احتفاء بأول فيلم مصري يحصد جائزة «العين الذهبية» في مهرجان كان

الملصق الدعائي لفيلم «رفعت عيني للسماء» (وزارة الثقافة المصرية)
الملصق الدعائي لفيلم «رفعت عيني للسماء» (وزارة الثقافة المصرية)
TT

احتفاء بأول فيلم مصري يحصد جائزة «العين الذهبية» في مهرجان كان

الملصق الدعائي لفيلم «رفعت عيني للسماء» (وزارة الثقافة المصرية)
الملصق الدعائي لفيلم «رفعت عيني للسماء» (وزارة الثقافة المصرية)

فاز الفيلم المصري «رفعت عيني للسماء» بجائزة «العين الذهبية» لأفضل فيلم تسجيلي في مهرجان كان السينمائي بدورته السابعة والسبعين ليصبح بذلك أول فيلم مصري يحصد هذه الجائزة.

وحصل الفيلم على الجائزة مناصفة مع فيلم «إرنست كول... لوست آند فوند»، إخراج راؤول بيك من هايتي والذي يتتبع مسيرة المصور الجنوب أفريقي إرنست كول.

فيلم «رفعت عيني للسماء» من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير، وبطولة ماجدة مسعود وهايدي سامح ومونيكا يوسف ومارينا سمير ومريم نصار وليديا هارون، ويستعرض قصة فرقة «بانوراما برشا» للفتيات في صعيد مصر التي تقدم عروضاً مسرحية بالشوارع مستوحاة من الفلكلور. ويُسلط الفيلم الضوء على التحديات التي يواجهنها، وكيف يسعين لتحقيق أحلامهن رغم المعارضة والانتقادات.

ونشرت الصفحة الرسمية للفيلم عبر موقع «فيسبوك» فيديو للحظة إعلان فوز الفيلم بالجائزة.

وقالت وزارة الثقافة المصرية في بيان إن «هذا الفوز إنجاز مهم للسينما المصرية، ويعكس موهبة المخرجين، ندى رياض وأيمن الأمير، وقدرتهما على تقديم عمل فني إبداعي يتناول قضايا إنسانية مهمة بطريقة مؤثرة».

وقال أيمن الأمير في تصريحات تلفزيونية أمس إنه يشعر بالفخر للفوز بالجائزة، وتابع :«لأننا قضينا أربع سنوات للتصوير مع الفتيات في قرية برشا الصعيدية... وفخر لنا أننا نكون صوتاً لرحلتهن».

وتابع الأمير في تصريحات لبرنامج «الحكاية» على قناة «إم بي سي مصر»: «الفيلم يحكي عن مجموعة فتيات في قرية برشا في محافظة المنيا... تقديم فرقة مسرح شارع، وتقديم فنون مسرحية شعبية صعيدية، ويقدمن محتوى مسرح يتعلق بالقضايا في مجتمعهن، مثل خطورة الزواج المبكر والعنف الأسري، واستطاعت الفرقة تحقيق جانب من التغير في مجتمعهن، والفيلم يقوم بمتابعة رحلتهن وموهبتهن».

وتابع مخرج العمل أن الفوز بجائزة في «كان» يسلط الضوء على المخرجين وأعمالهم، وأنه يتوق لعرض الفيلم في قصور الثقافة ودور العرض في مصر.

وكتب الناقد المصري طارق الشناوي عبر حسابه بموقع «فيسبوك»: «مبروك لمصر... أتمني أن نحتفل بفريق العمل بمجرد عودتهم لمصر بما يليق بهم وأيضاً بنا».

وشارك «رفعت عيني للسماء» في مهرجان كان السينمائي ضمن قسم «أسبوع النقاد» الذي ضم أفلاماً من فرنسا والولايات المتحدة وتايوان والأرجنتين والبرازيل، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.


مقالات ذات صلة

محمد بن سلمان يلتقي السيسي في منى

الخليج ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء أخوي في منى (بدر العساكر)

محمد بن سلمان يلتقي السيسي في منى

التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في منى، الأحد، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أدى فريضة الحج لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (منى)
يوميات الشرق حديقة «الأندلس» في القاهرة (محافظة القاهرة)

الموجة الحارة تُغير خطط مصريين لنزهات «الأضحى»

اضطر الشاب الثلاثيني محمود عثمان إلى تغيير خطة خروجه للتنزه خلال عيد الأضحى مع زوجته وطفليه الصغيرين لتكون في المساء؛ بسبب ارتفاع درجة الحرارة.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يؤدون صلاة عيد الأضحى (مجلس الوزراء المصري)

