أفعالٌ صغيرة تصنعُ تواريخ كبيرة

تاريخنا البشري ليس نتاجاً حتمياً لسلسلة سببية من الأفعال العقلانية

براين كلاس
براين كلاس
TT

أفعالٌ صغيرة تصنعُ تواريخ كبيرة

براين كلاس
براين كلاس

كثيراً ما نميلُ إلى التفكّر الحثيث في تاريخنا البشري والطبيعي، ووضعه موضع الاستنطاق والمساءلة. يبدو أنّ المساءلة الشائعة لهذه التواريخ ستجعلنا ننتهي إلى ما يمكن تسميتها «سرديات كبرى (Grand Narratives)»: عصر التنوير والإصلاح الديني الأوروبي، ونشوء الحربين العالميتين الأولى والثانية، مثلاً، يمثلان سردية كبرى في تاريخنا البشري، مثلما أنّ نشوء الإنسان العاقل (Homo Sapiens) يمثل سردية كبرى في تاريخنا الطبيعي، وانبثاق الحضارة الصناعية بأطوارها المختلفة (بخارية، وكهرباء، ومحرك الاحتراق الداخلي...) يمثل سردية كبرى في تاريخنا التقني. تتشارك هذه السرديات الكبرى في خصائص مميزة: إنها أفعال كبيرة، حتمية محكومة بسلسلة سببية خطية صارمة؛ عقلانية. لعلّ مواريث عصر النهضة الأوروبية (الثورة الفيزيائية النيوتنية بالتحديد) هي السبب الأعظم الذي ساهم في التأطير المفاهيمي لهذه التواريخ ووضعها في هذا السياق النسقي الذي جاء مع «عصر الحداثة»، ثمّ مع حلول حقبة «ما بعد الحداثة» نُسِفت هذه السرديات الكبرى ولم تعُدْ تحتلُّ مواضعها المركزية السابقة في الفكر البشري. نحنُ في العادة نميلُ إلى التماهي مع سياق السرديات الكبرى؛ لما تنطوي عليه من حتمية وعقلانية وعناصر كبرى من الفعل تتفق مع رغبتنا البشرية في إضفاء الخصيصة العلمية الصارمة على أفعالنا التاريخية. السرديات الكبرى بكلّ أناقتها المفاهيمية وصِلاتها السببية الخطية توفّرُ علينا عناء البحث عمّا هو كامنٌ تحت السطح المباشر والمرئي للأحداث؛ لكنّ تراكماً من الوقائع في العالم المادي دفعنا دفعاً إلى مراجعة هذه السرديات الكبرى مراجعة شاملة.

يمكن عَدّ «نظرية الفوضى (Chaos Theory)» بداية خطّ الشروع في هذه المراجعة التاريخية الجذرية. «نظرية الفوضى» في أصلها هي محاولة علمية تُرينا كيف تتعامل النظم المعقدة بحساسية كبرى مع التغيرات الصغيرة التي تطرأ عليها. بعبارة أخرى: الأفعال الصدفوية الصغيرة (Flukes) يمكن أن تنشأ عنها تأثيرات كبيرة في النظم المادية (الفيزيائية). نحنُ في العادة لا نحبّذُ مدّ هذه الرؤية على النظم البيولوجية (الكائنات الحية) لاعتقادنا بأنها تخضع لمؤثرات أخرى؛ لكنّ التحليل الدقيق سيكشف لنا خطل هذه الرؤية. هذا ما يعتقده ويؤكّد عليه البروفسور براين كلاس (Brian Klaas) أستاذ «التاريخ العالمي (Global History)» في «الكلية الجامعة» بلندن، وقد عرض أفكاره في أحدث كتبه المنشور في يناير (كانون ثاني) 2024 بعنوان:

«الأفعال العشوائية الصغيرة: الصدفة... الفوضى... ولماذا أيّ شيء نفعله له أهميته المؤثرة».

يبدأ كلاس كتابه بمقدّمة مسهبة يكتب فيها عن الأفعال الصدفوية والعشوائية التي رافقت تشكّل تاريخنا البشري المعروف بموضوعاته الكبرى، ثمّ يقدّمُ شرحاً مكثفاً لحالة معاصرة - ليست بعيدة عنا – عندما تمّ القرار على إلقاء القنابل النووية على اليابان. هذه الحالة هي أقربُ إلى «دراسة الحالة (Case Study)» المعروفة في حقل الأدبيات الطبية، حيث تكون حالةٌ ما نموذجية دالة على حالات كثيرة؛ لذا سيكون من المفيد عرضُ تفاصيل قرار إلقاء القنابل النووية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين.

عندما تقرّر قصف اليابان نووياً في مايو (أيار) عام 1945 عقب نهاية الحرب على الجبهة الألمانية؛ اختير «بنك أهداف» من المدن اليابانية التالية: كيوتو، هيروشيما، كوكورا، نيغاتا، ثمّ أضيفت ناغازاكي خياراً إضافياً. هذا ما اعتمدته لجنة من كبار جنرالات الحرب الأميركيين؛ لكن عندما عُرضت القائمة على وزير الحرب هنري ستيمسون (Stemson) رفض بشدّة وَضْعَ كيوتو على قائمة الأهداف، متعللاً بأنّها مدينة تضمُّ كثيراً من كبار الطبقة المثقفة (الأنتلجنسيا) اليابانية الذين سيكون من المفيد التعامل معهم بعد نهاية الحرب مع اليابان. تكشّفت حقيقة الأمر لاحقاً: كان ستيمسون وزوجته قد أمضيا شهر عسلهما في فندق بمدينة كيوتو قبل تسعة عشر عاماً (عام 1926 بالتحديد)، وقد ساء ستيمسون أن يرى مظاهر الحزن على وجه زوجته عندما علمت بأنّ هذه المدينة ستؤول إلى محرقة نووية عمّا قريب، فعزم على إخراج المدينة من قائمة الأهداف المرشّحة للقصف النووي. جاهد الجنرالات الأميركان لحثّه على قصف مدينة كيوتو لأنها مركز لتجمّع صناعي مهم فضلاً عن أنها عقدة المواصلات اليابانية؛ لكنّ ستيمسون رفض بحزم. ماذا كانت النتيجة؟ دفع أهل هيروشيما ثمن النوستالجيا المؤلمة التي حرّكت عواطف زوجة وزير الحرب الأميركي.

حدث أمرٌ مشابه بعض الشيء عند قصف ناغازاكي... كانت مدينة ناغازاكي هي المرشّحة للقصف؛ تليها مدينة كوكورا؛ لكنّ تجمعاً كثيفاً من الغيوم دفع طاقم الطائرة القاصفة للعدول عن قصف ناغازاكي واختيار الهدف الثاني على لائحة القصف. استدارت الطائرة متوجهة نحو كوكورا؛ لكنّ عضو الطاقم المسؤول عن توجيه القنبلة لمح في اللحظة الأخيرة فتحة بين الغيوم بانت منها مدينة ناغازاكي؛ فأشار إلى قائد الطائرة بالعودة إلى المسار السابق وتنفيذ خطة القصف الأصلية، وهكذا حُرق أبناء ناغازاكي في الوقت الذي بقي فيه أهل كوكورا سالمين. ذهب هذا المثل تعبيراً عن كلّ ذي حظ عظيم؛ فيوصفُ بأنّ له حظاً عظيماً في الحياة مثل «حظّ كوكورا».

المثال الموصوف أعلاه يمثّلُ حالة نموذجية لأفعال صدفوية صغيرة صنعت تاريخاً كبيراً، وقد انطوت على كلّ الخصائص الجوهرية لهذه الأفعال من حيث إنها:

1- أفعال صدفوية صغيرة: لعلّ قضاء شهر عسل يمثلُ حدثاً كبيراً في تاريخ الأزواج؛ لكنه لا يعدّ حدثاً مؤثراً في تشكيل تاريخنا البشري. ماذا لو قرّر ستيمسون وزوجته قضاء شهر عسلهما في مدينة غير كيوتو؟ وماذا لو أنّ عضو الطاقم المسؤول عن توجيه القنبلة قرّر صرف النظر عن وجود فتحة في الغيوم تكفي لتحديد مدينة ناغازاكي بصرياً ومن ثمّ قصفها بالقنبلة النووية؟

2- غير محكومة بسببية صارمة: قانون السببية الخطية لا يبدو أنه يعمل في مثال القصف النووي الياباني. كانت طوكيو العاصمة - مثلاً - شبه محطمة بتأثير القصف الجوي الأميركي التقليدي بقنابل حارقة، وقد بدا القصف النووي على اليابان أقرب لاستعراض قوة أميركية موجّه إلى الحلفاء الآخرين وليس دفعاً لليابان للتوقيع على وثيقة الاستسلام غير المشروط.

