فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

بدأ عرضه في دور السينما مساء الأول من أمس... ليغوص الجزء الثاني داخل جمجمة «آرثر فليك»

يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)
يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)
TT

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)
يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)

في أول 10 دقائق من الجزء الثاني من فيلم «الجوكر» (Joker: Folie à Deux)، يخرج آرثر فليك (واكين فينيكس) من زنزانته، عاري الظهر، بعظام مقوّسه، يسحبه السجانون بشراسة وتهكّم، والموسيقى التصويرية المعهودة للفيلم ترافق المشهد، ليرى الجمهور ما حدث له بعد القبض عليه في نهاية الجزء الأول من الفيلم الذي صدر عام 2019.. وتدريجياً، تتكشّف شخصية «الجوكر» الذي يتلبّس المُحطّم آرثر فليك.. فهل اختار هذا القناع العبثي بإرادته أم كان ذلك رغماً عنه نتيجة إصابته بالذهان النفسي؟

هذا السؤال هو ما يقوم عليه الفيلم الذي صدر في صالات السينما مساء الأربعاء، وأشعل حالة من الجدل المبكّر وسط الجمهور الذي انتظر نحو 5 سنوات صدور الجزء الثاني، وحملت الانطباعات الأوّلية مزيجاً من الامتعاض وخيبة الأمل بدت واضحة في الكم الكبير من التقييمات السلبية، مقارنة بما حصده الجزء الأول من استحسان جماهيري بالغ، لم يكن يتوقعه حينها المخرج تود فيليبس، خصوصاً أن الفيلم الجديد تضمن نحو 14 أغنية، ليكون فيلماً موسيقياً اقتسمت الغناء فيه ليدي غاغا مع واكين فينيكس، في مغامرة اختارها صُناع الفيلم لتجعله مختلفاً عن الجزء الأول بشكل كبير.

يُعيد الجزء الثاني إلى ذاكرة المشاهد الجرائم التي اقترفها آرثر فليك في قتله خمسة أشخاص، كان من أهمهم المذيع الشهير موراي فرانكلين (روبرت دي نيرو)، الذي ظهر معه في لقاء تلفزيوني مباشر، ما جعلها جريمة حيّة شاهدها الجمهور من سكان غوثام (مدينة خيالية أميركية) على البث التلفزيوني، ومن هنا تزداد قيمة المحاكمة التي تسيطر على أجواء الجزء الثاني، ويُسميها الفيلم «محاكمة القرن».

ولأنه في الجزء الأول من «الجوكر» تحولت شخصية آرثر فليك من رجل بائس ومكتئب إلى رمز للفوضى والشغب، جاء الجزء الثاني مختلفاً، إذ لا توجد تحولات جديدة في الشخصية، وكأن المخرج تود فليبيس أراد إدخال الجمهور وسط جمجمة هذا المضطرب، ما بين الألم والرقص والغناء والنظرات الصامتة والخيال الجامح، ليعود لفتح الملفات القديمة داخل المحكمة، مع استرجاع ما حدث واستجواب الشهود، للبت في الحكم، فإما أن يُعدم آرثر فليك وإما أن تتأكد إصابته بالمرض النفسي بما يخفف من الحكم عليه.

مشاهد المحاكمة تسيطر على معظم أجواء الجزء الثاني (إنستغرام الفيلم)

حب مشوّش

جاء الفيلم الجديد مليئاً بالأفكار غير المكتملة، من ذلك قصة حب آرثر فليك والشقراء لِي (ليدي غاغا)، فمنذ التقيا في حصة العلاج بالموسيقى لم يكن مفهوماً سر هذا الانجذاب السريع بينهما، وحين تتبيّن حقيقة «لي» يتجه الفيلم إلى مزيد من الألغاز، حيث لم تتضح دوافعها الحقيقية من ملاحقة آرثر، ولم يتأكد المشاهد هل كانت هي الأخرى مجنونة مثله أم كانت تستغله لأمر ما، أو ربما كان معظم المشاهد التي جمعتهما مجرد خيالات في رأس آرثر فليك.

وعلى الرغم من قلة مشاهد ليدي غاغا أو «لي» في الفيلم فإن دورها غيّر نسبياً من شخصية آرثر، حيث كانت تظهر بشكل عابر ومفاجئ في اللحظات الصعبة التي يعيشها، تحاكي جنونه وتمتدح اختلافه وتُظهر إعجابها به، لتصبح منطقة راحته الجديدة، التي يشعر معها بالأمان والثقة، مما سهّل عليه التخلي عن شخصية «الجوكر»، وهي الصدمة التي جعلت معجبيه يتحولون إلى أعداء، ليتجه الفيلم نحو نهاية معبرة جداً عن هذه المشاعر الثائرة ضده.

