شاشة الناقد: المستعمرة

«المستعمرة» (ماد سوليوشن)
«المستعمرة» (ماد سوليوشن)
TT

شاشة الناقد: المستعمرة

«المستعمرة» (ماد سوليوشن)
«المستعمرة» (ماد سوليوشن)

المستعمرة

★★★

* إخراج: محمد رشاد

* مصر | دراما مجتمعية

* عروض مهرجان برلين (2025).

بعد بداية تُثير القلق حول مستوى الفيلم، تتبدَّى الخيوط على نحوٍ أوضح يقود المخرج الجديد محمد رشاد فيلمه صوب نتائج فنية ملائمة لما يريد الحديث فيه وكيف.

تدور الحكاية حول الشاب حسام (أدهم شوقي)، يبدأ العمل في معمل حديدٍ حيث سقط والده قتيلاً قبل أيام. أُبلغ حسام بأن الموت كان حادثاً، يقبله وفي قرارة نفسه لم يقتنع. معه في المصنع شقيقه الصغير الذي يعد نفسه بأن ينتقم حسام من الجاني. بيد أن لحسام حسابات أخرى. هو ذو سوابق ويريد تأمين العيش لوالدته وشقيقه. الأمور لن تجري حسب هذه الرغبة طويلاً، لكن السيناريو الذي كتبه المخرج بنفسه ونفّذه بعناية يمرُّ على تلك المواقف الحادة بين حسام ورفاق العمل، وبينه وبين شقيقه كما بينه وبين نفسه بثقة ومعرفة تامَّة بما يحاول تحقيقه.

هناك خيط تشويقي لهذا الفيلم، من دون أن يُحيد العمل عن ناصيته الاجتماعية. هو في الأساس دراسة بصرية تعنى بوضع البيئة الاجتماعية التي تقع فيها الأحداث وبقصد تعريَة هذا الواقع ونقده من دون أي خطابة أو تكلُّف.

هناك هنَّات في بعض التفاصيل ونزوع إلى تبسيط مفردات العمل البصرية والتصويرية غالباً بسبب ميزانية الإنتاج المحدودة. هذا يؤثِّر على بعض الخيارات بيد أن الفيلم ينجو بنفسه من التردي بسببها.

LIVING THE LAND

★★★★

* إخراج: هيو مينغ

* الصين | دراما

* عروض مهرجان برلين (2025).

استحق «ليڤينغ ذَا لاند» (أو «العيش من الأرض») جائزة مهرجان «برلين» لأفضل مخرج. إنه دراما كاشفة معالجة بكاميرا تسجل ولا تفرض، تنقل ولا تشارك وتحيط في ساعتين و16 دقيقة بأوجه حياة الريف الصيني في مطلع التسعينات.

القول إن النقلة من الصين قبل تلك الفترة إلى ما بعدها كانت تلقائية وآلية ليس صحيحاً. لقد تضمَّنت إلى جانب التغييرات السياسية والاقتصادية والإدارية الشاسعة، تغيير معالم الأمس عند نقطةٍ تذوب فيها التقاليد تحت وطأة المتغيِّرات.

«العيش من الأرض» (فلوتينغ لايتس)

فيلم هيو مينغ يتحدّث عن ذلك بهدوء مريب، إنما بقدرٍ كبير من المعرفة لا فيما يتولَّى الإيحاء به أيضاً، بل بالمعالجة الصحيحة التي تجعل كل شيء واضحاً من دون التباس، وجاذباً للمراقبة على نحو غير بعيد عن أسلوب الإيطالي إرمانو أولمي في «شجرة القبقاب الخشبي» (1987) أو سواه من أعماله.

هناك صبي صغير في وسط مجموعة من الفلاحين الذين نراهم يتابعون عملهم ويَشكُون من قلّة الإيراد ويتساءلون عن المستقبل. الطفل (وانغ شانغ) خسِر عناية والديه اللذين نزحا إلى المدينة بحثاً عن مستقبل أفضل، وجدّته هي التي تهتم به وترعاه. معه ومن خلاله نكتشف المكان والبيئة منذ أن يُفتح الفيلم عليه وهو يراقب استخراج قبر جدّه الميت منذ زمن بعيد، واستخراج الرصاصة التي قتلته والتي لا تزال في تربة النعش. لاحقاً سنشهد مآتم أخرى، بيد أننا سنشهد كذلك أفراحاً، فهذه البيئة التي يرصدها الفيلم كما لو كانت لوحاتٍ طبيعية معلّقة، ومن تدخّل من جانبه خلال العمل لإبراز فعلٍ دون آخر، هي نتيجة نبشٍ في الماضي شاء المخرج أن يبقيه كما هو، وأن ينقله كما كان من دون تفعيل ما.

الكاميرا التي يديرها غيو دامينغ تمسح تلك الحياة بتؤدة وبساطة عميقتين. تواكب بلقطات عريضة ومتوسطة إلى بعيدة ما يدور. تواكب يميناً، وترتفع من الأرض إلى الوجوه، وفي مشاهد أخرى تترك أشخاصاً إلى آخرين من دون قطعٍ أو منهم إلى الأرض. تصوِّر الزرع والمسافات والأشخاص مثل عالِمٍ يفحص حياة.

حيال ذلك، الفيلم المقسّّم إلى 4 فصول، يحمل تسجيلاً صوتياً للطفل، وقد غدا اليوم رجلاً ينظر إلى الماضي لاستعراضه حاملاً حزن الأيام في نبرة صوته.

في الصَّالات

* The 8th Day ★★★ ‫

- إخراج جاكو ڤان دورميل | كوميديا بلجيكية حول صديقين؛ أحدهما بائع متجوِّل والآخر يقيم في مستشفى طب نفسي مع دانيال أوتويل وباسكال دوكوا‬.

* The Last Supper لم يُشاهد بعد

- إخراج مورو بوريللي | إنتاج إيطالي- كندي صُوِّر في المغرب عن الأيام الأخيرة من حياة السيد المسيح من خلال أنظار أتباعه.

* Opus ★★

- إخراج: مارك أنتوني غرين | تشويق متكلِّف المعالجة لشخصيات نصف مطبوخة، وفكرة ضائعة بين التَّشويق والرُّعب عن نجم غناء معزول وغريب الأطوار.

* The Day the Earth Blew Up★

- ‪إخراج بيتر براونغارد | أنيميشن من بطولة شخصيّتي الكرتون دافي دَك وبوركي بيغ كان الأفضل تركهما في الحلقات التلفزيونية القديمة

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

فيلمان جديدان عن أعتى الوحوش... فرانكنشتاين يعود في الخريف والربيع

يوميات الشرق من «فرانكنشتاين» لغييرمو ديل تورو (نتفليكس)

فيلمان جديدان عن أعتى الوحوش... فرانكنشتاين يعود في الخريف والربيع

فرانكنشتاين ووحشه عائدان بقوّة، والصرخة التي أيقظت هوليوود نتج عنها فيلمَان جديدَان سيُطلقان خلال الأشهر المقبلة.

محمد رُضا (لندن)
سينما من «قرار تنفيذي» (ناشيونال جنرال بيكتشرز)

أفلام عن جون كيندي تناولت اغتياله

استجابة لأمرٍ تنفيذيٍّ أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رُفعت السرية عن الوثائق المتعلّقة باغتيال ثلاثة من السياسيين الأميركيين وهم جون كيندي وشقيقه روبرت....

محمد رُضا (لندن)
سينما «عندما يومض البرق فوق البحر» (مهرجان برلين)

شاشة الناقد: فيلمان في «مهرجان برلين»

«عندما يومض البرق فوق البحر» مأخوذ من عبارة لصبي ترد قبل نهاية الفيلم، يصف بها أحلامه في بلدة أوديسا غير البعيدة عن لهيب الحرب بين أوكرانيا وروسيا.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الدشاش» شهد عودة محمد سعد إلى السينما بعد سنوات (الشركة المنتجة)

إيرادات هزيلة للسينما المصرية خلال موسم رمضان

طقوس موسم رمضان واجتذاب المسلسلات للناس وراء هذا الانخفاض الملحوظ في الإيرادات السينمائية، والذي يُتوقّع استمراره حتى موسم عيد الفطر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق محمد سامي (فيسبوك)