3- لا عقلانية: نحنُ - لو تُركنا لحالنا ومخيلتنا الخصبة - فسنميلُ لتوقّع أنّ انتقاء الأهداف اليابانية جاء بعد مناقشات مستفيضة اتّسمت بعقلانية صارمة ومفرطة، خصوصاً أنّ الأميركان كانوا بصدد تجريب سلاح نوعي جديد ذي قدرة تدميرية ساحقة. هذا حدث بالفعل، وكانت العقلانية هي الحاكمة لمباحثات اللجنة المكلّفة انتقاء الأهداف؛ لكنّ القرار الأخير كان بمؤثرات غير عقلانية (نوستالجيا في مثال كيوتو، وتشكّل عشوائي للغيوم في مثال كوكورا).

بعد المقدمة المسهبة للكتاب، يتناول المؤلف موضوعات تؤكّدُ عناوينها أصل أطروحته. نقرأ في هذه العناوين: «تغييرُ أي شيء يغيّرُ كلّ شيء»، و«لا يحدث أيّ شيء بسبب محتّم»، و«لماذا تشوّه أدمغتنا الواقع؟»، و«السرب البشري»، و«قواعد هيراقليطس»، و«الحيوان الذي يروي الحكايات»، و«لكلّ منا تأثير الفراشة الخاص به»، و«عن الساعات والتقاويم»، و«معادلات الإمبراطور الجديدة»، و«هل يمكن للأمور أن تحدث بطريقة أخرى؟»... عناوين مثيرة من غير شك، وتُغري بقراءة الكتاب.

كلُّ كتابٍ يخالف السرديات الكبرى السائدة له سحره الخاص وإغواؤه الفكري الجاذب. أظنُّ أنّ السحر والإغواء لن يخفتا أو ينقطعا لدى القارئ الذي يقرأ أيّ فصل من فصول كتاب كلاس.

«الأفعال العشوائية الصغيرة: الصدفة... الفوضى... ولماذا أيّ شيء نفعله له أهميته المؤثرة»

Fluke: Chance, Chaos, and Why Everything We Do Matters

المؤلف: براين كلاس

الناشر:

«Scribner Book Company»

2024


مقالات ذات صلة

كيف أمضى جبّور الدويهي يومه الأخير؟

يوميات الشرق الروائيّ اللبناني جبّور الدويهي (فيسبوك)

كيف أمضى جبّور الدويهي يومه الأخير؟

عشيّة الذكرى الثالثة لرحيله، تتحدّث عائلة الروائيّ اللبنانيّ جبّور الدويهي عن سنواته الأخيرة، وعن تفاصيل يوميّاته، وعن إحياء أدبِه من خلال أنشطة متنوّعة.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

رواية «حكاية صفية» للروائية الكويتية ليلى العثمان الصادرة عام 2023، رواية جريئة بشكل استثنائي

فاضل ثامر
ثقافة وفنون شاهد قبر من البحرين، يقابله شاهدان من تدمر

الفتى حامل الطير وعنقود العنب

يحتفظ متحف البحرين الوطني في المنامة بمجموعة كبيرة من شواهد القبور الأثرية المزينة بنقوش تصويرية آدمية، منها شاهد مميّز يمثّل فتى يحمل عصفوراً وعنقوداً من العنب

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون غلاف الكتاب

الرواية الفلسطينية... ممارسات الاحتلال وآليات المقاومة

«أسئلة الرواية الفلسطينية» هو الكتاب الحادي عشر في النقد الروائي للشاعر والناقد سلمان زين الدين، وقد صدر مؤخّراً عن «مركز ليفانت للدراسات والنشر» في الإسكندرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون ريما بالي

