شاشة الناقد: عودة المخرجة اللبنانية هَيني سرور بعد غياب طويل

«ليلى والذئاب» (هَيني سرور)
«ليلى والذئاب» (هَيني سرور)
TT

شاشة الناقد: عودة المخرجة اللبنانية هَيني سرور بعد غياب طويل

«ليلى والذئاب» (هَيني سرور)
«ليلى والذئاب» (هَيني سرور)

المخرجة اللبنانية هَيني سرور غابت طويلاً وتعود الآن بفيلم قديم - جديد؛ مع اقتراب مهرجان «كان» نختار عملين فازا بذهبيته في دورتين سابقتين

ليلى والذئاب ★★★☆

إخراج: هَيني سرور | دراما | لبنان- بريطانيا | 2024

غابت المخرجة اللبنانية هَيني سرور منذ الثمانينات حتى نسيانها. من تذكّرها لم يسمع منها أو عنها، ومن لم يتذكرها نسيها تماماً. صاحبة «دقّت ساعة التحرير... برّة يا استعمار»، و«ليلى والذئاب»، وفيلمين قصيرين. بدت هَيني سرور كما لو أنها اكتفت من الإخراج ونأت بنفسها عن عالم السينما.

ربما نعم وربما لا. لكنها عادت فجأة بمناسبة مرور 40 سنة على إطلاق فيلمها «ليلى والذئاب». رممته وسَعَت لإعادة عرضه في صالات «ICA» في العاصمة البريطانية لندن، مع احتمالات عروضٍ أخرى كون الفيلم أحد الأعمال التي احتفى بها مهرجان «ڤينيسيا» بوصفه عملاً كلاسيكياً خاصاً.

وهو كذلك فعلاً، وتأتي إعادة عروضه لتواكب ما يحدث حالياً في قطاع غزة، وفي زمن ما زالت فيه «بلاد الشام»، كما يقول الفيلم في مطلعه، تعيش حروباً مختلفة.

الفيلم الماثل هو مزيج من مسائل عدّة. هو «روائي» و«وثائقي». عن المقاومة الفلسطينية ضدّ البريطانيين الذين احتلوا فلسطين ورحّبوا (كما يرد في مشهد مختار بعناية) بالمهاجرين اليهود الفارين من ويلات النّازيين، كما في العامين الأولين من الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1977).

لكنّ الخيط الرابط بين كل هذه المسائل، هو موقع المرأة في ذلك الوقت انطلاقاً من اعتقادٍ سائدٍ (وخاطئ) من أن المرأة لم تتعاطَ السياسة مطلقاً. لدى هَيني سرور كثير تريد قوله في هذا الشأن. المرأة حاربت وضحّت وعانت لا من الحروب وحدها، بل كذلك من القبضة الذكورية المتوارثة، حين باتت هي المسؤولة عن أوضاع الحياة المجتمعية وهي التي تُعاقب على عشاء لم يُحضّر أو ولدٍ لم تُنجبه. خلال العرض يسود شعور بأن المخرجة زادتها قليلاً من دون أن تمضي في منهج يزيد رسالتها قوّة وعمقاً. المسألة، يستطيع المرء أن يُناقشها، ليس في نطاق «كيف عُوملت المرأة»، بل «لماذا عُوملت المرأة على هذا النحو»؛ هذا مع الاعتراف أن الطرح الأول هو الأنسب ضمن المعالجة المختارة للفيلم. فالمخرجة ليست في وارد سرد قصّة ستضمن وجود تحليلٍ ما، بل يقدّم فيلمها شخصية رمزية عابرة للأزمنة اسمها ليلى (نبيلة زيتوني) تحمل، رمزياً، مشعلاً لإضاءة التاريخ ودور المرأة فيه من خلال شبه حكايات تخدم هذا السعي.

هو فيلم يحمل رحيقاً من أفلام الجورجي تنجيز أبولادزو، الأرمني الجورجي سيرغي بارادجانوف.

العلاقة مع الحاضر ليست وهماً. يخصّص الفيلم حديثه للمقاومة الفلسطينية قبيل النكبة ودور المرأة فيها، لكن بعد مرور 40 سنة، نجدُها تصبّ فيما يحدث اليوم في حرب غزة. نكتشف أن أشياء كثيرة لم تقع بعد في 4 عقود منذ تحقيق هذا الفيلم ومن بينها العدالة.

هَيني سرور كانت أول امرأة من عِرق الأقلية (هي يهودية) تحقّق فيلماً روائياً طويلاً في العالم العربي وتعرضه في لندن. للأسف، ضاعت سنوات كثيرة، ولأسباب مجهولة، كان يمكن لهذه السيدة أن تُنجز أكثر بكثير مما فعلت.

