شاشة الناقد: رسوم متحركة من مهرجان أنسي وسواه

«مفكرة حلزون» (مهرجان أنسي)
«مفكرة حلزون» (مهرجان أنسي)
TT

شاشة الناقد: رسوم متحركة من مهرجان أنسي وسواه

«مفكرة حلزون» (مهرجان أنسي)
«مفكرة حلزون» (مهرجان أنسي)

MEMOIR OF A SNAIL ★★★☆

* إخراج: آدم إليوت

* النوع: رسوم | النمسا (2024).

بعد ثماني سنوات من العمل الشاق أنجز آدم إليوت هذا الفيلم الروائي الطويل الثاني له بعد عددٍ قليل من الأفلام القصيرة بينها «كلايغرافيز» الذي حظي بأوسكار أفضل فيلم أنيميشن قصير قبل 10 سنوات. الفيلم الجديد خطف الجائزة الأولى في مهرجان «أنسي» بوصفه أفضل فيلم رسوم طويل.

جمع المخرج، حسبما صرّح به، حكايات الفيلم من أحداث عائلية سمِعها وعاش بعضها، ولو أن هذا ليس سهل التمحيص حين مشاهدة الفيلم الذي يبدو، وبشكل تام، كما لو كان مكتوباً من خواطر وأفكار أُلّفت خصيصاً للغاية، مستبعداً الناحية البيوغرافية تماماً. الحاضر في حياة غرايس (صوت سارا سنوك) هو بداية الفيلم، والماضي هو انتقال الحدث إلى مرتع ذكرياتها حين كانت صغيرة وعانت مع شقيقها التوأم (كودي سميت ماكفي) من حياة عائلية صعبة. هذا قبل أن يكمل المخرج الخط الذي بدأ به حكايته والعودة إلى حيث تعرّفنا عليها سابقاً تُشرف على راحة امرأة متوسطة العمر اسمها بينكي (جاكي ويڤر)، التي لديها كثيراً من الحكمة المتوفرة، مما يجعلها محور الفيلم بعد حين. الحلزون في العنوان جانب من الحكاية يندمج سريعاً، ناقلاً إلى المشاهد حكاية تتطوّر باستمرار

«مذكرات حلزون» يحافظ على رنّة درامية عالية. ليس مصنوعاً للترفيه، لكن ذلك لا يحدّ من طموحاته الفنية.

* عروض: مهرجان أنسي للرسوم المتحركة.

DIPLODOCUS ★★★

* إخراج: ڤويتك ڤويجيسيك

* النوع: أنيميشن + تصوير حي | بولندا (2024).

ديبلودوكاس هو ذلك المخلوق الصغير (يصعب وصف جنسه)، الذي يحب المغامرة ويمنّي النفس بها. في البداية يحذّره والداه من الخطر الذي يعيشه العالم خارج البيت. عالم لا يؤتمن، وقد يكون خطراً على حياته. لكن عندما يختفي والداه يصبح لزاماً على ديبلو البحث عن لغز اختفائهما ما ينقله إلى سلسلة من المخاطر.

«ديبلودوكاس» (مهرجان أنسي).

لجانب هذا الخط القصصي وما يحمله من رغبة في خلق تشويق جاذب للمشاهدة، هناك حكاية مواكبة حول الرسام تد، الذي يقف وراء الحكاية الأولى. ما نراه هو ما يرتسم في باله رسّاماً مبدعاً يحاول منع نفسه من التنازل عن جودة أعماله وعمق دلالاتها لأجل المزيد من الرواج. بهذا الخط، يتطرّق الفيلم إلى الجانب الإبداعي بينما يصيغ، في الوقت نفسه، علاقة بين حكاية المبدع والشخصيات التي يبتدعها.

الرسوم بحد ذاتها جيدة، وهذا هو أول فيلم أنيميشن بولندي يُصنع بالأبعاد الثلاثة، لكن الفيلم زاخر بمحاولة المخرج دخول مرتع الأفلام المنتشرة (غالبيتها أميركي) من حيث سرعة الإيقاع الذي لا يهدأ، مما يجعل من الصعب الانتقال من الإعجاب العام إلى ما هو أبعد، المشاهد الصادمة، الحوار (بالإنجليزية) المكتوب بعناوين لافتة. إلى ذلك يمكن ضمّ الموسيقى التي تتماثل وأي موسيقى من تلك التي تصاحب أعمال ديزني وسواه.

