شاشة الناقد: بطلات تحت سطح الحياة

جمال هنداوي يحبث عن «السترة» (بلوتو فيلم)
جمال هنداوي يحبث عن «السترة» (بلوتو فيلم)
TT

شاشة الناقد: بطلات تحت سطح الحياة

جمال هنداوي يحبث عن «السترة» (بلوتو فيلم)
جمال هنداوي يحبث عن «السترة» (بلوتو فيلم)

The Jacket ★★★

* إخراج: ماتييس بوب

* بلجيكا | دراما | ألوان (71 د)

* عروض 2025: جوائز السينما العربية

يعمد المخرج ماتييس إلى دمج الحكاية الدرامية بالشكل التسجيلي. الدراما تقع على الأرض أمام أعين المشاهد، والتسجيل هو المعالجة الغالبة، مشهداً وراء آخر.

انتقل المخرج إلى مخيم شاتيلا في لبنان ليقصَّ حكاية ممثل فلسطيني (جمال هنداوي) سيلعب دوراً على خشبة المسرح. يخضع في هذا المشهد لتوجيهات المخرج التي تتطلب أن تقوم السترة التي يرتديها بدور رمزي سياسي. إنها التجسيد لحال الأمم، أو كما يقول الفيلم في أحد مشاهده: «السترة هي مفهوم ورمز للدول الكبرى التي وضعت لبنان والعالم في سترات».

وفي مشهد آخر، يربط المخرج البلجيكي الوضع بواحد من قرارات المحكمة الإسرائيلية التي تقضي بطرد 4 عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح في القدس، وهو ليس قراراً منفرداً عن قرارات أخرى صدرت طوال العقود الماضية.

لكن ما الذي يمكن أن يحدث فيما لو أضاع الممثل السترة المرقَّعة التي عليه ارتداؤها في المسرحية المزمع تقديمها قريباً؟ هنا نقطة الضعف في الفيلم بأسره. ذلك لأن المعالجة الشاملة للفيلم تسجيلية، تلمّ بحياة هذا الممثل وسعيه لتقديم المسرحية ذات الرؤية السياسية. لكن المشهد الذي يفقد فيه هنداوي السترة مركَّب بوضوح؛ إذ يترك الكيس الذي وضعها فيه بالقرب من سيارة تبيع البنزين. تنطلق السيارة، ولن يدرك الممثل فقدانه لها إلا لاحقاً.

في الفيلم التسجيلي لا تستطيع أن تتدخَّل في العرض من خلال تفعيلة تخرج عن السرد الذي تختاره لفيلمك. ربما عجز المخرج عن الاهتداء إلى طريقة أخرى لينتقل وراء سعي الممثل لاسترداد السترة (فلن تكون هناك مسرحية من دونها)، لكن في هذه الحالة كان عليه أن يعمد إلى سرد درامي لتبرير تلك الهفوة.

على هذا، يستحق الفيلم تقديراً كاملاً بسبب اختياره للموضوع ومراميه والطريقة الإجمالية لتقديمه.

Thunderbolts ★★★

* إخراج: جايك شرارير

* الولايات المتحدة | أكشن | ألوان (127 د)

* عروض 2025: تجارية

في اعتراف نادر، تتحدَّث مؤسسة «ديزني» عن أنها ربما دفعت بأكثر مما يجب من أفلام «مارفل» إلى الأسواق وفي فترات متقاربة. «مارفل» هي بيت أفلام الكوميكس التي تنتج لـ«ديزني» تلك المسلسلات السينمائية المعروفة من «كابتن أميركا» إلى «أفنجرز» و«بلاك بانثر»، وعدد كبير آخر من أفلام «السوبرهيروز». وحدث منذ 10 أعوام أن ارتفع عدد الأفلام المنتجة من («ديزني»/ «مارفل») إلى حد ميَّز العقدين الأخيرين على نحو ملحوظ.

فلورنس بوف تقود في «ثندربولت» (ديزني)

في البداية، تلقَّف الجمهور تلك المسلسلات بنهم شديد، لكن في العامين الأخيرين تكرَّرت الحالات التي وجدت فيها الجهة المُنتجة أن السوق قد شبعت، وأن بعض هذه الأفلام لم يسجَّل لها النجاح الذي كان يدور في البال.

«ثندربولت» قد يُعيد الثقة إلى ما كانت عليه، ولو إلى حد ما. جمع في 3 أسابيع أقل مما صُرف عليه (180 مليون دولار).

هو فيلم فيه اختلاف، كون شخصيته من خارج المنظومة الأميركية المعتادة، فهي أُنثى من روسيا اسمها يلينا بيلوفا (تلعب الدور فلورنس بوف باللكنة المناسبة). هي ليست وحيدة، لكنها تقود فريقاً من العاملين تحت الأنظار لمؤسسة أمنية.

مسلسلات الأبطال الخارقين التي طفت على السطح، ولا تزال، هي أكثر من أن تُحصى في إيجاز. السائد هو عدم الاكتفاء بالشخصيات الأساسية، بل استخراج شخصيات أخرى وتحقيق أفلام عنها (كحال «بلاك بانثر» مثلاً) أو ضمّها جميعها تحت مظلة واحدة («كابتن أميركا» مثلاً). هذا لأجل عصرِ كل طريقة ممكنة لاستغلال الهجمة الجماهيرية على هذه الأفلام.

ما هو فريد بالنسبة لشخصيات «ثندربولت» هو أنها لم تظهر، في معظمها، في أي فيلم سابق، بل تحتوي على شخصيات من القاع، نسبياً. هذا وحده يمنح الفيلم معيناً من الاختلاف.

صحيح أن بطلته تجيد اللعب الخطر بكل أدوات القتال (بما فيها المهارات البدنية)، إلا أن الغاية التي تصل واضحة، وهي أن هذه المجموعة الآتية من تحت سطح البطولة، على عكس «آيرون مان»، و«كابتن أميركا»، و«ذا فلاش»، و«بلاك ويدو» وسواها، إنما تُعبِّر عن طبقة دون الاعتبار، تحاول الدفاع عن حظها في الحياة، مما يجعل الفيلم نوعاً من التعليق الاجتماعي.

يُضاف إلى ذلك حسن إدارة المخرج للعمل ككل، على الرغم من أن السيناريو يكشف عن انتقالات زمنية ومكانية مفاجئة، يمر وقتٌ من الفيلم قبل قراءة موقعها من الأحداث.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

غادة عادل لـ«الشرق الأوسط»: أنا لا أكذب ولكنّي أتجمّل

يوميات الشرق الفنانة غادة عادل (صفحتها على «فيسبوك»)

غادة عادل لـ«الشرق الأوسط»: أنا لا أكذب ولكنّي أتجمّل

حظي توثيق غادة عادل لعملية التجميل التي خضعت لها مؤخراً، بتفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما نشرت مقاطع فيديو تُظهر مراحل ما قبل الجراحة وما بعدها.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج الآيرلندي جيم شيريدان مكرّماً من مهرجان عمّان السينمائي بحضور رئيسته الأميرة ريم علي (إدارة المهرجان)

السينما الآيرلندية وكبير مخرجيها في ضيافة مهرجان عمّان السينمائي الدولي

لأنّ التجربة الإنسانية مشتركة ما بين آيرلندا والعالم العربي، فقد اقتضت استضافة الدولة في مهرجان عمّان السينمائي من خلال أبرز أفلامها وأحد مخرجيها المؤسسين.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق عدسة تُوثّق قلقاً نفسياً عنيداً يسكن مَن اختاروا الإقامة بعيداً عن النار (بوستر الفيلم)

سمير سرياني في «وبركي قصفوا هون الليلة»: ذاكرةٌ من شظايا

داخل المنزل الذي يبدو محصَّناً من قسوة الحرب، لا يبقى الأمان طويلاً. يصبح الفضاء الداخلي للمكان معرَّضاً لتهديدات أكبر من أن تحتويها جدران الغرف.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق صورة حديثة للزعيم مع أسرته (حسابه على فيسبوك)

احتفاء مصري بظهور لعادل إمام بعد فترة من الغياب

تصدر «الزعيم» عادل إمام دائرة الاهتمام في مصر بعد نشره صورة حديثة من عقد قران حفيده.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق «سمسم» تجربة سينمائية فريدة من إنجاز مواهب أردنية ناشئة (فريق إنتاج الفيلم)

«سمسم» فيلم أردني صُنع بأيادٍ شابة... كي تحطّم المرأة الأقفاص

سنةً تلو أخرى ومهرجاناً تلو آخر، يترسخ اهتمام السينما الأردنية الشابة بقضايا المرأة. «سمسم» يطرح طلاق النساء في تجربة سينمائية فريدة هي نتاج ورشة تدريبية طلابية

كريستين حبيب (عمّان)

ستيفن سبيلبرغ يُطلق ديناصوراته مجدداً

«جوراسيك وورلد، إعادة ولادة» (يونيڤرسال)
«جوراسيك وورلد، إعادة ولادة» (يونيڤرسال)
TT

ستيفن سبيلبرغ يُطلق ديناصوراته مجدداً

«جوراسيك وورلد، إعادة ولادة» (يونيڤرسال)
«جوراسيك وورلد، إعادة ولادة» (يونيڤرسال)

انطلق قبل يومين الفيلم السادس من سلسلة «جوراسيك وورلد» في صالات العالم. حيث يُمكن سماع أصوات وحوش ما قبل التاريخ حتى في ردهات صالات السينما التي تعرضه. داخل تلك الصالات يمكن سماعها بتقنية تجعل الصالة ترتجف. تُشاهد وهي تجوب أركان الشاشة تبحث عما تأكله. كم نحن محظوظون أنها لا تستطيع رؤيتنا محاصرين في كراسينا في انتظار الحدث المقبل. الفيلم الجديد «جوراسيك وورلد: إعادة ولادة» (Jurassic World‪:‬ Rebirth) يأتي بعد 32 سنة مرّت على أول فيلم من السلسلة، «جوراسيك بارك»، الذي أخرجه وأنتجه ستيفن سبيلبرغ عن رواية لمايكل كرايتن بالعنوان نفسه سنة 1993.

سام نيل في «جوراسيك وورلد: سيادة» (يونيڤرسال)

عطل كهربائي

كل شيء بدأ هناك: جزيرة في المحيط الهادئ مجهولة (صُوِّر الفيلم ما بين استوديوهات يونيڤرسال في هوليوود وإحدى جزر هاواي) اكتشفها رجل أعمال (ديڤيد أتنبوروه)، ودعا فريقاً من العلماء (بينهم لورا ديرن وسام نيل وجف غولدبلوم) إلى زيارتها ومشاهدة أنواع الديناصورات التي ما زالت تعيش فوقها. لحماية البشر منها نصب حاجزاً كهربائياً يفصل بين الوحوش والآدميين. وهذا يبدو فعلاً صائباً لولا انقطاع الكهرباء ذات ليلة، مما جعل الوحوش تتجاوز الأسلاك من دون عناء وتهاجم الآدميين السذّج.

تبع ذلك سنة 1997 جزء ثانٍ بعنوان «العالم المفقود: جوراسيك بارك» (The Lost World‪:‬ Jurassic Park) الذي احتوى على محاولة لرفع حجم الخيال القائم على العلم باعتماد مواجهة بين العلماء ورجال الأعمال حتى قبل مواجهتهم معاً الديناصورات الغاضبة.

مع الجزء الثالث «Jurassic Park III» الذي اكتفى سبيلبرغ بإنتاجه وأخرجه جو جونستون سنة 2001 عاد سام نيل (الذي غاب عن الظهور في الجزء الثاني) باحثاً عن العلاقة بين الديناصورات وكيف استطاعت العيش والتوالد إلى زمننا هذا.

في عام 2015 أُطلق جزءٌ رابع مع تغيير العنوان إلى «Jurassic World» وإسناد مهمة الإخراج إلى كولين ترڤوروف الذي أنجز عملاً امتلأ بالهفوات والمشاهد التي تحرص على إطعام الديناصورات عدداً كبيراً من السيّاح الذين كانوا اعتقدوا، مجدداً، أنهم في مأمن.

في عام 2018 وتحت إدارة المخرج ج. أ بايونا رأينا محاولة أخرى للتقرب من تلك الوحوش والتفاهم معها وحمايتها من الراغبين في إبادتها. ولم يتطلب الأمر إلا 4 سنوات قبل أن نرى تلك الوحوش تهاجم الولايات المتحدة نفسها في «جوراسيك وورلد: سيادة» (Jurassic World‪:‬ Dominion) مع المخرج ترڤوروف من جديد الذي شهد عودة سام نيل إلى البطولة.

«جوراسيك بارك» الفيلم الأول (يونيڤرسال)

عالم مفقود

كل ما سبق لم يُثنِ الإنسان عن محاولة التواصل مع مخلوقات ما قبل التاريخ ومحاربتها في الوقت نفسه. إنها حكاية صراع بين الإنسان والوحش تجسَّدت في أفلام كثيرة سابقة ولاحقة، حيث الخطر يتمثل في مخلوقات فضائية أو أرضية أو بحرية. قد تكون حشرات قاتلة تنمو بسبب تجارب نووية أو نحل أفريقي يجتاز المسافة بين القارتين أو أسماك قرش أو أخطبوطات ضخمة تخرج من أعماق المحيط.

ما يميّز سلسلة جوراسيك هي التوجه إلى التاريخ البعيد لاستعادة عصر كانت فيه مخلوقات الأرض العملاقة هي الأقوى من سواها ولو أن «جوراسيك بارك» الأول لم يكن الأول فعلاً بين الأفلام التي استهوت تصوير الخطر الماحق على البشر من تلك الحيوانات الكاسرة.

عودة سلسلة «جوراسيك وورلد» بعد 32 عاماً بتجربة سينمائية مثيرة وحديثة

في عام 1925 أخرج هاري هويت أول تلك الأفلام تحت عنوان «العالم المفقود» (The Lost World) الذي استوحاه من رواية آرثر كونان دويل بالعنوان نفسه (نُشرت سنة 1912). عادت السينما إلى هذه الرواية أكثر من مرّة بدءاً من 1960 ولاحقاً في 1990 و1992 إلى جانب إنتاجات تلفزيونية عدّة.

بعد «العالم المفقود» الأول انتجت السينما نحو 50 فيلماً طويلاً من بطولة تلك المخلوقات توزعت بين أفلام رسوم وأفلام حيّة.

وفي السنوات التي تلت فيلم سبيلبرغ الأول ذاك، خرجت هوليوود بأفلام أخرى من النوع نفسه للاستفادة من جاذبية المشاهدين صوب الموضوع بما فيها «كارنوصور» (1993)، و«جزيرة ديناصور» (1993)، و«ديناصور» (2000)، و«100 مليون سنة قبل الميلاد» (2008)، و«الديناصور الطيّب» (2015). ناهيك عن سلسلتي «غودزيلا» و«كينغ كونغ»، الوحشان المختلفان عن الديناصورات إلا من حيث القوّة والبطش.