شاشة الناقد: أفلام عن الحروب والسلطة

«هورايزن: ملحمة أميركية» (وورنر).
«هورايزن: ملحمة أميركية» (وورنر).
TT

شاشة الناقد: أفلام عن الحروب والسلطة

«هورايزن: ملحمة أميركية» (وورنر).
«هورايزن: ملحمة أميركية» (وورنر).

HORIZON‪:‬ AN AMERICAN SAGA ★★★☆

إخراج: كيڤن كوستنر | وسترن | الولايات المتحدة | 2024

لجون فورد وهنري هاثاوي وجورج مارشال، فيلم وسترن مشترك حققوه سنة 1962 من تمويل مترو غولدوين ماير بعنوان «كيف فاز الغرب» (How the West Was Won). فيلم كَيڤن كوستنر «هورايزون: ملحمة أميركية - فصل أول»، يمكن أن يُسمّى بـ«كيف صُنع الغرب» (How the West was made)، وهذا بسبب منحاه القائم على تقديم حكاية الغرب الأميركي من أوله إلى آخره. كيف تكوّن وكيف كان تاريخه وكيف تأسّس وعلى أكتاف من هذا الفصل هو الأول من أربعة فصول (الثاني أصبح في العلب)، والغاية منه إلقاء نظرة (حيادية إلى حدٍ كبير) على ذلك التاريخ.

«هورايزن»، في الفيلم اسم البلدة التي قرّر المرتحلون البيض تأسيسها لتكون بلدتهم. لكن البلدة ليست المحور. في الواقع يفتقد الفيلم لمحورٍ واحد يضمُّ كل الأحداث ويكون بمثابة مظلّتها الكبيرة.

تقع الأحداث بعد 10 سنوات من نهاية الحرب الأهلية الأميركية (1861 - 1865)، وتنتقل بين شخصيات عديدة قبل أن نجد كوستنر نفسه يقوم بدور رجل يدّعي أنه تاجر جياد، لكنه لا يملك سوى حصان واحد وآخر ستركبه المرأة التي أحب والتي تريد أن تهرب من حياتها البائسة.

الشخصيات المساندة كثيرة، وقد وضعها في إطار حكايات عدّة، ولو أنها متصلة في الزمان والمكان ليس فعلاً سهلاً لا في الفيلم ولا في الكتابة عنه. ليس أن الفيلم غامض أو مربك، بل لأن كوستنر يقصد تقديم ملحمة متمادية، ولهذا السبب نجد فيلمه يتجه صوب بانوراما من الموضوعات تلتقي، لكنها لا تلتحم دائماً.

لكوستنر مستوى احترافي وأسلوبي، وفوق ذلك لديه حب كبير لسينما الغرب، كما برهن على ذلك عندما أنجز فيلمه «رقصات مع الذئاب» 7 أوسكارات سنة 1990. وهذا الفيلم ينتمي إلى هذا الشّغف بتاريخ يعالجه كوستنر بمفهوم واقعي وشامل.

* عروض: مهرجان «كان» (خارج المسابقة)

صوب بلد مجهول ★★★

إخراج: مهدي فليفل | دراما | يونان، بريطانيا، هولندا | 2024

يأتي هذا الفيلم في زمن الحرب الفعلية القائمة في فلسطين حالياً. ليس أنه مصنوع وفي البال اللحاق بتلك الحرب أو التعبير عنها على نحو أو آخر، فإن العمل عليه بدأ قبل أشهر عديدة من اشتعال الجبهة الفلسطينية. على ذلك تظلّ الحرب موضوع هذا الفيلم حتى وإن لم يتحدّث عنها.

«صوب بلد مجهول» (مهرجان كان)

إنه عن مهاجر فلسطيني غير شرعي في أثينا اسمه شاتيلا (محمود بكري)، وابن عمّه رضا (أرام صبّاح)؛ يعشيان على النشل والسّرقة عموماً، وعندما يشتّد الوضع الاقتصادي عليهما يعرض رضا خدماته الجنسية للمثليين. يسعى شاتيلا لجمع ما يكفي من المال ليلجأ وابن عمّه إلى ألمانيا وفي البال افتتاح مطعم صغير في حي عربي شعبي تطبخ فيه زوجته (التي تركها في لبنان مع طفلهما)، ويخدم فيه أيضاً ابن عمّه. لكن تحقيق الحلم يبدو مثل الركض فوق سلّم متحرك لا يستطيع الوصول إلى نهايته. سيحاول مساعدة صبي في الـ13 من العمر باجتياز الحدود إلى إيطاليا حيث تنتظره عمّته. لن يعرف إذا وصل الصّبي إلى هناك بجواز السفر المزوّر، وسيسعى للحصول على جوازي سفر له ولابن عمّه لدخول ألمانيا.

كثير من الأحداث تقع بين بداية الفيلم ونهايته، تعكس واقعاً بائساً لمن يجد نفسه في قفصٍ في بلد لجأ إليه ولا يريد البقاء فيه. للمخرج مهارة وذكاء في معالجة هذه الدراما وتنفيذها، لكن الكتابة تُميد بالفيلم صوب تفرّعات تنتقل به من الدراما إلى التشويق ولو من دون أن يخسر المضمون الإنساني الذي ينطلق منه وبه.

* عروض: مهرجان «كان» (قسم «نصف شهر المخرجين»)

POWER ★★★

إخراج: يانس فورد | تسجيلي | الولايات المتحدة | 2024

ينضم هذا الفيلم لمجموعة متزايدة من الأفلام الأميركية التي تنتقد الولايات المتحدة بوصفها مؤسسة عنصرية. سبقته في هذا المضمار أفلام تسجيلية وروائية ألقت كثيراً من الضوء على الموضوع الذي يتبناه هذا الفيلم ومخرجه.

«سُلطة» (نتفليكس)

في طبيعة الحال، هناك مجالٌ واسع لمزيد من هذه الأفلام التي تتمنهج حول العنصرية في الولايات المتحدة ومسؤولية المؤسسات الحكومية فيها. ما يتميّز به «سُلطة» عن سواه، هو تحديد تلك المؤسّسات التي ينتقدها في المؤسّسة البوليسية التي تضمّ نحو مليون رجل شرطة (في مراتب ومراكز مختلفة) بالولايات المتحدة تتّبع 18 مؤسسة أمن بوليسية في طول البلاد وعرضها.

هناك مشاهد عنف عديدة يستخدمها هذا الفيلم الوثائقي الذي يعتمد في تحليلاته على معلومات موثّقة ومقابلات مع باحثين تخصّصوا في مراجعة تاريخ العلاقة بين البوليس والشّعب الأميركي.

يُلاحظ الفيلم أن السُلطة البوليسية تدعم القوى السياسية والاجتماعية والطبقة الثرية دوماً. ويركّز على أن العنصرية المستبدّة في الولايات المتحدة وجدت في رجال الشرطة طوال عقود وأحداث لا تُحصى من القوّة المفرطة في معاملة السود الأميركيين والهنود الحمر وسواهم.

على أهمية مضمونه، لا يسعى المخرج لأكثر من عرض الصور والآراء. يضع ما يختاره من مشاهد وثائقية تتبعها مقابلات منتقلاً بين الاثنين في روتين ومن دون إبداع فعلي.

* عروض: سوق مهرجان «كان»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون «المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق ماغي سميث في لقطة من عام 2016 (أ.ف.ب)

ماغي سميث سيدة الأداء الساخر

بأداء عملاق وخفة ظل وسخرية حادة تربعت الممثلة البريطانية ماغي سميث على قلوب معجبيها، كما جمعت بين الجوائز وبين حب الجمهور.

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق داليا تشدّد على أنها لن تطلب العمل من أحد (الشرق الأوسط)

داليا البحيري لـ«الشرق الأوسط»: لن أطرق باب أحد من أجل العمل

قالت الفنانة المصرية داليا البحيري إن التكريم الذي يحظى به الفنان يكون له وقع رائع على معنوياته إذ يُشعره بأنه يسير في الطريق الصحيح.

انتصار دردير (سلا (المغرب))

شاشة الناقد: «فيلم نوار»

واكين فينكس في «جوكر: جنون ثنائي» (وورنر)
واكين فينكس في «جوكر: جنون ثنائي» (وورنر)
TT

شاشة الناقد: «فيلم نوار»

واكين فينكس في «جوكر: جنون ثنائي» (وورنر)
واكين فينكس في «جوكر: جنون ثنائي» (وورنر)

JOKER: FOLIE À DEUX ★★★★

جزء جديد من «ذَ جوكر» مع واكين فينكس وليدي غاغا

الولايات المتحدة | مهرجان ڤينيسيا

كل ما لا تتوقعه من فيلم جديد عن شخصية «جوكر»، الشرير الأول في عالم «باتمان» يحدث في هذا الفيلم. على عكس أفلام الكوميكس، ليس عن بطولة خارقة وعلى عكس «جوكر» الأول، ليس كذلك عن تأسيس ثم جرائم آرثر فليك (واكين فينكس) التي تقع أمام العين كما الحال في الفيلم السابق.