الفيلم مأخوذ عن أحد أعمال الكاتب جون راندولف براي، وصُنع فيلم قصير عن روايته هذه سنة 1915 بحبكة مختلفة عن تلك المستخدمة هنا.

* عروض مهرجان أنسي للرسوم المتحركة.

THE MONKEY KING ★★

* إخراج: أنطوني ستاكي

* رسوم | الصين - الولايات المتحدة (2023)

هناك كمٌ كبير من الأفلام الحيّة والمرسومة التي تحدّثت عن القرد الناطق وبطولاته. هذه مستوحاة من معتقدات بوذية وأساطير فانتازية قديمة العهد (القرنين الـ15 والـ16) تحتفي بهذا المخلوق على نحو أو آخر. في هذا الفيلم (الذي يتبع فيلم أنيميشن آخر خرج للعروض سنة 2013 بعنوان Johuney to the West ‪:‬ Concuring the Demons) يقدّم قرداً أحمر اللون. إنه شيطاني، لكنه يواجه شياطين أخرى بسبب رغبته السماح له بالانتماء إلى القردة الطبيعية، وشرطها هو قيامه بمقارعة الشياطين الأخرى، وهو ينطلق لهذه المهمّة ليس حبّاً واحتراماً لها، بل انطلاقاً من حبّ أناني لنفسه وسيتعرض للتنازل لاحقاً. ‬

«ملك القردة» (نتفليكس)

الكتابة والشخصيات هنا صينية، لكن التنفيذ أميركي وبالطريقة التي تعوّدت عليها سينما الأنيميشن الأميركية من حركة لا تتوقف وثرثرة لا تنتهي. ليست هناك لحظة تأمل بل سيلٌ من الأصوات تصاحبها تفاصيل مُنفّذة بمهارة في الوقت الذي تفتقر فيه إلى ضوءٍ من المشاعر غير المستنسخة أو المتكلّفة. الفيلم (الذي عرضته نتفليكس) يتوجه للصغار بطله شيطان.

• عروض «نتفليكس»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

سينما يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يخرج آرثر فليك (واكين فينيكس) من زنزانته، عاري الظهر، بعظام مقوّسه، يسحبه السجانون بشراسة وتهكّم...

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق يشجّع المهرجان الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما (الشرق الأوسط)

الشيخة جواهر القاسمي لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الخليجية تنمو والطموح يكبُر

الأثر الأهم هو تشجيع الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما، ليس فقط عن طريق الإخراج، وإنما أيضاً التصوير والسيناريو والتمثيل. 

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)

فنانون ونقاد لا يرون تعارضاً بين الأنشطة الفنية ومتابعة الاضطرابات الإقليمية

في حين طالب بعضهم بإلغاء المهرجانات الفنية لإظهار الشعور القومي والإنساني، فإن فنانين ونقاد رأوا أهمية استمرار هذه الأنشطة وعدم توقفها كدليل على استمرار الحياة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق البرنامج يقدم هذا العام 20 فيلماً تمثل نخبة من إبداعات المواهب السعودية الواعدة (مهرجان البحر الأحمر)

«سينما السعودية الجديدة» يعكس ثقافة المجتمع

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي برنامج «سينما السعودية الجديدة»؛ لتجسيد التنوع والابتكار في المشهد السينمائي، وتسليط الضوء على قصص محلية أصيلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما ألفرد هيتشكوك (يونيڤرسال بيكتشرز)

ألفرد هيتشكوك... سيد التشويق وسينما الألغاز

تعرِض منصة «نتفليكس» الأسبوع الحالي فيلمين متميّزين من أفلام المخرج ألفرد هيتشكوك الذي لم يوازِه أحد بعد في مجال الرّعب والتشويق واللعب على الغموض.

محمد رُضا‬ (لندن)

مخرجو الفيلم الواحد خاضوا التجربة وتابوا

جوني دب في «الشجاع» (جيريمي توماس بردوكشنز)
جوني دب في «الشجاع» (جيريمي توماس بردوكشنز)
TT

مخرجو الفيلم الواحد خاضوا التجربة وتابوا

جوني دب في «الشجاع» (جيريمي توماس بردوكشنز)
جوني دب في «الشجاع» (جيريمي توماس بردوكشنز)

انتهى الممثل جوني دَب من إخراج فيلم يجمع بين الكوميديا والدراما تحت عنوان «مودي- ثلاثة أيام على جناح الجنون» (Modi‪-‬ Three Days on the Wing of Madness) ويروي فيه حكاية فنان إيطالي يعيش في باريس خلال الحرب العالمية الأولى ولديه 72 يوماً ليجد الفرصة المناسبة والمكان الصحيح لعرض رسوماته.