مصريون يصلون العيد في الساحات وسط انتشار أمني بالميادين

أدى المصريون صلاة عيد الأضحى في الساحات والميادين ومراكز الشباب بربوع البلاد، في أجواء غلبت عليها البهجة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق «من قلب مصر» عمل للفنان الحسيني علي (الشرق الأوسط)

«صيف وألوان» يحض على حب الحياة والانطلاق

رصد لحظات إنسانية دافئة يسودها حب الحياة والانطلاق والجمال هو ثيمة معرض «صيف وألوان»، الذي يستضيفه غاليري «ديمي» في القاهرة على مدى شهرين.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق حلا شيحة (حسابها على «إنستغرام»)

حلا شيحة لـ«الشرق الأوسط»: لا ألتفت إلى الشائعات

أكدت الفنانة المصرية حلا شيحة أنها «لا تلتفت للشائعات التي تنشر عنها».

أحمد عدلي (القاهرة)

السينما السودانية تطفو ومن ثَمّ تغرق

«الحديث عن الأشجار» (أغات فيلمز)
«الحديث عن الأشجار» (أغات فيلمز)
TT

السينما السودانية تطفو ومن ثَمّ تغرق

«الحديث عن الأشجار» (أغات فيلمز)
«الحديث عن الأشجار» (أغات فيلمز)

مثل كثيرّ من الدول العربية، ليس للسينما السّودانية وجود فعلي. هناك أفلام من حين لآخر وليس سينما، لذلك فإنّ التعبير هنا مجازيّ، لسهولة التعرّف على وضعها في زمن صعب، وفي فترة تحرق فيها حروب الأخوة كل راية سلام مرفوعة، وكل احتمال بحلٍّ يُعيد للسودان أمنه واستقراره.

استعادة أمنه واستقراره ليست ضمانة لانتقال ما فيه من عناصر ومواهب لتحقيق سينما سودانية فعلية. لا يكفي لعدد محدود من الأفراد تحقيق فيلم ما في بلد يفتقر الصناعة. ربما المخرج موجود والممثلون حاضرون، لكن من يضمن الكتابة والتّصاميم الفنية والتصوير والتوليف؟ ومن ثَمّ ماذا عن التمويل؟ وحتى لو حصل كل ذلك بمواهب محلية مع أخرى عربية مجاورة (أو حتى مشاركة فرنسية أو أوروبية ما)، هل سيكفي ذلك لخلق صناعة أو حتى عدد متتابع من الأفلام؟

ليس في هذه الظروف، لكن ماذا عن الظروف السابقة للحرب الحالية؟ لماذا لم تؤدِ المحاولات التي جرت منذ منتصف الخمسينات إلى مسيرة ناجحة لسينما سودانية صافية؟

طريق سهل

في منتصف الخمسينات، بعدما نال السودان استقلاله، كانت هناك صالات سينما في كلّ مدينة كبيرة من مدنه (ولم يكن مجزءاً بين شمال وجنوب)، العاصمة وحدها كانت تحتوي على نحو 66 صالة عاملة تعرض الأفلام الجديدة الآتية من مصر والولايات المتحدة أساساً.

بطبيعة الحال، كانت صالات السينما المتنفّس الوحيد أمام العائلات والأفراد المختلفين من طلاب الترفيه أو من هواة السينما.

للأسف، لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار أنّ الطريق السهل لأي نشاط سينمائي هو العرض وليس الإنتاج. حدث هذا قبل عام 1948 في فلسطين، عندما أُسّست 4 شركات إنتاج، لكنها فضّلت توزيع الأفلام المصرية الجاهزة (وذلك على عكس يهود الفترة الذين سارعوا لتأسيس 12 شركة إنتاج، 8 منها أنتجت أفلاماً حسب ستيفن سبيلبرغ في وثيقته Cinema Before Cinema).

يحدث ذلك مع كل دولة مجاورة لدولة أخرى غزيرة الإنتاج، وما زال يحدث إلى اليوم في منطقتنا العربية وسواها من المناطق. لا يمكن لوم الإنتاج المصري في الحدّ من الطموح السوداني وعرقلة قيام صناعة مماثلة (ولو بحجم أصغر)، فالحق هنا ليس على الطليان، بل على شركات الإنتاج والتوزيع السودانية.

سهلة

هذه لم تكن المشكلة الكبيرة الوحيدة، فقد توالت حقبات من الحكم الذي لم يرغب في التعاطي بشؤون التنمية الثقافية أو الفنية، وذلك من أيام جعفر النميري إلى أيام عمر البشير حين أُغلقت صالات السينما وحُرّمت الأفلام على أساس أنها منافية للشريعة والإسلام.

