"المعذبون في الأرض" ... كتاب طه حسين الأشد إيلاما

طبعة جديدة توثق لمراحل كتابته وأبعاده النفسية والتاريخية

"المعذبون في الأرض" ... كتاب طه حسين الأشد إيلاما
TT

"المعذبون في الأرض" ... كتاب طه حسين الأشد إيلاما

"المعذبون في الأرض" ... كتاب طه حسين الأشد إيلاما

أعادت هيئة الكتاب المصرية ضمن سلسلة "أدباء القرن العشرين" إصدار كتاب "المعذبون في الأرض" الذي نشره طه حسين في حلقات قبل 77 عاما بمجلة "الكاتب" التي كان يرأس تحريرها آنذاك . وفي مقدمته الضافية للكتاب، يشير الباحث والأكاديمي دكتور خير دومة إلى أنه يستعيد بمحتوياته ذكريات الواقع القاسي الذي كان يرزح تحت أعبائه المصريون زمن الحكم الملكي، وجاء كغيره من مؤلفات العميد دون تمييز كبير ما بين البحثي والإبداعي، أو بين الحديث المباشر بصوت المؤلف التاريخي طه حسين، أو بصوت راوِ متخيل، فضلا عن الحديث إلى قارئ مباشر في لحظة تاريخية محددة، أو عن أشخاص قصصه الخياليين وتكويناتهم النفسية وحبكات حياتهم. وقد ظلت كتبه جميعها في النهاية لونًا مما كان يسميه "الحديث" وهي الكلمة المركزية في خطابه الإبداعي والنقدي، يستوي في ذلك "في الشعر الجاهلي" و"حديث الأربعاء" و"الأيام" و"المعذبون في الأرض"، وغيرها من مؤلفاته الشهيرة.

بدأ طه حسين نشر ما سماه قصة تحمل عنوان "المعذبون في الأرض" في يناير 1946، وكانت المرة الأولى التي يرى فيها القراء ذلك العنوان الدال، في صدارة العدد الرابع من المجلة، وأهداها "للذين يحرقهم الشوق إلى العدل، ويؤرقهم الخوف من العدل". بعدها بشهرين، في عدد مارس 1946، طالع قراء المجلة نصا جديدا بالعنوان نفسه، أهداه طه حسين "للذين يجدون ما لا ينفقون، والذين لا يجدون ما ينفقون". ثم بعدها بأربعة عشر شهرًا، في عدد مايو/آيار 1947، صادف القراء نصا أخر يحمل العنوان السابق، لكنه هذه المرة بلا إهداء. وفي ديسمبر/كانون الأول عام 1947 نشر طه حسين نصًّا رابعًا، لكنه هذه المرة وضع تحته عنوانًا فرعيًّا هو "المعتزلة". وتكرر الأمر نفسه في فبراير عام 1948 بنص أخير بعنوان فرعي هو "صفاء". وهكذا ومنذ بداية 1946 وحتى نهاية عام 1948 كان طه حسين قد نشر في مجلته، وفي غيرها من دوريات ذلك الزمان، أحد عشر قصة من هذا النوع.

وحين شرع في طبعه واجه معارضة من السلطة المصرية، فاضطر لنشره في المطبعة العصرية بمدينة صيدا اللبنانية في سبتمبر/أيلول 1949 دون مقدمة، وأخذت النصوص الأولى عناوين بأسماء أبطالها "صالح" و"قاسم"، و"خديجة" ثم "المعتزلة" و"صفاء"، واحتفظت بقية النصوص بعناوينها "رفيق"، و"خطر"، و"تضامن"، و"ثقل الغنى"، و"سخاء"، وأخيرا "مصر المريضة"، وحين قامت ثورة يوليو أعاد العميد نشر كتابه في نوفمبر/ تشرين الثاني، ضمن مطبوعات دار المعارف، دون إضافة سوى مقدمة تحكي قصة الكتاب وما جرى من حجبه ومنعه في مصر، مستعيداً أجواء تلك الأيام "السود"، في العهد الذي ألِّفه فيه.

ويقول الدكتور خيري دومة في المقدمة أن معظم النصوص المنشورة في الكتاب، التي يغلب عليها الطابع القصصي؛ تعتمد على دراما الحكاية، وتجسد مآسي المعذبين القابعين في أدنى السلم الاجتماعي، وترسمها في أشد صورها وأكثرها إيلامًا. وقد جاء بعضها الآخر إما في صورة قصصية مستمدة من التاريخ الإسلامي، مثل نصي "تضامن" عن عمر بن الخطاب في عام الرمادة، و"ثقل الغنى" عن عبد الرحمن بن عوف وطبيعة علاقته بالغنى، أو في شكل مقالات مباشرة تحكي واقع مصر المرير في النصف الثاني من أربعينيات القرن العشرين، مثل نصي "سخاء" عن أغنياء مصر في الأربعينيات مقارنة بأغنياء المسلمين في الزمان القديم، و"مصر المريضة" الذي خصصه عن وباء الكوليرا الذي ضرب المجتمع المصري.

ويذكر دومة أن "ما يحكيه الراوي في الكتاب خيالٌ في خيال، شيءٌ من ابتداعه الكامل، ولكنه في الوقت نفسه يمثل الحقيقة والأمانة كاملة في نقل التاريخ الحرفي، حيث يلعب الراوي بطريقة ساخرة على هذا الخيط الرهيف الذي يقع بين الحقيقة والخيال".

ويعتبر الكتاب، في طريقة تأليفه ونشره، وفي طبيعة العلاقة بين نصوصه أو فصوله، نموذجًا خالصًا لما سمَّاه بعض الدارسين "حلقة القصص القصيرة"، وما أطلق عليه آخرون "المتتالية القصصية". وأوضح "دومة" أن فكرة "المعذبون في الأرض" ربما راودت طه حسين مرات متعددة خلال حياته كلها، وأطلت برأسها في بعض مؤلفاته القصصية الأقدم مثل "الأيام"، على الأقل في جزئها الأول 1929، كما ألحت عليه كثيرا في سنوات الأربعينيات وعبرت عن نفسها في مؤلفاته "شجرة البؤس" 1944 و"الوعد الحق" 1949 الذي يروي فيه سيرة المستضعفين في الأرض من عبيد مكة الذين أورثهم الله الأرض، وكذلك "مرآة الضمير الحديث" 1949.

يتجاوز العذاب في نصوص "المعذبون في الأرض" الإطار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وحتى الوطني ، ويكاد يلامس الحد الوجودي

ويشير دومة إلى أن مفردات مثل البؤس والفقر والشقاء والحرمان لازمت طه حسين منذ استعاد الجزء الأول من "أيامه" طفلا وصبيًّا، وقد ظهرت هذه المفردات بكثرة في رسالته لابنته التي ينتهي بها الجزء الأول من الأيام. أما مفردة العذاب فلم تكن مطروحة حتى أوائل الأربعينيات في معجمه على هذا النحو، لكن يبدو أن نتائج الحرب العالمية الثانية، مع فساد النظام السياسي والاقتصادي، أعاد الرجل إلى تجربته المؤلمة في الطفولة مع وباء الكوليرا، والتي صورها على نحو لا مثيل له في فصلين متواليين من كتاب الأيام.

إن من يقرأ كتب طه حسين ومقالاته في الأربعينيات يمكنه أن يستشعر درجة أعلى من الحدة التراجيدية في الخطاب، تنضح بألم عميق بعيد الجذور في تجربته. وهكذا فرضت مفردة "العذاب" بعد مفردة "البؤس" نفسها عليه. أما عنوان "المعذبون في الأرض" فقد كان مفتاحًا للكتاب كله، إذ توالت صور المعذبين في عقله حين قارب الستين من عمره، وبدا كأنه يستعيد عذاب طفولته مرة أخرى، فجاءت فصول الكتاب كأنها استكمال لفصول "الأيام" المؤلمة. فالفضاء الذي تدور فيه معظم فصوله هو صعيد مصر زمن طفولة طه حسين، فضاء واحد متشابه، تتكرر مفرداته ، في رفقة الكُتّاب وسيدنا، والدور والضيوف والطعام، والنهر والحقول والأذان والقطار، كما أن أبطال القصص الأساسيين أطفال وصبية في عمره حين كان طفلا، ربما كانوا من رفاقه، أو جاءوا من خياله المجروح، حيواتهم عذاب وفقر وهوان، وتكاد تكون نهاياتهم واحدة، دهسًا بالقطار، أو غرقا، أو انتحارا.

ويتجاوز العذاب في نصوص "المعذبون في الأرض" الإطار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وحتى الوطني المحدود، ويكاد يلامس الحد الوجودي؛ وربما لهذا كانت مفردة "الأرض" في العنوان دالة إلى أبعد حد، فالعذاب ليس في الصعيد وحده، ولا في مصر وحدها، بل في الأرض أو في الكون أو في الوجود الذي لا يملك البشر أن يخرجوا منه. ,

ويخلص أبو دومة أن الكتاب خرج من جو"الظلام المخيم" المعلق بظلام آخر في النفوس الصدور ، في لحظة يأس حاصرت طه حسين في أواخر الأربعينيات، عبر عنها صراحة في النص الأخير من كتابه الذي بدا من عنوانه "مصر المريضة" كأنه تكثيف مرهق لكل المشاعر التراجيدية اليائسة التي عبر عنها في الكتاب، ووصفها في مقدمة الطبعة المصرية بأنها "مزاج من الحزن على بلده الذي كان يراه خليقا بالسعادة، والحرية والأمن والاستقلال.


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
TT

«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب

تفترض بالطبع عندما تقدم على شراء نسخة من مذكرات رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون الصادرة حديثاً فيما يقرب من 800 صفحة بأنّك حصلت لتوّك على سِفر ثمين من الحكمة السياسيّة وخبرة الإدارة في المنصب التنفيذي الأهم في إحدى دول العالم العظمى، لا سيما أن الرجل جاء إلى فضاء السلطة من الصحافة كاتباً ورئيس تحرير لمجلّة سبيكتاتور الأسبوعيّة العريقة، ومؤرخاً نشر عدّة كتب مهمة - بما فيها سيرة لملهمه وينستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية - قبل أن يُنتخب عمدة للعاصمة لندن ثم رئيساً للوزراء وزعيماً لحزب المحافظين. ولعل مما يرفع وتيرة التوقعات أيضاً أنّه كان في موقع التأثير واتخاذ القرار في مراحل مفصليّة في تاريخ بلاده المعاصر، سواء الأشهر الأخيرة من عصر الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، أو خروج المملكة المتحدة من عضويّة الاتحاد الأوروبي، أو وباء «كوفيد 19». أو الحرب في أوكرانيا، ناهيك عن شهرته عبر العالم كنسخة من دونالد ترمب على الجهة الأخرى من المحيط الأطلسي، حتى أنّه ربما يكون السياسي البريطاني الوحيد الذي يعرفه سكان هذا العالم باسمه الأول (بوريس). لكن الحقيقة أن المذكرات ورغم تضمنها مقاطع مهمة هنا وهناك ولحظات صاعقة من الصراحة، فإنها في المحصلة أقرب إلى موجة جارفة من التبرير المقعّر، والإعجاب النرجسي بالذات، وتصفية الحسابات السياسيّة ولوم للجميع لأنهم أضاعوه، ويا ويلهم أي فتى أضاعوا؟

ومع ذلك، فإن «مطلق العنان» قراءة سهلة، يتم سردها بلغة قريبة من لغة الحوار اليومي أكثر منها لغة متعجرفة كما يتوقع من خريجي المدرسة النخبوية في إيتون وجامعة أكسفورد، مع كثير من علامات التعجب، والأصوات الشارعيّة المكتوبة بحروف كبيرة، والصفات المرصوفة كجمل طويلة، والإهانات الشخصيّة لمنافسيه، والأسئلة البلاغيّة عديمة الفائدة، فيما غلب عليها مزاج من السخريّة والهزل حتى في التعاطي مع القضايا التي يفترض أنّه جاد بشأنها.

هذا النّفس الذي اختاره جونسون لسرد مذكراته (والتي قد تدر عليه دخلاً سيتجاوز الثلاثة ملايين جنيه إسترليني وفق تقديرات صناعة النشر) أفقد الكتاب كثيراً من قيمته المتوقعة كوثيقة تاريخيّة، وبدت أجزاء كبيرة منه روايات ربما يتمنى كاتبها لو كانت الحقيقة، أو ربما أعتقد بالفعل أنها كانت الحقيقة كجزء مما يسميه جونسون نفسه التنافر المعرفي الذي يصيب الساسة المغمسين في وظيفتهم القياديّة لدرجة أنهم يصابون بالعمى عن المشاكل السياسية الهائلة التي تتراكم خارج مكاتبهم. هذا سوى بعض الأخطاء التفصيليّة في تسجيل الأحداث أيضاً والتي لا يفترض أن تمرّ على مؤرخ معتّق أو على ناشره المرموق (يقول مثلاً إن حكومة حزب العمال في أسكوتلندا أطلقت سراح الليبي المتهم بتفجيرات لوكربي، فيما الواقع أنها كانت حكومة الحزب القومي الأسكوتلندي).

من الناحية الإيجابيّة فإن جونسون يضمِّن كتابه تعليقات ذكيّة حول مسائل استراتيجيّة تبدو في ميزان اليوم أفضل من أدائه الفعلي رئيساً للوزراء كما مثلاً في رؤيته لأسباب اللامساواة الاقتصاديّة بين الأجيال، وتفسيره للانقسام الاقتصادي العميق بين العاصمة لندن الكبرى وبقيّة المملكة المتحدة، وتصوّراته حول رفع سويّة الأجزاء الأقل حظاً منها من خلال برامج تحديث البنية التحتية وتكنولوجيا الاتصال والاستفادة من أموال الخزينة العامّة لجذب استثمارات القطاع الخاص، وكذلك تحوّله من منكر لتحولات المناخ إلى منذر من مخاطرها ومفسّر للحجج الأخلاقيّة والاقتصاديّة الدّاعية إلى التصدي لجذورها من أجل مصلحة الأجيال المقبلة.

أثناء زيارة لمكتبه في عام 2017 طلب منه نتنياهو استخدام المرحاض بعد ذلك، وجدت أجهزة الأمن جهاز تنصت تم زرعه هناك

يفشل بوريس في تقديم مرافعة كانت متوقعة منه بشأن دوره فيما يعرف بـ«بريكست»، أو القرار بتخلي بريطانيا عن عضوية الاتحاد الأوروبيّ. وهو يعترف بأنّه كان مشتتاً وقتها بين اعتقاده بضرورة أن تتخلص بلاده من سلطة بروكسل عليها (مقر الاتحاد الأوروبي) من ناحية، وتفهمه لمشاعر كثيرين من عائلته وأصدقائه الذين أرادوا منه دعم حملة البقاء في النادي الأوروبيّ، ويقرّ بأنه في المساء الذي أعلن فيه قراره بدعم التوجه إلى الخروج من الاتحاد، كتب نسختين من المقال نفسه، واحدة (مع) وواحدة (ضد) كي يمكنه اختبار حنكة حججه، ليجد في النهاية أن حملة تأييد البقاء افتقدت إلى الحماس، ولم تمتلك أي رسالة إيجابيّة واضحة لتقولها. في المقابل، فإن جونسون يبدو في هذه المذكرات ليس مفتقراً فحسب لأي شعور بالمسؤولية عن الفوضى التي أعقبت التصويت على المغادرة، والإدارة السيئة للمفاوضات التي قادتها حكومات المحافظين وهو فيها مع الاتحاد الأوروبي، بل يبدو غاضباً حتى على مجرد اقتراح مساءلته من حيث المبدأ متسائلاً: «وماذا بحق الجحيم كان من المفترض علينا أن نفعل؟»، بينما يقفز للعب دور البطولة منفرداً فيما يتعلق برد حكومة المملكة المتحدة على حالات التسمم النووي التي نسبت لروسيا في سالزبوري عام 2018. في وقت صار فيه من المعلوم أن تيريزا ماي، رئيسة الوزراء حينها، هي من كانت وراء ذلك الموقف الحازم. ويخلص جونسون للقول إن حزب المحافظين كان سيفوز في انتخابات هذا العام لو بقي على رأس السلطة ولم يتعرّض للخيانة من رفاقه، وهي مسألة يكاد معظم المراقبين يتفقون على استحالتها بالنظر إلى تراكم سلسلة الفضائح وسوء الإدارة وهزالة الطرح الآيديولوجي لحكومات حزب المحافظين خلال الخمسة عشر عاماً الماضية على نحو تسبب للحزب النخبوي بأقسى هزيمة له في مجمل تاريخه العريق. في المذكرات يكتب جونسون عن زيارة قام بها بنيامين نتنياهو إلى مكتبه في عام 2017، طلب خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي استخدام المرحاض. بعد ذلك، وجدت أجهزة الأمن جهاز تنصت قد تم زرعه هناك. وقال جونسون إنه على وفاق مع نتنياهو وإن القراء يجب ألا يستخلصوا استنتاجات أوسع حول الزعيم الإسرائيلي من تلك الحكاية!