شاشة الناقد

«مواعظ للطيور» (أوسغر فيلمز)
«مواعظ للطيور» (أوسغر فيلمز)
TT

شاشة الناقد

«مواعظ للطيور» (أوسغر فيلمز)
«مواعظ للطيور» (أوسغر فيلمز)

أفلام الأسبوع الحالي هي رحلات في الحاضر والتاريخ بأساليب ومعالجات مختلفة

Sermon to the Birds**

إخراج: ‪هلال بيداروف‬ | أذربيجان | 2023

ما الذي يجعل فيلماً تأملياً يأخذ وقته متفحصاً وممعناً فيما يصوّره، أفضل من فيلم تأملي آخر يأخذ وقته متفحصاً وممعناً فيما يصوّره؟

الجواب أن الفيلم الأفضل ليس نقلاً بل نبضاً. خطّة تصوير اكتملت في البال وتم ترجمتها إلى مشاعر مخرج تأتيه التأملات واللقطات البعيدة والأفكار بالطريقة التلقائية التي يتنفس بها الآخرون. الفيلم الأقل مرتبة هو الذي يقوم على الرغبة في محاكاة الفيلم الأفضل ويفشل.

ترجمة هذا التحديد إلى واقع متاح لمن يشاهد فيلم أندريه تاركوفسكي «ستوكر» (1979)، ومن يرى فيلم هلال بايداروف «موعظة للطيور». أحد أهم عناصر نجاح المشهد التأملي ذي الكاميرا الثابتة أو المتحركة ببطء هو توقيت تلك اللقطة بدقة لا يعرف لحظاتها إلا المخرج نفسه. في «ستوكر» - تاركوفسكي تلك المشاهد الجميلة المعبّرة التي تبدو فيها الكاميرا قد ترعرعت وسط أعشاب المكان. كل لقطة في كل مشهد موقوتة متى تبدأ ومتى تنتهي، ليس قبل إيصال رسالتها، ولا بعد أن يُستوفى إيصالها بلحظة.

هذا هو المفقود في فيلم بيداروف. إذ يبدأ تصوير أي مشهد من مشاهده بترك الكاميرا من دون التوقيت الصحيح الذي تستحقه. توفر النظرة الأولى للمشهد ومن ثَمّ تستمر إلى توفر الملل.

على سبيل المثال، هناك اللقطة الشهيرة في فيلم «ستوكر» لإحدى شخصياته الثلاث (ألكسندر كايدانوفسكي) وهو نائم فوق رقعة من اليابسة تتوسط نهراً ضحلاً وإلى جانبه كلب باسط ذراعيه. الكاميرا تلتقط المشهد حتى تصل جمالياته كاملة. في «موعظة للطيور» المشهد نفسه لأحد ممثليه (ربما أورخان إسكندارلي) نائماً فوق رقعة مشابهة وسط الماء. اللحظة الأولى مستوحاة باحترام شديد من فيلم تاركوفسكي ذاك. الفارق هو أن اللقطة تستمر لثوانٍ أكثر. تبدأ بزاوية ثم تقوم بتغيير زاويتها إلى أخرى ثم تقطع بعيداً عنه، كما لو كان واجباً وانتهى. في الأصل مفادها انتهى بمجرد التشابه في تصميم المشهد واستنساخه. وما تبقى لم يعد ذا بال. لكن إلى جانب ذلك، ينفذ مفعول اللقطة سريعاً لمن شاهدها في فيلم المخرج الروسي، وبطيئاً لمن لم يشاهده.