المخرج المصري محمد سامي يعلن اعتزاله... ومطالبات بتراجعه

أعلن المخرج المصري محمد سامي، اليوم (الخميس) اعتزاله الإخراج التلفزيوني بعد رحلة استمرت نحو 15 عاماً، قدم خلالها العديد من الأعمال الفنية الدرامية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أفلام عن جون كيندي تناولت اغتياله

من «قرار تنفيذي» (ناشونال جنرال بيكتشرز)
من «قرار تنفيذي» (ناشونال جنرال بيكتشرز)
TT

أفلام عن جون كيندي تناولت اغتياله

من «قرار تنفيذي» (ناشونال جنرال بيكتشرز)
من «قرار تنفيذي» (ناشونال جنرال بيكتشرز)

استجابة لأمرٍ تنفيذيٍّ أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رُفعت السرية عن الوثائق المتعلّقة باغتيال ثلاثة من السياسيين الأميركيين وهم جون كيندي وشقيقه روبرت، والداعية مارتن لوثر كينغ (لا شيء حتى الآن عن مالكوم إكس).

أشهر هذه الشخصيات (وكلّها مشهورة) هو جون كيندي الرئيس الأميركي الـ35 الذي اغتاله لي هارڤي أوزوالد أثناء مرور الرئيس مع زوجته جاكلين، في سيارة مكشوفة خلال استعراضٍ في أحد شوارع مدينة دالاس بولاية تكساس في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1963.

كلينت إيستوود «في خط النار» (كولمبيا)

أسئلة ساخنة

اغتيل جون كيندي بعد 62 عاماً على آخر اغتيال تعرض له رئيس أميركي، ففي 14 سبتمبر (أيلول) سنة 1901 اغتيل الرئيس ويليام مكينلي. قبله اغتيالان، الأول والأهم اغتيال إبراهام لينكولن (سنة 1865)، والثاني اغتيال الرئيس جيمس غارفيلد (سنة 1881). في حين لم يثبت أن دوافع قتل مكينلي وغارفيلد كانت سياسية، فإن اغتيال لينكولن كان سياسياً بامتياز كونه كَسِب حرب تحرير العبيد التي دامت 4 سنوات (1861-1865) مما جلب عليه احتجاجات عديدة من مصادر مختلفة.

بيد أن اغتيال كيندي حمل ألغازاً وتفسيرات واتهامات عدّة: من وقف وراء الجريمة؟ من دفع لاغتيال أوزوالد؟ هل صحيح أن أوزوالد لم يكن وحده وربما لم تكن الرصاصات القاتلة من بندقيَّته؟ من وقف وراء الجريمة: «إف بي آي»؟ «سي آي إيه»؟ دولة عميقة؟ دولة أجنبية؟ ومن ثَمَّ بالطبع لماذا؟

هذه كلها موضوعات لم يكن من الممكن أن تمرَّ عليها السينما من دون أن تفيها حقها عبر أعمال تسجيلية ودرامية بلغ عددها منذ ذلك الحين أكثر من 30 فيلماً.

دونالد سذرلاند وكيڤن كوستنر في «جي أف كي»‫ (وورنر)‬

مؤامرات عديدة

أشهر هذه الأفلام هو «JFK» الذي حققه أوليڤر ستون في عزِّ شهرته ونشاطه سنة 1991. هو فيلم يطرح بأسلوب تقريري احتمالات ونظريات مؤامرة عبر تحقيقات المدّعي العام جيم غاريسُن الذي لعب دوره كيڤن كوستنر. نيَّة المخرج هي ألا يوجِّه إصبع اتهام لأحد بمفرده، لذلك جاء الفيلم بجملة من نظريات المؤامرة وكل منها قابل للنقاش إن لم نقل قابل للتصديق. لكن شيئاً واحداً يبرز من خلال كل ذلك وهو أن التحقيق الرسمي المُعلن أخفى أكثر مما أظهر، لذلك لا يمكن الوثوق به.

رحلة ستون تمرُّ بكل هذه المحطات كما لو أنه يريد الإيعاز بغياب الحقيقة ما يؤيد منحاه من أن التقارير الرسمية حول الحادث لم تكن كافية وبالتالي صادقة.

