أفلام عن مخاطر البيئة لعالم مهدّد

كلينتون وديكابريو واهتمام صيني وياباني

لقطة من «الشر ليس موجوداً» (Fictive)
لقطة من «الشر ليس موجوداً» (Fictive)
TT

أفلام عن مخاطر البيئة لعالم مهدّد

لقطة من «الشر ليس موجوداً» (Fictive)
لقطة من «الشر ليس موجوداً» (Fictive)

وجهت السيدة هيلاري كلينتون، في 23 من الشهر الحالي، نيابة عن مؤسسة (Clinton Foundation)، رسالة إلى هوليوود بضرورة تصدّيها للمشكلات البيئية، خصوصاً تلك التي تتعلق بالأطفال. في مقطع من رسالتها قالت: «هناك بحث جديد في هذا الموضوع يجهله الناس على نحو عام، وأملنا هو أن نستطيع المساعدة في لفت انتباه المواطنين إلى العلاقة بين صحة الأطفال العقلية والبدنية وبين تأثير التغير المناخي».

البرنامج الذي تروّج له هيلاري كلينتون اسمه «أصغر من أن يفشل» (Too Small to Fail) وقد أقيمت له ندوات وحلقات دراسية في نيويورك من بين مدن أخرى بغية تشجيع صناعتي السينما والتلفزيون على الاهتمام بهذا الموضوع.

في الواقع هوليوود لم تكن بعيدة عن هذا الموضوع كثيراً ولو أن التوجه، حتى الآن، انحصر غالباً في الجمهور الراشد. الأفلام التي تناولت مخاطر البيئة ليست كثيرة ولا تشكّل منهجاً أو نوعاً مستقلاً، لكنها تدفع دوماً إلى التفكير في هذا الاتجاه.

على سبيل المثال، حقّق جورج كلوني قبل 3 أعوام «سماء منتصف الليل» (The Midnight Sky)، الذي نواجه فيه تغيراً مناخياً يشمل الأرض ومن بقي عليها بعدما قرّر القادرون على مغادرتها.

هذه الفكرة التي تعني احتمال هجرة الإنسان كوكب الأرض إلى كواكب أخرى، موجودة في فيلم رسوم متحركة موجّه للأطفال فعلاً هو «WALL‪-‬E» لأندرو ستانتون (2008)، وفيه يترك القادرون الأرض مهملة ومثقلة بالمشكلات البيئية ويعهدون إلى روبوت اسمه «وول إ» تنظيف ما يستطيع. لاحقاً سيلحق الروبوت بالذين سبّبوا الأذى للأرض ليجدهم يكرّرون الخطأ نفسه في كوكب آخر.

بدوره عمد «لا تنظر لفوق» (Don‪’‬t Look Up) لأدام ماكاي، لمعالجة سياسية جادة ولو بأسلوب كوميدي في مواقع مختلفة. حكاية تحذير من نيزك كبير سيصيب الأرض وسيؤثر على البيئة ويحوّل الكوكب إلى مكان غير صالح للحياة.

صحيح أن الفيلم استند إلى تحذير غير بيئي في الجوهر، لكنه وظّف الموضوع للحديث في هذا الشأن ثم استخدمه لتوجيه التهم إلى تقاعس البيت الأبيض ولهو الإعلام عن أي جهد فعلي لمواجهة هذا الخطر.

مشكلة عالمية

ذهب الدور الأول في هذا الفيلم إلى ليوناردو ديكابريو الذي له إسهامات كبيرة في توجيه دفّة الاهتمام إلى البيئة والمخاطر المناخية. وهو أكثر سينمائيّي هوليوود اهتماماً بالبيئة وإثارة للاهتمام بها كما برهن على ذلك من خلال عدد لا بأس به من الأفلام التسجيلية التي بدأت سنة 2007 بفيلم «الساعة الحادية عشرة» (The 11th Hour)، ومن ثَمّ أتبعه بأفلام تسجيلية أخرى مثل «المحيط البلاستيكي» (The Pastic Ocean) (2016)، و(And We Go Green) (2019).

الفيلم الصيني «وحش» (أودوفيزيوال)

عالمياً (وليس عربياً)، هناك أفلام متفرقة في الموضوع نفسه. في العام الماضي عرض مهرجان «ڤينيسيا» فيلماً رائعاً يتطرّق إلى المناخ ومشكلاته عبر فيلم «الشر ليس موجوداً» (Evil Does not Exist) للياباني ريوزوكي هاماغوتشي، الذي يتناول الأزمة البيئية من خلال حكاية رجل وابنته الصغيرة يعيشان في بلدة ليست بعيدة عن طوكيو. الحياة هناك هادئة. الطبيعة جميلة والناس اعتادت عليها كما هي. لكن المخاطر تبدأ في أفق هذه الحياة وتزداد عندما ينتخب رجال أعمال البلدة لتكون مجمعاً سياحياً كبيراً. إنه تهديد من رأسمال يبحث عن منفعة ضد بلدة تعيش في ضيافة بيئة طبيعية لا تتحمّل التغيير.

قبله، في عام 2016، حقّق المخرج الصيني زاو ليانغ في المخاطر التي تتعرّض لها الحياة حتى في المناطق غير المأهولة. الفيلم تسجيلي بعنوان «وحش» (Behemoth)، ويتوجه صوب نقل واقع معيش في بيئة تتحوّل أمام أعيننا من وضع لآخر.

«وول- إ»: روبوت ينظّف الأرض (ديزني)

الحياة تتبدل حتى في منغوليا والمراعي الخضراء صار عليها أن تجاور جبالاً مصطنعة من قاذورات ومخلّفات مناجم الفحم حسب هذا الفيلم المتأني الذي يأخذ وقته في تصوير المتغيّرات. تلك الحفّارات والرّافعات والشاحنات (بالمئات) التي تُغيّر شكل الأرض وفي خلال ذلك تُغير على البيئة النظيفة وتترك العاملين في تلك المناجم مرضى يدفعهم الفقر للعمل والعمل للمرض.

بعد عام واحد من هذا الفيلم قدّم المخرج سو سن فيلماً تسجيلياً آخر في الموضوع نفسه بعنوان (A Yangtze Landscape) «منظر طبيعي ليانغتزي» عن ثالث أطول نهر في العالم وكيف يعيش المهمشون على ضفافه.

لا مقابلات ولا حوارات ولا تعليقات؛ صوّر على سنوات عدّة تابع فيها المخرج حياة صينيين على ضفاف النهر العابر لمساحات ريفية بعيدة نزلوا من درجة التهميش إلى حيّز أسوأ: متشردون يبحثون في القمامة، رجالٌ يعيشون في غرف بلا سقف، وقليل من الأعمدة والجدران. متوترون ومجانين هائمون. في مجملها حياة مهدورة تحت أنواع العوز والتلوّث البيئي.

المدن التي يمرّ بها الفيلم غالبها ليست في حال أفضل من تلك البيئات التي تعيش على جانبي النهر في أكثر من إقليم. يمر الفيلم على نانجينغ، وتونغ لي، وداتانغ، وتشونبينغ وغيرها. معظمها مدن كاحلة مثل السماء الرمادية التي يصوّر المخرج فيلمه تحتها.

إذا ما استجابت هوليوود لنداء هيلاري كلينتون فإن ذلك سيعني توجهاً إيجابياً بلا ريب. الأمل هو أن رسالتها لن تكون متأخرة.


مقالات ذات صلة

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

سينما توم كروز مع الجائزة (أ.ب)

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

حصل الممثل توم كروز على أعلى وسام مدني من البحرية الأميركية اليوم الثلاثاء عن «مساهماته الفنية المتميزة في البحرية ومشاة البحرية» في فيلم «Top Gun» وأفلام أخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم (الشركة المنتجة)

فيلم «ضي» المصري - السعودي يشارك في «برلين السينمائي»

أعلنت إدارة مهرجان «برلين السينمائي الدولي» عن مشاركة الفيلم المصري - السعودي «ضي... سيرة أهل الضي» ضمن مسابقة «أجيال» خلال الدورة الـ75 للمهرجان.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم الليبي القصير «عصفور طل من الشباك» للمخرج أمجد أبو زويدة (الشرق الأوسط)

السينما الليبية تتكبد فاتورة «أخطاء الساسة»

تكبّدت السينما الليبية فاتورة «باهظة» للقرارات السياسية على مدى عقود، منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، أُصيبت خلالها عناصر الصناعة بنوع من الشلل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق صناع الفيلم خلال العرض الخاص بالقاهرة (حساب ياسمين رئيس على «فيسبوك»)

«الهنا اللي أنا فيه»... فيلم كوميدي يُراهن على صراع الزوجات

بخلطة تجمع بين الكوميديا والمشكلات الزوجية يراهن فيلم «الهنا اللي أنا فيه» على شباك التذاكر في الصالات السينمائية مع طرحه اعتباراً من الأربعاء 18 ديسمبر.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق لعبت بطولة فيلم «ذنوب مخفية» للمخرج سيرج الهليّل (تمارا حاوي)

تمارا حاوي تشارك في «ذنوب مخفية» ضمن «مهرجان بيروت للأفلام القصيرة»

تجد تمارا الأفلام القصيرة ترجمة لصُنّاع السينما الجريئة. وتؤكد أن عرض فيلم «ذنوب مخفية» في بيروت، شكّل محطة مهمة، بعد تنقُّله في مهرجانات عالمية.

فيفيان حداد (بيروت)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.