«موعظة للطيور» هو الثاني في ثلاثية للمخرج، تدور في رحى حرب ما. هنا نسمع مدافعها وصوت طيرانها ولا نراها، لكننا نعيش أجواءها مع شخصية المرأة سورا (رنا أسكاروفا) وحبيبها الذي ذهب للحرب (وسيعود مقتولاً) داود (أسكندرالي). تجوب المرأة الغابة (يفتح الفيلم على صحراء) وتمشي في اتجاهات متعددة. صوتها يعلّق على ما تشعر به. الحوار قليل، كذلك تلك المشاهد التي يمكن ربطها، بعضها ببعض، على سبيل السرد، ولو جزءاً من الحكاية. نظرات الممثلين هائمة كما لو كانت تبحث عن شيء افتقدته. التعليق وجداني والحوار محدود الدور. جماليات الفيلم البصرية أخذته في الواقع، لكنها لوحات من الطبيعة تتوالى حتى يعتاد المُشاهد عليها بعد حين.

• عروض: مهرجان طوكيو.

‪ Omen ‬**

إخراج: ‪بالوجي‬ | جمهورية كونغو/ فرنسا | 2023

كبداية أولى لمغني راب يكتفي باسم واحد، يأتي «فأل» واعداً بموهبة يمكن لها أن تتقدّم أو تبقى في مكانها إذا ما كرّرت أخطاءها هنا.

«فأل» (مومنتو فيلمز)

يبدأ «فأل» برجل أسود اسمه كوفي (مارك زينغا) مستلقٍ على السرير وبجانبه خطيبته أليس (لوسي ديباي). هي حامل بتوأم وهو يكرّر حبه لها على الدوام. مشاهد لهما في السيارة، بعد ذلك لا تنقل جديداً سوى أنه بالفعل سيتزوج بها بعد عودتهما من رحلة مقررة إلى القرية التي جاء منها في جمهورية الكونغو. نلتقطهما في ذلك الريف الشاسع يبحثان عن موقع القرية ويجدان من المواطنين اهتماماً قليلاً لمساعدتهما. لكن كوفي يصل هو وأليس إلى القرية في وقت يصادف أن العائلة التقت للاحتفاء بمناسبة ما. يبتسم للجميع ويقدّم خطيبته البيضاء. لا يتوقع كوفي استقبالاً كالذي يشهده. لا أحد يوليه وخطيبته الاهتمام، وإن فعل فبدبلوماسية حذرة، عليها أن تبدأ وتنتهي بلحظات، وأحياناً من دون ابتسامة ودّ. يحاول كوفي أن يكون اجتماعياً، فهو على أقل تقدير وسط عائلته. ها هو والده يبرز كالشخص الوحيد الذي يرحب به، وعندما يحمل كوفي طفلاً في الشهر الأول من عمره ويغيب عن الوعي تتعالى الصرخات ضده. لاحقاً نعلم أنه هو وشقيقته وُصِفا بأنهما يحتويان الشيطان في داخلهما. يُشهر أحدهما سيفاً ويدق آخر مسامير في صندوق خشبي، يوضع على رأس كوفي. أليس ما زالت تقف إلى جانبه، وهو ما زال مذهولاً من ذلك الاستقبال. أما المُشاهد فسيتابع باقي الحكاية بفضول أكثر مما هو تشويق.

في جانب منه، الفيلم يحكي ثقافتين، كلاً منهما على بعد 180 درجة من الأخرى. يحاول كوفي الانتماء إلى الثقافة الأوروبية، ويتطلع للزواج وتكوين أسرة، لكنه يتمنى لو أن ثقافته الأفريقية تمنحه السبب الذي من أجله يشعر بالألفة. عوض ذلك يتلقف صدمات متوالية، صعبة عليه وأصعب على أليس.

لو حاول المخرج أن يسرد حكايته بعيداً عن مجرد السرد والانتقال عبر الأجواء على نحو ما يفرضه السيناريو، لحصد نتيجة أفضل. في الحالة الحاضرة، هي حكاية مثيرة للاهتمام بحدود، وتحتاج معالجة تعلو عن مجرد توالي المشاهد.