في كل الأحوال جهد كبير ذاك الذي قام به المخرج حاشداً في ثلاث ساعات وربع الساعة، كل استنتاج ممكن وكل احتمال وارد من دون تحبيذ نظرية على أخرى.

قبل هذا الفيلم، حقّق ديڤيد ميلر فيلماً بعنوان «قرار تنفيذي» (Executive Action) سنة 1973. فيه لم يحاول المخرج الالتفاف على الموضوع، بل سبر غور حكاية تتحدث عن أن الاغتيال كان تنفيذاً لجهات سياسية حكومية أرادت التخلّص من كيندي لمآربها السياسية الخاصّة.

الاتهام نفسه قاد فيلم «ج ف ك: قضية المؤامرة» (JFK‪:‬ The Case for conspiracy) سنة 1993. هذا فيلم تسجيلي حقَّقه روبرت ج. غرودن تتبّع خطوات النائب العام غاريسُن في احتمال أن الاغتيال كان مؤامرة حكومية نُفِّذت بدقة ونجاح. الجيد هنا أن الفيلم يقرأ لنا فقرات من التقرير الرسمي الذي صدر عن الحادثة ويبحث في حقيقتها مناوئاً إياها أو، في مشاهد معيّنة، باعثاً الريب فيما تدَّعيه.

محاكمة افتراضية

في «محاكمة لي هارڤي أوروالد» (The Trial of Lee Harvey Oswald) لديڤيد غرين (1977) خطوة صوب الافتراض بكل مشهد في الفيلم. هذا لأن غرين يتحدث عن محاكمة لم تقع لأوزوالد أساساً، إذ اغتيل قبل أن يُحاكم. ما يقوم به الفيلم هو تخيّل ما الذي كان الوضع عليه لو قُدّم أوزوالد للمحكمة. ما كان سيُدلي به وكيف كان سيعترف بما قام به والجهات التي أوعزت له بذلك.

كون هذا الفيلم خيالي بالكامل لم يدفعه لتبوأ مكانة خاصة بين الأفلام التي دارت حول هذا الموضوع، بيد أن هذه الخاصية له هي نفسها موقع قوّته لأن الفيلم يُدلي - عبر أوزوالد - بما كان متوقعاً أن يقوله مفجِّراً حقائق مخفية.

جاك روبي، الذي صفّى أوزوالد، كان بدوره موضوع فيلمين على الأقل هما، «روبي وأوزوالد» لميل ستيوارت (1978) و«روبي» لجون ماكنزي. هذا الثاني يفتح صفحة جديدة حول الموضوع من حيث إنه يدور حول من صفّى أوزوالد وأسباب ذلك. في مجمله دفاع عن (ج ف ك)، لكنه لا يدور فعلياً عن الرئيس الأميركي بل عن روبي الذي كان يعرف أوزوالد من قبل اغتيال الرئيس.

ماكنزي آخر (ديڤيد ماكنزي) أخرج في 1999 فيلماً مختلفاً عن تلك الأفلام السابقة بعنوان «The Secret KGB‪:‬ JFK Assassination Files»، وما يعرضه هو الإيحاء بأن المخابرات الروسية هي من وقفت وراء عملية الاغتيال.

هذا يناوئ فيلماً لروب راينر حققه سنة 2016 عنوانه «LBJ» يوحي بأن الرئيس الذي خلف كيندي، ليندون ب. جونسون، كان على خلاف دائم مع جون كيندي مفترضاً أنه قد يكون متورِّطاً بدوره في عملية التخلص منه.

بعيداً عن كل ذلك، ولمن يرغب في تنشيط ملكية الخيال أخرج الألماني وولغانغ بيترسن «In the Line of Duty» (في خط الواجب)، 1993. ليس عن جون كيندي بل عن أحد حراسه (كلينت إيستوود) الذي يُعدُّ نفسه أخفق في حماية الرئيس كيندي إذ كان أحد المكلّفين بحراسته بصفته أحد رجال الأمن الخاص. الآن هناك خطّة أخرى لقتل رئيس جديد وعليه أن ينبري لينجز بما لم يستطع القيام به من قبل.