هذا ربما يكون أهم دور للممثل آل باتشينو في السنوات العشرين الأخيرة على الأقل. فهو يؤدي دور الفنان بكل ما لديه من قدرة على تشكيل شخصيات بوهيمية التفكير وغريبة الأطوار.

لكن ما هو غريب الأطوار كذلك، أن يُخرج دَب من بعد أن كان قرر في أحاديث له، من بينها لقاء تم بيننا على أعتاب الجزء الخامس من «قراصنة الكاريبي» (2017)، إنه لن يعود إلى الإخراج مطلقاً بعد تجربته الوحيدة سنة 1997 عندما عرض في مهرجان «كان» فيلم وسترن حقّقه تحت عنوان «الشجاع» (The Brave).

«الشجاع» احتوى على فكرة جيدة لم يعرف الممثل - المخرج دَب طريقة لمعالجتها على نحو صحيح. هو، في الفيلم، شاب من أصل إحدى القبائل الأصلية يعيش حياة مدقعة وله سجل مع البوليس يبرم اتفاقاً مع ملاك الموت (مارلون براندو) أملاً في مساعدته في تلك الحياة المدقعة التي يعيشها والإهمال الفردي والمجتمعي الذي يواجهه.

الفيلم الجديد لجوني دَب دخل قبل أسبوعين غُرف ما بعد التصوير، وعبره خرج دَب من قائمة الممثلين الذين حققوا فيلماً واحداً في حياتهم ثم تابوا!

خطوات سريعة

بالطبع هناك ممثلون كثيرون أخرجوا أفلاماً على نحو متواصل من بينهم روبرت ردفورد، وكلينت إيستوو، و(الياباني) تاكيشي كيتانو، والبريطاني كينيث برانا، وأنجلينا جولي، والفرنسية جولي دلبي، كما الممثلة (المنسية) ساندرا لوك (ولو إلى حين)، وميل غيبسون، لكن أولئك الذين حققوا فيلماً واحداً وامتنعوا كانت لديهم أسباباً مختلفة دفعتهم لدخول عرين الإخراج وأسباباً مختلفة أخرى للتوقف عنه. وليسوا جميعاً ممثلين بالضرورة.

درو باريمور واحدة من هؤلاء الذين أقدموا على هذه التجربة عندما حقّقت سنة 2009 فيلم «Whip it»، الذي دار حول فريق نسائي يمارس رياضة «الرولر كوستر» (سباق زلاجات داخل ملعب مغلق). مثل جوني دَب، نراها الآن ستعود في محاولة ثانية تحت عنوان «استسلمي دوروثي» (Surrender Dorothy). فيلمها السابق لاقى استحساناً محدوداً بعضه عدّ توجهها للإخراج بادرة في محلها لكن هذا لم يثبته الفيلم جيداً

على الخطى نفسها قامت الممثلة بري لارسون التي كانت سطعت سنة 2015 بفيلم «غرفة» (Room) ونراها الآن واحدة من ممثلي سلسلة «كابتن أميركا»، بالانتقال إلى الإخراج في فيلم وحيد بعنوان «يونيكورن ستور». المشكلة التي واجهتها أنها استعجلت الانتقال من التمثيل بعد عامين فقط من نجاح «غرفة».

أفضل منها في فعل الانتقال من التمثيل إلى الإخراج هي رجينا كينغ، الممثلة التي لها باع جيد في السينما بوصفها ممثلة جادة وجيدة. في عام 2020 تصدّت لموضوع مثير حول اللقاء الذي تم بين محمد علي ومالكولم أكس و(الممثل) جيم براون و(المغني) سام كوك داخل غرفة فندق في ميامي. عنوان الفيلم هو «ليلة في ميامي» ويسبر غور ما دار في ذلك اللقاء الذي خرج منه محمد علي ليشهر إسلامه.