الحال هو أن المخرجين السودانيين الذين حقّقوا أفلامهم في سنوات ما بعد الاستقلال وجدوا أنفسهم بلا عملٍ أو اضطروا للهجرة إلى ألمانيا أو الإمارات العربية المتحدة أو مصر أو السويد. هذا بدوره ليس طريقاً جيداً لتحقيق صناعة محلية على الرغم من الانفتاح الذي حصل قبل 3 أعوام حين استعادت بعض الصّالات نشاطها وصُوّرت أفلام كثيرة بدت مثل واحات وسط الصحاري.

ثلاثة من هذه الأفلام تستحق الذكر هنا، أولها «الحديث عن الأشجار» لصهيب قسم الباري (2019)؛ فيلم تسجيلي يتداول سعي مخرجين سودانيين لاستعادة المبادرة وإحياء دار عرض لهواة السينما. مثل هذه الدار، يعلمنا الفيلم، كانت موجودة في الخمسينات والستينات، لكنها اضمحلت لاحقاً بسبب طغيان التديّن من ناحية والرقابة الصارمة من ناحية أخرى. يوضح الفيلم أن الرقابة الصارمة ما زالت حاضرة نراها عندما يلتمس المخرجون المتعاونون على تحقيق هذه المحاولة (منار الحلو، وإبراهيم شدّاد، والطيب المهدي، وسليمان إبراهمي)، الإذن بعرض فيلم مختلف، فينبري المسؤولون لوضع شروط حول ماهية الفيلم ومصدره وما يسرده للتحقّق ممّا إذا كان مسموحاً به لدواعٍ أمنية. كل ذلك في سبيل عرضٍ واحدٍ. هنا يتركنا الفيلم أمام ما الذي يمكن لهؤلاء مجابهته من تحديات فيما لو كانت طموحاتهم تأسيس جمعية سينمائية فاعلة أو أن يحقّق كلٌ منهم (أو أحدهم على الأقل) فيلماً جديداً قبل فوات أوان العمر.

هذا الفيلم التسجيلي - الوثائقي وحده يلخّص حال السينما السودانية في مراحل شتّى وصولاً إلى اليوم.

إليه سينضمّ في السنوات الثلاث الأخيرة فيلمان روائيان: «ستموت في العشرين» للمخرج والمنتج أمجد أبو العلا، الذي كتب السيناريو كذلك نقلاً عن رواية لحمور زيادة حول الشاب مزمل (مصطفى شحاتة)، الذي يتنبأ أحد الشيوخ بموته حين يبلغ العشرين. يمرّ الفيلم على بضعة مراحل من حياة مزمل ويتوقف مليّاً عند السنوات القليلة السابقة لليوم الذي من المتوقع أن يموت فيه. يكتفي بقبول نبوءة موته. لا مغامرات. لا علاقة عاطفية. لا سباحة في النهر ولا رحيل عن القرية حتى ولو في سفر قريب. فقط عند عودة والده يدرك مزمل أنه يحتاج لكي يموت أن يعيش أولاً. ينجز المخرج فيلمه هذا بعناية فائقة. كل لقطة تساوي الجهد المبذول لإتمامها على النحو الذي تظهر فيه وأكثر. التمثيل متكاملُ الصّفات. حوارٌ يطرح الأسئلة مباشرة، وكتابة يُجاب عنها إيحاءً. وإخراجٌ يضع السينما اختياره الأول مبدّياً لغتها على لغة الموضوع نفسه.

«ستموت في العشرين» (أندولفي برودكشنز)

الفيلم الثالث هو «وداعاً جوليا» لمحمد كردفاني وإنتاج أمجد أبو العلا.

هذا فيلم مهمٌ على أكثر من صعيد. دراما موقوتة ومحسوبة لتدلي بدلوها في التاريخ الحديث للسودان، ولتنتقد وجهاً اجتماعياً لم تتطرّق إليه سينمات عربية أخرى كثيراً داخل أوطانها. حكاية زوج ملتزم وزوجته التي اعتزلت الغناء، وتحاول التخفيف من شعورها بالذنب للتسبب في وفاة رجل جنوبي من خلال توظيف زوجته جوليا خادمة في منزلها ومساعدتها. أحداث كثيرة تتوالى وصولاً إلى خاتمة تواكب إعلان جنوب السودان استقلاله.

«وداعاً جوليا» (ستايشن فيلمز)

كل فيلمٍ من هذه الأفلام نال عروضاً وجوائز عالمية، لكن وسط ما يمرّ به السودان اليوم، فإن المسيرة لن تتواصل قريباً لأي من مخرجيها.