شاشة الناقد

«وداعاً جوليا» (ستايشن فيلمز)
«وداعاً جوليا» (ستايشن فيلمز)
TT

شاشة الناقد

«وداعاً جوليا» (ستايشن فيلمز)
«وداعاً جوليا» (ستايشن فيلمز)

نقف في «وداعاً جوليا» على دراما مهمّة في مواجهة ثغرات مزعجة أما الفيلم الثاني فهو مزعج معظم الوقت!

‫ Goodbye Julia ‬

★★★

إخراج: محمد كردوفاني | السودان | 2023

مما يُثير الملاحظة أنه في الوقت الذي ما زالت فيه الحرب السودانية دائرة بين فريقين متناحرين على السيادة، يخرج هذا الفيلم ليقدّم وجهاً آخر للسودان رُفعت له قبّعات نُقاد السينما في كل مكان. إنه كما لو أن ما يجري على الساحة السياسية والعسكرية من تدمير يُواجَه بفيلم واحد يوفِّر إضاءة وحيدة إلى هذا البلد.

«وداعاً جولياً» لمحمد كردوفاني لا يتعاطى هذا الوضع من قريب أو بعيد، بل يعود إلى عام 2005، قبل 6 سنوات من إعلان الجنوب السوداني استقلاله في عام 2011. حكاية الفيلم تتعلّق بالأوضاع الاجتماعية التي كانت سائدة حينها والتي طفحت بقدر كبير من العنصرية ودفعت، حسبما يرى الفيلم، إلى قرار المسيحيين الانفصال عن الجزء العربي من السودان.

إنه فيلم مهم على أكثر من صعيد. دراما موقوتة ومحسوبة لكي تدلي بدلوها في التاريخ الحديث للسودان، ولتنتقد وجهاً اجتماعياً لم تتطرّق إليه سينمات عربية أخرى كثيراً داخل أوطانها.

في ربع الساعة الأولى نتعرّف على منى (إيمان يوسف)، وزوجها أكرم (نزار غوما). كانت مغنية والآن مجرد ربّة بيت بلا أولاد. ذات يوم تصدم بسيارتها طفلاً وتهرب خائفة، يطاردها والده بدرّاجته النارية. تصل إلى البيت. يخرج له أكرم بسلاحه ويطلب منه التوقف. لا ينصاع والد الطفل إلى ذلك فيطلق عليه أكرم النار ويُرديه قتيلاً. يقوم جيران أكرم (جميعهم مسلمون) بمعاونة الشرطة بالتغطية على الحادث كما لو أن شيئاً لم يقع. في هذه الأثناء تبحث زوجته جوليا (سيران رياك) عن زوجها. منى، التي تشعر بذنب كبير، تطلب منها، بعد حين، العمل لديها شغالة. تقبل جوليا من دون أن تعرف أن منى هي زوجة مَن قتل زوجها. في الواقع هي لا تدري أين اختفى زوجها ولن تعرف الحقيقة إلا مع نهاية الفيلم. خلال الفترة سنشهد تقلّبات الوضع المهيمن على البلد ونماذج من العنصرية ضد المسيحيين على خلفية صداقة بين منى وجوليا قبل أن تنكشف الحقيقة المُرّة مصحوبةً بتصوير أكثر من 95 في المائة من مسيحيي السودان على الانفصال.

ما تفاعل معه نقاد الغرب في إعجابهم الكبير هو حضور فيلم ينتقد المجتمع العنصري وقيام المسلمين باضطهاد المسيحيين الذي أدّى، من دون أيّ سبب آخر في نظر الفيلم، إلى قيام جمهورية جنوب السودان. كذلك حميمية العلاقة الإنسانية بين امرأتين واحدة تُخفي سرّاً، والأخرى تُخفي ألماً. لكنّ هذه المسائل، صحيحة أو لا، ليست وحدها كافية للنظر إلى الفيلم ببعض العمق.

لناحية «العنصرية الإسلامية» ضد المسيحيين هي كانت، على الأرجح، موجودة (وكردوفاني أعلم من غيره بذلك)، لكن هل كان صعباً عدم تعميم العنصرية على نحو شامل؟ هناك مشهد لشرطي مسلم يبيع منى بعض المعلومات لقاء رشوة، وهو نفسه يقبض رشوة أخرى، ومن ثَمّ يهمّ بتقبيل منى التي تنهره فيهرب. هل كان من الصعب إظهاره مسلماً ناصعاً؟

في جوانب أخرى، لم يَثُر منها الاهتمام، ينتقل الفيلم بعد نصف ساعة أو نحوها من سياق روائي منفرد الشخصيات إلى آخر متعدد الجوانب يتضمن توسيع دائرة الحكاية لتشمل مناطق مختلفة من بينها، مثلاً، محاولة البعض إقناع منى بالعودة إلى الغناء. لكنها لا تستطيع لأنها وعدت زوجها بالكفّ عنه كونه مسلماً ملتزماً. المسألة ليست في توسيع دائرة الحكاية لتشمل مواقف وشخصيات أكثر، بل في أن حياكة نصف الساعة الأولى تختلف عن سواها. الساعة التالية بدأت من ذلك الاختلاف خشنة التنفيذ تحاول تطوير الحكاية التي كادت تتوقف عن طرح الجديد منذ أن استضافت منى جوليا وطفلها الذي بات صبياً الآن في عقر دارها، وأمّنت لهما الراتب والمنامة، لا بل دفعت أقساط المدرسة الخاصّة.

ليست هناك رعاية من المخرج للزوج سوى أنه ملتزم وعنصري يصف الآخرين بأنهم متوحشون. الأجدر كان تعميق شخصيّته على نحو يتّسع لنقاش أجدى، خصوصاً أن العلاقة بين الزوجين غريبة في مظهرها بعض الشيء.

هما لا يتحادثان بنبرة حيوية أو طبيعية. بل يبدوان كما لو كانا يقرآن الحوار من أوراق يحملانها فيما يشبه التدريب المسرحي. أن لا يكون هناك حنانٌ ما بينهما لا يعني أن لا تكون هناك نبرة صوت مختلفة وأداء أكثر مرونة.

بالنسبة إلى المتلقي الغربي لن يستطيع ملاحظة ذلك، لأنه يجهل طبيعة الإلقاء في هذه الربوع التي تحمل عاطفة أعلى (سلباً أو إيجاباً) مفقودة هنا وتبدو دخيلة.

ثم يأتيك القرار بأن التصوير الداخلي (وهو الغالب) عليه أن يجري بإضاءة تستخدم الأنوار المنبعثة من مصابيح يدوية فقط. هل يُعقل أنه في المنزل بأسره لا يوجد ضوء علوي من السقف كطبيعة أي منزل آخر؟

الغاية لا تبرر الوسيلة هنا، وهي منح الفيلم صورة بصرية داكنة لأن الوسيلة خارجة عن المألوف والطبيعي.

أنجح ما يحققه الفيلم هو تناول تلك العلاقة بين مسلمة ومسيحية. كلتاهما مع قدر من تعسّف المحيط (الإسلامي أكثر من المسيحي). معالجة هذه العلاقة هي نوع من الأمر الواقع عوض أن تبقى منوطة بطرحٍ داخليٍّ حتى تكتسب التطوّرات لاحقاً وظيفتها المنشودة عِوَضَ أن تبقى تكملة.

• عروض: عربية وعالمية

About Dry Grasses

★★

إخراج: نوري بيلج جيلان | تركيا | 2023

لا تزال صور البرية الأناضولية الجميلة المغطاة بلحاف سميك من الثلوج تفعل فعلها في بال مَن يتذكر أفلام هذا المخرج السابقة مثل «ذات مرّة في الأناضول» (2011). أفلام جيلان كانت احتفاءً بتلك الطبيعة وفوقها ذلك الإنسان الذي يبحث بموازاتها، عمّا لا يحققه. أفلامه في السنوات الـ10 الأولى، التي احتوت على عملين جيدين آخرين هما «طقوس» (Climates)، و«مسافة» (Distant) كانت وجدانية وتأمّلية.

‫ «عن الأعشاب الجافة» (يانوس فيلمز)‬

لكنَّ شيئاً ما حدث قبل 5 سنوات عندما قدّم «شجرة الإجاص البري» (The Wild Pear Tree): لقد انتقل بكل اندفاعه إلى تغليب الحوار على الصورة لدرجة أن الناتج انتقص من قيمة وجدوى تلك المشاهد بمفرداتها ومعانيها الوجدانية والفكرية. النقلة، التي بدأت فعلياً بفيلم «نوم شتوي» (Winter Sleep) سنة 2014 كانت من أسلوب ينتمي من سينما التأمل إلى آخر ينتمي إلى سينما الحوارات. أي من مدرسة تاركوفسكي إلى مدرسة تشيخوف.

فيلمه الجديد هو من هذه التوليفة التي لا تعمل ضد ماضي جيلان فقط، بل ضد أهمية التعبير عن أي موضوع أو حكاية بالصورة وليس بالكلام. أمر رائع أن يجذبك فيلم من ثلاث ساعات وثلث ببصرياته وجمالياته وتأملاته، وأن تستمع (أو تقرأ ترجمة) لحوار مطوّل ومتشابك يفرض على البعض الاهتمام به في المدّة المذكورة. هذه وحدها تطحن صبر الباحثين عن سينما لا عن فيلم. تتركهم بزادٍ قليل من الإعجاب.

قصّة أستاذ فنون اسمه سامت (دنيز شليغلو) يعمل في مدرسة تقع في بلدة صغيرة. نراه يدرّس مادته لطلاب مهتمّين في الظاهر، على الأقل. أسلوبه في التعليم ليس نوعياً. هو من الأساتذة الذين لا تود أن تراهم يعلّمون أولادك لأنه يُظهر تفوّقه أكثر مما يُبدي تفهّمه. موقف الفيلم منه مبهم على هذا النحو ثم يزداد إبهاماً عندما تتقدم فتاة صغيرة اسمها سيفيم (إيس باشي) بشكوى للإدارة تدّعي فيها أنه تحرّش بها جنسياً. هذا يقلب الوضع لأن المطروح الآن -وإلى حين- هو إذا ما كان الأستاذ مذنباً أو بريئاً؟ً وما الدوافع التي دفعت بالفتاة إلى اتهامه إذا ما كان بريئاً. يزيد الأمر تعقيداً اكتشاف رسالة غرامية في حقيبة الفتاة خلال بحث روتيني تُجريه إدارة المدرسة من حين لآخر. لسبب غير مفهوم تسمح الإدارة لسامت بالاحتفاط بالرسالة. على جانبَي هذا الوضع هناك شخصيات أخرى ترمي بثقلها على الموضوع من بينهم شريكه في المبيت الأستاذ كنعان (مصعب أكيشي)، وهو أصغر منه سنّاً وأكثر وسامة، تتوجه إليه أستاذة في مدرسة أخرى تنشد لقاء سامت لكنها تتحوّل لمعجبة بكنعان، ما يترك انفعالاً غير محبب في نفسه. لكنّ ذلك الخيط العالق فيما إذا كان الأستاذ مذنباً أو ضحية يبقى عالقاً لوقت أطول مما يجب، كذلك الحكاية بأسرها.

شخصية الأستاذة نوراي (مَرف دزدار) التي فقدت ساقها، وبذلك فقدت ثقتها السابقة بقراراتها العاطفية، هي الأكثر إثارة للاهتمام في نطاق محاولة الفيلم تطوير منحى العلاقات الإيجابية والسلبية بين شخصياته.

في حين يعتمد الفيلم على حواراته (رغم أن لديه ممثلين جيّدين بلا ريب) يفقد الاهتمام المفترض بحكايته ومفارقاته تدريجياً، ويتركنا أمام تغييب آخر لجيلان الذي تعرّفنا عليه لخاطر جيلان جديد يحوّل المشاهد إلى مباريات حوارية.

• عروض: مهرجان تورنتو.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
سينما «بالرغم من» ‫(مهرجان ڤينيسيا السينمائي)

شاشة الناقد: فيلم افتتاح «ڤينيسيا» 81 مبهر وموحش

يختلف جمهور اليوم عن جمهور 1988 عندما خرج ما بات الآن الجزء الأول من هذا «بيتلجوس بيتلجوس». آنذاك كان الفيلم جديداً في الفكرة والشخصيات

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

شاشة الناقد: سينما مستقاة من الواقع

«أغورا» (إكزيت برودكشنز)
«أغورا» (إكزيت برودكشنز)
TT

شاشة الناقد: سينما مستقاة من الواقع

«أغورا» (إكزيت برودكشنز)
«أغورا» (إكزيت برودكشنز)

أغورا ★★

* فيلم جديد من المخرج التونسي علاء الدين سليم | تونس (2024)

* عروض: مهرجان لوكارنو.

‫وفّر فيلما ‬المخرج علاء الدين سليم السابقان، «آخرنا» (2016) و«تلامس»، (2019) جديداً في نطاق سينما الرمزيات المستقاة من الواقع. تمحورا حول صعوبة التفاهم بين أبطاله، واللغزية الخاصة بمصائر شخصيات تلتقي وجدانياً وذهنياً بعدما لجأت إلى أماكن مقفرة بعيدة. وفّرا كذلك نظرة على بيئة بديلة لواقع المدينة تتميّز باللجوء إليها والصمت شبه المطبق.

هنا، في فيلمه الثالث، يبدو المخرج كما لو فقد جزءاً من أسلوب معالجة تلك الدلالات. السيناريو الذي كتبه دفن في طياته المعاني المقصودة وعمّق دلالاتها بحيث بات من الصعب الاتفاق على قراءتها. في الواقع الفيلم أكثر دكانة وغموضاً من أي من أفلامه السابقة ولو أنه معالج فنيّاً بجمالية بصرية مشهودة.

يبدأ الفيلم بحوار مكتوب بالفصحى بين اثنين:

- «هل كنت تحلم؟»،

- «لا، وأنت؟»،

- «لا أرى سوى الكوابيس في الآونة الأخيرة».

- «أنا أيضاً. أشعر بكارثة قادمة».

كلا المتحاورين يقرران بأن القادم أسوأ. لكن ما هو هذا القادم؟ لماذا تكرار الآذان وترداد نباح الكلاب؟ ما دلالات السمك الميّت الذي تجرفه مياه البحر إلى الشاطئ؟ ومن هما أساساً؟

هذه الأسئلة وسواها تتوزع طوال الفيلم لكن السبيل إلى فهمها وتحديد معانيها على نحو يساعد المتلقي على قراءة العمل والانفعال معه مسدود. تنتقل القصّة من بال المخرج إلى صوره من دون كثير اكتراث للمرور جلياً. محورها ثلاثة أشخاص (بينهم امرأة) عادوا من البحر بعدما كانوا غرقوا فيه قبل سنين. كيف ولماذا هو سؤال آخر ينطلق من أن العائدين ليسوا موتى وليسوا أحياء أيضاً والتحري فاتح (ناجي قنواتي) يحقق طارقاً أبواب احتمالات عدّة كلّها مخزونة في لغز يربط الماضي بالحاضر وبمستقبل أسوأ. معه في البحث طبيب لا يملك بدوره أجوبة وابن مدينة اسمه عمر (ماجد مستورة) يصل القرية بعدما تناهى إليه ما ألمّ بالقرية الصغيرة.

ما بين الصورة والكلمة يمضي الفيلم معتمداً على ما يوفره المخرج من دلالات تصل إلى منتصف الطريق وتتوقف. لا يبقى سوى جماليات التصوير الداكن وإيحاء بأن هؤلاء العائدين من الموت ما زالوا يطلبون عدالة مفقودة تبعاً لأحداث مرّوا بها.

LES INDÉSIRABLES ★★★

* مهاجرة أفريقية تتصدى لمحافظ حي يخطط لهدم مجمع سكني.

* عروض: تجارية ومنصّات.

‫من الجو تبدو بلدة Batiment 5 عادية لا تختلف كثيراً عن الأحياء المنتشرة حول باريس (وداخلها إلى حد). لكن، حسب الفيلم، هي مكان لا يُحتمل. مبانٍ قذرة وأرصفة من المخلّفات والقمامة وسكّان متنوّعون في الأصول يعيشون حياة بؤس لا فكاك منها. فقراء متبرّمون من وضع لا يستطيعون تغييره. هذا هو لب الفيلم الجديد للادج لي، الذي كان قدّم قبل خمس سنوات ورقة اعتماده في «البائسون» (Les Misérables) بنجاح.‬

«غير المرغوبين» (سراب فيلمز)

يمكن اعتبار فيلمه الجديد، «غير المرغوبين»، فصلاً ملحقاً لاهتمامات المخرج المالي الأصل في هذه الطبقة من الناس الذين يعيشون ظروف الوضع المجتمعي من القاع.

الحياة صعبة لدى أفراد وعائلات مجمع سكني حكومي مزدحم بالحد الأقصى من الأفراد الذين يعانون التهميش، ومن صعوبة البحث عن كيفية تحسين أوضاعهم المعيشية. وعندما يتولّى محافظ جديد (ألكسيس ماننتي) منصبه ينظر إلى سكان المجمّع كعقبة تواجه تطوير الحي وجعله أكثر جذباً للمستثمرين فيصدر قراراً بالهدم. هناك مهاجرة أفريقية اسمها هابي (زنتا دياو) ذات شخصية قوية تقود حملة مواجهة هذا القرار والمواجهة تتحوّل من مجرد معارضة إلى لقاءات عاصفة بينها وبين المحافظ الذي يستهين بها في مطلع الأمر. حين يسعى لإيجاد حل وسط يقترح إقامة مبنى سكني آخر، لكن ما يطرحه هو مبنى أصغر حجماً، مما يعني أن العديد من سكان المجمّع الحالي سيجدون أنفسهم بلا مأوى.

رغب المخرج من بطلته تأدية الدور بانفعال وقوّة وحققت ذلك بالتأكيد ربما أكثر بقليل من المطلوب في بعض المشاهد، لكن الوضع الذي تجد نفسها فيه مدافعة عن حقوق مهدورة يسمح لها وللفيلم بذلك. ما لا يخدم كثيراً الاتكال على ميكانيكية الأحداث متجاوزة بعض الثغرات لجانب أن ما يعرضه المخرج يتوقّف على ما يخدم الفيلم في سياقه الحدثي الحالي من دون امتداد صوب أصول الوضع السياسي الذي كان يحتاج لبعض الطرح. على ذلك ينجح الدمج بين الموضوع المجتمعي وبين الشكل التشويقي على نحو الفيلم ويساعده على تجاوز تلك الثغرات.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★ ★: جيد | ★★ ★ ★جيد جداً | ★★ ★★★: ممتاز