أكثر من ذلك، هو فيلم ميوزيكال. تخيّل الشرير الذي روّع غوثام سيتي يغني ثم تخيل أن من يغني هو واكين فينكس. ليدي غاغا تشترك معه في الغناء وتغني وحدها. هذا يبدو طبيعياً كون الغناء هو مهنتها الأولى، لكن فينكس؟ جوكر؟

هذا ليس كل ما هو مختلف هنا: جوكر حبيس في سجن بانتظار محاكمته. غالبية الأحداث تقع في السجن. كونه مجرماً لا يتورع عن شيء وداهية كما عودتنا كل تلك الأفلام السابقة مع باتمان وبدونه، يجعلك تتوقع هروبه من السجن، لكن للخيال حدود وهو لا يستطيع الفكاك ولا يفكّر أساساً فيه. في النصف الأخير من الساعة، تُتاح له فرصة الهرب بعدما ساعدته المرأة التي يحب (غاغا) بتفجير سيارة في المحكمة التي أصدرت حكمها بإعدامه. لكن هروبه، مستغلاً الفوضى والدمار لا يستمر إلا لفترة وجيزة. بعد ذلك هو في السجن بانتظار الموت.

لا أستطيع البوح هنا عما إذا سيأتيه ذلك الموت أو لا، لكن النهاية بدورها مفاجئة.

الكاتب والمخرج تود فيليبس، الذي أنجز الجزء الأول (أكثر من مليار دولار سنة 2019)، يخلع عن بطله كل علامات الدهاء. كل الألاعيب والكثير من الشر. في الصّميم، قد يكون أي شخص آخر لولا حاجة الفيلم لاسمه. جوكر ليس لديه نكات يطلقها في هذا الفيلم، أو كما تخبره غاغا في حوار، «فقد الخيال». ما الذي حدث له؟ هل أفاقَ من وهم عاشه سابقاً؟ هل طوّعه السجن وظروفه واضطهاد الحرس له؟ نعم جواباً على هذين السؤالين، لكن هذا لا يمنعه من السعي للبقاء حيّاً. يتحوّل في محاكمته إلى المهرج الذي تعودنا عليه لكن من دون الخوف منه. يرتدي البذلة الحمراء ويلطخ وجهه بالألوان ويدافع عن نفسه أمام المحلّفين والقاضي.

في حين تبذل غاغا جهدها لتكون ندّاً لواكين فينكس، لكن هذا يوفّر التمثيل الذي لا يُضارى. المنافس الوحيد في تجسيد هذه الشخصية هو جاك نيكلسون كما ظهر في نسخة تيم برتون «باتمان» سنة 1989.

الوجهة التجارية مجهولة تماماً: قد ينجح الفيلم في جذب الجمهور نفسه، وقد يجذب نصفه فقط أو يسقط حال ينتشر الخبر من أن جوكر هنا أضعف من أن يدافع عن نفسه.

KNOX GOES AWAY ★★★☆

إخراج وبطولة مايكل كيتون «فيلم نوار»

حديث وجيد |الولايات المتحدة

عروض تجارية

مرّت 14 سنة منذ أن جرّب مايكل كيتون حظه في الإخراج. حدث ذلك في سنة 2008 مع «The Merry Gentleman» من بطولته وكيلي ماكدونالد لاعباً دور قاتل محترف على أهبّة الوقوع في الحب.

مايكل كيتُون في «نوكس يذهب بعيداً» (بروكستريت بيكتشرز)

فيلمه الجديد هو الثاني له مخرجاً، وكما الفيلم السابق يقوم ببطولته لاعباً أيضاً دور قاتل محترف. الاختلاف المهم هو أنه قاتل مختلف لديه أسابيع قليلة قبل أن يفقد ذاكرته تماماً، وذلك تبعاً لطبيب أخبره بأنه مصاب بنوع من الخرف الذي لا شفاء منه. هذه واحدة من مشكلتين تواجه نوكس (كيتون). الثانية هي أن ابنه مايلز (جيمس ماردسن) قتل رجلاً استدرج ابنته واعتدى عليها، وها هو يلجأ إلى والده ليساعده في «تنظيف» الجريمة. يوافق نوكس ويتوجه إلى منزل الرجل المقتول ويقتل رجلين خلال وجوده. التحرية إميلي (سوزي ناكومارا) تحقّق وتربط خيوط الحادث الذي سيؤدي إلى تحديد ما حدث، لكن نوكس في هذه الأثناء يخسر المزيد من قدرته على التذكر حتى عندما يريد تحديد كلمة بذاتها (مثلاً ينسى كلمة «الجامعة» ويقول «المدرسة الكبيرة»).

هذا «فيلم نوار»، حديث عن نهايات قاتل محترف يختلف في أنه بعيد عن التبجح وفرض الذات. ليس فيلم أكشن ولا يعمد إلى مفاتيح تشويق مفتعله. السيناريو الذكي الذي وضعه غريغوري بوارييه يتحاشى السّهل ولو أن الكتابة بحد ذاتها لا تأتي بجديد. على ذلك يعالج الكليشيهات المتداولة بفاعلية. كيتون يمنح الفيلم حرارة هادئة تزيد الاهتمام بما يقع على نحوٍ ناضج كما أن حضوره في الفيلم مُصاغ بالهدوء والتميّز نفسيهما.