دراما من الممثلة رجينا كينغ (أمازون ستديوز)

كونها ممثلة جعلها تستخدم الأزرار الصحيحة لإدارة المواهب التي وقفت أمام الكاميرا وهم الممثلون ألديس هودج (في دور جيم براون)، ليزلي أودوم جونيور (سام كوك)، وكينغسلي بن أدير (مالكلولم إكس)، وإيلي غوري (محمد علي).

وجدت المخرجة كينغ قبولاً رائعاً حين عرضت الفيلم في مهرجان «ڤينيسيا» في ذلك العام لكنه ما زال فيلمها الوحيد.

طموحات محقّة

على النحو نفسه، قام الممثل مورغن فريمن قبل 30 سنة بتجربة لم يكرّرها عندما اقتبس مسرحية بعنوان «بوفا» (Bopha) سانداً بطولتها إلى داني غلوفر، ومالكولم مكدويل وألفري وودارد. كانت مغامرة محسوبة تستند إلى طموحٍ مبني على عناصر إيجابية عديدة إحداها أنه اقتباس عن مسرحية لاقت نجاحاً حين عرضت في برودواي، ومنها أنها تطرح مشكلة جديدة في حياة جنوب أفريقيا بعد انتهاء حقبة التفرقة العنصرية. الجديد فيها أنها تحدّثت عن أزمة مختلفة يشهدها بطل الفيلم، غلوفر، وتناولت الوضع العنصري من وجهة نظر رجل أسود هذه المرّة على عكس ما تم سابقاً تحقيقه من أفلام تحدّثت عن مواضيعها من وجهة نظر شخصيات أفريكانية بيضاء.

على حسناته لم يُنجز الفيلم أي نجاح، وانصرف مورغن فريمن بعده إلى تمثيل أدوار التحري الذي لا يمكن حلّ القضايا المستعصية والجرائم الصعبة من دونه.

ما سبق يُحيط بأسماء ممثلين ما زالوا أحياء عاملين في مجالات الفن ممثلين (وأحياناً منتجين أيضاً)، لكن إذا ما ذهبنا لأبعد من ذلك لوجدنا أن «تيمة» الفيلم الواحد ليست جديدة تماماً وأن أحد أشهر المحاولات تمّت سنة 1955 عندما حقق الممثل تشارلز لوتون فيلمه الوحيد «ليلة الصياد» (The Night of the Hunter) في ذلك العام.

قصّة تشويقية جيدة في كل جوانبها قادها على الشاشة روبرت ميتشوم وشيلي وينتر. الأول مبشّر ديني ملتزم والثانية زوجته التي تشارك أولادها سراً لا تود الإفصاح عنه. لوتون كان ممثلاً مشهوداً له بالإجادة لعب العديد من الأدوار الأولى والمساندة وغالباً لشخصيات مهيمنة ومخيفة.

درو باريمور خلال التصوير (فوكس سيرتشلايت)

تجربة فريدة

على أن ليس كل الذين حققوا أفلاماً يتيمة من الممثلين. لا بدّ من الإشارة إلى طارئين أتوا من جوانب فنية مختلفة ولو عبر نموذج واحد. فنانون في مجالات أخرى عمدوا إلى تحقيق أفلامهم ثم انصرفوا عن متابعة المهنة رغم نجاح المحاولة.

أحد الأمثلة المهمّة التي تدخل في هذا النطاق الفيلم الذي حققه جيمس ويليام غويركو سنة 1973 بعنوان «Electra Glide in Blue». فيلم هامَ به نقاد ذلك الحين إعجاباً ثم ازدادوا إعجاباً به كلما التقطوه على أسطوانة أو معروض في إحدى تلك المحطّات. غويركو كان مدير الفرقة الغنائية الشهيرة في الثمانينات «Chicago»، ولا أحد يدري لماذا توقف عند هذا الفيلم ولم يحقق سواه.

تتمحور الحكاية حول ونترغرين، شرطي على درّاجة في تلك الربوع المقفرة من ولاية أريزونا (يقوم به روبرت بليك) الذي يكتشف جريمة قتل يريد البعض اعتبارها انتحاراً. التحري (ميتشل ريان) يحقق حلم ونترغرين بالارتقاء إلى مصاف التّحريين. لكنه حلم لا يدوم طويلاً وينتهي على نحو مفاجئ. احتوى الفيلم على كل ما يلزم لتحقيق فيلم يدخل نطاق الأعمال الكلاسيكية، وكان له ما أراد.