الكاتبة السورية ريما بالي: أُواجه الحرب بالخيال وقصص الحب

تهتم الكاتبة الروائية السورية ريما بالي بسردية بلادها ما بعد الحرب، وتوليها عناية خاصة من خلال أعمالها التي تتحدث فيها عادة عن مسقط رأسها «حلب» في سياقات مختلفة

منى أبو النصر (القاهرة)

مذكرات فانس تعود لقائمة الأفضل مبيعاً بفضل ترمب

هانس مع ترمب
هانس مع ترمب
TT

مذكرات فانس تعود لقائمة الأفضل مبيعاً بفضل ترمب

هانس مع ترمب
هانس مع ترمب

نال جيه. دي. فانس شهرة واسعة على الصعيد الوطني بعد نشره كتاب «هيلبيلي إليجي» (Hillbilly Elegy) عام 2021، (مرثية هيلبيلي، وهيلبيلي تعبير يُراد منه السخرية من سكان المناطق الجبلية في غرب البلاد)، واستفاد فانس من شهرته في ترشّحه لعضوية مجلس الشيوخ وفوزه بمقعد به عام 2022.

مذكرات «هيلبيلي إليجي» تدور حول طفولة فانس الفقيرة في أبالاتشيا، ونجحت في إكساب مؤلِّفها شهرة كبيرة في أعقاب فوز دونالد ترمب في الانتخابات عام 2016. في ذلك الوقت كان فانس معادياً بشدة لترمب، ووصف الرئيس السابق بشتى الأوصاف الرديئة، مثل «الأحمق» إلى «هتلر أميركا»، عادّاً إياه بمثابة «كارثة أخلاقية».

واستغل النقاد رواية فانس، وما كشفته عن الفقر وسوء المعاملة والإدمان التي أحاطت بحياته في ميدلتاون بولاية أوهايو، بوصفها دليلاً إرشادياً لفهم محنة الناخبين البِيض من الطبقة العاملة، عبر المنطقة المعروفة باسم «نطاق الصدأ»، الذين أسهموا في فوز ترمب بفترة رئاسته الأولى. وقد وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الكتاب بأنه «تحليل اجتماعي للطبقة الدنيا البيضاء، التي ساعدت في دفع سياسات التمرد»، وبالفعل، أصبح الكتاب من أكثر الكتب مبيعاً على المستوى الوطني.

بعد 8 سنوات، عادت «هيلبيلي إليجي» إلى قمة قوائم الكتب، أما الاختلاف اليوم فهو أن فانس يترشح على منصب نائب الرئيس مع ترشّح ترمب لمنصب الرئيس، وقد تأتي مراجعات مذكراته اليوم مؤلمة بشدة له.

الأربعاء، احتلّت نُسخ الكتاب ذات الغلاف الورقي والمقوّى المركزَين الأول والثاني في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً عبر موقع «أمازون». وجرى تصنيف الفيلم المقتبَس عن الكتاب الذي صدر عام 2020 -والذي لاقى ردود أفعال شديدة السلبية من النقاد، على عكس الكتاب- ضمن أكثر 10 أفلام جرت مشاهدتها عبر منصة «نتفليكس» داخل الولايات المتحدة، مع وقت المشاهدة خلال يوم فقط من 1.5 مليون دقيقة إلى 19.2 مليون دقيقة، طبقاً للبيانات الصادرة عن مؤسسة «لومينيت».

الواضح أن هناك أموراً كثيرة تبدّلت منذ إصدار الكتاب عام 2016، فقد جرى انتخاب فانس لتمثيل ولاية أوهايو في مجلس الشيوخ عام 2022، بعد حصوله على تأييد ترمب، ودعم مالي من ملياردير التكنولوجيا بيتر ثيل. في الوقت ذاته طرأ انقلاب كامل على آراء فانس تجاه الرئيس الـ45.

وفي فبراير (شباط)، قال السيناتور الجديد إنه لو كان نائباً للرئيس خلال انتخابات 2020 لكان قد فعل ما لم يفعله مايك بنس، تحديداً دعم جهود ترمب لإبطال نتيجة التصويت في الولايات الحاسمة.

واليوم، وفي إطار تطوّر أصبح جزءاً لا يتجزّأ من ثقافة الإنترنت بالقرن الـ21، بدأ معجبو فانس ومنتقِدوه على حد سواء في التعبير عن آرائهم تجاه مذكراته.

وشارك أكثر عن 400.000 في تقييم كتاب «هيلبيلي إليجي» عبر موقع «غود ريدز»، وصوّت نحو 70 في المائة بتقييم 4 أو 5 نجوم. وهذا الأسبوع جرى تعليق التقييمات والمراجعات للكتاب مؤقتاً، في إشارة إلى أن الموقع ربما يحاول منع تعرّض المذكرات لطوفان من التعليقات السلبية، بعد ترشيح فانس لمنصب نائب الرئيس.

واليوم، يحمل موقع «غود ريدز» رسالة تقول: «تقييم هذا الكتاب غير متاح مؤقتاً، يخضع هذا الكتاب لقيود مؤقتة فيما يخصّ نشر التقييمات والمراجعات، قد يكون هذا بسبب رصدنا نمط سلوك غير عادي لا يتبع إرشادات المراجعة الخاصة بنا».

ومع ذلك، فإن المراجعات التي جرى تحديثها في الفترة الأخيرة تكشف أن القراء يتولّون تعديل آرائهم مع تطور مسيرة فانس السياسية.

على سبيل المثال، كتب أحد المعلّقين بتاريخ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، في أعقاب انتخاب فانس بفترة قصيرة: «مؤلف هذا الكتاب أصبح شخصية قميئة... وهو يساعد في خلق ثقافة أزمة داخل ديمقراطيتنا».

يذكر أن 15 يوليو (تموز) كانت آخر مرة ترك أحدهم تعليقاً جديداً على الكتاب، كانت هناك 5 مراجعات؛ 3 إيجابية، واثنتان سلبيتان. وكتب أحد الأشخاص الذين تركوا مراجعة بنجمة واحدة ببساطة «أتمنى لو لم أتمكّن من قراءتها».

وعلى موقع «أمازون»، الذي يملك موقع «غود ريدز»، يبدو أن المراجعات للكتاب قد زادت كذلك، وقالت إحدى القارئات التي تركت مراجعة إيجابية إنها كتبت على منصة التجارة الإلكترونية؛ لأن موقع «غود ريدز» أوقف نشاط التعليق على الكتاب على الموقع، في حين تحدثت قارئتان تركتا تقييماً من فئة الـ5 نجوم عن موافقتهما على اختيار المؤلف لمنصب نائب للرئيس ترمب.

الملاحظ أن هجمات التعليقات السلبية تشكّل صداعاً مستمراً على منصات التصنيف، فقد يستخدمها القراء والمعجبون سلاحاً لإغراق كتب معينة بتعليقات سلبية، وفي بعض الحالات قبل إصدارها.

في هذا الصدد، لفتت فضيحة في ديسمبر (كانون الأول) الأنظار إلى هذه القضية، عندما اعترفت مؤلفة قصص خيالية أصدَرت لتوّها كتابها الأول، وكانت متعاقدة مع «بنغوين راندوم هاوس»، بأنها أنشأت حسابات مزيّفة عبر «غود ريدز» للترويج لكتابها القادم، مع العمل في الوقت ذاته على تخريب جهود العديد من الكُتّاب الآخرين.

وفي الصيف الماضي أجّلت إليزابيث غيلبرت، مؤلّفة كتاب «Eat, Pray and Love»، نشر روايتها الجديدة، التي تدور أحداثها حول سيبريا، لأجَل غير مسمى، بعد أن ترك أكثر عن 500 قارئ عبر موقع «غود ريدز» تقييمات بنجمة واحدة على الكتاب قبل أشهر من نشره، وقالت غيلبرت إنها تلقّت ردود فعل عنيفة من القرّاء الأوكرانيين؛ لأنها ستختار إصدار الكتاب في خضم الصراع الروسي ـ الأوكراني.

* خدمة «نيويورك تايمز».