• عروض: مهرجانا كان وتورنتو

‪Togoland Projections‬***

إخراج: يورغن إلينغهاواس | ألمانيا | 2023

في سابق عهده، كان مهرجان لايبزغ (في المدينة التي كانت تقع في الجزء الشرقي من ألمانيا) معرضاً للأفلام النضالية، كما كان اسمها، واليسارية والوطنية المختلفة، كونه تحت وصاية النظام الشيوعي. بعد توحيد ألمانيا مرّت سنوات من توسط المسافة بين الحضور والنسيان، وتبدّلت هوية أفلامه لتستوعب أي عمل تسجيلي يستحق العرض. منذ 3 أعوام أخذ يستعيد بعض الأوج السابق ويحفر لنفسه خندقاً جديداً بين المهرجانات المتخصصة بالنوعين التسجيلي والوثائقي.

«توغولاند بروجكشنز» («كان»)

فيلم «عروض توغولاند» يعود بالمهرجان إلى سنواته الأولى حيث إنه فيلم سياسي النبرة والاهتمام، ويساري الفحوى والمضمون. لكن بعيداً عن وضعه هذا (الذي ليس سبباً لتقييمه إيجاباً أو سلباً) هو فيلم اكتشاف عن اكتشاف. بحد ذاته، مصنوع بأسلوب البحث عن الماضي، ومحوره اكتشاف وثيقة فيلميه منسية من عهد السينما غير الناطقة.

توغو اليوم بلد صغير الحجم، عاش قروناً من المد والجذب الجغرافي والاستعماري. استوطنه الألمان، كما يرد في الفيلم، عام 1884، ومن ثَمّ اضطروا للتخلي عنه خلال الحرب العالمية الأولى، فتقاسمته بريطانيا وفرنسا. في تلك السنوات، زاره صانع أفلام ألماني اسمه خانز شومبورغ توغولاند، حيث صوّر بضعة أفلام من نوع التعرّف على الحياة الأفريقية على طبيعتها. اثنان من أفلامه ما زالا محفوظَين كمقاطع، هما «الإلهة البيضاء لوانغورا» (The White Goddess of the Wangora سنة 1913)، والثاني «امرأة بيضاء وسط آكلي لحوم البشر» (A White Woman Among Cannibals) (1921).

يعرض إلينغهاوس مقتطفات أفلامه على مشاهدين، ويحصد ردّات أفعالهم. معظمهم لم يكن يدرك شيئاً يذكر عن القبائل الغابرة وعاداتهم، وبالطبع لم يسمعوا هم أو آباؤهم بذلك الألماني شومبورغ.

لكن الحديث في مشاهد لاحقة يقع بين كاميرا المخرج وبعض النساء اللواتي ينظرن إلى الماضي نظرة تشي بالمخزون المناهض للحقبة الاستعمارية بأسرها.

رد الفعل نفسه يقع عندما يذهب إلينغهاوس إلى العاصمة لومي ليعرض فيلمه في جامعتها. المشاهدون هنا هم أعلى ثقافة من مشاهدي البلدات الصغيرة ويواجهون المخرج بأسئلة في قيمة تلك المقاطع التي حملها وماذا تعني له.

هذا متوقع كون ما تظهره تلك المقاطع أفريقيّي ما قبل التمدّن عندما كانت تلك القبائل تعيش تحت ستار التقاليد والموروثات التي اصطلح الأوروبيون على وصفها بالتوحش. لكن إذا ما كانت هناك قيمة لفيلم إلينغهاوس فهو في سبره غور الوضع السياسي لدولة توغو حين كانت مستعمرة، معيداً إلى بعض الأذهان ما كانت القارة الأفريقية بأسرها تعيش تحت وطأته.

• عروض: مهرجان لايبزغ

ضعيف* | وسط**| جيد ***| ممتاز**** | تحفة*****


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

«تويسترز» جديد على قائمة أفلام الأعاصير

قلق في الفيلم الجديد «تويسترز» (يونيڤرسال)
قلق في الفيلم الجديد «تويسترز» (يونيڤرسال)
TT

«تويسترز» جديد على قائمة أفلام الأعاصير

قلق في الفيلم الجديد «تويسترز» (يونيڤرسال)
قلق في الفيلم الجديد «تويسترز» (يونيڤرسال)

يؤكد العلماء أن الأعاصير هي لقاءات عنيفة بين السماء والأرض. الغيوم الكثيفة والرعد وتصادم الهواء الساخن بالهواء البارد تؤدي إلى تشكيل إعصار قوي يتحرك لولبياً ويكبر حجماً مع انتقاله عبر السّهوب والأراضي المفتوحة بسرعة تتراوح ما بين 105 كيلومترات و322 كيلومتراً في الساعة، يتوقف ذلك على حجم الإعصار وقوّته.

في السينما تشكّل الأعاصير مادة فيلمية مثيرة. عادة ما تتحدّث عن أناسٍ سعداء. علماء يحذّرون. لا أحد يستمع إليهم. فجأة هناك إعصار يعصف بكل شيء. يحاول كلٌ النجاة بنفسه. البعض يقضي والبعض ينجو والإعصار يمضي.

بعد أيام قليلة سنشاهد نموذجاً من هذه الأفلام بعنوان «Twisters» لمخرجٍ غير معروف اسمه لي إيزاك تشونغ وضعت شركة يونيفرسال 200 مليون دولار تحت تصرّفه على أساس تحقيقه فيلماً كبيراً ونجاحاً يعيد للجمهور حب وفضول مشاهدة بشر وهم عالقون بين الحياة والموت.

من «تويسترز» مع هيلين هَنت في عين الإعصار (وورنر)

هناك باحثة أعاصير اسمها كايت (دايزي إدغار- جونز) تعمل على مشروع اختراع مادة كيماوية (تتحدث عنها باختصار حتى لا يسألها أحد عن التفاصيل) من شأنه الحؤول دون انتقال الإعصار بشكله اللولبي السريع من مكان ولادته إلى حيث تقبع بلدات ريف ولاية أوكلاهوما الصغيرة تحت رحمته. إلى المكان يأتي شابٌ مولع بالأعاصير اسمه تايلر (غلن باول)، والنزاع بينهما هو إعصار آخر ولو أن ذلك، وحسب أفضل الكليشيهات المعروفة، لن يمنع من تآلف وحب لاحقين.

أزمات اجتماعية

إنه فيلم مثير لكثيرين ليس بسبب قصّته بالضرورة، بل بسبب ضخامة الإعصار الذي يتولّى توفيره عبر الغرافيكس. وهو ليس أفضل فيلم عن الأعاصير في تاريخ هذا النوع الكوارثي من الأفلام إذ سبقته أفلام عديدة حتى من قبل أن يصبح لزاماً على الأفلام الاستعانة بالغرافيكس عوض ما كان يُعرف بالمؤثرات الخاصّة التي كانت تتم في المعامل وليس على أنظمة الكومبيوتر والشاشات الخضراء في الاستوديوهات.

بطبيعة الحال، دارت كل الأفلام التي تداولت هذا الموضوع في أرياف الولايات الوسطى والغربية. هناك مشاهد في أفلام درامية منذ الثلاثينات عندما قام ويليام كايلي بتحقيق فيلم «بلد الله والمرأة»، لكن سريعاً فيما بعد، صار بالإمكان مشاهدة أفلام تتمحور حول تلك الأعاصير.

سالي فيلد وعاصفة تقترب في «أماكن في القلب» (تراي ستار بيكتشرز)

تلك التي تمحورت حول الأعاصير لم تكن دوماً أفضل من الأفلام التي دارت حول مواضيع مختلفة ومن بينها إعصار كبيرٌ يزيد من وطأة الحياة في الربوع الريفية الأميركية.