للفيلم إدارة غير مريحة. فيه أداءات متفاوتة الإجادة. دخوله وخروجه ما بين المشاهد ثم بين فصليه (يتحوّل الفيلم من فلسطين إلى لبنان بعد منتصفه بقليل). كان يمكن التوسع قليلاً لشرح العلاقة بين القضيّتين، حرب الاحتلال والحرب الأهلية، هذا لو تم لمنح الفيلم بعداً سياسياً خارج نطاق ما تم طرحه.

في المشهد الأخير هذه ليلى ترمز جيداً لوطن يتلقّفه رجال ينتمون إلى طوائف مختلفة. تمنح المخرجة المشهد رمزيته هذه ومن ثَمّ تُقفل الفيلم على تجربة كانت رنّانة آنذاك ولا تزال تتعامل مع فرادتها إلى اليوم.

* عرض خاصّ

THE TREE OF WOODEN CLOGS ★★★★★

إخراج: إرمانو أولمي | دراما تاريخية | إيطاليا | 1978

صوّر إرمانو أولمي فيلمه هذا بكاميرا 16 ملم، ومن لا يعرف هذه الحقيقة لن يتوقف عند ملاحظة أن الفيلم بهذا النظام يبدو كما لو كان استخدم المقاس العادي (35 ملم)، هذا بسبب مساحة مشاهده الخارجية وعمق تلك الداخلية من بين عناصر تقنية أخرى. كذلك صوّر المخرج هذا الفيلم بممثلين غير محترفين، ورغم أن المرء يستطيع تخمين ذلك، لكنه لن يكون واثقاً كون ممثليه يتمتعون بفهمهم الكامل للبيئة التي يعيشونها ويتصرّفون فيها بسلوكيات هي طبيعية بالنسبة إليهم سواء كانت في التقديس المستمر دينياً أو في تفاصيل حركتهم الطبيعية وممارستها أمام الكاميرا كما لو كانت، فعلاً غير موجودة.

«شجرة القباقيب الخشبية» (راي إيطاليا)

ضع هذه الملاحظات جنباً إلى جنب، حقيقة إن أولمي لم يأتِ من البيئة التي يصوّرها، تجد نفسك معجباً بالطريقة الخالية من الشوائب التي نقل فيها حياة قرية فلاحية تعمل لتأكل وتنال ثلث قيمة الحصاد التي تزرعه. لا أحد لديه القدرة (والأحداث تقع عند مطلع القرن العشرين) على النظر إلى هذه الحال سياسياً، لكن السياسة تمرّ ضمن ما يستعرضه المخرج. يجمع المخرج هنا، كما في أفلام أخرى، الناحيتين الدينية والسياسية ويخلص صوبَ نتاجٍ إنساني في الوقت الذي ينظر فيه لما يعرضه من دون تدخّل أو فعلٍ عاطفي محدد.

* عروض: «كان» 1978

APOCALYPSE NOW ★★★★★

إخراج: فرنسيس فورد كوبولا | تشويق | الولايات المتحدة | 1983

إذ يعود فرنسيس فورد كوبولا إلى عرين الأسود في «كان» هذا العام بفيلمه الجديد «ميغالوبوليس» يستدعي ذلك العودة إلى أفلامه البديعة التي اشتغل عليها من «العراب» (1982) وما بعد. «القيامة الآن» ليس فقط من أفضل أفلامه، بل هو بحجم طموحاته التي جسّدها هذه السنة بفيلمه الجديد.

عن رواية طالما قيل إنها عصيّة على «التفليم» هي «قلب الظلام» لجوزيف كونراد (التي تقع أحداثها في الكونغو وسيناريو من رجل المهام الصعبة جون ميليوس قدّم كوبولا حكاية تبتعد عن صلب الرواية باختيارات دقيقة، تعكس الفوضى التي صاحبت تلك الحرب وتنقل عنها صوراً لا تبتعد عن الحقيقة، لكنها مترجمة إلى مشاهد عملاقة تشي بكل ما كانت عليه وهي كثيرة يفرد لها المخرج فصولاً متوالية. تتقدم القيادة العسكرية من الكابتن ويلارد (شين) بطلب إنجاز مهمّة اغتيال للكولونيل كورتز (براندو) الذي اقتطع لنفسه جزءاً من البلاد على الحدود الكمبودية متمرّداً على القيادة الأميركية. الفريق الذي يقوده ويلارد هو زمرة من غير المؤهلين (سام بوتومز، وفردريك فورست، ولورنس فيشبورن، وألبرت هول) والجميع ينطلقون في قارب سريع (اسمه إيريبوس، على اسم ابن إله الظلام الإغريقي) منتقلاً من حدث لآخر طوال رحلة شاقّة.

«القيامة الآن» (أميركان زوتروب)

إنه على تلك الطريق يوفّر الفيلم مشاهد من جنون الحياة في حاضنة الحرب: القتال، والقصف الأميركي، والضحايا، والحفلات الراقصة... إلخ. في أحدها يقف قائد عسكري (روبرت دوڤول) أمام وحدته التي تحتمي من قصف الفيتكونغ ليقول، بعد غارة أميركية استخدم فيها النابالم «أحب رائحة النابالم في الصباح». حين الوصول إلى حيث اقتطع الكولونيل كورتز ولايته يقف ويلارد (وقد بقي من فريقه جندي واحد) على المشهد المفجع لرجل فقد رجاحة عقله وعاش على العنف حتى بات جزءاً منه. دينيس هوبر في دور لا يُنسى مصوّراً غائباً عن الحقيقة بدوره. والنهاية حتمية، اغتيال ويلارد لكورتز، لكن ربما ليحل مكانه كونه لا يستطيع إنقاذ أحد من هذه الحرب بدءاً بنفسه. لا يخطئ كوبولا مرة واحدة في منح المشهد ما يتطلبه من تأمين عناصر وبصريات متّحدة في غايتها الوصول إلى لبّ ما يريده من كل لقطة. تصوير رائعٌ من الإيطالي ڤيتوريو ستورارو مختلف عن تصوير أي شيء سبق تقديمه في السينما. التعليق الذي يصاحب الفيلم بصوت ويلارد مع موسيقى ڤاغنر لجانب حرفة كوبولا الخبيرة والعالية، من الأمور التي جعلت هذا الفيلم عملاً خالداً.

من بين كلّ ما خرج من السينما الأميركية من أفلام تتناول الحرب الڤيتنامية، «القيامة الآن» هو أفضلها من نواحي متعدّدة. كتابة وإخراجاً وتمثيلاً وعناصر إنتاجية علماً بأن المشاكل التي سبقت تصويره وتلك التي وقعت خلال التصوير كان يمكن لها أن تقضي على العمل أو تعرّض طموحاته للتلف. كوبولا موّل الفيلم مما جناه من أفلامه السابقة («العرّاب» الأول والثاني و«المحادثة») وصوّره في الفلبين. في الخطّة قضاء 5 أشهر في التصوير. في الواقع امتد التصوير لـ16 شهراً وتعرّض فيها فريق العمل لأحداثٍ ومشاكل متعددة على كل نطاق (عواصف عاتية هدمت الديكورات)، وشخصية (مشاكل بين المخرج ومارلون براندو)، وصحية (إصابة مارتن شين بنوبة قلبية)... إلخ كل ذلك لم يمنع كوبولا في النهاية من إتمام فيلم رائع، مشحون بالنقد ضد المؤسسة العسكرية وضد الحرب بصرف النظر عمّا هي وتحت أي لواء.

* عروض منصّات مختلفة

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

شاشة الناقد: أزمات لا تنتهي

«الفتاة ذات الإبرة» (نوردسك فيلم برودكشنز)
«الفتاة ذات الإبرة» (نوردسك فيلم برودكشنز)
TT

شاشة الناقد: أزمات لا تنتهي

«الفتاة ذات الإبرة» (نوردسك فيلم برودكشنز)
«الفتاة ذات الإبرة» (نوردسك فيلم برودكشنز)

★★★ THE GIRL WITH THE NEEDLE‪,‬

أزمات لا تنتهي لامرأة في قاع الحياة

اهتمامات المخرج مانغوس ڤون هورن بالقضايا الاجتماعية قادته إلى كتابة هذا السيناريو المُعتم عن حالات يائسة تمرّ بها بطلة الفيلم تباعاً منذ بداية الفيلم وحتى دقائق قليلة قبل نهايته. سابقاً ما اهتم بمسائل مجتمعية في «أبدية» (Here After)، و«عَرق» (Sweat)، و«من دون ثلج» (Without Snow)، لكنه لم يسبق لأي من أفلامه أن تميّزت بهذا القدر من السوداوية التي يأتي بها في فيلمه الجديد.

كارولين (ڤِك كارمن سون) امرأة فقيرة تعمل في مصنع نسيج تعيش في شقة وزوجها غائب ولا خبر عنه. تقع الأحداث مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى. هي لا تعرف أن زوجها ما زال فعلاً على قيد الحياة وترتبط بعلاقة مع ثري يملك مصنعاً والآن هي حامل منه. فجأة يظهر زوجها بقناع من الجلد يغطي وجهه المشوّه. تطرده من البيت وتخفي عن عشيقها عودة زوجها وتطلب منه الزواج بها. يوافق لكن والدته تطردها. هذا النصف الأول من الفيلم بالغ القتامة لكن النصف الثاني أكثر منه بؤساً. بعد مشّقات عدّة تضع طفلها ثم تمنحه لامرأة تُتاجر بالأطفال. هذه تضمّ إليها أطفالاً لا تود الأمهات الاحتفاظ بهم وتقتلهم لاحقاً. بينهم طفل كارولين من حيث لا تعلم في بداية الأمر.

