FAT CITY ★★★★
* إخراج: جون هيوستون
* الولايات المتحدة (1972)
جون هيوستون ليس غريباً عن تحقيق تلك الأفلام التي تتحدّث عن ضمور الحلم الكبير بتحقيق الذات والثروة. «كنوز سييرا مادري» (The Treasure of the Sierra Madre) عام 1948 ثم «الغابة الإسمنتية» (The Asphalt Jungle) عام 1950 سبقا هذا الفيلم، ونجد اللمَحة نفسها في أفلام أخرى لاحقة له. لكن هذا الفيلم هو الأفضل بينها لجهة تصوير حالة رجلَين طمحا كلّ بمفرده، وانتهيا إلى الجلوس في حانة بلا مستقبل منشود.
إنهما توفي (ستايسي كيتش في دور حياته) وإرني (جِف بردجز). الأول ملاكم سابق خسر مكانته ثم امتنع عن السعي، وبلغ سنّاً لا يستطيع معها إلا تذكّر ماضيه. في أحد المشاهد نراه يعمل في الحقول مقابل 3 دولارات في الساعة. إرني هو شاب مقبل، لديه خامة جيدة ويتوقَّع له شأن كبير في الملاكمة.
لكن لا توفي ينجز حلم العودة، ولا إرني يحقق البداية الموعودة. هذا ليس ضمن قصة مُسَلِّية لهواة أفلام الرياضة (أو لأي فئة من هواة القصص)، بل مُعالَج بلمسات رقيقة وحانية وبشعور تعاطفي إنساني عميق تعبّر عنه اللقطات القريبة والأداء الرائع لكل ممثل في هذه الدراما.
البداية تصوّر أناساً غير معروفين يفترشون أرصفة المدينة ومتسكعين في الأحياء الفقيرة التي تقع الأحداث فيها. أولئك خَدعتهم الحياة فتحوّلوا إلى هياكل. وفي النهاية، هناك رجلان (إرني وتوفي) ينضمّان إلى ركاب من فقدوا أحلامهم. في المدينة السمينة بأحلام من فيها، الكل يتساوى حين يفشل.
THE KILLING ★★★★
* إخراج: ستانلي كوبريك
* الولايات المتحدة (1956)
قبل أن يكون هذا فيلماً عن عصابة تخطط للسرقة، فهو بدوره فيلم عن ذلك الحلم الذي لن يتحقق. صحيح أن أبطاله (سترلينغ هايدن، جاي فليبن، تِد دي كورسيكا وآخرون) لديهم أسباب مختلفة لتحقيق الحلم تلتقي تحت مظلة انتزاع ثروة تُحسّن أوضاعهم، فإنهم، بالطريقة التي قام كوبريك بتصويرهم ومنحهم شخصياتهم، يبدون، في معظمهم، يستحقون الإفلات بالغنيمة. أنجز كوبريك هذا الفيلم بعد عامين من قيام أكيرا كوروساوا بإنجاز «راشومون»، واستخدم منهج المخرج الياباني في السرد، حيث يُعاد سرد الأحداث من وجهة نظر شخصياتها، ما يوفّر اختلافاً في عرض الحدث الجامع.

هايدن هو جوني، خرج من السجن ولتوّه يريد تنفيذ السرقة الأخيرة. يجمع حوله 5 أفراد، اثنان منهم يعملان في ميدان سباق الخيل، وسيسهّلان دخول العصابة إلى غرفة تجميع المال وسرقته. أحدهما (جو سوير) لديه زوجة مريضة تلتزم فراشها في منزل متواضع، والآخر (إليشا كوك جونيور) يريد نيل رضا وحب زوجته المتبرّمة من الفقر الذي تعيش فيه. تتم السرقة، لكن مآلاتها تجسّد ضعف الذات واستحالة تحقيق ذلك الحلم.
ليس الفيلم مصنوعاً لتأييد عصابة تزمع الخروج عن القانون، بل هو عن شخصيات (ليست جميعها إيجابية) تبحث لنفسها عن موقع ما تحت ضوء الشمس.
TUCKER: THE MAND AND HIS DREAM ★★★★
* إخراج: فرانسيس فورد كوبولا
* الولايات المتحدة (1988)
حتى «العراب» (في جزئه الثاني على الأخص) هو فيلم عن انهيار الحلم الأميركي، كذلك فيلم كوبولا الرائع الأخير «ميغالوبوليس». «تاكر: الرجل وحلمه» يجسّد محاولة هذا المخرج الصادق في نقده، منح المشاهد عملاً محدداً في هذا الاتجاه
يتصدّى الفيلم لسيرة حقيقية تقع في الأربعينات من القرن الماضي: برستون تاكر (جيف بردجز) طمح لصنع سيارة مصممة على نحو مختلف عن السيارات الأميركية الأخرى (فورد، شيفروليه، دودج، وسواها)، تتميّز بالحداثة والطواعية وعناصر السلامة. سريعاً ما تُثير تصاميمه وطموحه مخاوف تلك الشركات التي تنبري لمحاربته. يحاول دخول حرب التنافس مسلّحاً بثقته وإيمانه بالمشروع، ووثوقه ببلوغ الغاية إذا ما تجاوز العراقيل الكثيرة التي تحيط به. لكن هذه تتغلّب عليه، ويعلن إفلاسه وخسارة طموحه.

لا يقل مستوى شغل كوبولا هنا عن أي فيلم آخر حقَّقه. يعرف قيمة الصورة وعناصرها، ويستغل المشاهد قبل تصويرها لتنقل حسّاً جمالياً موحَّد الأسلوب حال تنفيذها.
ما يختلف فيه عما سبق هو أنه يتحدث عن حكاية وقعت بالفعل، وأنه ليس ضرورياً أن يكون الحالمون أشخاصاً من محدودي الدخل. «تاكر» يشترك مع «مدينة سمينة» لهيوستون و«القتل» لكوبريك في الحديث عن اصطدام الأحلام بجدار الفشل الذي لا يعرف صغيراً أو كبيراً. مثلهما أيضاً، هو عن أميركا ولو من زاوية مختلفة.
★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز






