هل للفيلم العربي مساحة عالمية فعلاً؟

«بنات ألفة» (تانيت فيلمز).
«بنات ألفة» (تانيت فيلمز).
TT

هل للفيلم العربي مساحة عالمية فعلاً؟

«بنات ألفة» (تانيت فيلمز).
«بنات ألفة» (تانيت فيلمز).

حسب موقع IBDb فاز «وداعاً جوليا» لمحمد كردوفاني (السودان) بخمسة جوائز في المهرجانات التي اشترك فيها. وهناك اثنا عشر مهرجاناً اشترك في مسابقاتها لكنه لم ينجز ما تمنّاه منها.

فيلم «بنات ألفة» لكوثر بن هنية (تونس) سجل نجاحاً أعلى في هذا الإطار. إذ خرج بـ18 فوزاً و27 ترشيحاً.

نظرة بانورامية على أفلام عربية أخرى حققت نجاحاً في المهرجانات، سواء بنيل جوائز أو بدخول الترشيحات، تحتوي على أعمال مثل «كذب أبيض» لأسماء المدير (المغرب) و«مجنون فرح» لليلى أبو زيد (تونس) و«ريش» لعمر الزهيري (مصر) و«القفطان الأزرق» لمريم توزاني (المغرب) و«إن شاء الله ولد» لأمجد الرشيد (الأردن) والعديد غيرها.

هي بالتأكيد أفلام تستحق أن تنتشر وبعضها يستحق الفوز الذي حققه لكن الثابت أن السينما العربية ككل تواجه معضلة لا يمكن التغلّب عليها بسهولة، وهي أن الجمهور الغربي، حيث تتوجه هذه الأفلام أساساً وبل على نحو وحيد، لا يأبه كثيراً للأفلام العربية إلا في حالات متباعدة. هناك حالتان ماثلتان في البال الآن، الأولى عندما أنجزت المخرجة السعودية هيفاء المنصور فيلمها الأول «وجدة» سنة 2012 وعندما حققت المخرجة اللبنانية نادين لبكي فيلمها «كفرناحوم» سنة 2018.

حسب مصدر موثوق حقق «كفرناحوم» 46 مليون و417 ألف دولار من خلال عروضه العالمية، علماً بأن الشركات المنتجة وضعت التكلفة في حدود 4 ملايين دولار.

«وجدة» أنجز نحو 6 ملايين و500 ألف دولار لكن ميزانيّته لم تتجاوز المليون بكثير.

هاتان الحالتان تكشفان عن أن الإقبال على الفيلم العربي (أيما انتمى إنتاجياً) محكوم بالحملة الإعلامية التي تصاحبه: بالنسبة لفيلم المنصور كان يكفي الإعلان عن أنه أول فيلم سعودي تخرجه امرأة، وبالنسبة للثاني استند النجاح إلى عوامل توزيع متقنة وإلى خلفية المخرجة المعروفة. هل أقبل الجمهور عليه لأنه فيلم يتحدّث عن وضع لبناني؟ لا. هل لأنه عاطفياً يجذب المُشاهد صوب بطولة يؤديها ولد صغير عليه أن يعتني بطفلة ما زالت في أشهر حياتها الأولى؟ نعم إلى حد كبير.

المثير لبعض التساؤل، على الأقل، هو أن بعض الأفلام العربية الأخرى طرحت مواضيع مماثلة في أهميّتها، لكن صيد الجوائز كان ثانوياً (في حال «وداعاً يا جوليا» مثلاً) وصيد الإقبال كان محدوداً (إيرادات «بنات ألفة» لم تزد عن مليون دولار ومن غير المعروف كم بلغت تكلفته).

المعضلة الماثلة هي أن الفئة الوحيدة من فئات الجمهور الغربي التي تريد أن تتعرف على الفيلم العربي محدودة في 9 من كل عشرة أفلام. والفئات الأخرى، حول العالم، إما تتوجه لمشاهدة أفلام فنية أجنبية (الفرنسي- الألماني «تشريح سقوط» جمع للآن 35 مليون دولار فقط رغم الهالة والجوائز التي حظي بها). وإما ما زال، في غالبيّته، من المخلصين للأفلام الجماهيرية العريضة خصوصاً الأميركية.

بذلك الفورة الحالية للفيلم العربي لا تعد بكثير ومع افتقار السوق العربية لمقوّمات شبيهة بتلك الأوروبية فإن النجاح مسألة لا علاقة لها بمستوى الفيلم ولا حتى بالحظ. سيستمر هذا المنوال لبعض الوقت، لكن هذا سيعني المزيد من الأسهم الطائشة عن أهدافها الكبرى.


مقالات ذات صلة

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

يوميات الشرق فيلم «يوم دراسي» ضمن مشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

دخلت 3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها (الأوسكار).

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما توم كروز مع الجائزة (أ.ب)

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

حصل الممثل توم كروز على أعلى وسام مدني من البحرية الأميركية اليوم الثلاثاء عن «مساهماته الفنية المتميزة في البحرية ومشاة البحرية» في فيلم «Top Gun» وأفلام أخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم (الشركة المنتجة)

فيلم «ضي» المصري - السعودي يشارك في «برلين السينمائي»

أعلنت إدارة مهرجان «برلين السينمائي الدولي» عن مشاركة الفيلم المصري - السعودي «ضي... سيرة أهل الضي» ضمن مسابقة «أجيال» خلال الدورة الـ75 للمهرجان.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم الليبي القصير «عصفور طل من الشباك» للمخرج أمجد أبو زويدة (الشرق الأوسط)

السينما الليبية تتكبد فاتورة «أخطاء الساسة»

تكبّدت السينما الليبية فاتورة «باهظة» للقرارات السياسية على مدى عقود، منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، أُصيبت خلالها عناصر الصناعة بنوع من الشلل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.