تُتابع المآسي والأزمات، مادية وعاطفية وجسدية، لا يحوّل الفيلم إلى واحد من تلك الميلودراميات ولو أنه، في أحيان، يصبح أصعب من أن يتحمّله المشاهد لكثرة فواجعه. ما يمنعه من السقوط أداء الممثلة كارمن سون الجيد وحقيقة أن المخرج يربط حكايتها بإطار وثيق مع المجتمع الذي تقع الأحداث فيه. يوفر نظرة قاسية على كيف كان الوضع في كوبنهاغن وكيف كانت حياة فقرائها ولو أنه يختصّ، تبعاً لموضوعه، بالمرأة في هذا الإطار.

الصورة التي يرسمها للشوارع والمنازل والأزقة، وتلك التي تُوصم الشخصيات المحيطة ببطلته تزيد من قسوة الوضع الماثل. إلى ذلك، هذا فيلم بالأبيض والأسود عمداً وقصداً، مما يجعل الفيلم منفياً من دلالات يمكن للفيلم الملوّن الإيحاء بها. أبيض أسود (والأسود هنا أكثر بروزاً في التصوير) يلائم سوداوية الحكاية وحياة بطلتها.

هناك إصرار من قِبل المخرج على سرد حكاية لا أمل فيها (إلا في الدقائق الأخيرة) في فترة لم يكن للمرأة أي حقوق. لكن الجيد أيضاً هنا أن المخرج لا يقصد تقديم مقارنات أو الاحتفاء بقضية نسوية. يكفي الفيلم ما يسرده بعيداً عن السياسات الدارجة ليوصل رسالة تدمغ الحياة في تلك الفترة ضمن البيئة المجتمعية التي يتناولها.

• عروض مسابقة النقاد العرب للأفلام الأوروبية

★★ THELMA

ملحمة تاريخية بأسلوب ساخر

‫في فيلمه الثاني، من بعد «The Harder They Fall»، قبل ثلاث سنوات. يواصل المخرج جيمس صموئيل طريقته في اختيار نوع (Genre) لتقديم مضمون جديد فيه. استخدم في الفيلم السابق نوع الوسترن لتقديم حكاية تؤمها شخصيات أفرو-أميركية وخلفية من البيض الأشرار. كان فيلم وسترن سباغتّي لافتاً ينتمي إلى أفلام الغرب الأميركي التي تخلو من الواقع في أي معيار أو اتجاه. الفيلم الجديد هو فيلم ديني حول الفترة التي عاش فيها السيد المسيح في القدس (ولو أن التصوير تم في بلدة إيطالية تُشرف على جبال ووديان خضراء لا مثيل لها في فلسطين). في كلا الفيلمين يُزين المخرج الحكاية المعروضة بموسيقى راب وهيب هوب وبعض السول.‬

جون سكويب وريتشارد راوندتري في «ثلما» (باندواغون)

كلارنس (لاكيث ستانفيلد) يخسر، في مطلع الفيلم، سباق عربات أمام ماري المجدلية (تيانا تايلور). كان يأمل ربح السباق لكي يدفع دَينه لمرابي الذي منحه 29 يوماً للدفع. ينطلق، مع صديقه إليجا (آر جي سايلر)، بحثاً عن حل يحدّ من اعتناق المسيحية والانضمام إلى الحواريين الـ12 (على أساس أن يكون الـ13) هو الحل، لكن هؤلاء يشكّكون في إيمانه فينطلق لاستخدام حيلة على أساس أنه يستطيع إنجاز الأعجوبات كما المسيح نفسه، ولا بأس إذا ما أنجز بعض الربح خلال ذلك.

الفيلم يحوي كثيراً من الإشارات التي تستخدم التاريخ وولادة المسيحية كطرح أسئلة وتساؤلات حول المسلّمات من خلال حكاية بديلة لما توارثته المسيحية من قناعات وفي أسلوب ساخر. يذهب المخرج بحكايته في اتجاهات عدّة ليس من بينها ما يرتفع مستواه عن اتجاه آخر. هذه وحدة عمل بلا ريب لكنها تخفي رغبة في توفير «خلطة فوزية» لإيصال الرسالة البديلة التي في فحوى الفيلم.

أبطال هذا الفيلم، وباقي الشخصيات المساندة وكما في الفيلم السابق أيضاً، من السود (باستثناء القادة والحرس الرومانيين). لافت أن بعضهم يُدمن استخدام الحشيش والأفيون في ذلك الحين ولو أن هذا يأتي في عداد السخرية من التاريخ.

• عروض مهرجان صندانس