علاقة مضطربة تجمع في الفيلم بين واكين فينيكس وليدي غاغا (إنستغرام الفيلم)

السجّان والمحامية

شخصية السجّان السادي (بريندان جليسون)، والمشاهد التي جمعته مع آرثر فليك كانت هي الأقوى في الفيلم، ساعة يتهكم عليه، ثم يقدم له بعض اللطف العرضي، وبعدها يُهينه مباشرة، وكأنه يذكره بأن صلاحيات عمله -سجّاناً- تسمح له بأن يعطي ويأخذ دون اكتراث لما يشعر به الطرف الآخر، وهذا النمط من الشخصيات هي التي كان يخضع لها آرثر فليك دون أي مقاومة، لأنه قادر على التلاعب به بشكل مستمر.

على نقيض ذلك، قدمت كاثرين كينر دور المحامية بإتقان وتعاطف شديد، خصوصاً حين قبّلها آرثر بشكل سريع نتيجة نشوة لحظية شعر بها.. كانت الثواني الفاصلة بين ردة فعل المحامية وتصرفها محيّرة، وكأن ما حدث صدمها فعلاً.. هذا الذهول فسّر إيمانها التام بالازدواجية التي كانت تجمع بين الشخصيتين: المحطّم «أرثر فليك» والعبثي «الجوكر». وكأنها تذكرت أن الذي أمامها هو شخص مضطرب، فلا داعي لأخذ تصرفاته بجديّة.

الكثير من الأغنيات قدمها الجزء الثاني مع الأداء الراقص لبعضها (إنستغرام الفيلم)

ويبدو أن المخرج تود فليبيس تنبأ باكراً بأن شريحة كبيرة من الجمهور ستشعر بخيبة الأمل من شخصية آرثر فليك الانهزامية، حيث جسّد ذلك في مشهد نهاية المحاكمة، مع اعتراف الجوكر بفداحة ما فعل حين قتل خمسة أشخاص في الجزء الأول (سادسهم والدته التي كتمها بمخدة المشفى)، كان يعترف بانكسار وألم، مما جعل محبيه المكتظين داخل المحكمة ينسحبون بغضب، فلم يكن هذا الجوكر الذي أعجبوا به وبتمرده، بل شخص آخر خذلهم وخيّب أملهم، وبالتالي فقدوا تأييدهم له، وحتى «لي» التي كانت تدافع عنه، تخلّت عنه محتجة على تصرفه الانهزامي.

ورغم الجهد الكبير الذي بذله واكين فينكس في إنقاص وزنه والعودة إلى تقمّص شخصية المضطرب آرثر فليك، فإن غياب الكثير من عناصر شخصيته في الفيلم الجديد، منها اختفاء الضحك القهري الذي كان يعاني منه آرثر فليك، فبالكاد ضحك مرتين أو ثلاثاً في الجزء الثاني، بطريقة تبدو مؤلمة لكنها ليست متكررة كما هي شخصيته المعهودة. إلى جانب ميله للغناء في عدة مشاهد، فلم يترك المخرج هذه المهمة لليدي غاغا وحدها، بل شاركها فينيكس في الغناء، وهو الذي لم يغن نهائياً في الجزء الأول، مما جعل الأمر يبدو مربكاً لشخصية الجوكر التي عرفها الجمهور.

إلا أن هناك توقعات سينمائية مسبقة بأن يحقق الفيلم إيرادات جيدة في شباك التذاكر، خصوصاً بعد أن حقّق الجزء الأول منه أكثر من مليار دولار، ليصبح أول فيلم مصنف من فئة «أر» (R) -أي لا يصلح سوى للبالغين- الذي استطاع تحقيق هذا المبلغ الكبير.


مقالات ذات صلة

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

يوميات الشرق المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية» التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق محمد سعد في لقطة من الإعلان الدعائي لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة)

محمد سعد يعود إلى الأضواء بـ«الدشاش»

يجسّد محمد سعد في «الدشاش» شخصية طبيب خلال الأحداث التي تدور في إطار اجتماعي كوميدي تشويقي، ويشاركه البطولة عدد من النجوم.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق معالجة «سيد الخواتم» على طريقة الأنيمي اليابانية

«سيد الخواتم» يدخل عالم الرسوم المتحركة اليابانية

إذا كنت تودُّ معرفة من هو ملك وادي «هيلمز ديب»، فأنت في المكان المناسب.

سارة بار (نيويورك)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

مصر: أفلام «الأوف سيزون» تغادر دور العرض لـ«ضعف الإيرادات»

شهدت عدة أفلام مصرية، تصنف ضمن العرض خلال «الأوف سيزون»، تراجع إيراداتها مما أدى إلى رفعها من دور العرض السينمائي في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بشير الديك مع أحمد زكي وحسين فهمي (حسابه على فيسبوك)

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

أثارت دينا ابنة السينارسيت المصري المعروف بشير الديك حالة واسعة من القلق والجدل في الساعات الأخيرة بشأن صحة والدها.

رشا أحمد (القاهرة )

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز