن لم تنقرض جميعها، في ظل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتوفر الـ«بلاتفورم» و«يوتيوب» و«إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك» وهاشتاغ وما جاورها.

لكن الأمر الذي لا بد من توضيحه والتأكيد عليه، أن دمغة الأدب الجيد وسمة خلود الإبداع، لا تكْمنا دوماً وبالضرورة في انتشاره السريع، مثل النار في الهشيم، وقت صدوره مباشرة، وإلا لما امتد شغف القراء عبر العالم، بالبحث عن روايات وملاحم وقصص عبرت الأزمنة، بينما لم تحظَ في وقتها باهتمام كبير، والأمثلة على ذلك عديدة ومثيرة للتساؤل. أسامة مسلم، وسارة ريفنس وآخرون، كتّاب بوهج ونفَس جديدين، على علاقة دائمة ووطيدة وحميمية ومباشرة مع قرائهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي، فلا يحتاجون إلى وسيط. مؤلفون وأدباء شباب كثر عبر العالم، من فرنسا وأميركا وإنجلترا وكندا وغيرها مثل Mélissa Da Costa - Guillaume Musso - Laura Swan - Morgane Moncomble - Collen Hoover - Ana Huang وآخرين وأخريات ينتمون إلى عالم رقمي، تسيطر فيه عناصر جديدة تشكل صلصال الكتابة وجسر الشهرة... لم يمروا كما مر الذين من قبلهم على معابر الأدب، وتراتبية مدارسه المختلفة التي وسمت مراحل أدبية متوهجة سابقة لهم، ولم يهتموا كثيراً بالنّسَب الجيني لأجدادهم من الروائيين من القارات الخمس بمختلف لغاتهم، ولم يتخذوا منهم ملهمين، ولا مِن مقامهم هوى. كتابٌ شباب، أضحت مبيعات رواياتهم تتصدر أرقام السوق، فتسجل عشرات الملايين من النسخ، وتجتاح الترجمات عشرات اللغات العالمية، ودون سعي منهم ترصد ذلك متابعات صحافية وإعلامية جادة، وتدبج عنهم مقالات على صفحات أكبر الجرائد والمجلات العالمية، وتوجه لهم دعوات إلى معارض الكتب الدولية. كتاب لم يلجئوا في بداية طريقهم ومغامرتهم الإبداعية إلى دور النشر، كما فعلت الأجيال السابقة من الأدباء، بل إن دور النشر الكبيرة الشهيرة لجأت بنفسها إليهم، طالبة منهم نشر أعمالهم في طباعة ورقية، بعد أن تحقق نجاحهم من خلال منصات النشر العالمية وانجذب إليهم ملايين القراء. فرص سانحة في سياق طبيعي يتماهى مع أدوات العصر مثل: Wattpad - After Dark - nouvelle app - Creative Commons وغيرها.

ولأن التفاؤل الفكري يرى فرصة في كل عقبة، وليس في كل فرصة عقبة كما جاء على لسان وينستون تشرشل، ولأن الوعي بالحداثة يأتي متأخراً زمنياً، فإن ما يحدثه الكتّاب الروائيون الشباب Bests eller البستسيللر في العالم، من هزات مؤْذنة بالتغيير، ومن توهج استثنائي في عالم الكتابة، ومن حضور مُربك في معارض الكتاب، تجعلنا نطرح السؤال الوجودي التالي: هل ستتغير شروط الكتابة وتتبدل مقاييسها التقليدية، وهل ستنتفي معارض الكتاب أم تتغير. وكيف ستكون عليه إذن في الأزمنة المقبلة؟