«العالم إلى أين؟ والشرق الأوسط إلى أين على وقع الصراع العالمي؟ على هذين السؤالين الصعبين، يحاول الصحافي والمحلل السياسي منير الربيع الإجابة في كتابه الصادر حديثاً عن «منشورات رياض الريس» في بيروت، تحت عنوان «العرب في قطار النظام العالمي - خرائط مهددة أم عولمة متجددة؟».
وهو عبارة عن نظرة بانورامية على أهم النزاعات الدائرة حالياً في العالم، وبُعدها الاستراتيجي، ومن ثم تأثيراتها التي تبدو مفتوحة على أوضاع منطقتنا التي تعاني هي نفسها مشكلات ذاتية وانقسامات وصراعات.
يشرح الكتاب، أنه من ناحية، هناك ما وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتصحيح مسار التاريخ، وربما الجغرافيا، في محاولة لإحياء عصر الإمبراطورية. ومن ناحية أخرى، هناك ما يستند إلى فكرة توسيع هامش الليبرالية، ما يصوّر العالم وكأنه في صراع بين قطبين، حرّ واستبدادي. وهذا من شأنه إيقاظ الصراع التاريخي المدعّم بالقومية، أو بالعنصر الثقافي أو الديني، وأن يستحضر شياطين كثيرة لدى القوى المستهدفة أيضاً، ومنها النزوع نحو الانعزال أو الانغلاق والتوجّهات اليمينية في شتى أصقاع الكون.
تحضر منطقة الشرق الأوسط، في الكتاب، حيث نجد منجماً للصراعات بين المكوّنات الاجتماعية، وتتماهى النزاعات القومية أو الدينية أو التاريخية أو الثقافية مع النزاعات الجغرافية. وفي المنطقة تسعى كل جماعة للسيطرة على مساحة معينة واقتطاعها لجعلها دولة مستقلة بذاتها. وفي حين تُطرح على مستوى الكوكب الأسئلةُ عن النظام العالمي، تُطرح على مستوى الشرق الأوسط الأسئلةُ عن خريطة الدول ومراكز النفوذ، وممرات التجارة ومصادر الطاقة.
ويتحدث الكتاب عن إمكانية العيش التي أصبحت متاحة في «القرية الكونية» والتفاعل معها وإبداء الرأي في شأنها، إلا أن كل ذلك يصطدم بـ«حدود» كثيرة، وحواجز ماديّة وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، تنتصب بين المحاور العالمية والدول، وحتّى داخل الدولة الواحدة. وهذه الحدود في تزايد وتغيّر مستمرين. فالقرية الكونية الواسعة، ومجتمعها المنفتح بعضه على بعض، ثمة ما يعترضها، في ضوء صراعات كثيرة، ومتكاثرة، سياسية، فكرية، دينية، قومية، مصالحية... ينقسم العالم بموجبها قسمين أو أكثر؛ ما يطرح تساؤلات كثيرة في شأن مصير النظام العالمي، وإذا ما كان يتجه إلى التعددية القطبية أو يستمر أحاديَّ القطبِ، في ضوء ما ينشأ من تكتلات لقوى صاعدة.
هذه الأسئلة عن القرية الكونية والنظام العالمي ومسارات الأحداث، كانت دافعاً أساسياً وراء الشروع في هذا الكتاب، كما يشرح المؤلف، ويعمل لذلك على طرح الأسئلة واستعراض احتمالات الإجابة عليها. كما يرصد متغيّرات الجغرافيا والسياسة، حيث تضيق الحدود أو يُعاد ترسيمها، في ظل صراعات بين الدول الطامحة إلى توسيع أدوارها ونفوذها على الرقعة العالمية، وما تنتجه تلك الصراعات من تأثيرات على دول العالم عموماً، وعلى تلك التي ستجد نفسها مهددة وعرضة للتفكك وتصغير حدودها خصوصاً.
الكتاب من ستة أبواب. يبدأ بباب عن الشباب وتساؤلاتهم، والتحالفات في المنطقة العربية، وحركات التحرر الوطني والعلمانية، كما الثورات الملونة، والشعبوية وما أدت إليه من انحدار سياسي. أما الباب الثاني فيناقش تعقيدات الحرب الأوكرانية، والعلاقات العربية - الصينية، كما نوعية الصلات التي تربط إيران وأميركا. الباب الثالث مخصص لما يسميه المؤلف «مثلث إسرائيل - تركيا إيران». أما الباب الرابع فهو حول يقظة الأمة وذهابها إلى التشظي وتحديات الوحدة والأمة والأمن. الباب الخامس فهو حول إرهاق المشرق العربي وتجدد روح الأقليات. بينما الباب السادس والأخير حول القطار العربي الذي ينطلق من السعودية.