احتفى معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته (55)، التي تقام حالياً حتى 6 فبراير (شباط) تحت شعار «نصنع المعرفة - نصون الكلمة» بالشعر عبر كثير من الفعاليات التي شملت إصدارات دواوين شعرية جديدة، فضلاً عن أمسيات شعرية.
وألقى الشاعر عبد المعطي حجازي في أمسية حاشدة عدداً من قصائده عن فلسطين، وفرج فودة المفكر الذي تم اغتياله على يد الجماعات الإسلامية المتطرفة، وعن طه حسين. وشاركت في الأمسيات الأخرى مجموعة من الشعراء يمثلون مختلف الأجيال والمدارس: ماجد يوسف، وصلاح اللقاني، وعمر شهريار، وسهير الطويل «مصر»، وعلي الحازمي، وحاتم الشهري «السعودية»، وشوقي عبد الأمير، وسليم العبدلي «العراق»، وعلية الإدريسي، وريم نجمي «المغرب»، وعائشة السيفي «سلطنة عمان».
وامتد الاحتفاء بالشعر ليشمل عدداً من الشعراء الأجانب الذين ألقوا قصائدهم المترجمة؛ مثل الشاعر الأميركي من أصل مكسيكي خوان أرماندو روخاس، والشاعر الصيني داو لي هونغ.
وغطت بعض الندوات قضايا الشعر العالمية، مثل ندوة كتاب «ثقب المفتاح لا يُرى»، الذي يضم مختارات لـ20 شاعرة أميركية، ترجمة سارة حواس. كما حضر رئيس جمعية «دانتي أليغيري» ندوة «دانتي... شاعر المتوسط».
ومن أبرز الإصدارات الجديدة التي شهدت إقبالاً لافتاً وحفلات توقيع في أروقة المعرض ديوان «كانت هنا موسيقى» للشاعر جمال القصاص عن دار «بدائل»، و«قسوة الأبواب المغلقة» عن «بتانة»، و«بشر بأحجام دقيقة يكبرون في تجاعيدي» لمحمود خير الله، و«سرير فرويد» لمروة نبيل عن «منشورات المتوسط»، و«في سمك خوصة» لمحمد سادات التوني عن دار «المحرر»، و«رأى وتكلم» لعبد الرحمن مقلد عن دار «المحرر». كما كان لشعر العامية حظ وافر في هذا السياق عبر عدة إصدارات جديدة، منها «مزيكا منحوتة» لمها إبراهيم عن دار «المرسال».
وشهدت فعاليات الدورة الجديدة من المعرض إطلاق سلسلة «ديوان الشعر المصري»، ويستهدف ذلك إعادة اكتشاف أبرز الشعراء المصريين عبر ألف عام، وإعادة تقديمهم بعد أن طال غبار الإهمال والنسيان الكثيرين منهم. وصدر من هذه السلسلة التي تصدرها «الهيئة المصرية العامة للكتاب» أربعة أجزاء تشمل دواوين: البهاء زهير، وابن سناء المُلك، وابن النبيه المصري، وابن قلاقس.
يُشرف على السلسلة الشاعر أحمد الشهاوي الذي قال في تقديمه للمشروع إن «الشعر المصري المكتوب بالعربية منذ ظهوره في النصف الثاني للقرن الثالث الهجري لم يتم تقديمه أو حفظه بشكل مؤسسي ومنظم ضمن رؤية توثيقية تصونه للأجيال القادمة، وكل ما لدينا محاولات جزئية متناثرة هنا وهناك في كتب محدودة التأثير، صدر بعضها قبل 60 عاماً ولم تتم إعادة طباعتها. ويتسم الشعر المصري في هذا السياق بسمات الرقة والعذوبة، والوضوح والبعد عن التعقيد، نتيجة طبيعة الحياة المستقرة في ظل أقدم حكومة مركزية عرفها التاريخ».
وشهدت فعاليات المعرض احتفاءً لافتاً بالثقافة النرويجية بعد اختيار النرويج «ضيف شرف» للدورة الجديدة. وأجرى في هذا السياق مدير المعرض الدكتور أحمد بهي الدين حواراً مع الكاتب النرويجي البارز جوستاين غاردر حول ملامح تجربته الأدبية بحضور الأميرة ميت ماريت، زوجة ولي عهد النرويج، ووزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي، وسفيرة النرويج في القاهرة هيلدا كليميتسدال، ووزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني.
وخلال جلسة حملت عنوان «نجيب محفوظ في عيون نرويجية»، تحدثت الكاتبة النرويجية هانة أورستافيك عن علاقتها بثلاثية محفوظ: «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، كما ألقت محاضرة حول ملامح تجربتها الروائية والإنسانية.
شهدت فعاليات الدورة الجديدة من المعرض إطلاق سلسلة «ديوان الشعر المصري» ويستهدف ذلك إعادة اكتشاف أبرز الشعراء المصريين عبر ألف عام
في السياق نفسه عُقدت ندوة «إبسن على المسرح العالمي» تناولت فيها الدكتورة نينا ماري إيفينسن، ممثلة معهد دراسات إبسن بجامعة أوسلو، بعض ملامح التجربة الإبداعية لدى الكاتب النرويجى الشهير هنريك إبسن، مشيرة إلى أنه يُطلق عليه «أبو الواقعية»، و«أبو الدراما الحديثة»، ويسبقه فقط شكسبير. وقالت إيفينسن إن «إبسن الذي عاش في الفترة من 1828 إلى 1906 أنتج 26 مسرحية إلى جانب كثير من الكتب والروايات والمقالات، وتُرجمت أعماله إلى 48 لغة منها اللغة العربية»، وأشارت إلى أن كتاباته لاقت رواجاً كبيراً في العالم العربي. ومن بين أعماله التي حظيت باهتمام عربي كبير «بيت الدمية»، كما قامت الإذاعة المصرية بعمل معالجات درامية لعدد من أعماله.
وعلى مستوى دور النشر شهد جناح «بيت الحكمة» إقبالاً ملحوظاً كونها مؤسسة ثقافية تأسست في الصين 2011 ثم تعددت فروعها في مصر والإمارات ولبنان بهدف التواصل بين الثقافة الصينية والوطن العربي، ثم استضافت القاهرة مؤخراً المقر الرئيسي للدار التي تشمل أنشطة النشر والترجمة والبحوث والدراسات، فضلاً عن أكاديمية لتعليم اللغة الصينية. ووفق الدكتور أحمد سعيد، المؤسس والرئيس التنفيذي للدار، فإنه تم حتى الآن ترجمة 1000 كتاب عن الصينية إلى العربية، و100 كتاب من العربية إلى الصينية لأهم الأدباء والمبدعين المصريين والعرب في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز الضخم تم عبر 83 مترجماً إضافة لفريق من المراجعين الصينيين لمراجعة الترجمات. وتشمل الترجمات عن الصينية نقل إبداعات أبرز 30 أديباً، لا سيما ممن حصلوا على جائزة «ماودون» التي تعادل في قيمتها مادياً ومعنوياً جائزة «نوبل». ومن أبرز الترجمات في مجال الفكر السياسي كتاب «طريق الحرير - المغزى والجوهر».
وضمن محور ندوات «مبدعون وجوائز»، حظيت ندوة «حضور المكان وأثره في روايات زهران القاسمي» بحضور لافت، حيث أجرت الناقدة الدكتورة رشا الفوال حواراً مع الروائي العماني الذي فازت روايته «تغريبة القافر» بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» في دورتها الأخيرة.