نجد مثالاً بديعاً على ذلك في فيلم «كانتري» (Country) للمخرج ريتشارد بيرس، مع جيسيكا لانغ، وسام شيبارد. لم يتطرّق هذا الفيلم الجيّد إلى البيئة لأنها حينذاك لم تكن مطروحة كما حالها اليوم، بل دار حول إعصار من نوع آخر: بيروقراطية المؤسسات الحكومية التي عوض تقديم المساعدة للمزارعين المحليين تضع شروطاً تعجيزية حيالهم ما يجعلهم يعيشون وضعاً اقتصادياً صعباً.

في العام نفسه 1984، أنجز روبرت بنتون فيلماً اجتماعياً آخر حول الحياة الصعبة في الريف الأميركي في ثلاثينات القرن الماضي. سالي فيلد مالكة أرض صغيرة تحاول الاحتفاظ بها وسط ظروف الوضع الاقتصادي الصعب في تلك الفترة. هي في واحد من أفضل أدوارها على الشاشة يصاحبها في البطولة جون مالكوفيتس وإد هاريس وداني غلوڤر. هذا الأخير عرضة لحملة الكوكلس كلان ضد السود ثم الجميع عرضة لإعصار كبير يُراد له أن يتوّج كل تلك الأعاصير التي تتعرّض لها بطلة الفيلم.

طغيان الطبيعة

هذان الفيلمان كانا من بين مجموعة تضع الحكاية الفعلية في مقدّمة الكارثة الطبيعية التي على وشك الحدوث. نجاحها في ذلك كان عرضة لمسألتين: قوّة الحكاية البديلة ومدى أهمية الدور الذي يلعبه الإعصار المقبل كعنصر رمزي أو مؤثر.

وعلى نحو واضح، تؤم النسبة الأكبر من المشاهدين الأفلام التي تتحدّث عن المخاطر التي تحتل الأولوية عوض أن تبقى عنصراً مضافاً. وهناك كثير من هذه الأفلام كون العلاقة بين هوليوود والجمهور السائد اقتصادية في الدرجة الأولى.

هذا لا يعني أن أفلام «الأعاصير» رديئة. ككل نوع آخر، من الاقتباسات الأدبية إلى الملاحم التاريخية، هناك الجيد منها والرديء.

من بين ما عبّر جيداً عن الكارثة عندما تثور فجأة وتقتلع ما تستطيع اقتلاعه عن الأرض «تويستر»، الذي أخرجه جان دو بونت من بطولة هيلين هنت وبيل باكستونْ عالمان على طرفي نزاع يحاولان رصد الإعصار قبل أن يبدأ، لكنه أقوى مما يستطيعان مواجهته. في الفيلم مشاهد ما زالت قادرة على تحريك الانفعالات بين المشاهدين كما لو أنه من إنتاج اليوم.

من بين تلك الأفلام كذلك «في داخل العاصفة» (Into the Storm) الذي حققه ستيفن كوايل سنة 2014 حول باحثَين، كما حال الفيلم الجديد، يجدان نفسيهما وسط الإعصار... أو لنقل وسط الأعاصير التي تقع في وقت واحد وتقتلع أسقف المنازل والسيارات وما تستطيع حمله وإلقاءه بعيداً. الإعصار هنا وحش كامل المواصفات والمشاهد التي يمارس فيها أفعاله من أفضل ما عُرض على الشاشات.

بعض مشاهد هذا الفيلم لا تقبل التجاهل حين المقارنة مع عددٍ آخر من الأفلام الكوارثية ومن بينها الفيلم الجديد «تويسترز». إذا ما كانت النية تقديم الإعصار كغضب إلهي جامح وخطر يتجاوز كل المخاطر الطبيعية الأخرى في قوّته فإن فيلم كوايل أنجزه جيداً.

«تويسترز» الذي ينطلق لعروضه العالمية في 19 من الشهر الحالي، يكرّر توليفة ناجحة ولا يحاول تغييرها على أساس أن كل الأعاصير في نهاية الأمر واحدة. هذا غير صحيح والغالب أنه عذر مريح.